أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمنى - سلسلة فلسفة القيم - قيمنا ... و قيمهم ؟ !















المزيد.....

سلسلة فلسفة القيم - قيمنا ... و قيمهم ؟ !


سيد القمنى

الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 08:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ضمن سلسلة قضايا إسلامية التي تصدرها وزارة الأوقاف الإسلامية ، تم حشد عدد من المؤلفات تعني بفلسفة القيم ، و كالعادة لن تجد فروقاً واضحة لا في الأهداف و لا في المنطلقات بين كتاب و آخر في هذه السلسلة القيمية ، ربما اختلف الأسلوب بين كاتب و زميله ، لكنها في النهاية تقول شيئاً واحداً تؤكد عليه دوماً ، هو أن القيم لا تكون صحيحة و سليمة إلا إذا كانت في الأديان ، ومن بين الأديان تسمو على الكل قيم الإسلام ، و غير ذلك من فلسفات للقيم منذ سقراط و حتي اليوم هي باطل الأباطيل و قبض الريح ، إن لم تكن هي الفساد نفسه .
سأعمد هنا إلى كتاب يشكل نموذجاً مثالياً لكل زملائه ، و قوله فيه هو تغريدة السرب كله . و هو كتاب ( القيم الدينية و ثقافة العولمة ) ، و الذي دبجه الدكتور الصاوي الصاوي أحمد ، لنناقش من خلاله ما يطرحه علينا حماة الإسلام و رعاة الدين و مفكريه .
كي يقدم الدكتور الصاوي فلسفة الإسلام في القيم ، يبدأ أولاً بإدانة كل القيم في العالم غير المسلم ، فيقول : " إن القيم المادية الوضعية تنزل بصاحبها إلى درجة السقوط ، و ذلك يرجع إلى طبيعة مستواها المادي المحسوس ، الذي يجتذب الإنسان و يحركه نحو الفساد و الطغيان لا نحو الإصلاح " . و من ثم يبني على هذه الفرضية ( أو الحقيقة من وجهة نظره ) استطراده و هو يقول : " و بسبب السمو الذي تتميز به القيم الدينية . . فإنها تفي بحق الإنسانية ، و تخرج الإنسان الذي عانى بسبب بعده عن الدين الصحيح ، من القلق و الإضطراب و التعاسة و فقدان مشاعر الأمن ، . . و انتشار الجريمة و العنف و الإدمان و الأمراض النفسية و العصبية و زيادة نسبة الإنتحار، و الطلاق و الإغتصاب و القتل و سيطرة مشاعر الإغتراب و الوحشة و البؤس و الرعب الذي ساد معظم دول العالم المتقدم " . و تأسيساً على هذه الصورة البغيضة الذي رسمها سيادته لمجتمعات تخلت عن القيم الدينية و انغمست في قيم مادية دنيوية شريرة بالضرورة لا يبقى سوى قوله : " إن القيم الدينية .. هي من أهم القيم على الإطلاق . . و هي الأساس الذي تنطلق منه جميع القيم الحاوية لكل القيم النبيلة ، فهي تفوق جميع القيم . . و ترجع أهميتها إلى أن الدين هو أساس القيم و الوعي بها و الساعي دائماً إلى تدعيمها ، و هي قيم روحية قادرة على هداية حقيقية لأنها من صنع الله الذي خلق النفوس و أوردها فجورها و تقواها . لقد أرسلت الأديان جميعاً و علي رأسها الإسلام ، قيماً منزهة عن كل منفعة شخصية / ص 38 ، و ص 35 " ، تدهشك جرأة هؤلاء القوم على العلوم بكل أصنافها من الكيمياء إلى الفيزياء و إلى الطب إلى الفضاء ، و الفلسفة !! كل ميدان صار مستباحاً لهم إلا ميدانهم لهم وحدهم دون غيرهم ، رغم أن القرآن الكريم و السنة النبوية لم تكن تعرف شيئاً مما يقوله فقهاء أيامنا . و حسب الكتاب و السنة فإن ما يحرك الإنسان نحو الفساد و الطغيان هو الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ، و لم يقل لنا الله شيئاً عن القيم المادية الوضعية التي يبخسها مشايخنا كل التبخيس لكونها غير صادرة عن الإسلام .
و أحياناً لا تفهم سر حملتهم الشديدة على كل ما هو مادي موضوعي وضعي ، رغم أن آدم حسب النظرية الدينية مخلوق مادي ، و الحجر الأسود مادة ، و الكعبة نفسها أحجار مادية و كذلك كسوتها ، و مقام إبراهيم و إبليس ، كلها أحجار مادية و مع ذلك هي عندنا أسمى المقدسات ؟ !
و بدون شعيرة الرجم المادي بالأحجار ترمي على إبليس الحجري المادي يفسد الحج من أصله . ناهيك عن كون القيم الإنسانية أو الوضعية أو بمسماها الفلسفي الاكسيولوجية ( الحق و الخير و الجمال ) تخاطب روح الإنسان لا مادته ، و الأمر على العكس مما يقول فقهائنا ، لأن القيم الدينية تخاطب المادة قبل الروح ، فقد حارب الرسول و الصحابة من أجل السيطرة و السيادة و الغنائم المادية البحت ، إضافة بالطبع إلى نشر الدعوة . و حارب الصديق من أجل الزكاة ، و حارب خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و القعقاع و خيرة الصحابة الأجلاء من أجل الفيئ و الجزية ، بل و تصارع كبار الأجلاء منهم على عرض الدنيا المادي ، كما حدث بين الزهراء و بين الصديق بشأن ميراثها ، و كما حدث في حروب دموية رهيبة من أجل السيادة و الجاة حتى ضرب المسلمون كعبتهم بالمنجنيق ، و حتى قتلوا خليفتهم و خاضوا الفتنة الكبرى ، و حتى اقتحم المسلمون مدينة رسول الله و استباحوا فروج الصحابيات بنات الصحابة ، و حتى ذبح المسلمون آل بيت الرسول في عملية إفناء مخزية ، و طال الإقتتال الشيعي السني حول المسلمين كميراث مادي ، هل هم ميراث ولاد فاطمة وحدهم أم هم ميراث قريش على المشاع ؟ .... وحتي يومنا هذا !! .
