أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - أحمد الناصري - مياه الشرب الملوثة وانهيار شبكة المجاري من أخطر أسلحة الدمار الشامل















المزيد.....

مياه الشرب الملوثة وانهيار شبكة المجاري من أخطر أسلحة الدمار الشامل


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:49
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    



(جنيف/بغداد (اللجنة الدولية للصليب الأحمر): يتعرض الملايين من العراقيين لخطر الإصابة بالأمراض من جراء نقص الرعاية الصحية وخدمات المياه والصرف الصحي في العديد من أرجاء العراق، حسبما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم. وصرح خوان بيدرو شيرير، رئيس بعثة العراق في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "ظهر بعض التحسن في الأشهر الماضية، في المجال الأمني وتقديم الخدمات الضرورية. وقد تم تزويد الكثير من الناس بالخدمات الصحية والماء النقي. لكن ليس لدى مجاميع كبيرة من العراقيين الاختيار إلا و إن يشربوا الماء الملوث وان يعيشوا في ظروف غير صحية. وهذا بدوره يؤدي إلى معاناة من الأمراض عند بعض الأشخاص الذين يبحثون عن العناية الطبية من نظام صحي، هو أصلا، محدود القدرات.
إن قلق اللجنة الدولية للصليب الأحمر ينصب على 40% من العائلات الموجودة بصورة رئيسية في الريف والضواحي التي لا تغطيها شبكات للمياه. وتبلغ تكلفة شراء جليكان ماء ذو العشرة لترات نصف دولار. أما الذين لا يستطيعون تحمل شراء الماء، فيلجؤون إلى استخدام مياه الأنهار والآبار والتي غالبا ما تكون ملوثة. حتى بالنسبة للذين يحصلون على الماء عبر شبكات المياه في بيوتهم، فهم يواجهون النقص الدائم بسبب قلة صيانة شبكة المياه. ومما يضاعف عجز شبكة المياه هو التوصيلات غير النظامية في تلك الشبكات من اجل التزود بالماء. زد على ذلك، الكثير من العراقيين يتأثرون بالتلوث الناجم عن مخلفات المنازل المتراكمة ومياه المجاري
وكنتيجة لذلك، يعاني الكثير من الناس من الأمراض المنقولة عبر المياه مما يشكل عبأ إضافيا على المستشفيات والعيادات والتي هي أصلا تعاني من نقص في الموارد. وقالت سيدة في مستشفى أبو غريب العام، قرب بغداد، "ليس لدينا ماء صاف في المنزل. مصدر الماء الوحيد لنا هو النهر".). هذا مقطع من تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، حول حجم وخطورة المشكلة التي نتحدث عنها، والتي لا تلقي أي اهتمام من قبل الإدارة المحلية الفاسدة والعاجزة، القابعة في المنطقة الخضراء.
يجب علينا أن نقرع كل الأجراس، ونطلق أقوى التحذيرات بشده، فالحالة العامة التي وصلتها بلادنا، لا يمكن السكوت عنها، أو تأجيلها إلى ما بعد طرد الاحتلال مثلاً، كما يفكر بعض الأغبياء، فالدرجة التي وصلتها قضية التلوث والشح والانقطاع في مياه الشرب، وانعدام وانهيار شبكة الصرف الصحي، واختلاطها بمياه الشرب، وتلوث الأنهار، ودرجة التلوث العام الخطيرة في البيئة والهواء، الناتج عن الحروب، واستخدام اليورانيوم المنضب، والقصف الإستراتيجي الشامل للمنشئات الخدمية، وآثار الحصار الظالم، وانهيار مؤسسات الدولة، وحالة التعطل والفساد الشامل الذي تعيشه. إلى جانب مشاكل المناخ والبيئة وتجفيف الأهوار والتصحر وانهيار الزراعة والصناعة والخدمات الأخرى وأزمة المياه، وانتشار الكوليرا، وأمراض وحالات صحية غريبة ونادرة، كلها تنذر بكارثة حقيقية، وهي من أسلحة الدمار الشامل، التي تفتك بالإنسان العراقي والبيئة والطبيعة في بلادنا.
لقد شكلت الأمم المتحدة لجنة من كبار العلماء والمتخصصين في كافة العلوم والمجالات البحثية والأكاديمية المتقدمة، لتحديد أهم اكتشاف وإنجاز في تاريخ البشرية، وتوصلت هذه اللجنة العلمية والاجتماعية الكبيرة، وبعد تداولات ونقاش طويل، إلى أن أهم اكتشاف وإنجاز في التاريخ البشري كله، هو إنشاء شبكات الصرف الصحي. فتصوروا عالم ومدن وبشر، من دون شبكات الصرف الصحي؟؟ وتصوروا لو أن مدينة كبيرة ومكتظة بالسكان، يقطنها 10 مليون إنسان، أو أقل أو أكثر، (لا نريد أن نذكر عدد المصانع والمعامل والمرافق الأخرى) من دون شبكة صرف صحي؟؟ وتخيلوا ملعب لكرة القدم، يتسع لمئة ألف متفرج، ممن يحتسون البيرة الباردة واللذيذة بكميات كبيرة، وهذا الملعب من دون مرافق صحية، وشبكة مجاري متطورة، لتصريف الفضلات الخفيفة والثقيلة. فماذا سيكون مصير المدينة الهائلة والملعب، غير الغرق والانهيار، بعد أول يوم، أو أول مباراة؟؟.
