أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - كاظم محمد - اليسار الوطني واقعه وافاقه !















المزيد.....

اليسار الوطني واقعه وافاقه !


كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 05:23
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


بالرغم من ان العديد منا ، لا يزال يقرع طبول اليسارية ، ومتحمسآ بصدق وبحرقة ، لأن يأخذ اليساريون كأفراد وككتلة دورهم وتاثيرهم الضروري في الاحداث التي تشهدها الساحة الوطنية ، إلا اننا لازلنا بعيدين عن هذا الهدف ، بقدر بعد البعض منا عن الامساك باولويات العمل وادراك عناصره ، لأسباب تتعلق بالرؤى الفردية او الجمعية المستمدة من التجارب السابقة ، والتي لا تبتعد عن الانشداد العاطفي والتعلق بالماضي ، وكذلك بالموقف الفكري والسياسي من الاحداث العصيبة التي عصفت وتعصف بمجتمعنا وبوطننا ، وبماضي سنوات طويلة من القمع والاضطهاد والتشرد ، نتيجة لسياسات انظمة الاستبداد واخفاق القيادات الحزبية والسياسية لاطراف الحركة الوطنية سابقا ، وخاصة الحزب الشيوعي العراقي ، في المساهمة في الحفاظ على المنجزات الوطنية التي تحققت منذ ثورة تموز 1958 وتجذيرها لصالح التغيير المطلوب شعبيا ووطنيا ، في الوصول الى الدولة الديمقراطية الوطنية ، دولة المؤسسات الدستورية ، ذات افاق التطوراللاحق لمجتمع العدالة والرخاء ، كهدف استراتيجي لليسار الاجتماعي وطليعته السياسية.
ان ما يُحجم في الكثير من الاحيان ، دعوات وطروحات وحدة اليسار ، هو مدى جديتها والداعين لها ، في استقراء اللوحة اليسارية واطارها الأشمل ، الوضع الوطني العام ومتغيراته الاجتماعية والسياسية منذ تسعينات القرن الماضي ، ولا سيما ما ادى اليه الغزو والاحتلال في 2003 من نتائج وكوارث ، لا تتعلق فقط في القتل والتدمير ، بل في مستقبل بقاء الوطن العراقي ككيان سياسي وجغرافي ، وبالتالي باحداث الشرخ الوطني ، وتفكيك اواصر وحدته الاجتماعية والوطنية ، وايضا بمدى استجابة منطلقات هذه الدعوات للحظة التاريخية الراهنة ومتطلبات تفعيلها الفكرية والسياسية .
ولا بد من الاشارة الى الدعوات العديدة والمشفوعة بوجهات نظر واراء تلامس واقع اليسار العراقي الغائب ، والحالة الوطنية بمجملها ، التي تستحق منا الدفع باتجاه روحها ونفسها في التجميع والتأثير، لقوى وافراد ، يمكن ان يكون جهدهم المنسق اداةَ جديدة في ساحة الكفاح الوطني ، لتقريب يوم الخلاص .

لقدارتبط البحث في ازمة اليسار والدعوة لوحدته ، بضرورة واهمية البحث والتعمق في المتغيرات الجارية في مجتمعاتنا الوطنية ، سواء كانت طبيعية او مفروضة ، بحكم سياسات المحتل وادواته في تكريس واقع اجتماعي وسياسي وثقافي ونفسي يخدم اجندتهم ومصالحهم في الاستمرار بالنهب والسيطرة.
وارتبط هذا البحث في كيفية النظر للموروث الحضاري والثقافي ، وادراك طبيعة التزاوج الاجتماعي والديني ونسيجه المؤثر في دفع حركة التغيير ، والكف عن التسطيح والطفولية الفكرية في تناول مسألة الدين والموقف منه ، فالاسلام في مجتمعاتنا ليس عقيدة مجردة ، تخص الذات الشخصي ، انها عقيدة روحية وفكرية ، كانت ولازالت جزء لايتجزء من النسيج الثقافي والحضاري لمجتمعنا ، لعبت ويمكن ان تلعب دورآ فعالآ في اشكال الكفاح الشعبي التي لم تكن يوما بعيدة عن ذهنية الشيوعيين في صراعهم مع الاستعمار والاستبداد.


