أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - استمرار الهداية الإلهية















المزيد.....

استمرار الهداية الإلهية


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2462 - 2008 / 11 / 11 - 05:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذا الزمان أحاط العالم طوفان عظيم ، قوته لم يسبق لها مثيل، ومسيرته غيرمعلومه، تأثيراته اللحظية محيره ونتائجه النهائية في غاية العظمة والجلال ، وتتزايد سرعة قوته المحركة بصورة لا ترحم وتزداد شدة قوته التطهيرية يوما بعد يوم. أسر العالم في قبضة قدرته المخربة وابتلى بمظاهر قهاريته التي لا تقاوم. لا يعرف منشأه ولا مبدأه ولا يعرف اهميته ولا خبر له عن نتائجه. لهذا بقى العالم حيرانا ومتأوها ومتشردا ناظرا الى صرصر القهر الالهي هذا ، كيف انه وصل إلى أبعد وأعمر نقطه في الكرة الارضية وزلزل بنيانه واختل توازنه .ونجد أن البشرية الآن تمر بإضطراب لم يسبق له مثيل فهى فى مرحلة المخاض.فالمؤسسات والعادات والأفكار التى تراكمت عبر القرون تمر الآن باختبارات صعبة في هذا الزمن الذى ترتعد منه وله فرائص كل الأمم والذى وصل فيه قتل البشر الى درجة يفوق أى احصاء وأى انسانية، فما حدث من تفكك أسس النظم الاجتماعية، وسلب شرف الإنسان لدرجة الاعتداء على الموازين الاخلاقية واعدامها حتى لا يبقى لها من أثر فى رجوع الانسان لها، وخيانة الحياة الفكرية والمعنوية للانسان مع الاستسلام للشعارات غير الصحيحة واختراع الاسلحة المهيبة التي تدمر البشرية وتلى ذلك انهزام الملل واصابة الناس بالفقر كل ذلك أدى إلى تلوث البيئة والكرة الارضية فكان العداء الديني ومنه تفرعت البغضاء الجنسية والعنصرية والعرقية وظهرت صور من استغلال المرأة والاطفال وانتشار الخمور والمخدرات والتعاطى بأنواعها والذى أدى إلى التعطش والانهماك في الملذات الدنيوية وظهر ضعف الكيان العائلي الذى تمثل فى التراخي للإشراف الأبوي وفقد الاعتداد بالمسئولية الزوجية وما ترتب عليه من الطلاق وساد فساد الغناء والموسيقي وانتشرت عدوى المطبوعات وشرور الصحافة ولم تقف مآسى البشرية عند هذا الحد بل ساد نفوذ دعاة الانحطاط الذين يروّجون زواج الاختيار(المتعة)،وظهرت ظاهرة لم تكن من قبل وهى زواج الشواذ، وكذلك كان هناك من ينادوى بفلسفة العراء ويعتبروا الحشمة والوقار خرافة فكرية، ونرى الذين يرفضون مبدأ النسل كغاية مقدسة أساسية للزواج ،(تزوجوا يا قوم ليظهر منكم من يذكرني بين عبادي هذا من أمرى عليكم اتخذوه لأنفسكم معيناً)(الأقدس ص38 -بهاءالله) والذين يعتبرون الدين مخدراً للعالم. كل هذا يبدو خاصيات بارزة لإنسانية متدهورة،إنسانية إما أن تولد من جديد أو تهلك وتنعدم تماماً.
وكان كل هذا وما نشاهده في هذه الآونة هو "أخطر أزمة في تاريخ الحضارة" والذى يعيد إلى الأذهان تلك الأوقات التي "تموت الأديان فيها لتولد أديان أخرى".

هل نقول أن كل هذا نتيجة مباشرة للبعد عن الدين ومعرفة الخالق واتباع أوامره وحدوده وأحكامه والتى من أجلها كان خلقنا من الخالق العظيم الذى خلقنا كى نعرفه ونذكره ونحن هذا الكائن الروحاني والذى بعُد تماماً عن أى روحانية وتشبث بذيل الماديات التى هوت به إلى قاع المستنقعات!!!
والمطلوب الآن من شعوب العالم هو قدر من الإيمان والعزيمة تتلاءم مع الطاقات الهائلة التى وهبها خالق كل الأشياء للجنس البشرى فى موسم الربيع الروحانى .
ونجد أنه نتيجه للبعد عن الدين يترتب على ذلك أن تنحرف الطبيعة الإنسانية، وينّحط السلوك الإنسانى، وتفسد النظم الإنسانية وتنهار، ويظهر كل ذلك على أبشع صورة وأكثر مدعاة للإشمئزاز. فى مثل هذه الأحوال التى ينحط الخُلُق الإنسانى، ويموت الضمير، ويغيب العدل، وتندثر الحشمة والأدب، وتعوّج مفاهيم الواجب والتكاتف والوفاء والإخلاص،وتخمد تدريجياً مشاعر الأمل والرجاء والأمن والسلام.

