أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى ابو مخ - كوكاكولا. الرمز الثقافي؟! والتنقيب خلف عمق للثقافة














المزيد.....

كوكاكولا. الرمز الثقافي؟! والتنقيب خلف عمق للثقافة


هدى ابو مخ

الحوار المتمدن-العدد: 760 - 2004 / 3 / 1 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل فترة ليست بالوجيزة شاهدت دعاية كوكاكولا التي يظهر فيها المطرب الخليجي عبد المجيد عبد الله مؤديا اغنيته "انت العزيز انت". للوهلة الاولى الدعاية تبدو مجرد محاولة بريئة لتسويق سلعة, ولكي امحو هذا التصور الاولي فانا اكتب هذا المقال القصير.
يهمني التنويه في هذا السياق الى ان الكوكاكولا ليست السلعة الامريكية الوحيدة التي تروج باساليب احتفالية, لكن هذه الدعاية تمثل نموذجا مميزا لظاهرة موجودة. الجميع يدرك اليوم ما تعنيه الامبريالية والغزو الاقتصادي والعولمة, لذا فادعائي الاولي والمباشر حول علاقة قنينة الكوكا كولا بهذه الاشكال التسلطية او السلطوية والاستعمار لن يكون امرا جديدا.
اولى ملاحظاتي حول الدعاية تتطرق الى اسلوب التصوير, وذلك كخلفية تمكن القارئ من فهم ما اتحدث عنه في هذا المقال, حيث توضع القنينة في مركز الحدث فيما تجري من حولها طقوس الاحتفال والبهجة بها. الكاميرا تلتقط ما يحدث في ملعب ضخم لكرة القدم في احدى المباريات, فتنتقل وببراعة شديدة بين الجماهير التي يعج بها الملعب, لتنتقل بعدها الى المشاهدين الذين يتابعون ما يحدث على ارض الملعب عبر التلفاز. الكاميرا مهتمة ايضا بالمشاهدين الواقعيين للدعاية, اي بنا نحن (انا وانتم) وبوجوب انتقال مظاهر الاحتفال الينا, والاهم استيعابنا جيدا لوجوب الاحتفال والفرح بالكوكا كولا, فكل الدعاية صنعت من اجلنا نحن!!. لهذا الامر هنالك طبعا بعد اقتصادي واضح, اي زيادة عدد زبائن الشركة. لكن هنالك ايضا بعد اخر, استعماري, مرتبط وبشدة بافتراضات غربية مسبقة, بعضها حقائق مجرده, حول الشرقي, تخلفه, دونيته وعبوديته - اي حقيقة عبودية الشرقي للملك, وشعوره بالخوف منه. فالدعاية لكي تنجح عليها مخاطبة وعي ولا وعي المشاهد, وهذا جانب مهم في انتاج الدعاية ونجاحها. وهذا ما ساتطرق اليه لاحقا في هذا المقال.
ان عدت الى اسلوب التصوير, فقد ابرز وبصورة جلية عدة مكونات تعتبر من مركبات الامم الحديثة: مجموعة ناس (اولئك في الدعاية اضافة الى الناس المفترضين اي انا وانتم), ذات ذاكرة حاضر مشتركة, تملك نفس الرموز (الكوكاكولا) ولغة واحدة (العربية) واغنية "وطنية" مشتركه ("انت العزيز انت") والاهم شعور عميق بالاخوة والوحدة بينهم والذي يبرز من خلال مظاهر الاحتفال والسرور و... الكوكاكولا, والذي يجب ان ينتقل الينا نحن المشاهدين المفترضين على ارض الواقع.

من تابع الدعاية شعر جيدا بان طقوس الاحتفال حملت مراسيما وطنية, لكن بتغيير بسيط: مركز الاحتفال ليس زعيما عربيا بل قنينة كوكا كولا!