معروفة هي الصراعات الحزبية والفكرية والسياسية في الحركة الشيوعية العراقية ، والتي تجلت باجنحة وتحت عناوين اليمين واليسار، وهي ليست خالصة حتى بمفاهيم زمنها الثورية ، حيث انضوى تحت الجناحين ، من هو الانتهازي والوصولي ومن هم متصيدي الفرص من (الثوريين ) ، ووقع نتيجة لهذه الخلافات والصراعات وما رافقها من تضليل داخلي ، العديد من الشيوعيين ، كضحايا ، وصقلت خصال البعض ألأخر الثورية والوطنية في غمارها ، وروض اخرون ليكونوا اداة تنفيذ طيعة ومطايا لبعض القيادات ، ليصبحوا فيما بعد مشاركين في عملية الارتداد الشاملة ، الايديولوجية والسياسية ، ويحملوا مع قياداتهم وزر النكبات التي حلت بشعبنا عامة ورفاق دربهم خاصة .
لا نختلف ، اذا وصفنا هذا الارتداد والخيانة لمصالح الفئات الشعبية الواسعة ، اضافة للأنحرافات التي حدثت في الحركة الشيوعية العربية ، كأتجاه برزت ملامحه مع بدايات انهيار الكتلة الشرقية وطليعتها الاتحاد السوفيتي ، حيث ساهمت هيمنة القطب الامبريالي وبنهج اداراته السياسية في العولمة المنفلتة والداعية الى تفكيك الدولة الوطنية وتقليص تدخل الدول لحماية اقتصادياتها ، ونشر ما يسمى بالديمقراطية ، ساهمت في ان تتدثر بعض القيادات الشيوعية و(مفكريها) بمفاهيم ثقافة الليبراليين الجدد لتبرر وتكشف عن نهج فكري وسياسي ، تخلت معه عن المصالح الوطنية ومصالح الطبقات والفئات الشعبية ، التي تدعي بانها تعبر عنها وعن امانيها .
ان خلفيات الانحراف ومن ثم الارتداد والالتقاء مع النقيض الطبقي والفكري ، لا تبتعد ايضآ عن الجذور الاجتماعية وطبيعة التشوهات الطبقية والامراض الاجتماعية التي يحملها معهم المنتسبون للحركات السياسية ، وهي بطبيعتها ذات تاثير فكري وسياسي في ممارسة الفرد اليومية والاخلاقية وانعكاسها في العمل السياسي ، رغم ان الكثرة من المكافحين والمناضلين صقلتهم وتصقلهم ظروف العمل الوطني وشذبت خصالهم الشخصية والسياسية ، وهذا ما يمكن رصده في اغلب الحركات السياسية والتجمعات الوطنية ، التي نشأت منذ اربعينيات القرن الماضي ، حيث كان للظروف الداخلية والموضوعية وللعامل الخارجي تاثير متشعب على سياسة هذه الحركات ونشاطها واستمرارها موحدة .
لذلك كان للخلافات الداخلية والصراعات السياسية والشخصية دور كبيرفي عملية الفرز التي تتمحور باجنحة ومنابر ومجاميع ، لا تلبث ان تنفصل او تنشق ، حاملة معها راية عناوينها الفكرية والسياسية .
لقد كانت ستينيات وسبعينيات القرن الماضي شاهدآ على الانقسامات والانشقاقات في الحركات الشيوعية والبعثية والقومية ، والتي كانت عبارة عن مساحة زمنية لخصت من خلالها طبيعة المرحلة ونوعية الغربلة التي صاحبتها في بروز التيارات التي تدعي وقوفها الى يسار او يمين هذه الحركة او تلك .

