أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المستقبل والمجتمع المدني















المزيد.....

المستقبل والمجتمع المدني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 10:11
المحور: المجتمع المدني
    


تعرّضت ارهاصات وخطوات الاصلاح الأولى التي بدأت في الشرق الأوسط وبخاصة في البلدان العربية الى الانتكاس والنكوص، لاسيما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر الارهابية الاجرامية، التي حصلت في الولايات المتحدة العام 2001. وتراجع الكثير من الآمال التي انتعشت في أواسط الثمانينات من القرن الماضي من احتمالات التغيير والتحوّل الديمقراطي، خصوصاً بانتهاء عهد الحرب الباردة وانتقال العديد من البلدان الشمولية الى الخيار الديمقراطي في أوروبا الشرقية وبعض دول أمريكا اللاتينية وغيرها من مناطق العالم.

ولم يكن هناك من وهم في أن رياح التغيير التي هبّت على العالم انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط، الأمر الذي زاد من قتامة المشهد العربي، خصوصاً باستمرار الاحتلال “الاسرائيلي” للأراضي العربية وعدم تمكين الشعب العربي الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة في إطار الشرعية الدولية، وزاد الطين بلّة وقوع العراق تحت الاحتلال وتشظي المجتمع العراقي واستشراء الطائفية وتفشي ظاهرة الارهاب والعنف على نحو مريع.

والأكثر من ذلك ان الحملة الدولية للقضاء على الارهاب في المنطقة أدت الى تفقيس الارهاب وانتشاره في أكثر من بلد وفي أكثر من منطقة، وترافق ذلك مع اتخاذ اجراءات وإصدار قوانين للحد من الحريات تحت يافطة مكافحة الارهاب. وقد عاظمت القوى الارهابية والمتعصبة من نشاطاتها واتسع نفوذها على نحو كبير تارة باسم الاسلام السياسي باعتباره هو الحل، وأخرى للتصدي للنفوذ الغربي، وثالثة لمواجهة مظاهر الحداثة والتمدّن تحت شعار العودة الى السلف الصالح ومحاربة الرذيلة.

وإذا كان الاصلاح مساراً كونياً وجزءًا من عملية تدرّجية- تراكمية تطورية، فإنه بحاجة الى بيئة مناسبة سياسية وقانونية لتحقيقه، ولعله إنْ لم يأتِ سلمياً وتدرّجياً، فسيأتي عاصفاً ومدوّياً، الأمر الذي سيلحق ضرراً بالغاً بقضية الاصلاح نفسها، وهو الأمر الذي ينبغي ادراكه والعمل وفقاً لمعطياته والضغط بكل الوسائل المشروعة للوصول اليه، لاسيما باستبعاد الوسائل الحربية والعنفية لفرضه، الأمر الذي قد يؤدي الى نتائج عكسية لا تُحمد عقباها، كما أثبتت التجربة الأفغانية والعراقية.

وبقدر ما يكون الاصلاح سلمياً وتدرّجياً، فلا بدّ أن يكون شاملاً بتفعيل العوامل الداخلية والاستفادة من الظروف الموضوعية الخارجية، لاسيما وان الاصلاح لا يتم عبر عمليات فوقية أو انقلابية، بقدر كونه بناءً ديناميكياً تحتياً طويل الأمد ومتواصلاً وقَدَ يكون بطيئاً ومتعثراً أحياناً ولا يسير في خط مستقيم، بل عبر منعرجات وانعطافات.

وهكذا لا يمكن الحديث عن اصلاح منضبط وآخر منفلت، لأن الاصلاح عملية شاملة وتراكمية وتقييمات ومراجعات مستمرة، لأنه متواصل ولا يمكن أن يتوقف عند نقطة أو ينتهي عند حد أو يختزل بفترة زمنية أو ببعض الاجراءات والقرارات أو القوانين، وهو مثل جميع حاجات الانسان لا حدود ولا نهاية لها، وهي حاجات مستمرة ومتطورة ومستجدة.

وبهذا المعنى هناك ترابط عضوي بين جميع مفاصل وعناصر الاصلاح ولا يمكن أن يتحقق الاصلاح في جانب ويُترك في جانب آخر، لأن الجزء يؤثر وينعكس في الكل، والعكس صحيح أيضاً. ولكي يتحقق الاصلاح الحقيقي لا بدّ من الاقرار بمبادئ المساواة والمواطنة وبالتعددية والتنوّع وقبول الرأي الآخر، ولا بدّ من احترام المبادئ الواردة في الدساتير لاسيما التي تنصّ على حرية التعبير وتعزيز حرية الاعلام وتحريره من هيمنة الجهات الرسمية، الأمر الذي يتطلب تعديل التشريعات الخاصة بالجمعيات والمنظمات المدنية والأهلية، بالترخيص لها بالعمل القانوني والشرعي بمجرد إيداع وثائق التسجيل وإخطار الجهات الرسمية بالتأسيس.