فحينما تصل الإنسانية إلى ما وصلت إليه من هذا المنعطف الخطير من الصراع الذى أصابها بحالة من الشلل. نجد أنه بات لزاماً عليها أن تسير نحو رشدها، وتنظر إلى إهمالها،وتفكر فى أمر تلك الأصوات الخادعة التى رضخت إليها كى تكتشف مصدر البلبلة واختلاف المفاهيم التى تروج بإسم الدين. فهناك من تمسكوا لمآرب شخصية تمسكاً أعمى ، وفرضوا على أتباعهم تفسيرات خاطئة متناقضة لأقوال أنبياء الله ورسله, أُولئك يتحملون ثقل مسئولية خلق هذه البلبلة التى إزدادت حدة وتعقيداً، لتفصل بين الإيمان والعقل، وبين العلم والدين.
فهل نجد بعد كل هذا وما وصلت إليه البشرية من تدني وانحدار شامل لمناحي الحياة كلها-هل نتصور أن الخالق الأعظم لم يرسل لنا بالمنقذ الأكبر كى ينقذ البشرية من براثن هذا الوباء الذى استشرى فى نخاع البشرية والبشر! أم سيتركه ليزيد فى وبائه ونقول أن الله مات أو غُلت يداه-فهل الله يموت (والعياذ بالله) بل ويداه مبسوطتان كل البسط، لذلك نجد أنَّ جميع الكتب الإلهيّة تبشّر جميع الملل بيوم الله الموعود،والذى يجد فيه جميع البشر راحة الأمن والاطمئنان، ويتّحد العالم الإنساني،ويخيم العدل على وجه الارض ويتم الاتّفاق ويزول النّزاع والفقر والجدال وتبطل الحرب، وترتبط جميع الملل بعضها ببعض وتتجلّى وحدة العالم الإنساني.

فنحن البهائيون نؤمن بأن الجنس البشري هو كائن روحاني من اصلٍ واحدٍ ولكن التعصب والجهل وحب السلطة والغرور كانوا السبب في منع كثير من الناس من معرفة وقبول هذا الأصل . جاء حضرة بهاء الله كى يغير هذا الوضع ويعمل على إيجاد الوعي وبعث الاحساس العالمي بمبدأ وحدة الجنس البشري .
لقد دعا حضرة بهاءالله إلى وحدانية الله ووحدة الجنس البشرى، وذكر ان الرسالات السماوية ماهى إلا مراحل للكشف عن الإرادة الإلهية لتحقيق الهدف من خلق الإنسان. وأعلن عن مجيئ الزمان الذى أخبرت به جميع الكتب السماوية، وأن الإنسانية سوف تشهد أخيراً اتحاد كافة الشعوب والأمم فى مجتمع ينعم بالسلام والتكامل والتآخى.
فالمبدأ البهائي حول وحدة الجنس البشري- يعني أن الإنسان يمثل وحدة عضوية أساسية وقد طُورت حياته الاجتماعية بالتدريج إلى مستويات أعلى من الوحدة -مثل العائلة ثم القبيلة ثم المدينة ثم الأمة .لذا نجد ان المهمة الخاصة لحضرة بهاء الله هي إيجاد دافع للمرحلة التالية من هذا التكامل الاجتماعي، وبالأحرى تنظيم المجتمع الإنساني باعتباره حضارة تخص كوكب الأرض .
يمكن الوصول لهذا الأمر من خلال تطوير بنية اجتماعية جديدة تعمل على التخفيض والحد من صراع المصالح وخلق مستوى جديد من الضمير الإنساني يؤمن إيمانًا قوياَ بوحدة الجنس البشري . وفوق ذلك كله فان وحدة البشرية تعنى وصول الإنسانية إلى مرحلة البلوغ أو النضوج خلال مراحل حياتها المشتركة.
إن الوحدة والاتحاد في المفهوم البهائي يعنى " الوحدة والاتحاد في التنَوع والتعَدد ". والوصول إلى الوحدة لا يأتي عن طريق إزالة الفروقات وإنما عن طريق الإدراك المتزايد والاحترام للقيم الجوهرية للحضارات ولثقافة كل فرد . إن التنوع والاختلاف نفسه ليسا سببًا في النزاع والصراع وإنما نظرتنا غير الناضجة نحوهما وعدم تسامحنا هي التي تسبب الصراع دائمًا. يشرح لنا حضرة عبد البهاء هذه النظرة فيتفضل بقوله:
" لاحظوا أزهار الحديقة على الرغم من اختلاف أنواعها وتفاوت ألوانها واختلاف صورها وأشكالها ولكن لأنها تسقى من منبع واحد وتنتعش من هبوب ريح واحدة وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فإن هذا التنوع والاختلاف سبب لازدياد جلال وجمال أزهار الحدائق … أما إذا كانت أزهار ورياحين الحديقة وأثمارها وأوراقها وأغصانها من نوع ولون واحد ومن تركيب وترتيب واحد فلا معنى ولا حلاوة لها ، أما إذا اختلفت لوناَ وورقاَ وزهراَ وثمراَ ، فان في ذلك زينة وروعة للحديقة وتكون في غاية اللطافة والجمال والأناقة . وكذلك الأمر بالنسبة لتفاوت وتنوع أفكار وأشكال وآراء وطبائع وأخلاق العالم الإنساني فإذا جاءت في ظل قوة واحدة ونفوذ واحد فأنها ستبدو في غاية العظمة والجمال والسمو والكمال . واليوم لا يستطيع أي شئ في الوجود أن يجمع عقول وأفكار وقلوب وأرواح العالم الإنساني تحت ظل شجرة واحـدة سوى القوة الكلية لكلمة الله المحيطة بحقائق الأشياء ".
إن الحقيقة التى تجعلنا نتخيل أنفسنا على حق والآخر على باطل ما هى إلا أعظم العقبات فى طريق الوحدة، والوحدة ضرورية ان أردنا الوصول إلى الحقيقة، ذلك لأن الحقيقة واحدة".
أن الأثر المباشر للدين فى مجالات التشريع والأخلاق قد برهن تباعاً على أنه عاملٌ لايمكن الإستغناء عنه فى إقرار النظام فى المجتمع الإنسانى.
أن قانونه هو الصراط المستقيم
فإن الدين هو السبب الأعظم لنظم العالم واطمئنان من فى الإمكان.وأن بأُفول شمس الدين يتطرق الهرج والمرج ويمتنع نير العدل والإنصاف عن الإشراق وشمس الأمن والإطمئنان عن الأنوار
ولكن أى دين اليوم نستطيع تطبيق تشريعته ليكون نظم العالم وسبب إتحاد الأمم؟ هل الشريعة المسيحية؟ أم الشريعة الإسلامية ، والتى يحارب لها العالم الإسلامى من أجل تطبيقها.
كل رسالة سماوية تكتنز في شرعتها خصائص إلهية مميزة في تعاليم روحانية خالدة من جهة، وخصائص مظهره مميزة بتعاليم إنسانية واجتماعية تختلف من عصر لآخرمن جهة أخرى. فمجيء الظهور الالهي الجديد يطلق في هيكل البشرية قوى روحية تهبه إمكانات وقدرات جديدة وتمكّنه من إحراز مرتبة أعلى من التطور الروحي والمادي مثلما تهب أشعة الشمس الطبيعة في الربيع حياة جديدة.