لذلك من المفيد ، ومع عمق تاثير المتغيرات التي حدثت مع انهيارات الامس وحقائق اليوم ، في اعادة انتاج انظمة موالية بالترغيب والترهيب والغزو، وتعمق الازمات السياسية والاجتماعية واضعاف دور الدولة الوطني ، والذي قاد ويقود الى البحث عن القبيلة والعشيرة والطائفة ، كأنتماء وحماية ، وفيما بعد ومع اصطفاف قيادات النضال الوطني السابق مع النقيض الوطني والطبقي ، والفشل والتراجع العام للدور السياسي والاقتصادي المهيمن للقطب الامريكي وسقوط وانهيار تنظيرات ليبرالييه الجدد وغوصه في ازمته الاقتصادية الجديدة ، من المفيد ان تتم اعادة النظر بموضوعة اليمين واليساروفق المقاييس التقليدية ، كونها حالة خاصة فقط بالحركة الشيوعية ، وعلى اساس موقف الافراد او التيارات النظري والفكري من مسائل كانت ولا زالت موضع نقاش في دقتها ومدى استجابتها لمتطلبات النضال الوطني والطبقي واشكال الصراع مع العائق الخارجي المتمثل بالوحش الامبريالي باطماعه وقيمه وثقافته .
لذلك ولأن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والفئات الشعبية الكادحة ، هي جزء لا يتجزء من المصالح الوطنية في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية المحررة والسيادية ، والتي تشترك في بنائها على حد سواء كافة التيارات الوطنية وبمختلف اطيافها ، فأن حجر الزاوية في بناء الموقف الفكري والسياسي للشروع في توحيد الشيوعيين الوطنيين ، كمقدمة لأستنهاض اليسارالوطني ، ينطلق من معيار كونهم طليعة اليسار الاجتماعي المفعم بالوطنية ، الرافض للاحتلال ولهيمنة عصاباته على مقدرات المجتمع والوطن ، والمناهض والمقاوم لوجوده وسياساته المعروفة الاهداف والمقاصد ، وليس لأنهم يقفون الى يسار قيادة حميد مجيد الملتحفة باسم الشيوعية .
ان تجارب الحركة الشيوعية العراقية المريرة ، وبقرائتها الفكرية والاجتماعية والسياسية ، تفرض علينا وبالحاح التخلص من المراهقة النظرية والفكرية ونبذ التصنيفات المستهلكة ، التي اشتقها اصحابها من طبيعة حالة الصراع والتنافس غير المشروع .
فالتدقيق بمواصفات (اليمين الانتهازي) و(اليسارالتحريفي) في الحركة الشيوعية كما يصر البعض على التمسك بها ، والتي لم تعد متوائمة مع متغيرات زماننا ، يوفر الاليات الفكرية والسياسية والنفسية اللازمة للانفتاح على الكتل والافراد من هذا المحيط الشعبي الذي تعتمر به حركة واصطفافات ، تتلمس فيها مجاميع وجماعات طريقة نضالها المنظم ، وتبلور مواقفها السياسية وتستحضر تراث النضال الوطني للشيوعيين وغيرهم ، مستندين الى قضيتهم اليسارية الاولى ، قضية الوطن المحتل .
ان قيادة (الحزب الشيوعي العراقي) دخلت في تناقض فكري وسياسي مع المصالح الوطنية والطبقية للفئات الشعبية ، ومع مجمل التاريخ الوطني المشهود لهذه الحركة ، رغم محاولات (كتابها ومثقفيها) وعناصرها في التذاكي للدفاع عن سياسة قيادتهم .
فأين هؤلاء من مقاييس ومواصفات (اليمين التقليدي) في الحركة الشيوعية ، الذي يشير البعض الى رموزه كمثال (لليمين الشيوعي التحريفي) ، ويأخذ عليه جنوحه للمساومة السياسية مع انظمة حكم وطنية واستبدادية على حساب مصالح الطبقة العاملة العراقية ، غافلين عن تشابك مصالحها الطبقية مع قضية التحرر الوطني والانعتاق من الهيمنة الاستعمارية ، والافلات والتخلص من نظام الأعاقة الخارجي بادواته المختلفة والمتشعبة .
لقد اثبت رموز ما سمي ( اليمين التقليدي ) وطنية خالصة وانحيازا لقضية الشعب والوطن ، والذي أشر الى سلامة موقعهم في حركة اليسار الاجتماعي والسياسي المناهض للاحتلال والرافض لسياسات القيادة الشيوعية الخادمة لمشروع الاحتلال ، والتي تجاوزت بمواقفها السياسية والعملية اليمين التقليدي كممارسة فكرية وسياسية ، عبر انتقالها الى الضفة الاخرى في مواجهة المصالح الوطنية لشعبنا العراقي .
فهل يمكن اعتبار قيادة (الحزب الشيوعي العراقي) اتجاه يميني في الحركة الشيوعية العراقية حتى وفقا للمقاييس التقليدية ليمين الشيوعية ، كونها فقط تتخذ من اسم الحزب الشيوعي العراقي عنوانا لها ، حيث انها لم تتخل عن قضية الطبقة العاملة فحسب ، بل خانت قضية الشعب والوطن ، وخرجت الى فضاء الليبرالية المسخ المنبثقة من حالة هيمنة القطب الامبريالي الواحد مع اشد اداراتها السياسية تطرفآ وتصهينآ في تعاملها مع مستقبل الشعوب ومصائرها ، والتي تعاني اليوم من تداعيات ازمتها البنيوية كل شعوب العالم ،كما عانت شعوب بذاتها من سياسات اداراتها في الحصار والتجويع والغزو والاحتلال .