وهذا ينقلني الى الادعاء الجوهري المكمل لما ذكرته اعلاه: قنينة الكوكا كولا مع كل ما تبدو عليه من السذاجة والبراءة, تمثل بديلا وثنيا للكثير من القيم, الشهوات والمشاعر الدفينة لجمهور المشاهدين الذي وجهت اليه الدعايه. فهي تغطي على (تدفن) خوف معين وتكشف (تعبر) عن خوف اخر. من ناحية اولى, هي تحتوي في اعماقها عالما اخرا, حلما للكثيرين, فهي تمثل الحرية والجراة التي لا يمتلكها الجميع: احتلال مركز الحدث والاحتفال الوطني كبديل للملك. هذا الحلم يبقى بالفعل مجرد حلم او فكرة متخيلة في وعي المشاهدين –انا وانتم-, والذي تعمل الدعاية على ابقاءه كذلك, اما الواقع الذي يحياه هذا الوعي فيستبطن فكرة ان هذه الفكرة (او الحلم) مجرد فكرة فردية وحميمية لذات الفرد صاحب ذات الوعي, فيبقى الامر من حيث تحركه في الوعي مجرد فكرة, مع سعي شبه دؤوب لتنحيتها الى اللاوعي, منعا للاصطدام بمصالح الملك الذي لا يقبل معارضة من احد رعاياه. لكن من الناحية الاخرى, وهي ناحية ضعفنا وقصورنا نحن العرب, فان هذه السلعة تقوم بصورة الية وكانها عفوية باحتلال فعلي لمركز الحدث, مهما بدا صعبا على وعي المشاهد المكبوت ادراك جدية الامر, وتصبح بالفعل مركز الحدث عوضا عن ملك او امير اعتدناه في مراكز الحدث الجماعية, اي ان الواقع يتحرك باسرع مما يتطور وعينا كعرب, ما يبرر الى حد كبير تاخرنا وتخلفنا الحضاري عن امم اخرى. الملك يستبدل بسلعة. والملك جزء عميق من الثقافة العربية على مر الكثير من العصور. السلعة باحتلالها لهذا المنصب تجتهد ايضا لاحتواء ثقافة عربية رائجه, والحفاظ عليها كثقافة يحكمها ملك يستعبد الرعايا, وبالتالي الحفاظ على بقاء الافراد رعايا لملك لكي تمكن نفسها من احتلال موقعه او مشاركتها اياه.
هذا يعني عدة امور:
1. بناء امة عربية تركع للسلعه كبديل او شريك للملك. 
2. استبدال الملك بالسلعة لا يعني بالضرورة الاغتيال الجسدي له. فالاقصاء قد يتخذ ابعادا عديدة مثل نزع القوة عنه وابقاءه ملكا بصورة شكلية فقط.
3. من منطلق كون الثقافة منتجة على يد القوة, فان الثقافة المنتجة في هذه الحالة ستحتوي على الكثير من المخاطر والابعاد السلبية. السطحية والتمثيل السلبي للعربي والمسلم سوف لن يبقى بالنسبة لنا مجرد افكار مسبقة ومؤسسة غربية نحاربها, بل سيصير الامر جزءا من ثقافتنا نحن. لربما ان كانت امكانية صنع انقلاب على الملك وازالته عن الحكم ممكنة الان, فالامر لن يكون كذلك بعد فترة من الزمن, حين ستكون ازالته بغير اهمية, فهو لن يكون السلطة الحقيقية. خطورة هذه العملية تنبع اساسا من كون هذه العملية ناتجة اولا واخيرا على يد عوامل خارجية لنا بدون ان نشارك نحن بهذا الانتاج, فهذا يعني استمرارنا على ذات النمط السلبي, او حتى احيانا الايجابي لكن الذي لا يواكب متغيرات الواقع, فلا يغير فيه شيئا.



#هدى_ابو_مخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة جادة لانشاء مجموعة ضغط لمقاطعة مؤسسات الاضطهاد!!
- استرداد الحقائق من -علمية- الثقافة السائدة - 2
- رد على مقال رجا زعاترة- ايكون بشارة نبيا بلا كرامة في وطنه؟
- انهم يكذبون عليك!!- 1
- توالد الهزائم- نص حداد
- انتاج العربي في الخطاب الصهيوني قبل قيام الدولة
- مسافات...
- قضية المكان: بين مخطط المؤسسة والحل الجماعي
- حرب ام محاولة دفاع؟
- مصر, الحرية و-المعادلة- المحلولة
- من سيرة ذاتية لأقلية: خطاب النصر خلف تجربة الهزيمة في -عرب ي ...


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى ابو مخ - كوكاكولا. الرمز الثقافي؟! والتنقيب خلف عمق للثقافة