أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسين علي الحمداني - كيف نفهم المجتمع المدني















المزيد.....

كيف نفهم المجتمع المدني


حسين علي الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 04:49
المحور: المجتمع المدني
    


مع دخول القوات الأميركية وحلفائها للبلاد في نيسان 2003 ترددت عبارة (المجتمع المدني) كغيرها من العبارات ، كالديمقراطية والحرية والتعددية والفدرالية والانتقالية
وهذه المصطلحات موجودة في العالم منذ التسعينيات من القرن المنصرم، وأضحى لها حيز واسع النطاق من رعاية الاجتماعيين والسياسيين ورجال القانون. ورُغم ذلك فان لفظة المجتمع المدني مازالت -كغيرها من الألفاظ المحببة إلى النفوس- لفظة غامضة لا يفهمها حتى أولئك الذين كرسوا حياتهم لنصرة مؤسسات المجتمع المدني وخاصة في العراق الذي توجد فيه الآن مئات المؤسسات إن لم تكن آلافاً!
فماذا يقصدون من عبارة (المجتمع المدني)؟ وهل هناك مجتمع مدني وآخر مجتمع غير مدني؟ وما هي المعايير التي تفصل بين المجتمعين؟ لماذا تلقى فكرة المجتمع المدني هذا الرواج الشعبي والرسمي؟ لماذا يتفاخر المثقفون والمهنيون بكثيرة المنظمات والنقابات والهيئات والنوادي التي ينتمون إليها؟ لماذا أضحت كثرة منظمات المجتمع المدني مؤشر على مدنية السكان وتحضرها؟.
من جهة ثانية تواجه فكرة المجتمع المدني بتحفظ من قبل الكثير من الناس الطيبين، وذلك لارتباط هذه الفكرة ببعض المؤسسات غير المقبولة اجتماعيا، ليس هذا فقط بل أنها تثير أيضا شكا معقولا بنوايا زعمائها وأنصارها؛ فكل جانب يريد أن يستخدمها لخدمة أغراضه الخاصة. الحقيقة أن الجدل الدائر حول مفهوم المجتمع المدني هو جدل واقعي، وليس مجرد إثارة قضية. واضح أنه ليس في المسألة وفاق، فهناك من يعتقد أن مفهوم المجتمع المدني، ينطبق على المجتمع الذي يعامل أفراده بعضهم البعض باللطف والاحترام، ويتجنبون سوء المعاملة، ويمثله نظام من المؤسسات الجيدة التي لا يمكن لأحد أن يقف ضدها مثل المنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الدينية كالكنائس والجوامع والحسينيات، ومثل النقابات والاتحادات والجمعيات ومفهومه أن المجتمع الذي يعامل أفراده بعضهم البعض بالكراهية والبغض وسوء الخُلق هو ليس مجتمعا مدنيا والمؤسسات والمنظمات التي تغذي الفرقة العنصرية والقومية والدينية والمذهبية هي ليست مؤسسات مجتمع مدني. بينما يعبر آخرون عن مفهوم المجتمع المدني بأنه هو المجتمع الذي تنتشر فيه الجماعات المتطوعة التي تجوب البلاد لتقدم خدماتها مجانا دون مقابل مثل وجود مؤسسات رعاية الأيتام، أو مؤسسات التزوج، أو مؤسسات تخفيف أعداد الفقراء...الخ. ومفهومه أن المجتمع الذي يخلو من الجماعات المتطوعة هو ليس مجتمعاً مدنياً. فكثرة المؤسسات التي تقدم الخدمات والمساعدات في مجتمع ما مقابل ثمن تأخذه من المنتفعين لا يحول ذلك المجتمع إلى مجتمع مدني. وهناك من يشبع المنظمات غير الحكومية بحثا واستدلالا باعتبارها هي المجتمع المدني ذاته، وبالتالي فان المجتمع الذي تكثر فيه المنظمات غير الحكومية هو مجتمع مدني، والمجتمع الذي تقل أو تنعدم به المنظمات غير الحكومية هو ليس مجتمعا مدنيا. وقد يوضع المجتمع المدني في مقابل المجتمع السياسي وهو المجتمع الذي يدور حول السلطة أو يعارضها، أو المجتمع الأهلي وهو المجتمع العائلة والعشيرة والقبيلة .
نحن أيضا ممن لا يدرك كنه المجتمع المدني بعد! إن المجتمع المدني في تصوراتنا هو ذلك المجتمع الإنساني المتعاون في سبيل الله بهدف تشجيع انتشار القيم والمبادئ الايجابية. أو هو المجتمع الإنساني العامل لوجه الله تعالى. فالمجتمع المدني في حقيقته هو مجتمع المبادئ والقيم وفضائل والأخلاق التي تستدعيها الطبيعة الخيرة في الإنسان وتزداد إلحاحا عليه كلما انتشرت الرذائل والقيم السلبية، وتمثله أفراد وجماعات منتظمة تأخذ شكل المؤسسات والمنظمات والنقابات والجوامع والحسينيات والهيئات والكناس، والجمعيات الخيرية..الخ. وبالتالي فان نظرتنا لمفهوم المجتمع المدني تفوق نظرة أولئك الذين يحصرونه في المنظمات غير الحكومية تمييزا له عن المؤسسات الحكومية، أو عن مؤسسات السوق، فيما إذا توافر شرط (العمل في سبيل الله) أو (العمل قربة لله) أي العمل بلا مصلحة أو منفعة.
