أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حميد خنجي - خِلاسيّ في البيت الأبيض















المزيد.....

خِلاسيّ في البيت الأبيض


حميد خنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2461 - 2008 / 11 / 10 - 09:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ستظل الذاكرةُ البشرية تتذكر لفترةٍ طويلةٍ وصول أول ملونٍ، خِلاسيّ - من أصل كيني- لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية ، قلعة العنصرية الحصينة ورأس المنظومة الرأسمالية السائدة وأرض الفًرَص والتوقعات والأحلام! بدا السيد"اوباما" وعقيلته السمراء،الهيفاء الجميلة فوق المنصة بعد إلقائه كلمة النصرالتقليدية، كنَيْزَكَين جاءا من كوكبٍ آخرٍ ضمن مشهدٍ أغربٍ من الخيال، لايمكن تصديقه بسهولة.. ولكنها أمريكا .. أرضُ العجائب والأحلام والمفارقات، حيث تعيش صفوةٌ من أغنى أغنياء العالم في بحبوبةٍ، مصابةٍ بتخمةٍ تتسبب تباعاً في موجاتٍ من الفقاعات المالية، لا تلبث إلاّ وتنتشر كالنار في الهشيم في مختلف أرجاء المعمورة.. هذا مقابل أفقر الفقراء، الذين يمدّون أياديهم المرتجفة –يومياً- في صناديق القمامة عسى أن يتزوّدون بما قد يسدّ رمقهم!

لعل المثاليين "الفيثاغورثيين"، الملتهين بنظرية "النّسق الرياضيّ".. يتشدّقون الآن فرحاً وهم يرون صِدقية ما يُروّجون له فيما يتعلق بالعلاقة العجيبة / الغيبية بين الأحداث التاريخية وتناسق الأرقام الحسابية.. فلابد أن يكون هناك سبباً ما ، ليكون أول رئيسٍ أمريكي غير أبيض يحمل رقم الـ 44 ! على أية حال.. ليس هنا مجال الخوض في هذه الفرضية الفلسفية /العلمية (مقولة الصّدفة والضّرورة) الأكثر إشكالية وتعقيداً وغموضاً من بين المقولات الرديفة الأخرى. ولكن الاشارة جاءت من باب غرائبية هذه الصّدفة في المشهد الانتخابي الامريكي! فالحدث تاريخيّ بكل معنى الكلمة.. لقد كُسرت أكثرالمحرمات قُدسية وقرباً إلى قلب"العنصري" الغربي الأبيض تجاه أخيه الأنسان، العنصر الملون القادم من الجنوب والشرق.. تلاشى الخوفُ وأصبح بمقدور الانسان الاسود، الذي كان عبداً لسيده في الماضي ، أن ينتشى بما في طاقته من الزهو والفخر بهذا الانتصار الرمزي والمعنوي، مشاركاً رفاقه المهمّشين البيض والصّفر والدّكن ، دون أن يفيدهم هذا الحبور كثيراً على الصعيد المادي، من مغبّة وضعهم المعيشي البائس، الاقل ضماناً وسلاماً من أشقائهم الاوروبيين الغربيين بالرغم من جهدهم الانتاجي والعملي المضاعف والمُضنيّ وادرارهم لمردودٍ أكثرٍ للقيمةِ الزائدة ، التي تذهب لخزينة القطط السمان

