أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مسلم الحسيني - أوباما وملفات بوش الثقيلة...















المزيد.....

أوباما وملفات بوش الثقيلة...


محمد مسلم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 03:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فاز المرشح الديمقراطي في الإنتخابات الأمريكية باراك أوباما على نظيره الجمهوري جون ماكين وهي سابقة إنتخابية لم يشهد لها تأريخ أمريكا الإنتخابي مثيلا من قبل، حيث يصبح ولأول مرة من له جذور أفريقية وإسلامية على رأس السلطة في أكبر إمبراطورية في العالم !. رغم هذا الحدث الإستثنائي المميّز ورغم كل ما قيل عن صفات الرئيس الأمريكي الجديد من حدة ذكاء وقوة شخصية وكارزماتية وحيويه متوقدة، فأنه لا يخفى على المحلل السياسي أن هذا الرئيس سوف يكون أمام محن كبرى معقدة يصعب حلّها والتعامل معها. سيستلم أوباما مفاتيح الحكم من سلفه جورج دبليو بوش ومعها ملفاته المحروقة التي يصعب معالجتها والنظر فيها.
هذه الملفات الصعبة تنطوي على مشاكل سياسية وعسكرية ومالية وإقتصادية كبرى، من أهمها ،وخصوصا تلك التي تهم العالم العربي والإسلامي، هو ملف "الحرب على الإرهاب"، ملف "الدول المارقة"، مشروع الشرق الأوسط الكبير، ملف الصراع العربي- الإسرائيلي المجمّد، وملف النزاع الروسي- الجورجي وما صاحبه من تشنج في العلاقات الروسية - الأمريكية، إضافة الى ملف الأزمة المالية والإقتصادية العالمية، وغيرها من الأمور والقضايا التي تهم الشعب الأمريكي بالدرجة الأولى والتي لا يسمح المكان بسردها. البحث في هذه الملفات يتطلب عدة مقالات ولكنني سأقتصر في هذا المقال على تناول القضايا الرئيسية الساخنة المتعلقة بملف الحرب على الإرهاب والذي ينظوي تحت عنوانه كل من الحرب في إفغانستان والعراق والملف النووي الإيراني.
لقد وعد الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما شعبه إبان حملته الإنتخابية بأنه سيسحب قواته من العراق وبالسرعة الممكنة ويعزز فيها القوات الأمريكية المتواجدة في أفغانستان، أي أنه سيركز على المحطة الكبرى للإرهاب من أجل حسم الموقف وإعلان النصر النهائي بدلا من تشتيت قواته هنا وهناك فيكون كما يقول الحديث الشريف "إن المنبّت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى". علما بأن أوباما لم يكن في يوم من الأيام متحمسا لإجتياح العراق بل كان دائما مع فكرة التركيز على مواقع الخطر الرئيسية وعدم زج القوات الأمريكية في متاهات لا تعرف عقباها.
رغم وعود أوباما بالإنسحاب من العراق إلاّ أن المحلل السياسي الحذر يتساءل كثيرا مع نفسه عن مصداقية هذا الإنسحاب مما له من آثار وخيمة على المصالح الأمريكية ليس في العراق فحسب وإنما في المنطقة بأسرها. إنسحاب القوات الأمريكية بشكل حقيقي وكامل من العراق وبسرعة يعني حصول أمور لاتروق للأمريكيين جملة وتفصيلا. ففي اليوم الأول من إنسحاب القوات الأمريكية من العراق سينهار الهرم الثلجي الذي صنعته أمريكا في العراق تحت تأثير النار المستعرة في نفوس المعارضين للسياسات الأمريكية. ستسيطر المعارضة العراقية على دفة الحكم وينهار مشروع الديمقراطية الممسوك من قبل الأمريكان، أو ستحصل نزاعات داخلية تفتت النسيج العراقي وربما تؤدي الى حرب أهلية تجعل جيران العراق على أهبة الإستعداد للتدخل المباشر وغير المباشر في الشأن العراقي.
إن كان تعداد القوات الأمريكية في الوقت الحالي لا يزيد عن 150 ألف جندي فإن تعداد القوات الإيرانية المتواجدة على التراب العراقي يزيد كثيرا على ضعف هذا العدد! وإن كانت القوات الأمريكية مرئية ومحسوسة فالقوات الإيرانية غير مرئية وربما غير محسوسة . هنا يتساءل المحلل السياسي : هل ستترك أمريكا زمام أمور العراق للإيرانيين بعد أن فقدت الأموال والأنفس في حرب إستنزاف دامت أكثر من خمس سنوات!؟...هل ستعطي أمريكا العراق هدية سخية للذين تخشى سطوتهم وتحسب لهم ألف حساب؟ هل توافق أمريكا على إعطاء إيران قوة إقتصادية إضافية بضم آبار نفط جنوب العراق لها وإعطائها عمقا عسكريا ستراتيجيا واسعا بضم الجنوب العراقي لها طوعا أو كرها !؟ هل توافق أمريكا أن يكون جنوب العراق بيد متشددين موالين لإيران قد يشكلون تهديدا مباشرا او غير مباشر لمصالحها الستراتيجية في الخليج !؟ وهل سيروق لها أن تسلّم زمام الأمور في مناطق كثيرة من وسط وغرب العراق الى قوات من القاعدة أو ما يشابهها؟. كل هذه الأسئلة يجب ان يجيب عليها كل من يؤمن بالإنسحاب الأمريكي الكامل والسريع من العراق وبالطريقة "الأوباميّة".