فأين كانت قيم الروح و الدين في كل هذا الذي حدث في تاريخنا الرهيب الملطخ بدماء الأبرياء ؟ و هي مجازر لم يكن فيها مكان لحق ، بعد أن زعمت كل فرقة أن حقها هو الصواب المطلق وحده و غير باطل ، و لم يكن فيها أى خير بقدر ما نالت شرورها عموم الناس مسلمين و غير مسلمين ، و ما كان فيها أى شئ يمكنك أن تصفه بالجمال ، و لم يكن فيها مكانا للدين ، بعد أن فرض كل فريق وجهة نظره إسلاماً يحارب به إسلاماً مارقاً لدي الفرقة الأخرى ، فضاع الإسلام و بقيت الفرق المتحاربة على عرض الدنيا فرقا إسلامية ، احتاج كل منها الشرعية فظهرت الأحاديث وظهر المشايخ عند كل طرف يقدم لة الشرعية ودعم السماء .
المشكلة مع مثل هذا الخطاب الفقهي هو قلبه للحقائق عن قصد مبيت و سابق علم و ترصد ، ليصور للمسلمين حالهم و كأنهم قمة البشرية و سنامها المقدس الحافظ لكل القيم الأخلاقية ، لذلك ينعمون بالسعادة ، و أن غيرهم يعيش البؤس و الشقاء و التعاسة . و هو لون من الكذب و الغش و التدليس ، مع صرف متعمد للناس عن واقعهم المهين الذي وصل إلى أقصى درجات تدنيه ، صرفهم عن محاولة إصلاح هذا الواقع ، إطمئناناً إلى أن أهل الغرب الطاغوتي و بقية دول العالم المتقدمة الكفرية ، لا تحلم بما نحن فيه من عز و رفاة و سعادة بفضل قيمنا الأرقى ، و أن قيمنا الأخلاقية هي الأصح بالمطلق لأنها صيغة ربانية كاملة المواصفات سابقة التجهيز ! !
نفس الأغنية ترنمها بقية المجموعة التي تناولت فلسفة القيم في سلسلة وزارة الأوقاف ، كلها تندد بأخلاق المجتمعات الغربية حتى تكاد توحي إلينا بأنه مجتمع من الحيوانات أو أدنى ، بل و تصرح بذلك كتب الفقه التي يدرسها أبناؤنا في مدارسنا و تؤكد " أنها مجتمعات حيوانية أقرب إلى البهيمية " . إنه ذات الأسلوب العربي في شعر الفخر و الهجاء البدوي .
و لا يقولون لنا كيف أمكن لذلك المجتمع المنحل الخرب ، أن يخلص البشرية جميعاً دون تمييز بين الناس لا بحسب الدين و لا الجنس و لا الطائفة ، من أمراض الطاعون و الدفتريا و شلل الأطفال و الجدري و الكوليرا و بقية الأمراض الوبائية الفتاكة ، و هي أمراض عجزت الدنيا قبل الغرب الكافر عن مواجهتها ، علماً أن هذا التاريخ كان يضم أنبياء كانت تكفي دعوة واحد منهم لرفع هذه الأوبئة، وهو ما لم يحدث و لا مرة واحدة .
إن فقهاء زماننا لا يقولون لنا كيف تمكن أهل المجتمع الغربي الأنجاس الملاعين بقيمهم السفيهة ، من توفير الطائرات التي قصرت رحلة حجنا العسيرة إلى مكة من ثلاثة أشهر نضرب فيها أكباد الإبل ، إلى ساعتين من الرفاهية و المتعة و التسلية الرفيعة و المعاملة الإنسانية الكريمة . و كيف حولت الكعبة من بناء بدائي إلى بناء غاية في الفخامة بهندسة و مواد إنشاء كلها من بلاد الطاغوت .
في النهاية من تلك المجموعة من الكتابات لا يخرج المسلم سوى بحالة من الكراهية لهذا الغرب ، هي كتابات تعيش حالة تحريض مستعر غير مفهومة ، لنبقي مع قيمة القناعة التي هي كنز لا يفني بما لدينا من الفقر و الجهل و المرض و التخلف ، حتى بتنا القاع الذي تنتهي إليه مزابل الأمم و نفاياتها ، مع الحث على التمسك بقيمنا و حمايتها من أى تأثير قد يصيبها من قيم الغرب الذي نقنع أنفسنا بأنه تعيس ، و دون أن يشكو لنا أحداً في هذا الغرب من أية تعاسة يعانيها .
و إذا كانت القيم الدينية و بالذات الإسلامية تفوق جميع القيم ، فهل يعني ذلك أن كل الشعوب و الأمم التي لم تعرف الأديان السماوية مثل ( اليونان القدماء : الإغريق ، و الرومان و الفرس و الفراعنة والبابليين والآشوريين و الهنود الحمر و المايا و الأنكا و الهند و شرق آسيا كلة ) كلها كانت أمماً بلا قيم ؟ فهل يمكن تصور قيام تلك الحضارات الكبرى الباقية شواهدها حتى اليوم أعلاماً للعالمين ، دون نظام قيمي معتبر ؟
مثل هذه الرؤية العنصرية كانت سمة أوروبا في عصورها الوسطى و ما بعدها بقليل ، عندما أفتى رجال الدين المسيحي بأن سكان أمريكا الأصليين ليسوا من الآدميين و لا يملكون روحاً بشرية مثلنا لان ليس لديهم قيماً دينية مسيحية ، و من ثم سوغت الأخلاق المسيحية للمستوطنين المسيحيين إبادة هؤلاء الوثنيين .
كان يسكن تلك البلاد بشراً لا يعرفون الله الذي نعرفه و لا القيم التي تحكمنا ، و حكم عليهم صاوي مع من أبادوهم أنهم لم يكونوا بشراً لأنهم لسوء حظهم لم يظهر عندهم أنبياء ليدلوهم على القيم الدينية .