وهذا يتطلب إلغاء الرقابة على عملها وإلغاء العقوبات الجنائية في القوانين المنظمة لعملها، وتأكيد حقها في تنمية مواردها بشفافية وضمان انضمامها الى الاتحادات والشبكات الدولية والاقليمية، وإلغاء “حق” الادارات في حلّها، ومثل ذلك يتطلب من الحكومات التقيّد بالتزاماتها الدولية الناجمة من التصديق على المواثيق الدولية لحقوق الانسان، وبخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ولعل هذه القضايا كانت موضوع مناقشة حيوية في (دبي - أبوظبي) حيث انعقدت الدورة الخامسة لمنتدى المستقبل في دولة الامارات العربية المتحدة وجرى التأكيد في المؤتمر الموازي للمؤتمر الوزاري، أن الاصلاح السياسي والبيئة القانونية الدستورية المنشودة تقتضي أيضاً تمكين المرأة ودعوة الحكومات للانضمام والتصديق على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوقها ومراجعة النصوص والقوانين التشريعية التي تميّز بشأنها والمطالبة باقرار صيغة نظام للحصص لا تقلّ عن 30% استناداً الى اتفاقية سيداو الدولية ودعوة الحكومات إلى ادراج مادة حقوق الانسان في برامجها التربوية والتعليمية.

كما يتطلب الأمر اشراك القطاع الخاص باعتبار المنظمات العاملة في هذا الميدان جزءاً لا يتجزأ من المجتمع المدني، في صياغة السياسات العامة والتشريعات والبرامج، لا سيما مع القطاع العام (الحكومي) وبخاصة في تنفيذ برامج تعليم وتدريب مهني تتواءم مع سوق العمل واحتياجات السوق.

وإذا كانت دولة الامارات العربية المتحدة قد استضافت الدورة الخامسة لمنتدى المستقبل، وشارك فيها وفود على مستوى وزراء الخارجية وكبار المسؤولين بالدول الصناعية الثمانيG-8 ودول الشرق الأوسط وشمال افريقيا وشركاء عالميين من أوروبا وكندا وتركيا، فإنه ضمّ منظمات ومؤسسات اقليمية ودولية، بالإضافة الى ممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص.

ولعل هذا الحضور المشترك يمثل أحد أوجه النشاط والتطور في علاقة المجتمع المدني بالحكومات، والذي انعكس على نحو واضح منذ مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الانسان، الذي انعقد في حزيران/يونيو 1993 وتواصل واتسع بعد ذلك.

وحتى الآن عقد المنتدى أربع دورات في كل من: المغرب 2004 والبحرين 2005 والأردن 2006 واليمن بالتعاون مع ألمانيا 2007 وأخيراً في دولة الامارات العربية المتحدة بالتعاون مع اليابان (وهي الدورة الخامسة).

وسواءً رغبت الحكومات أم لم ترغب، أو وافقت مضطرة أم لم توافق، فإن على المجتمع المدني تحسين أدائه ورفع درجة كفاءته والتحوّل تدريجياً من قوة احتجاج واعتراض حسب، الى قوة اقتراح وشراكة ضرورية، وهو الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى التفكير بصورة مستقبلية ومن موقع ندّي وموازٍ، باعتبار المجتمع المدني مسؤولاً وشريكاً أيضاً، وليس من موقع التابع أو المعارض، سواءً على الصعيد الداخلي أو الدولي.

ولعل في استقلالية مؤسسات المجتمع المدني وبلورته لمطالب ورؤى واقعية ومهنية ووطنية وانسانية، ضمانة حقيقية وعملية لنجاحه وتلمّسه طريق المستقبل الحقيقي بعيداً عن التعويل أو محاولات التعطيل التي يتعرّض لها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سباق اللحظة الأخيرة بين بغداد وواشنطن
- هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟
- أنغولا غيت!
- موريتانيا والديمقراطية إلى أين؟
- العراق منجم الخطر
- من المستفيد من استئصال المسيحيين في العراق؟
- المستوطنات الإسرائيلية: الصقور والحمائم!!
- حين يكتب رجل الدين قصائد الغزل!
- ثرثرة الديمقراطية
- كيسنجر وموعد الانسحاب من العراق!
- هل جاء دور أوكرانيا بعد جورجيا؟
- انها الرأسمالية.. يا صديقي
- هل ثمة يوم للديمقراطية؟!
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المستقبل والمجتمع المدني