أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزهار الصفا - الجمال الزائف














المزيد.....

الجمال الزائف


أزهار الصفا

الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


دخلت حدائق التزوير النابتة بجمال زائف عيونها , و يلتف حول كل ماهو جميل نظرها... شدتها الملامح الوردية الزاهية , والخدود المدورة كتدويرة قطعة حلوى بلا سكر , و الشفاه المزهرة اللون الرماني الأخاذ للأبصار بلا استئذان . و جلست تريح نفسيتها قليلا على أحد المقاعد المنزوية في ذاكرتها . تفكر عن أصل ذلك الجمال ...

فبشرى الفتاة التي تمتلك جمالا لابأس به , يستولي على عقلها موضوع شراء جمال اضافي . كما يأخذ فكرها جدية هذا الموضوع ... فكلما جلست لمشاهدة التلفاز ,تبدأ البحث في الوجوه العديدة عن جمال حقيقي . ولا تجد سوى المزور , كما تدقق النظر في وجوه فتيات الكلية التي تدرس بها , لتجد نفس الجمال الزائف مرة ثانية هذه المرة في بيئتها . فبالآونة الأخيرة لم تعد هناك أي فتاة تملك جمالا طبيعيا دونما يكون عليه غبار من الزائف , سوى القلة القليلة ... أما بشرى : فهو رهين التفكير عقلها , وأسير التغيير احساسها...

في أحد الأيام ؛ حينما كانت تجلس بجانب صديقتها رولا , قالت لها بكل جدية :
_ أرغب باجراء تعديلات على جمالي .
لم تستغرب رولا من الحديث , فهي تعرف بشرى جيدا , فطالما حدثتها بغباء عن سطحية أفكارها , و سذاجة عقلها , و قرب نظرها و رؤيته الأشياء التي يريدها هو و فقط من جهته , لا من جهات مختلفة , فلم تجد سوى القول لها :
_ أنا أنصحك بالتفكير جيدا قبل اتلاف جمال وهبك إياه الخالق .
و بكل همجية غباء ردت عليها بشرى :
_ أنت تغارين مني لأنني سأصبح أجمل منك , وأنا الآن أجمل منك ؟
لم تقابل رولا كلامها بشيء , وانما نهضت من مكانها , وبكل ثقة بنفسها غادرت المكان . أما بشرى التي اتجهت نحو السوق تتمشى , عله تبحث عن جمال مزيف يروق نظرها ... و ما أكثره في أيامها هذه . و هناك ... صدف مرورها من أمام صالون تجميل , مكتوب على بابه :"يوجد لدينا متخصصون بالجراحة التجميلية ". دفعت بشرى الباب و بلا تفكير دخلت ... وبعدم تردد قالت للمتخصصة :
_ أريد أن أكتسب صفات جمالية جديدة . وأرغب باجراء عمليات تجميل تجعلني أكثر نضارة .
_ ولكن جمالك ليس بحاجة للتعديل .
_ أرغب بالتغيير وليس التعديل .
بدأت المتخصصة بتفقد ملامح بشرى , وتعديد أنواع التغييرات الواجب اجراءها ... حتى تجمعت كل التغييرات في خمسة أنواع :" استبدال أسنان ... تقصير الأنف ... نفخ الشفاه ... ورسم أبدي للحواجب ... و تدوير الوجه ".
بدأت حملة التغيير تجري على ما يرام , في كل يوم واحدة , و في اليوم الخامس نهضت بشرى من تحت أنقاض آخر تعديل , لترى نفسها بالمرآة لأول مرة من خمسة أيام ... نظرت إلى نفسها و انبهرت عيناها بما رأت ... فتاة جديدة على الاطلاق , مختلفة عن السابق بكل المقاييس ...خرجت من فرحة بانجاز الجمال الذي جنته . و في اليوم التالي , ذهبت إلى رولا لتحاليها بجمالها , لكن رولا كانت أذكى منها و لم تقلق بما رأت . و انما أخذتها للكلية ل-ترى جميع الفتيات اللواتي أجرين تغييرات على جمالهن . و قالت :
ـ انظري ... إنهن نسخ متعددة من نفس الشكل , الذي تحملينه بين ملامحك .
دققت بشرى النظر جيدا حتى أدركت أنها أمام عشرين فتاة يحملن ذات الملامح الزائفة ولكن رولا تختلف ملامحها عنهن , فرولا تمتلك جمالها الخاص الذي لا يشاركها أحد به . .. و بالرغم من جمالها البسيط , الاّ أنه مميز ... أدركت بشرى عمق المأزق الذي أودت جمالها الحقيقي به , و قررت العودة إلى صالون التجميل لإعادة جمالها الطبيعي ... و في الطريق؛ مر شابان من أمام بشرى و رولا وقال أحدهم :
ـ إنها جميلة ...
ظنت بشرى أنهما يتهامسون عنها و كسّر تلك الظنون كلام الآخر :
ـ إنها ليست مزورة كصديقتها
ـ انظر إليها بالتأكيد كانت بشعة حتى اضطرت لتغطية ملامحها بالتزوير .
أيقنت أنهما يستقصدانها بالحديث , ويضحكون على جمالها الزائف .
دخلت صالون التجميل و تقدمت نحو الأخصائية التي أجرت لها عملية تجميل وقالت :
ـ أريد أن أعيد جمالي الحقيقي .
ابتسمت الأخصائية وقالت :
ـ لكنه ذهب مع عمليات التغيير ولن يعود أبداً .. ولا أحد في العالم يستطيع إعادة جمالك كما كان .
دققت بشرى النظر في ملامحها .. وقالت :
ـ أنت تجرين عمليات التجميل للفتيات .. فلماذا لم تجري لنفسك عملية تجميل أنف ؟
ـ أتظنينني غبية حتى أشوه جمالاً رآه خالقي يناسبني ؟
أدركت بشرى أن غرورها قادها إلى منابع التشابه مع كل الفتيات اللواتي مثلها .. فكما هن يشبهنها داخلياً أصبحت تشبههن خارجيا .. وأصبحت ترى أبشع فتاة في الدنيا وتمتلك ملامح غير مزيفة أجمل فتاة .. والعكس بالعكس .






#أزهار_الصفا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيتونة شرقية
- نهاية غربة
- أقنعة و حقائق
- قسمة عادلة
- حياتي .. ورأس القلم
- ردة اعتبار
- الوهم القاتل


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزهار الصفا - الجمال الزائف