ان هذه القيادة وغيرها من الشيوعيين المتقاعدين التابعين وبعض (المفكرين الماركسيين) ، يدعون وتحت مسميات مختلفة شعبنا وشعوب المنطقة الى الاندماج بالمشروع (الديمقراطي) العالمي اي بالليبرالية العالمية الجديدة والمتعولمة ، بعد ان شهروا سوطهم الفكري والسياسي التابع والخانع والمتعاون مع اصحاب المشروع الليبرالي المتصهين ، ليجلدوا شعبنا والشعوب العربية ، بعد ان جلدوا رفاق دربهم من (اليمين واليسار) ، وليسفهوا نضال حركته الوطنية ويشيعوا الافساد السياسي والثقافي خدمة للسيد الجديد.
ان هؤلاء السادة ، وبأنتقالهم الى الضفة الاخرى ، اصبحوا على هامش الحركة الاجتماعية والسياسية متحالفين مع القيادات العشائرية ومتخادمين مع الطائفيين والاصوليين المعممين وغير المعممين ومتحذلقين في خدمة الاحتلال واجندته ، ولهم ، إن ارادو الاحترام أن يخلعوا عنهم الرداء الاحمر كما فعلت بعض القيادات الشيوعية في اوربا الشرقية .

لذلك على الشيوعيين الوطنيين ، افرادا وكتلآ وجماعات ، استحضار التراث النضالي الوطني لحركة الشيوعيين العراقيين رغم اخطائه وهفواته ، الذي نجح ولسنوات طويلة في قيادة اليسار الاجتماعي ،والذي شبك فيه القومي اليساري والاسلامي المتنور والليبرالي الوطني ، واصبح طليعته السياسية في الدفاع عن الحقوق الوطنية والطبقية ، والبحث الجدي في اعادة استقراء مفهوم اليسار العراقي وعناصره على اساس مجمل المتغيرات الجارية .

