أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كفاح محمود كريم - الموصل.. تاريخ مشرق وحاضر بائس!؟















المزيد.....

الموصل.. تاريخ مشرق وحاضر بائس!؟


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 03:43
المحور: حقوق الانسان
    


الموصل واحدة من أجمل مدن العراق وأكثرها اختلاطا وتمازجا في الأجناس والأعراق والأديان، إن لم تكن أجمل مدن العالم لو لم تخضع باستكانة إلى ثقافة الإقصاء والتسلط الشوفيني والاستعلاء القومي المقيت الذي استهدف هذه المدينة العريقة منذ مطلع الستينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وأبلى فيها بلاء الفايروسات في جسد يكاد يفقد المناعة والمقاومة إزاء هجمة بربرية استهدفتها ومسخت هويتها الحضارية المعروفة في انتمائها إلى المهنة والمهارة والأصالة المدنية ومقتها لثقافة القرية والبداوة والعنصرية العرقية أو التطرف الديني أو المذهبي.
هذه المدينة التي بنت حضارتها على أجمل فنونها وفلكلورها وصناعاتها وإنتاجها الزراعي والصناعي والحرفي على أيدي سكانها الذين منحوها هويتها العراقية منذ أكثر من ثمانين عاما من الكورد والعرب والتركمان والكلدان والأرمن ومعتنقي الإسلام والمسيحية واليزيدية، وعاشوا على ثراها آلاف السنين اختلطت فيها دماؤهم وأنسابهم وعاداتهم وتقاليدهم ولهجاتهم حتى ظهرت خصوصية الموصل في كل مناحي الحياة؛ لغة وأدبا وفنا وفلكلورا وصناعة وتقاليد بما منح هذه المدينة انتماءا تجاوز أصول سكانها العرقية أو الاثنية أو الدينية، فيكفي أن تكون موصليا لتعوض عن كل انتماء أو طبقة أو دين!؟
هذه المدينة التي تجمع بين ظهرانيها وعلى ضفتي النهر الخالد كل أجناس البشر هنا في العراق وممن مروا على ارض بلاد ما بين النهرين سلما أو حربا منذ آلاف السنين، أقاموا فيها إمبراطورياتهم وحضاراتهم وتركوا على ثراها أجمل آثارهم، أعراقا وأجناسا وديانات ومذاهب جمعتهم هذه المدينة وهي تترفع عن العرقية والتطرف الديني أو المذهبي حتى جاءتها موجات الهمج الشوفينية حينما استصغرت واحتقرت مكونات الموصل الأساسية والأصيلة من الكورد والكلدان والآشوريين ومعتنقي المسيحية والايزيدية، وأطلقت عليهم شتى الأوصاف والتقريع والاستصغار وإيحاءات التشويه والانتقاص وابتداع قصص من خيال مريض بعنصريته وشوفينيته وشعوره بالنقص تجاه الآخرين، ولعل قصة ذلك ( العفري ) نسبة إلى تلعفر الذي تحول إلى حمار في أذهان أولئك العنصريين الشواذ حينما ادعت مجموعة من الشوفينيين إن مواطنا من أهالي تلعفر قد تحول إلى حمار وتم نقله إلى مركز الشرطة العام في وسط المدينة ومن ثم تم نقله إلى محطة القطار!
هذه القصة المثيرة للتقزز والاستهانة بكرامة الإنسان والانتقاص من قيمته العليا التي كرمه الله فيها، أرادوا بها اهانة ذلك الإنسان الحيوي الطيب من أهالي مدينة لا تعرف إلا العمل الدؤوب والإنتاج المبدع، لقد كانت تلك القصة البائسة واحدة من بدايات الاستهانة بالآخرين والتي سبقها طوفان من التوصيفات المهينة للكوردي والمسيحي والايزيدي، ولعل توصيفهما بــ ( برجة كغدي أو برجة نصغاني ) كناية بتصغيرهما والاستخفاف بإنسانيتهما تدلل على وضاعة تلك العقلية الشوفينية التي أدت إلى اغتيال وتصفية الآلاف من الكورد