إرتأت أمريكا – نخباً وشعباً- أن تغير لونَ رئيسها عبر ديمقراطيتها الاكثر بَهْرجة والأصخب كَرْنفالية، المعبّرة عن المزاج الامريكي الجامح في مجتمعِ البذخِ والاستهلاكِ المعاصرين. باتت هذه الانتخابات الاكثر كلفة وأحد أكثر الانتخابات حضوراً وجدلاً ومشاركةً . فالمتنافسَين لوحدهما قد صرفا مبلغاً يفوق المليار دولار، عدا المصروفات الاجمالية التي كلفت المليارات، في وقت تجاوز فيه الدين العام العشرة تريليونات وعجز تجاري تجاوز أيضا التريليون الواحد. من هذه الزاوية يجب أن ننظر إلى السيرك الانتخابي الأمريكي وكلمة السرّ/ المرور.. أضحت كلمة "التغيير" هي العنوان الأبرز في هذه الحملة الانتخابية التي بدأت منذ بداية السنة وانتهت للتّوّ.. صارت هذه الكلمة على كلِ لسانٍ واستُخدمت بحنكة ودهاه – قلّ نظيره- من قبل المتنافسَين وخاصة المرشح الديمقراطي النحيل الطويل وحامل الاسم ذي الوقع السيكولوجي المدهش" باراك اوباما". لكن لابد من الملاحظة بامعان أن مجيء اوباما نفسه كان نتيجة ، أي أن انتصاره هو نتيجةُ لشعورِ التغييرِ الضروري لواقعِ حالٍ، طال انتظاره في نسيج المجتمع الامريكي، الذي يرنو بالطبع، ولو في مُخيّلته وعقله الجمعيّ الباطن، لمجتمعٍ أكثر عدلاً وانصافاً وانسانيةً. غير أن "المطبخ السياسي الرسمي" للخبراء/الثعالب الكبار، المتّسمون بقوةٍ خارقةٍ لتحويل الهزيمة إلى انتصار والضعف إلى قوة واستبدال الابيض بالاسود ، قد نجح في عمله بامتياز عن طريق استثمار مشاعر وحاجة التغييرالنابض في قلب المواطن الأمريكي، بشكلٍ يبدو فيه المجتمع الامريكي كما وكانه قد تخلص إلى الابد من العنصرية المقيته ، متجسداً في وصول مواطنٍ أسودٍ لاول مرة في التاريخ الامريكي لأعلى منصبٍ في المؤسسة الحاكمة، كدليلٍ واضحٍ – لا لبس فيه- على امكانية وصول أي أمريكي إلى غايته ( حسب ما قاله الرئيس القادم في احدى خطبه الحماسية)! نعم لابد لأمريكا الديناميكية من تغيرٍ ما، ولو في صورةِ رئيسٍ أسودٍ أو حتى إمرأة بيضاء أو سوداء(فرصة قد تنفتح مستقبلا لكونداليزا رايس)، والا فان الامور تزيد من خطورتها إن ظلت الحال على حالها ، حيث وصلت صورة أمريكا الدولية إلى الحضيض في الفترة الأخيرة فلا بد من تغيير الصورة إذاً.. لا بد من التخلص (التظاهر بذلك على الأقل) من شوائب الفكرالعنصري المحافظ القديم والمعيق –داخليا وخارجيا- للمحافظة على الرّيادة الأمريكية في العالم، فخبث الصّفوة من الاستراتيجيين الامريكان عبارة عن تنازلٍ في الظاهر واستمراريةٍ في سياسة الهيمنة في الباطن.. ومن هنا جاءت ضرورة إعادة انتاج الثقافة/السلعة الأكثر رواجاً وتسويقاً للمواطن الأمريكي العادي المخدوع بجملة "المصلحة الوطنية العليا". لابد من؛"استعادة صورة أمريكا كآخرِ بقعةٍ للأمل على الأرض" (حسب ما قاله اوباما ايضا)! والشيءُ بالشيءِ يذكرُ.. في ظرفِ مائةِ عامٍ لم يدخل مجلس الشيوخ إلاّ ثلاثة سودٍ فقط ، ليجلسوا في مقاعد الشيوخ الوفيرة ويكونون ضمن الصّفوة. ولنا أن نتصور درجة الغبن والحسرة والالم لدى السود الامريكان الذين عانوا طويلاً من المعاملة اللآانسانية، التي لاتتغير كثيراً بالطبع الآن- بين ليلة وضحاها - ضمن نظامٍ جوهره التمييز والاستغلال، فقط لأن خِلاسيّ قد وصل إلى سدّة الحكم في البيت الأبيض!



على ان هذه الحقائق المُرّة ، يجب ان لا تغفلنا عن ايجابياتٍ، قد تكون في مصلحة دول العالم ان اعطت ادارة"اوباما" على الصعيد الدولي، أولوية البحث الجدي عن علاقاتٍ من الشراكة والنّدّية مع دول العالم من الشركاء والخصوم الكبار، خاصة روسيا من خلال ضرورة العمل المشترك لازالة التوتر الدولي الحالي وحل بعض المشاكل المزمنة والمعلقة مثل مشكلة الشرق الاوسط (الخلاف العربي /الفلسطيني الاسرائيلي) وايران والعراق وافغانستان والقوقاز، بدل التفكير في استمراية الهيمنة والعنهجية ولكن هذه المرة بقفازات ناعمة. من الممكن للادارة الجديدة -ان شاءت- الاستفادة من الحماس والترحيب العاطفي منقطع النظير من قِبَل الشارع العربي والاسلامي لفوز اوباما .. وفي هذا السياق فان الامر غير المفهوم أبداً هو اطلاق "سلطة غزة الحماسية" 20 صاروخا الى الجنوب الاسرائيلي في يوم فوز اوباما ! هل كانت عملية رمزية لاستقبال او رسالة لاوباما او عمل طائش لا طائل منه ؟! لا أحد يدري حتى الآن. تتلخص نقاط القوة والايجابية لادارة اوباما الجديدة على الصعيد الخارجي في توفر ظروف مواتية للبحث المشترك لايجادِ حلولٍ ناجعةٍ للازمة المالية الحالية واعادة الصِّدقية والصورة الحسنة لامريكا أمام العالم الخارجي . أما على الصعيد الداخلي فان إعادة اللحمة الامريكية للمجتمع الامريكي المنقسم على نفسه سوف يأخذ الحيّز الاكبر لدى الادارة القادمة، بجانب المسائل الاجتماعية الاساس، لعل أهمها الضمان الصحي بالاضافة إلى اولوية الشأن الاقتصادي، تحديداً المالي ، ضمن الازمة المستفحلة الحالية وتأثيراتها على الطبقة الوسطى، عماد الاقتصاد الامريكي المعاصر


