أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زهير مبارك - المحرقة














المزيد.....

المحرقة


زهير مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 07:25
المحور: حقوق الانسان
    


تشكل "الكرتونة" اليوم الهاجس الأكبر في عالمنا العربي عموما بالنسبة لمن يسعى للحصول عليها في الدراسات العليا، وهذا خلق حالة من التخبط نابعة من الجدل الذي يدور دائما من أين تحصل عليها (البلد)، وليس الإنجاز العلمي بحد ذاته، فهذا يشكل آخر الاولويات. المطلوب اليوم "كرتونيا" ان تكون من اي بلد غربي، ويا حبذا أن تكون من بريطانيا أو أمريكا وما شاكلها. في أس الجدلية لا احد يختلف بانهما منبع علم وفكر وإبداع، ولكن أن يصل الأمر إلى الدرجة التي يجب أن تحضر بها شهادة/ كرتونه وكان الله بالسر عليما . هنا نصبح أمام طبول جوفاء أو عربات فارغة تحدث "جعجعة" من خوائها كما قال أحدهم، فهذا أمر يحتاج إلى وقفة جدية، وتأن في الطرح. افترض هنا بأنني قادر على طرح الجدلية التالية: إذا كان معظم"الدكاترة" جاءوا "بدرجاتهم" من بلاد غربية بها علم ولا شك، فلماذا لم يؤد ذلك إلى إحداث نقلة نوعية في التعليم العالي العربي الذي يتراجع بشكل يرثى له، ولدرجة عدم وجود ثقة بالخريجين الذين درسوهم على أيديهم، فأين الخلل؟
لفت نظري مقولة لهشام شرابي في كتابه الجمر والرماد قال فيها " كان الأستاذ إذا تهكم على فكرة أو استصغر مفكرا قضى على الفكرة [حرقها] وعلى الكاتب بنظر الطلبة. كان التهكم هو السلاح الفكري الأشد فتكا في أساتذتنا، وكانوا لا يتورعون عن استعماله في جميع المناسبات". ( شرابي، ص 34) المقاربة بين هذا الحديث، وبين حرق الذات التي تمارس عربيا بضرورة أن تكون "كرتونة الدكتوراه" من أمريكا أو بريطانيا، لاستجلاب العلم قد تكون الأمور مهضومة، ولكن من ذهب إلى هناك بماذا رجع لنا، يرى شرابي في ذلك ، وهو الذي درسَ ودرّس في أمريكا، انطلاقا من تجربته المباشرة مع الطلبة العرب هناك بالقول:" فشل كثير من الطلبة العرب في دراستهم الجامعية ولم يتمكنوا من الحصول على شهادتهم العليا ذلك أن النظام التعليمي الذي نشأوا عليه حد من قدرتهم على استيعاب الأسس في حقول اختصاصهم وعن تفهم مناهجها الفكرية. هناك فئة منهم نجحت في الحصول على الشهادات العليا لا بفضل جهودها بل بفضل عطف الأساتذة الاميركيين على الطلبة الأجانب وتقويم مجهودهم الدراسي على مستوى أدنى عن مستوى الطلاب العام. وقد عاد هؤلاء الطلبة إلى ديارهم يحملون شهادة الدكتوراة دون أن يتغير في نفوسهم الشيء الكثير. إلا أن لقب "الدكتوراه" أسبغ عليهم مكانة علمية تمكنهم من نشر أفكارهم المنقولة وغير المكتملة [المبتورة] بين أبناء الجيل الطالع. ولو علم الاساتذة الاميركيون أن معاملتهم الحسنة هذه ستؤدي إلى هذه النتائج السيئة لفرضوا على طلبتهم العرب المتطلبات نفسها التي فرضت على زملائهم الاميركيين ولعاملوهم معاملة أقل تساهلا."(شرابي ، ص 127_ 128)