إن كانت الرومانسية الثورية حق مشروع للمكافحين من اجل وطن حر وشعب سعيد في مجتمع يسوده العدل والرخاء ، فأن قراءة الواقع الاجتماعي بمتغيراته وعلاقته بالمحيط الجغرافي ، مطلوبة وببصيرة فكرية جديدة تتخلى عن النمطية المدرسية للاطر الحزبية ، بعد ان تم التحررمن قيودها المريضة ، وبنفس الوقت تضع مجمل تجربتها وادواتها في النقد والتقييم والتحليل تحت المجهر، لأستكشاف مدى توائم وتناسب ما يطرح في تناول تجربة عشرات السنيين من عمر الحركة الشيوعية (بيسارها ويمينها) مع ما افرزه الواقع السياسي والاجتماعي من نتائج ، وكذلك في كيفية رصده لأسباب عجزالجماعات والافراد المنفضين من حولها ، وفشلهم في مواضع كثيرة ، فكريآ وسياسيآ ، وبالتالي تخلفهم عن حركة الأحداث والتأثيرفيها .

فأذا كنا ندرك إن مقولات اليمين واليسار، كونها تعبير سياسي عن حالة تبلور واضح للمواقف والبرامج ضمن ظرف زمني معين ، فأن اصولها الفكرية مرتبطة بمجمل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية واصطفافات قواها المحركة وفئاتها ذات المصالح المرتبطة معها ، والتي لا محال ستخلق قنواتها واطرها السياسية المعبرة عنها ، وهي في مجتمعاتنا لا تتميز بالوضوح والفرز الطبقي الحاد ، حيث يمكن رصدها بالتمعن بطبيعة توجهاتها وبرامجها السياسية والاقتصادية المحددة .
ورغم ان الشمول الوطني يحتضن في الكثير من الاحيان البرامج والتوجهات للعديد من القوى المحسوبة سياسيا على اليمين اواليسار ، ويعقد عضويآ بينها وبين الحالة الوطنية للمجتمع ، فانها في الحالة العراقية وفي ظرفها التاريخي الحالي ، لم تعد قضية يمين ويسارسياسي ، بل صراع بين الشمول الوطني بتياراته وكتله وتجمعاته المختلفة ، وبين مشروع الاحتلال وخدمه من العراقيين ، بكافة الوانهم واصنافهم ، ابتداءَ من الاقطاع السياسي ومرورآ بالمتأسلمين والمتصهينين وانتهاءَ بمن يتخذ من الشيوعية عنوانا له .