لكن الأمر السلبي والمُقلق هو ما جاء في خطاب "اوباما" فيما يتعلق بالشأن الروسي، حين أشار إلى التعامل مع التحدى الروسي بحزم، أي العزم والرغبة الدفينة على استعادة الزعامة الامريكية للعالم وخاصة بعد حرب القوقاز وعدم الكفّ عن سياسة حصار روسيا والتمدد الاطلسي شرقاً، الاستراتيجية الاكثر خطورة للعالم المعاصر. ومن هنا يبدو واضحاً من أن أمريكا كمؤسسة ونظام، وهو متربعٌ على رأس القطب الواحد، لا تريد النزوح عنه. وسوف لن تستسلم بسهولة للتسليم بالامر الواقع من جراء الوضع الدولي الناشىء والتخلي عن الزعامة الوحيدة لعالم أحادي القطبية والقبول بالظروف المتحولة والجديدة للدخول إلى عالم متعدد الاقطاب، الامر الذي قد يدخل العالم الى مجابهات لا تحمد عقباه. والحقيقة أن التفاهم الامريكي الروسي المأمول في حالة توفره سيشكل حجر الزاوية للتعامل الجدّي مع المشاكل العالمية وهذا لن يحدث بالطبع إلاّ بشرطين وهما ؛ أولا: تغيير استراتيجي في السياسة الامريكية من المجابهة الى الشراكة من الغطرسة الى الواقعية مع روسيا والصين وغيرهما من أقطاب دول العالم خارج أوروبا . ثانيا : أن تلعب الدول الاوروبية الغربية، شركاء أمريكا في "الناتو"، أدواراً أكثر استقلالية وأقل ذيلية.. وإلاّ فان العالم سيأخذ شكلاً آخراً من الاستقطاب؛ حلفٌ غربي ضد حلفٍ شرقي .. حينئذٍ ستتحقق نبوءة الكاتب الانجليزي الاستعماري"كيبلنغ" صاحب مقولة ؛" الشرق شرق والغرب غرب ولا يلتقيان"!



#حميد_خنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نظرية للأزمة المالية
- قراءة نظرية للازمة المالية
- ملاحظات اولية حول الزلزال المالي
- مفارقةٌ بين مُعَمّمٍ عصريٍّ ومدنيٍّ نصِّيٍّ
- أكرانيا في مفترق الطرق
- روسيا والعرب بعد حرب القوقاز الأخيرة
- جذور التوتر الحالي
- خمسة أيام هزت العالم.. وستظل تداعياتها تترى !!
- طبيعة دور القوى السياسية في البحرين
- دور العمال والموظفين المأمول في الحراك السياسي في مملكة البح ...
- نصرٌ عمّاليٌّ تاريخيٌّ على شركة -بتلكو- العتيدة !!
- الصّفقة
- اشكالية الاغتراب المعاصر
- الاتفاقية الامريكية العراقية .. معضلة وشرّ لابد منه
- الى اين تسير عربة الوحدة الأوروبية ؟
- الصفعة الايرلندية
- أهداف و آفاق تيارات -الاسلام السياسي- المعاصرة
- ملاحظات اولية حول ظاهرة -الاسلام السياسي- المعاصرة
- في لبنانْ .. كلُّ حزبٍ بما لَدَيهم فَرِِحونْ !!
- كادت أن تفعلها -أسِيل-.. لكنها لُجِمَتْ ب-كعبِ أخِيل-


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حميد خنجي - خِلاسيّ في البيت الأبيض