من هنا يمكن تعريف المجتمع المدني بأنه: "مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة أي بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة التي لا مجال للاختيار في عضويتها"هذه التنظيمات التطوعية الحرة تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة، وتلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير مثل المشاركة والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف.
يدخل في دائرة مؤسسات المجتمع المدني طبقا لهذا التعريف أي كيان مجتمعي منظم يقوم على العضوية المنتظمة تبعا للغرض العام أو المهنة أو العمل التطوعي وبالتالي فإن أهم مكونات المجتمع المدني هي: - النقابات المهنية - النقابات العمالية - الحركات الاجتماعية. - الجمعيات التعاونية - الجمعيات الأهلية - نوادي هيئات التدريس بالجامعات - النوادي الرياضية والاجتماعية - مراكز الشباب والاتحادات الطلابية - الغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال - المنظمات غير الحكومية الدفاعية والتنموية كمراكز حقوق الإنسان والمرأة والتنمية والبيئة. - الصحافة الحرة وأجهزة الإعلام والنشر - مراكز البحوث والدراسات والجمعيات الثقافية. والنتائج المترتبة على فهمنا لمفهوم المجتمع المدني أننا نخرج المنظمات الوهمية والنفعية والمصلحية ولا ندخلها في مفهوم المجتمع المدني الذي نتبناه، رغم أنها تندرج ضمن مفرداته، وتعمل تحت غطائه، بينما ندخل مؤسسات الدولة الخيرية، وجمعيات القطاع الخاص الخيرية إلى بيت المجتمع المدني لتوفر شرط العمل في سبيل الله، وهو تعبير نقصد به العمل من أجل لا مصلحة ومن أجل لا منفعة. وبذلك فإن مؤسسات المجتمع المدني تختلف عن المؤسسات والأحزاب السياسية التى تسيطر أو تسعى للسيطرة على السلطة نظرا لأنها تستهدف رعاية مصالح المجتمع والحد من تسلط الدولة على تلك المصالح ويستفاد منها ممارسة التطوير والإصلاح المستمر للدولة وكذلك مساعدتها في التنمية.
ويشترط توافر بعض السمات لكي يكون المجتمع المدني فاعلا منها: - حرية التشكيلات الذاتية والطوعية التي تهتم وترعى الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. - الابتعاد عن الموافقة الرسمية في الأنشطة الطوعية وهذا لا يعني عدم الحصول على ترخيص لكن المقصود هنا أن مؤسسات المجتمع المدني تمارس نشاطها ضمن حدود الدستور ولكن دون تسلط الدولة. - الاستقلال: فالدولة التي تسعى إلى تركيز أمنها تمارس ضغوطا تزداد لتصبح تسلطا وشمولية خانقة لكل النشاطات الاجتماعية والمجتمع المدني الفاعل هو الذى يخلق التوازن بين سلطة الدولة وحقوق المجتمع وعليه فإن الدول المستقرة يكون لديها مجتمع مدني متنوع من منظمات شبابية وجمعيات مهنية ومؤسسات خيرية ودينية ودور صحافة ونشر غير خاضعة للرقابة.. الخ - الحرية: المجتمع المدني يعتمد على الحضور المباشر في الساحة من خلال التفاعل المستمر مع القضايا المختلفة وتحول المهتمين نحو تأسيس منظمات طوعية. - تعدد الموارد. كذلك تعد الموارد التي تمتلكها المؤسسات والجمعيات المكونة للمجتمع المدني، سواء كانت موارد معنوية أو مادية، من أهم متطلبات قيامه بدوره السياسي والاجتماعي وإدارة علاقته بالدولة بما يضمن استقلاله في مواجهتها وإذا كانت الموارد شحيحة أو قليلة فإن المجتمع المدني قد يضطر إلى اللجوء إلى الحكومة لطلب العون والمساعدة والتي يتبعها التدخل الحكومي في شؤون المنظمات التي تحصل على الدعم الحكومي كما يفتح أبواب الفساد الذي يصبح كالسوس الذي ينخر عظام المجتمع ويؤدي إلى انهياره.
