أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - فنجان نسكافيه لكل متهم














المزيد.....

فنجان نسكافيه لكل متهم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 09:56
المحور: حقوق الانسان
    


قرأتُ خبرا عن تحرّش كلب مصرى «سلوقى» بكلبة إنجليزية «وولف» فى شرم الشيخ. السائحةُ صاحبة الآنسة كلبة استنجدت بأمناء الشرطة فأوسعوا الكلبَ ضربا بالهراوات. فزعتِ السيدةُ وطالبتهم بالتوقف! لكن الأمناءَ كانوا «أمناءَ»، وأبوا إلا أن يؤدوا واجبهم بأمانة، ثم تركوه مضرجا فى دمه ينزف. ومضوا! أضحكنى نصفُ الخبر الأول، وأبكانى النصفُ الثاني. لكن الواقعةَ ذكرتنى بواقعة شبيهة حدثت معى، مع فارق التشبيه. (وأضع عدة خطوط تحت عبارة »مع فارق التشبيه). على أن الفكرةَ واحدةٌ، وهى: «تعاطف المجنى عليه مع الجانى» بسبب قسوة الأمن.

قبل عام سمعتُ طرقا على بابى عند الفجر. وإذا بفرد الأمن بالعمارة يسألنى: هل سُرق منكِ شىء؟ فقلت لا! وحين هممتُ بإغلاق الباب، لمحتُ طرفَ إحدى ملاءات سريرى فى يد شرطيّ يقف عند نهاية السلم! أخذونى لنقطة شرطة الحى وتعرفت على مسروقاتى «القيّمة». ولم تكن سوى عدة ملاءات أخذها شابان من شباب الدليفرى، الخاص بأحد محال الأطعمة بالحى. أفهمنى الصَّبيّان، والدموعُ تطفر من عيونهم، أنهما ليسا لصين، بل هما استعارا تلك الملاءات من حبل غسيلى ليفترشاها ويناما عليها فى إحدى الحدائق درءًا لبرودة الجو. وكانا ينتويان إعادتها مع أول شعاع شمس. وفيما شرع المأمور فى فتح محضر، هممتُ بإلقاء خطبة عصماء حول أن السرقةَ سرقةٌ، ولا يجوز تبريرها تحت أى شرط أو سبب الخ. لكن أمناء النقطة الأشداء قطعوا استرسال خطبتى حين راحوا يلطشون ويركلون الولدين بعنف لم أر مثله! وهباءً راحت محاولاتى للحيلولة دونهم. وفجأة، صرختُ بأعلى صوتى: «توقفوا! أنا لن أقيم محضراً ضد هذين الولديْن، بل سأعمل محضريْن. أحدهما ضد صاحب المحل لأنه لا يوفر شروطا إنسانية لعمّاله ويتركهم ينامون فى العراء، والآخر ضدكم أنتم لأن ما يتم هنا غيرُ قانونى وغيرُ دستورى ومخالفٌ لحقوق الإنسان!». رمقونى بدهشة كأننى مُختلّة أو مخبولة. فأردفتُ: »تصوروا أنكم جعلتمونى، بقسوتكم، أتعاطفُ مع لصوص!« اقتادَ أحدُ العساكر الصبيين إلى الحجز، وراح المأمور يشرحُ لى أن ثمة أساليبَ محددة لا مفرَّ من اتباعها مع الخارجين عن القانون من أجل ترويضهم وإجبارهم على الاعتراف. لكننى لم أهدأ إلا بعدما وعدنى بإطلاق سراحهما ومساءلة ربّ عملهما، ذلك الطامع الذى يجنى من وراء عمالته آلاف الجنيهات يوميا، ثم لا يوفر لهم مأوى يضمُّ أجسادهم المنهكة فى الليل.

رغم هذه الواقعة، ورغم عشرات الوقائع فى الصحف حول قسوة الشرطة مع المواطنين، إلا أن والد صديقتى، وهو أحد المناضلين القدامى من معتقلى 1959، يمازحنى قائلا: «بالعكس، الشرطة الآن تدلّل الناس فى أقسام البوليس، ومش ناقص إلا أن يقدموا لكلِّ مشتبهٍ فيه فنجان نسكافيه! هذا طبعا مقارنةً بما كان يحدث لنا زمان فى السجون والأقسام». والحقيقةُ غائبة. هل نصدق الجرائد؟ أم نعتبرها حوادثَ فرديةً لا تشى بسلوك عام أو ظاهرة؟

لكن الجميل، والحقُّ يُقال، هو ما حدث بعد نشر مقالى قبل أسبوعين فى »اليوم السابع« بعنوان «شىء من الحب والعدل يا حبيب العادلى»، الذى تحدثت فيه عن ضابط شرطة ركلَ مواطنةً فقتلها وأجهض حملها. ولأن ما يعنينى هو الحدثُ وليس «تعيين» الحدثِ، فلم أذكر فى المقال اسمَ الضابط ولا مكانَ الواقعة، سمالوط. وعليه، فقد اتصل مكتب السيد حبيب العادلى برئيس تحرير الجريدة، ثم بى، ليسألنى المقدمُ ياسر عطية، ومن بعده اللواءُ عدلى فايد حول الواقعة. استفسرا إن كانت هى واقعةَ سمالوط المعروفة، والتى يتم التحقيق بشأنها، أم هى واقعة سواها شهدتُها لكى يتم التحقيق فيها؟ أسعدنى أنهم يتابعون، فضلا عن كونهم يهتمون بمظالم الناس وأوجاعهم. فقط أتمنى عليهم، وأنا أدرك مدى صعوبة ما أتمنى، أن يكون ذلك الاهتمام وتلك المتابعة من الشمولية والاتساع بما يكافئ حجمَ مظلّةٍ عملاقة تتسع لأمن وأمان ثمانين مليون مواطن مصريّ. جديرين بالحب والعدل والأمان.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - فنجان نسكافيه لكل متهم