أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - تعالوا نركب عَجَل!














المزيد.....

تعالوا نركب عَجَل!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2460 - 2008 / 11 / 9 - 10:08
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


امرأةٌ على بيسيكليت، تقبضُ على مِقْوَدها بيمناها، وباليسرى ترفع مظلةً فوق رأسها، وفي السلةِ حقيبةُ يدها. هذا مشهدٌ مألوفٌ في أنحاء أوربا. ويسألني معتز الدمرداش في برنامج "90 دقيقة": "يعني المرأة في مصر بيتحرشوا بيها وهي ماشية على رجليها، برأيك لو ركبت عَجَلة حيحصلها إيه؟" كنتُ تأخرت عن برنامج الهواء نصف ساعة بسبب الزحام، فبادرني سائلا: "برأيك ما حل أزمة المرور بمصر؟" ولما أجبته أن الحل هو العَجَل أسوةً بالصين وأوربا، فاجأني بالسؤال السابق. وإجاباتي أن كل سلوك إنسانيّ هو ثقافة تراكمية. الإيجابيّ منه والسلبيّ. نعم، سيسخرُ الناسُ من فكرة ركوب الدرّاجات أول الأمر، لكنْ لو تبناها البعضُ بإصرار ودون خجل ستصبحُ ظاهرةً، وبعد زمن تغدو ثقافةً وعادة. أنا أتسوّق وأتجوّل في الحي الذي أسكنه بالدراجة. في البدء كانت نظراتُ استهجان، امتصصتُها ببرود. تحول الاستهجانُ مع الوقت دهشةً، ثم غدا الأمرُ اعتيادا. والحقُّ أن الدراجات في الرحاب ترقى لأن تكون ثقافةً وظاهرة، نظرا لجغرافيّة المدينة، وانتشار الجاليات الأجنبية، لكن المصريين، سيما النساء، مازلن يخجلن من الأمر. رغم أن نساء مصر حتى الستينيات الماضية كن يركبن دراجات عادي جدا! أيام ما كانت مصر جميلة!
الدراجاتُ ستحلُّ أكثرَ من أزمة تواجهها مصرُ الراهنة الحزينة: تكدّس السيارات في الشوارع، محنة صفِّ السيارة، غلاء البنزين وغلاء المواصلات، حوادث السير، كارثة التلوث، والكلُّ يعلمُ أن القاهرة مُدرجةٌ على رأس قائمة "أكثر المدن تلوثا وازدحاما في العالم." والأجمل من كل هذا أنها رياضةٌ تحقق الرشاقةَ والصحةَ وتنظمُ عمليةَ التنفس، كذا تتيحُ للإنسان التواصلَ أكثر مع الطبيعة والهواء والشمس على نقيض المترو الخانق والأتوبيس المُهين كرامةَ الإنسان، أو حتى السيارة الخاصة، تلك الشرنقة التي تسجن نفسك بها، ثم تتحول إلى عبء ثقيل حين تصل إلى عملك. يحنقُ المرءُ على سيارته ويكرهها حين لا يجد مكانا "يركنها" فيه، وربما فكّر في تركها في الشارع والركض بعيدا عنها. أنا مررت بذلك. واقترحتُ في البرنامج أن تُخصصَ حارةٌ ضيقةٌ في كلِّ شارع للدراجات، مثلما في أوروبا. لكن صديقتي، زميلة هندسة عين شمس، تهاتفني الآن وتطالبني أن أتبنّي فكرة تعميم ثقافة العجل والكتابة عنها من أجل تحريك الرأي العام لمؤازرتها. ثم قدّمتْ اقتراحا أجمل وأيسر وأكثر عملية. أن تتحول مساراتُ المترو إلى حاراتٍ للدراجات. مترو مصر الجديدة، الذي لم يعد يركبه أحد، يمتدُّ من مساكن شيراتون حتى ميدان التحرير. يعني يغطي معظم القاهرة. حكت لي أيضا أنها رأت سيدة "منقّبة" على دراجة. استوقفتها الشرطةُ واستجوبتها. ولما تأكدوا أنها امرأةٌ وليست إرهابيا مُتخفيا، أطلقوا سراحها ولم تزل نظراتُ الدهشة تغمر وجوهَهم. صافحتْها صديقتي وحيتها على جسارتها.
أما البنوتة الجميلة "ليلى"، فتخجل أن تذهب إلى الكلية على دراجتها. رغم أن المسافةَ من بيتها للأكاديمية البحرية، حيث تدرس، عشرُ دقائق فقط. تقول: "أصحابي بيتريقوا عليّ!". وهنا المحنة!
ليست المحنةُ في سخرية الآخر منّا، المحنةُ في اهتمامنا بتلك السخرية وبناء سلوكنا تبعا لذلك! ما هي حدود تعاملنا مع "الآخر"؟ لَكَمْ نحن شكلانيون جدا! نهتم برأي الآخر في ملبسنا ومظهرنا وشكلنا، ومع هذا لا نعطيه حقوقه الحقّة! "للآخر" علينا حقوقٌ أهمُّ وأعمقُ من ملبسنا ومركبنا! حقُّ "الآخر" عليّ أن أساعده وألا أؤذيه. أن احترمه فلا أزعجه بصريا أو سمعيا أو خُلقيا أو مهنيا. أن أؤدي عملي صح لأن عملي ينعكس على "الآخر" رأسا. إن كنتُ طبيبا أعالج "الآخر" صح، وإن كنتُ مهندسا أبني "للآخر" بيتا لا ينهدم فوق رأسه. وإن كنتُ تاجرا لا أحتكر السلعّ ولا أستغلُّ "الآخرَ" ولا أسرقه. وهلم جرا. تلك هي حقوق "الآخر" عليّ وواجبي نحوه. ولا شيء آخر. لكن لِمَاذا أستعيرُ عيونَ "الآخر" لأرى نفسي وملبسي وما أركب؟ لماذا أجعلُ "الآخرَ" يحرمني حقوقي ومُتعي البسيطة من ركوب عجل أو باتيناج أو الركض في الشارع أو الجلوس على الرصيف أو حتى تطيير بالونات وطائرات ورقية! عيب؟ العيب هو العيب. هو السرقة والكذب والإهمال والكسل والغش والفساد. قيل إن حريةَ التلويح في الهواء تقف عند أنوف الآخرين. وهذا حق. نحن، من أسف، نتواطأ مع "الآخر" على أنفسنا ونعذبها هباء. ومع ذلك لا نحترم هذا "الآخر" ولا نعطيه حقه كما أمرنا الله. نشتغل "نُص نُص"، ونستمتع بالحياة نُص نُص، ونعيش نُص نُص. لذلك نتأخر. الغربُ يتقدمون لأنهم عكس ذلك. يعملون بجد، ويعيشون بجد. فقط لأنهم يدركون جيدا حقوق "الآخر" وواجبه.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - تعالوا نركب عَجَل!