الدور السياسي للمجتمع المدني بالرغم من أن مؤسسات المجتمع المدني لا تسعى للوصول إلى السلطة فإنها تقوم بدور سياسي بارز يتمثل في تنمية ثقافة المشاركة بما يدعم قيم التحول الديمقراطي فضلاً عن قيامها بدور أساسي في تربية المواطنين وتدريبهم عملياً وإكسابهم خبرة الممارسة الديمقراطية وهناك أيضاً ما يتعلق بمهام المجتمع المدني في تطوير ثقافة شعبية لدى الناس تقوم على إعلاء أهمية تنظيم الجهود الذاتية والمبادرات التطوعية في صياغة تنظيمية خلاقة تؤدى إلى الارتقاء بالوعي السياسي وبالثقافة السياسية وبما يدفع الناس إلى المشاركة الجادة في صناعة القرار السياسي وفي التأثير على سياسات الدولة في مختلف المجالات أو ما يعرف بالسياسات العامة. والملاحظ أن النقابات المهنية تؤدي هذه الأدوار بشكل أكبر نسبيا - يليها جمعيات حقوق الإنسان ثم الجمعيات الأهلية التي تنخرط في العمل العام من خلال ما تقوم به من أنشطة تنموية - فقد ظهرت هذه النقابات بوصفها منابر سياسية بديلة استطاعت اجتذاب واستيعاب كافة القوى السياسية التي عجز النظام السياسي عن استيعابها. المجتمع المدني العالمي
برز تعبير "المجتمع المدني العالمي" مثله مثل تعبير "المجتمع المدني" ذاته مجددا في سياق التحولات التي رافقت انهيار القطبية الثنائية، وربما يصح ربطه أيضا مع خطاب العولمة و في هذا إن هنالك مشروع بناء وتطوير المجتمع المدني العالمي الذي توفرت بالفعل عناصر حقيقية لنشأته ونموه. وتفاوت بالطبع فهم كنه هذا المجتمع وطبيعته. إذ نظر إليه البعض كجزء من تجليات مشروع العولمة ومستوى مواكب للمستوى الاقتصادي للعولمة. ويمكن القول ان هذا الفهم ينطلق من التبشير الليبرالي بنظام سياسي جديد للبشرية.
إن منظمات وفعاليات المجتمع المدني تؤمن بشكل قاطع أن عملية الإصلاح هي عملية داخلية يتولى زمامها كل الفعاليات الوطنية - حكومية وغير حكومية - التي تتطلع لإصلاح جاد وحقيقي يلبي تطلعات الشعوب في التقدم والتنمية و الديمقراطية وحقوق الإنسان والأمن والسلام . ولكنها تدين في نفس الوقت القمع بالقوة لمحاولات الإصلاح .وبما إن منظمات المجتمع المدني في العراق حديثة جداً فإننا نجدها مترهلة غير واعية لمسؤولياتها في هذه المرحلة المهمة من تاريخ العراق وبالتالي نجدها محدودة النشاطات من جهة ومن جهة أخرى تعيش التخبط في توفير مستلزمات نجاحها.
وفى ضوء ذلك فإن المطلوب من مؤسسات المجتمع المدني العمل على تطوير آليات الحركة والاتجاه نحو تخليق صيغة جديدة توفر المشاركة في صنع السياسيات العامة وتستند لخدمة المجتمع من خلال خدمة مصالحها، فضلا عن القدرة على النقد الذاتي لتجاوز تلك المعوقات التي تحد من انطلاق المجتمع المدني، وفي مقدمتها الاتفاق على آليات للصراع والخلاف الداخلي لتجنب تلك الصراعات الدورية التي تحفل بها النوادي الرياضية أو المنظمات الأهلية التطوعية والتي تحول دون التفاعل ألحي والمباشر بين تلك المؤسسات وبعضها البعض أو بينها وبين الجماهير.



#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلميذ جيد .. معلم سيء
- متسولون في كل الامكنة
- الجهل والكراهية مادة الفكر المتطرف
- رؤية أمريكا للشرق الأوسط
- العراق والعرب والمرحلة الجديدة
- مفهوم المواطنة في الفكر العقائدي والفلسفي
- شيوخ يقودون المدارس وشباب يفترشون الارصفة
- المجتمع المثقف بين الوصاية والمشاركة والتبعية
- الشباب وقيادة المجتمع
- حرية الاحلام المريضة
- قراءة هادئة لشارع صاخب
- النفط مقابل الكرة
- الجذور التاريخية لمفهوم حقوق الإنسان
- الطريق إلى البيت الابيض
- نظفوا العراق
- اليورو والانتخابات العراقية
- زيادة الرواتب
- من يحتاج الاتفاقية نحن أم أمريكا؟؟
- الديمقراطية بين اللفظ والممارسة
- تصورات العرب حول الديمقراطية


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسين علي الحمداني - كيف نفهم المجتمع المدني