إذن من الصعوبة بمكان أن يصدق المرء النية الأمريكية في ظل حكم أوباما في إنسحاب حقيقي وسريع من العراق، بل يتوقع المحلل العسكري بأن يقوم أوباما بعملية إعادة إنتشار لقواته العسكرية ، أي أنه سيسحب بعض القوات من العراق ويرحلها صوب إفغانستان من أجل إرجاع كفة الموازنة العسكرية المختلة بسبب تصاعد شدة عمليات طالبان والقاعدة في إفغانستان. إلاّ إنه سيبقي ثقل عسكري أمريكي واضح في الساحة العراقية لمنع حصول مضاعفات أو إرباكات في ميزان القوى هناك. هذا على المستوى المنظور أما على هوامش المدى البعيد فربما يسعى أوباما الى سحب قواته المتواجدة داخل المدن العراقية الى ثكناتها وقواعدها خارج تلك المدن وبهذا سيكسب الفوائد التالية/ أولا: سيجنب قواته الخسائر الجسدية والمادية من جراء عمليات المقاومة العراقية حيث ستكون في مأمن وهي في جحورها. ثانيا : سوف يستطيع سحب جزءا لا بأس به من هذه القوات والإستفادة منها إمّا في إفغانستان أو في قواعد أمريكية أخرى أو حتى إرجاعها الى داخل أمريكا إن إقتضى الأمر ذلك. ثالثا: ستمنع القواعد الأمريكية المتواجدة على التراب العراقي حصول ما تخشاه الإدارة الأمريكية وهو سيطرة قوى المعارضة العراقية على دفة الحكم أو إعطاء الفرصة الذهبية للإيرانيين في التدخل المباشر في الشأن العراقي. على هذا الأساس فأنه من الضروري أن ينجح أوباما بتمرير الإتفاقية الأمنية مع الحكومة العراقية إن لم توقع في فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش، كما عليه أن ينظم الساحة السياسية العراقية بطريقة تسمح له أن يطمئن للوضع السياسي الداخلي في العراق والذي يجب أن يبقى مواليا الى أمريكا في حالة إنسحاب قواتها بشكل واسع من هذا البلد وهذه الأمور تتطلب وقت وجهد إضافي.
أما الشأن الإفغاني فسوف لن يكون بأحسن من شأن أخيه، أي أن شعارات أوباما بالتركيز على محور الحرب في أفغانستان سيعجل من النصر ويكسر شوكة الإرهاب هو أيضا موضع تساءل وتمحيص، وربما هي آمال يصعب تحقيقها ولكن " ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل "! أمريكا فشلت في تحقيق النصر المأمول وهي تحارب منذ ما يزيد عن ست سنوات في إفغانستان ، بل أنها في الواقع في حالة تقهقر وتذمر وإنحدار . فقدت الكثير من المال والسلاح والأرواح ولكن من دون طائل! فما هي العصى السحرية التي سيضرب فيها أوباما على الأرض كي تنبسط له الأرض وتصبح ذلولا!؟. سحب بعض القوات من العراق الى أفغانستان سوف لا يعجل من حركة عربة النصر ، خصوصا أن قوات طالبان والقاعدة في حالة نشاط مستمر يقابلها تعب واضح في القوات المقابلة. إستمرار حرب الإستنزاف هذه صاحبها إستمرار في تذمر الشعبين الإفغاني والباكستاني. لم تستطع أمريكا أن توفي بما وعدت به الشعب الأفغاني من رخاء إقتصادي ورفاهية إجتماعية وتحسين في الأوضاع المعاشية وديمقراطية حقيقية واضحة المعالم، بل بقى هذا الشعب يعيش في حالة حرب طيلة هذه السنوات العجاف التي لم تغيّر حالة الشعب أو تزيد رفاهيته بل قد زاد الطين بلّة! هذا الواقع المر جعل الشعب الأفغاني يتساءل مع نفسه عن جدوى هذا التغيير وعن مستقبل الحياة في ظل هذه الظروف.
التذمر الشعبي لم يقتصر على شعب إفغانستان الملامس للخطوط الساخنة فحسب إنما أمتد الى عقر دار الباكستانيين. الباكستانيون غير مرتاحين من وضع هذه الحرب التي على حدودهم بل التي تصل نارها اليهم بين الفينة والأخرى. الطائرات الأمريكية تحوم طول الوقت داخل الأراضي الباكستانية وصواريخها لا تحترم حرمة وسلامة هذه الأراضي بل كثيرا ما توجهت الى العمق الباكستاني وحصدت الكثير من أرواح الباكستانيين. هذه الحالة المتوترة سوف لن تعود بالخير والمحبة على المدى البعيد بين الباكستانيين والقوات الأمريكية بل أن النيران الداخلية في حالة تزايد مستمر!
معالجة الملف النووي الإيراني سوف لن يكون أسهل من الملفات السابقة، حيث لا يستطيع أوباما عرض عضلاته الضامرة وإستعراضها من أجل تخويف الإيرانيين. إستعمال القوة بهذه الظروف أمر بعيد التصور لما لذلك من ملابسات ومضاعفات لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب وإنما تؤثر تأثيرا كارثيا على أسعار موارد الطاقة وعلى الإقتصاد العالمي المتعب والمتهاوي أصلا. كما أن الغزل الأمريكي الروسي في السابق قد تبدل الى تشنج وخصام منذ الحرب الروسية- الجورجية ، وهذا يعني أن لم تقف روسيا الى جانب إيران في أي نزاع محتمل مع الأمريكان فإنها سوف لن تتخذ أي موقف مناوىء.
على هذا الأساس لم يبق أمام السيد أوباما إلاّ إستعمال الدبلوماسية الذكية وجعلها منطلق للحوار السياسي السلمي بدلا من حوار صلصلة السلاح الذي أثبتت الأيام بأنه لا ينفع بل يضر مصالح الجميع. كما عليه أن يدرك بأن معالجة الأمور الصعبة والمخاطر يجب أن يكون بمعالجة مسبباتها وأن التهور والغطرسة هي ليست من صفات الأذكياء ، فهل ستثبت الأيام صحة وصف المحللين السياسيين له؟.