اننا بالتاكيد نبحث بصيغ وكيفية تاطير اليسار الاجتماعي بطليعة سياسية ، خميرتها البشرية واسعة الانتشار ، ليس فقط بين الشيوعيين الذين فكوا ارتباطهم من الحزب والذين ازيحوا وطردوا عنوة ، بل خميرتها بين جموع واسعة طبعتها ظروف القهر والاحتلال بسمة الراديكالية ، وخلقت لديها الاستعداد للعمل الوطني المتجذر، رغم كل التشوهات النفسية والاجتماعية ، وهؤلاء وغيرهم بحاجة الى خطاب مختلف يتناسب وهذا الزمان ، خطاب يكتسب مفرداته من وضوح الرؤية والمفاهيم عند القائمين عليه ، خطاب يتجاوز القراءات غير الدقيقة لطبيعة ازمة اليسار العراقي وارتباطها الحاد بأزمة اليسار العربي والعالمي ، والتي تأثرت بمتغيرات النظام الدولي لما بعد انتهاء الحرب الباردة ، وتغول الادارات الامبريالية بفرض عولمتها الفاشلة عسكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا.
ان هذا الخطاب يجب ان يربط وبشكل موضوعي وبدون القفز على افرازات الاحتلال ونتائجه ، بين قضية التحرر الوطني وقضية استعادة الوحدة الوطنية وتوثيق الوشائج الاجتماعية لشرائح المجتمع العراقي ، بأعتبارها عنصر اساسي لعملية التحرير والبناء الديمقراطي .
لذلك فأن التحالفات السياسية العابرة لخطوط الوهم التي يحاول تكريسها المحتلون واعوانهم ، تدخل في صلب مهمة اليسار الاجتماعي وطليعته السياسية .
وحين نستعرض ادوار الشيوعيين الوطنيين ، خاصة ضد الحصار والحروب العدوانية واخرها غزو وطننا ، لوجدنا ان الحرص على تقريب وتجميع قوى النضال الوطني ، كانت من ابرزماثرها ، والتي اقترنت بالتصميم المبدأي على الربط بين الكفاح ضد الاستبداد ومن اجل الديمقراطية ، وبالاصرار على اولوية مواجهة الخطر الاكبر ، المتمثل بمطامع التدخل الامبريالي الخارجي .
ومن هذا المنطلق ، فمن الصحيح سياسيا ووطنيا مد يد التعاون والتنسيق والعمل المشترك من قبل مجاميع وشخصيات شيوعية وطنية الى اطر سياسية وطنية ، بلورت صيغها العملية وتسعى لتنظيم العمل الجماهيري والشعبي المؤثر ، المناهض والمقاوم للاحتلال ونتائجه ، والتي جمعت وتجمع ضمن اطرها هذه مختلف المشارب الفكرية والاجتماعية ، الداعية الى وحدة العمل التحرري والداعمة لتقوية تيارات قواها .
فأذا كانت الشيوعية تُعلل مصيرية التحالفات الاجتماعية في مرحلة تاريخية معينة ، فأن التجارب الوطنية لبلدان الشقاء والتخلف ومنها بلدنا ، تؤكد واكدت ، بانه لا مفر من التحالفات السياسية للتيارات الرئيسية في مجتمعنا والتي افرزتها ظروفنا الاقتصادية والاجتماعية ، وهي كانت ولم تزل تحت تاثير العامل الامبريالي الخارجي ، الذي يقطع وبأستمرار محاولات التنمية الوطنية في سياق اهمية النمو الطبيعي المفترض لمجتمعاتنا .
ومن هذا الادراك ، فان التيار الشيوعي الوطني وبمجاميعه المختلفة ، وشخصياته المعروفة ، مدعو الى تعميق التعاون السياسي والفكري مع الاطر القومية العربية واحزاب اليسار العربية ذات التوجهات الوطنية والفكرية المناهضة لقيم ومفاهيم راس المال المالي ونخبه السياسية وتوجهاتهم الاستعمارية الحديثة في السيطرة والنهب .
ان واقع حركة اليسار الاجتماعي الوطني ، وواقع الحركة الشيوعية العراقية ، وبالارتباط بما يتطلبه الوضع الوطني العراقي ، يضع على عاتق المخلصين جميعا ، مهمات ليس اقلها ، نبذ التحصن والتواضع في التواصل الفكري والسياسي ، للوصول الى قراءة صحيحة لواقع الحال ، يمكن ان تسهل وتعبد الطريق لخطوات اولية ، لابراز يسار وطني ، يلعب فيه الشيوعيون الوطنيون دورهم الاجتماعي والسياسي في قضيتهم الوطنية .



#كاظم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موضوعة ازدواجية احتلال العراق مدخل لتشويش الرؤية الوطنية وضي ...
- وقاحة ديمقراطي !
- مظلة بوش السياسية!
- اتفاق المبادئ والانتداب القادم !
- الفراغ الرئاسي والأغتيال السياسي !
- ما بعد المأساة ! يوشكا فيشر / وزير خارجية المانية السابق
- لبنان وانابوليس
- اقطاعيات العراق وكانتونات بغداد / ايها الوطنيون احذرو التقسي ...
- الحوار غير المتكافئ
- النكبة الشاملة
- المتغيرات الدولية والسيادة الوطنية
- البريق الروسي الجديد !
- حصاد القمة !
- ! المؤتمر الدولي حول العراق ) حركة التفافية فاشلة )
- لعبة القط والفأر .. ألى اين ؟
- الفتنة الشرق اوسطية ! ايها الوطنيون كفوا عن النفخ في بوق الط ...
- أفغانستان في ظلال العراق
- افغانستان في ظلال العراق
- الصومال امتداد لمشروع الشرق الاوسط الكبير
- مصالحة على عجل ( النسخة الثالثة)


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - كاظم محمد - اليسار الوطني واقعه وافاقه !