ومعتنقي المسيحية والايزيدية والشيعة على أيدي الحرس القومي ومن بعده الجيش الشعبي ومؤسساته القمعية وصولا إلى ما فعله نظام صدام حسين وحزبه العنصري في ترحيل آلاف العوائل من الشبك والتسبب في تهجير آلاف من عوائل المسيحيين إلى أوروبا في حقبة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، إضافة إلى جرائمهم تجاه الكورد وما يجري اليوم من عمليات تطهير عرقي واسعة ضد الكورد ومعتنقي المسيحية والايزيدية ما هو إلا نتاج تلك الثقافة العنصرية المقيتة، حيث سبقتها عمليات تدمير للكنائس والأديرة وبيوت الكورد خلال السنوات الماضية والتي أخذت منحى خطيرا هذه الأيام، وبالذات بعد تصريحات عصبة من مجموعة نواب الموصل المعروفة بعدائها للكورد وغيرهم من غير العرب والمسلمين في الموصل ومنذ عدة أشهر حول قوات البيشمه ركه العاملة في المدينة وأطرافها وبطلب من الإدارة والدفاع ومتعددة الجنسيات لحماية السكان المدنيين من هجمات الارهابييين المسنودين من مفاصل مهمة في الحكومة والبرلمان كما يتضح من خلال تصريحاتهم في الدفاع عن أعمال الإرهابيين وذلك بادعاء إن كل هذه العمليات في التفخيخ والأحزمة الناسفة وتقتيل الكورد والمسيحيين والايزيديين إنما تقوم بها قوات البيشمه ركه الكردية(!).
ولعله من المفيد أن يتذكر الجميع ما اقترفته هذه المجاميع في إحداث الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة من خلال إعلامها في هيئة علماء المسلمين وبقايا النظام السابق ومرتزقته ممن اخترقوا أجهزة الدولة الحديثة، والتي كادت أن تدمر العباد والبلاد لولا حكمة هذا الشعب وأصالته، وها هي بعد فشلها في إدخال عصابات الجريمة المنظمة من كل شتات الأرض لتلك الفتنة تعاود تكتيكاتها المفضوحة لإحداث فتنة إسلامية مسيحية أو كوردية عربية. وهنا أيضا علينا أن نستدرك ما فعلته ماكينة الأعلام العربي من فضائيات وصحافة الكترونية وورقية حينما أعلنت الحكومة العراقية نيتها تطهير الموصل من الإرهابيين والتكفيريين وأزلام النظام السابق في مطلع العام الجاري.
وقد سبقت هذه التكتيكات أوسع عملية تضليل للرأي العام وتشويه للحقائق وتهيئته لقبول عمليات الانتقام المنظم والتطهير العرقي والديني في الموصل وذلك من خلال اتهام الكورد بإدخال الأمريكان وتسهيل مهمتهم في احتلال العراق وقبول المسيحيين بهذا الاحتلال والتعاطي معه على خلفية دينية حسب أهوائهم المريضة والمهوسة بالتطرف ومعاداة الآخرين، ويتذكر الموصليون الاصلاء تلك الشعارات العنصرية التي كانت تكتب على جدران الأبنية في كل المدينة والتي تساوي بين الكورد واليهود تارة وبينهم وبين الصهيونية تارة أخرى وكذا الحال مع المسيحيين والشيعة وحتى مع بعض العشائر كما فعلوا مع عشيرة شمر وشيوخها وأباحوا قتلهم أينما ثقفوهم، وتناسوا إن من أدخل الأمريكان هم أولياء نعمتهم من البعثيين وقياداته ومراجعهم من الأنظمة العربية وغير العربية في المنطقة، التي أدخلت أكثر من ثلاثة وثلاثين جيشا ( استعماريا ) إلى ارض العرب في الخليج وأرض الأنبياء في العراق، وليس الكورد أو المسيحيين أو الشيعة، وهم الذين استقبلوا الجنرال بيتاريوس قائد الفرقة الأمريكية الرابعة في بيوتهم وتعليلاتهم في أول أيام الاحتلال الأمريكي للموصل للتقرب من مركز القرار والصعود إلى درجات السلطة على أكتاف المحتل وكأنهم يعيدون أحداث التاريخ أيام الاستفتاء على عائدية الموصل مطلع العشرينات من القرن الماضي في وقوفهم مع الأتراك يومها، وليس الكورد كما يضللون الرأي العام ويهيؤنه لأبشع عملياتهم بعد الأنفال وحلبجة في تهجير آلاف العوائل الكوردية والكلدانية ومعتنقي الايزيدية والمسيحية وعشائر الشبك وشمر من مدينة الموصل إلى مناطق كوردستان الآمنة الأخرى؟