#سيد_القمنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشك فى تاريخنا المقدس هو أول الصواب
- فلسفة القيم (3) دعوة مفتوحة لمناظرة قرضاوى
- فلسفة القيم ... نحو إصلاح القيم: ( 1 )
- فلسفة القيم (2)
- خريطة الطريق نحو الإصلاح : ( 8 )
- الإصلاح 6 - قيمة الوفاء بالعهد ( ب – النقض الثاني لصحيفة الم ...
- خريطة الإصلاح 6
- خريطة الإصلاح 5
- خريطة الإصلاح 4
- خريطة الطريق نحو الإصلاح ( تشخيص الحالة : إنقاذ الإسلام من ب ...
- خريطة الطريق نحو الإصلاح ( تشخيص الحالة : إنقاذ الإسلام من ب ...
- خريطة الطريق نحو الإصلاح ( تشخيص الحالة: إنقاذ الإسلام من بر ...
- مستقبل الدولة الدينية- هل فى الإسلام دولة ونظام حكم ؟
- حوار مفتوح . . . مع أبي الفتوح
- الدفوع الشرعية عن المفتى وعطية
- الدولة الوهم
- الإسلام و الحضارة
- سعد الدين إبراهيم والاخوان من التعارف إلى التحالف
- مكانة الحجاب بين فضائل العرب
- من ( الشبه ) إلى ( أبى سعدة ) عظم الله أجركم فى الديمقراطية ...


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمنى - سلسلة فلسفة القيم - قيمنا ... و قيمهم ؟ !