#محمد_مسلم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقوب سوداء تبتلع البنوك...!
- تأثيرات السياسة المعاصرة على إزدواجية الشخصية عند الشباب الع ...
- الوعي والديمقراطية...
- غياب المشروع الوطني: العرق قبل العراق والطائفة قبل الوطن !
- الحرب الروسية الجورجية : النتائج والأبعاد...
- يا وزارة خارجية العراق أحسني إختيار السفراء
- تحديات ل - إتحاد من أجل المتوسط-
- القمة الأوربية الجديدة في ظل التحديات.....
- أسود في البيت الأبيض، حقيقة أم وهم!؟
- حمّى الأرض تقتل الأرض، فأين البشر!؟
- استنزاف العراقيين مسؤولية من؟
- اوربا تنوي التخلص من ثمانية ملايين مقيم غير شرعي!
- من المستفيد من قمة بوخارست؟
- -فتنة- من أجل الفتنة
- إنتصر لأمّه وخذل أباه : أنه رئيس وزراء بلجيكا الجديد
- عبد الأخوة التميمي في ذمة الخلود
- العراق ينتظر الثورة...
- إنقلاب الصحوة أم صحوة الإنقلاب؟
- من سينتصر: دهاء إيران أم قوة أمريكا !؟
- الفتن الأمريكية في العراق


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مسلم الحسيني - أوباما وملفات بوش الثقيلة...