إن الحكماء الحقيقيين قد شبهوا العالم بهيكل إنسان ، فكما أن جسد الإنسان يحتاج إلي قميص هكذا جسد العالم الإنساني يحتاج إلي أن يطرّز قميصه بطراز العدل والحكمة، وأن قميصه هو الوحي الذي أعطي له من لدي الله.
ومن الواضح أنَّ الدين البهائي مع ما جاء به من شرائع وأحكام جديدة لم يأت لينسخ أو يُبطِل أَيًّا من الأديان السابقة بل جاء ليكمل مرحلة هامة من مراحل الوحي الإلهي ويكون جزءا متكاملاً من الدين الإلهي الواحد يدعو الناس إلى ما أمر به الخالق وما أراده لبريته أجمعين في عصر على هذا القدر من التقدّم والاستعداد.

يمكننا النظر إلى الجامعة البهائية على أنها بمثابة الجنين والنموذج المستقبلي للحضارة العالمية . إنها تمنـح الفرد الفرصة السانحة لتطبيق مبدأ الوحدة والاتحاد ثم تطوير هذا الشعور الجديد .



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشموع السبعة التى ستضيء العالم الإنسانى وتأخذ بيده نحو اتحا ...
- أتوقف أم أستمر فى السير
- آيات الرحمن في أنفس العباد
- عظمة الكلمة الإلهية وتأثيرها فى قلوب البشر
- تحري الحقيقة
- المبادئ التي أعلنها حضرة بهاءالله
- دين عالمي موحد
- الوحدة الدّينيّة
- رسالة حضرة بهاءالله
- دواعي التجديد
- خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها
- الشمس والكواكب
- الأمة الوسط
- قضية ماريو وأندرو إلى أين وإلى متى؟؟؟؟!!!
- قادة عمي يقودون عميانا
- أسباب اعتراض الإنسان على رسل الله
- الميزان
- القيامة والساعة
- الموت والحياة
- التمثيل والتشبيه في الكتب السماوية


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - استمرار الهداية الإلهية