لم تكن أوربا حتى عصر الثورة الصناعية القريب، تعرف المجاري وشبكات الصرف الصحي. فحتى قصر فرساي العظيم لم يكن يحتوي على مرافق صحية، بسبب غياب مجاري وشبكات التصريف، مما يجعل حالة من التناقض والقرف، بين داخل القصر الباذخ والعجيب، وبين محيطه المزروع بالفضلات العشوائية. تصوروا محنة لويس السادس عشر وماري أنطوانيت، وظيوفهما وأسلافهما اليومية، مع الحاجة الطبيعية الملحة؟؟ كما إن أوربا لم تكن تعرف الحمامات، بسبب انعدام شبكة المجاري أيضاً، وكذلك استحالة الاستحمام والاغتسال في الأنهر والينابيع والعيون، بسبب الطقس البارد والمتجمد، في شتاء أوربا الطويل والقارص، مما دفع الحسناوات والجميلات، خاصة من الطبقات والفئات الغنية و( الراقية)، إلى ارتداء أزياء وملابس تتكون من طبقات وطيات متعددة، أثناء الحفلات والرقص، كما يظهر في اللوحات والرسوم القديمة، لمنع انتشار رائحة الأجساد المقرفة، واللجوء إلى استخدام العطور القوية، التي اكتشفت لاحقاً. وقد خسر أحد القادة العسكريين الأوربيين البارزين أحد معاركه، بسبب عدم وجود مرافق صحية قريبة من القطعات العسكرية، أو مكان مستور يقضي به حاجته الطبيعية، لإصابته بإسهال ومغص شديدين أثناء المعركة.
لكن أوربا الحديثة، ومنذ الثورة الصناعية والحداثية، تجاوزت وحلت هذه المشكلة الشائكة، بشكل لائق وكامل، وأقامت أحدث محطات تنقية للمياه، والتخلص من الفضلات بأنواعها، عبر شبكات هائلة ومتطورة للصرف الصحي، وتصريف مياه الأمطار اليومية والغزيرة. والاستفادة منها في الزراعة والصناعة. وأوربا ترفل الآن، بالعطور والزهور والحمامات والمرافق الصحية الواسعة والمريحة، في كل بيت ومكان وزاوية، بأنواعها الثابتة والمتحركة أو المؤقتة، وبأشكال وديكورات مريحة ورائعة.
لقد انتشرت الحمامات في الشرق منذ عصور قديمة، بسبب توفر مياه الأنهار والعيون ،واعتدال المناخ، صيفاً وشتاءً، إلى جانب التعاليم الدينية الصارمة، التي تدعوا إلى الاغتسال والنظافة، وممارسة بعض الطقوس الدينية والعبادات داخل الماء، كالصبغ والتعميد والوضوء، كشرط وجزء من الإيمان. وأنهر ومعابد وطقوس الصابئة الجميلة، في جنوب العراق معروفة، وحمامات الأندلس وإيران وتركيا وبغداد ودمشق، وباقي المدن الإسلامية الأخرى، مشهورة وموجودة ومفتوحة إلى الآن.
لكنني شاهدت تقريراً بثته أحد الفضائيات، يعكس ويلخص المشكلة الخطيرة،التي يعيشها الناس في بلادنا. وهو تقرير يصور الحالة المزرية لحي الفضل في قلب ومركز بغداد، وهو بلا ماء صالح للشرب، ولا شبكة مجاري للصرف الصحي. وقد غرقت الشوارع والبيوت بالمياه الثقيلة، التي دخلت الباحات وغرف النوم والمطابخ المتواضعة، وقد وضع الناس، قطع من الحجر والطابوق للتنقل والقفز عليها، والنوم على أسرة بسيطة متهالكة، ترفعهم قليلاً عن الماء الآسن. ولكن ماذا عن الرائحة والحشرات والأمراض والمخاطر الصحية والقرف؟؟ وهذا مثال ونموذج واحد، لحالة بغداد، وكل العراق، في المراكز والمدن والمناطق النائية، المنسية والمهملة.
لقد تعددت أسلحة الدمار الشامل، التي أستخدمها وخلقها المحتل، لقتل وتدمير شعبنا، من الحصار الظالم الرهيب، والقصف الإستراتيجي الشامل، واستخدام اليورانيوم المنضب، وبث الألغام، وابادة المدن، وفتح السجون والمعتقلات، السرية والعلنية، إلى أطلاق الحرب الأهلية وفرق الموت الطائفية، وتخريب التعليم والصحة، واغتيال العلماء والأطباء والمثقفين والصحفيين، ضمن حرب الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، التي مارسها وأرتكبها المحتل ضد شعبنا العراقي. لكنني أعتقد إن أزمة وتلوث المياه الصالحة للشرب، واختلاطها بمياه الصرف الصحي، بسبب انهيار شبكات الصرف الصحي، هي من أخطر أسلحة الدمار الشامل، القذرة والمدمرة على الإطلاق، حيث لا يمكن الاستغناء عن الماء لحظة واحدة، وهو يدخل وموجود في كل شيء. إننا إزاء كارثة حقيقية، مريعة وشاملة، تهدد ملايين الناس.