إن تبرئة أزلام النظام السابق وعصابات القاعدة ومافيا المخابرات الدولية من الجرائم التي تقع يوميا وعلى مدار الساعة في الموصل ما هي إلا مشاركة فعلية بتلك الجرائم وهي نتاج تلك الثقافة العنصرية والشوفينية التي تنتقص من الآخرين وتوصفهم بتوصيفات تقلل من شأنهم وهي التي أنجبت هذا السلوك المنحرف لدى أولئك الذين يعتبرون الكورد والمسيحيين والايزيديين غرباء عن الموصل وعليهم تركها وإلا فأنهم سيبيدونهم، وفعلا إن ما يجري اليوم ومنذ عدة سنوات ما هو إلا نتاج هذه العقلية والثقافة التي تدافع عنها ثلة من مجموعة أعضاء مجلس النواب عن الموصل والذين يتقدمهم السيد أسامة النجفي في أخطر عملية تحريض على الارهاب والقتل والتطهير العرقي يشهدها العراق منذ سقوط النظام السابق وحتى يومنا هذا.
ولعلهم في اعتبارهم الايزيديين عربا وفرقة إسلامية مرتدة وعشائر الشبك عرقا وبقايا الأفواج الخفيفة من الجحوش ممن لفضتهم كوردستان وشعبها، وطنيون أحرار، يؤكدون انتمائهم إلى فكر صدام حسين وحزبه وسلوك علي كيمياوي والحقبة السوداء في تاريخ العراق، وإنهم امتداد لتلك المنظومة من التفكير والسلوك بتحالفهم اليوم مع بعض من مستشاري الأفواج الخفيفة الملطخة أياديهم بدماء شعبنا في الأنفال وحلبجة وتكوين روابط وتكتلات انتخابية لدخول مؤسسات العراق الجديد بقطار الانتخابات هذه المرة، إنها بحق عملية لإعادة صفحات الماضي ومحاولة لتصنيع أو استنساخ مآسي وجرائم بشعة دفع العراق وما يزال يدفع ثمنها دماءً ودموعا.
إن هذه المجموعة ومن يشابهها في العقلية والسلوك ممن اخترقت أنظمة ومنظومات الدولة الجديدة، لو امتلكت ربع ما امتلكه صدام حسين من مال وسلاح وسلطة لفعلوا أضعاف ما فعله في حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية في الجنوب وكفى ذلك تحذيرا وإنذارا.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( الموصل.. بين الحكايات وواقع الحال ؟ )
- يا بؤس من يعادي شعباً ؟
- في الموصل: تمخض الجمل فولد فأراً !؟ *
- قبلات المطر
- طالما فعلوها مع الالوسي.. فلتكشف كل الاوراق !؟
- ( وأخيراً يا كركوك !؟ )
- ( العراق وحفنة التراب !؟ )
- سنجار كركوك خانقين ؟
- ( المناورة والمخاتلة والتآمر ! )
- ( من يعيق تطبيق الدستور الدائم ؟ )
- ( اسألك دمعا أيها الدرويش ! )
- ( من هم اعداء الدستور .. ولماذا ؟ )
- ( لنتحاور ... )
- ( لا يا سوريا الأسد ! )
- الكورد وعراقية الموصل
- ( سنجار.. والخبز الحار )
- ( يا حلة الحب.. يا عشق المكتبات )
- ( العرب واسرائيل وشماعة العلاقة معها !؟ )
- ( مجالس الصحوة في بعض المدن )!؟
- ( العلم العراقي... ثانية !؟ )


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كفاح محمود كريم - الموصل.. تاريخ مشرق وحاضر بائس!؟