قال لي احدهم مرة بأن الدكتوراه هي مرحلة يتم فيها فلسفة العلم، وهنا لا أعلم كيف يتم ذلك مع من يقوم بالدراسة في البلاد الغربية بدون لغة يكون من خلالها قادراً على تطويعها بحيث يستطيع من خلالها فلسفة العلم. وبدون مقدرة فكرية لم تمارس من قبل عبر مراحل التعليم التي مر بها ، إن الأمر لأشبه بانفصام في الشخصية نتائجها عبثية تدفع ثمنها الأجيال التي تخضع له متوهمة بأنه "أبو العريف" "الفلتة" ليس لشيء إلا لأنه يفرض "قداسة" مصدرها المكان الذي أمضى وقتا فيه قد يكون معظمه في اللهو. هو لم يقم إلا بعملية اصطفاف لكلمات فارغة ارخص من الورق الذي كتبت عليه وأنا اسأل هنا هل قيم احد ما كتب من قبل الطلبة العرب في الغرب ام انه لمجرد انه غربي الهوى يحمل مجرد كلمات مبتورة كفيلة بأن تسكت من حولها.
قد يفسر هذا التساؤل غياب التقدم في التعليم العالي العربي، وعندما يتمعن المرء بالعينات التي تأتي يجدها تغطي عجزها بان تستجلب دائما في مقولاتها بأنها خريجة أمريكا أو فرنسا ...الخ هذه الأسماء كفيلة بتغطية "خوائها الفكري والعلمي" لا احد ينظر ماذا فعلت بل من أين تخرجت والويل لك إن لم تكن من بلد غربي فانك عندها واقع بالمحرقة حتى لو كنت "فلته" فليس هذا هو المقياس المطلوب، وعليه "ليست مصادفة أن يكون مجتمعنا، منذ اليقظة، قد عجز عن انتاج مفكر أو عالم أو كاتب واحد على مستوى عالمي. فموهبة الإبداع لا تكتسب ولا تستورد ولا تدرس في الخارج. المقدرة الخلاقة تكمن في أعماق الفرد، فإذا اتيح لها المحيط الملائم نمت وترعرعت وازدهرت. وإلا اختفت وقضي عليها قبل أن يعرف أحد بوجودها. والجو الملائم يقدمه المجتمع بأخلاقة وقيمه وطرق التربية فيه. فاذا كان المجتمع يخاف الإبداع ويرى في قوى الخلق خطرا عليه ... عمد الى القضاء عليها بالوسائل كلها. وأنجح هذه الوسائل هي قهر الفرد في صغرة، ومن ثم تكبيله فكريا ونفسيا في الكبر. كم من شكسبير واينشتاين وماركس قضي عليهم في مجتمعنا قبل أن يصلوا إلى سن المراهقة..." ( شرابي، ص 132)
يتساءل المرء دائما لماذا هذه الغطرسة المتجسدة بمعظم من يقوموا "بالتعليم" من خريجي الجامعات الغربية. يتجسد السبب بمحاولاتهم البائسة كي يقوموا بإخفاء عيوبهم وتشوهاتهم الفكرية وعقولهم الفاقدة للرشاقة الذهنية بتعبير حسين البرغوثي. لو تم سؤال احدهم متى آخر كتاب قرأت ، بحث كتبت ، مقال نشرت ستعرفون كم هم "دكاتره". ولهذا يحاول المرء جاهداً ترميم نفسه ويدرك كم فاته بسبب دراسته على يد أصحاب الكراتين المزيفة التي استجلبوها من الغرب وابقوا العلم عند أصحابه. وعليه، نقول كما قال شرابي: " قد اغفر للذين أدين لهم "بثقافتي" جهلهم وغباءهم، لكنني لن اغفر لهم غطرستهم، والقساوة المعنوية التي مارسوها في تثقيفي". (شرابي، ص 35) قد لا ينطبق ذلك على الجميع ولكن عذرا فهذا هو حال المحرقة لا تبقي أحداً بطبيعتها.



#زهير_مبارك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات من ذاك التاريخ لهذا العصر
- قراءة نقدية لسلطة الاستبداد والمجتمع المقهور (الاستبداد المب ...
- المثقف العربي و-المستبد العادل-
- بين الثابت والمتحجر: اتحاد المغرب نموذجاً
- الخطاب السياسي العربي وثقافة الاستبداد
- مثقف السلطة ... الولاء المطلق
- النفط العراقي بين الحقيقة والوهم الأمريكي


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زهير مبارك - المحرقة