* رابط مادة اللجنة الدولية للصليب الأحمر...العراق: ملايين الناس في خطر بسبب المياه الملوثة

http://www.icrc.org/web/ara/siteara0.nsf/htmlall/iraq-news-291008



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوش - ماكين إلى الجحيم
- لعنة العراق
- الأزمة الرأسمالية الجديدة وطابعها البنيوي العميق
- الماركسية وأطياف كارل ماركس
- المعاهدة المفروضة كما هي
- عن دمشق والإجازة والصيف ولقاء الأصدقاء وأحداث وأشياء كثيرة أ ...
- ثلاثون عاماً من المنفى والتشرد والملاحقة والأمل
- دلال المغربي
- المعاهدة وألاعيب ومهازل الوضع السياسي
- عن النقد والمراجعات ( المراجعات الشخصية والنقد الذاتي )
- عن النقد والمراجعات
- المعاهدة.. جردة حساب
- الكتابة والنشر في الانترنيت
- بي بي سي تكشف عن بعض مليارات العراق المنهوبة.. الفساد المالي ...
- عن المعاهدة... العراق قاعدة أمريكية دائمة
- أنقذوا حياة بهاء الدين نوري .. رسالة تضامن مع أبي سلام
- إشارة عن الشعر والتاريخ
- في نشوء وتكون الفكر السياسي العراقي وعلاقته بحالة الانحطاط ا ...
- المعاهدة الأمريكية - العراقية والموقف الوطني
- لعنة الهامش - عن خراب مدينة الناصرية


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - أحمد الناصري - مياه الشرب الملوثة وانهيار شبكة المجاري من أخطر أسلحة الدمار الشامل