أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - حيرة الصائمين مع شمس منتصف الليل!














المزيد.....

حيرة الصائمين مع شمس منتصف الليل!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ستة وعشرون عاما مرّت منذ أن تلقت سفارة مصر في أوسلو فتوى دار الافتاء التي أصدرها الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، رحمه الله، ومعه عشرة من العلماء بجواز صوم مسلمي النرويج في المواعيد المتقاربة من العالم الاسلامي.
وبعد الفتوى بثلاث سنوات كان لي حديث مطول مع فضيلته عندما أصبح شيخاً للأزهر الشريف، وكان ذلك على هامش المؤتمر العالمي للمساجد بمكة المكرمة، وأكد لي خلال اللقاء تمسكه، رحمه الله، بالفتوى.
هل رأيت مسلما ينتظر على أحرّ من الجمر موعد غروب الشمس ليلقي بنفسه على مائدة طعام زيّنها له خياله طوال ساعات الصوم الطويلة؟
وفي الشمال النرويجي يطول النهار هذا العام فلا يتمكن إلا القلة النادرة من صوم شهر رمضان المبارك.
العام القادم يطول النهار، وبعد ثلاثة أعوام يأتي شهر البركة في منتصف الصيف، أي على المسلم أن يؤجل العمل إن كان يعمل في المساء، وأن يترنح من التعب والارهاق فتيان وفتيات المسلمين الذين تعلّموا لتوّهِم أهمية الصوم في سن الثانية عشرة، فإذا هو عذاب شهر كامل، لا يستطيع طفل مازال جسده في طور النمو أن ينتظر حتى يتم الصيام إلى الليل فهو لم ير خيطا أبيضَ يتبين من خيط أسود من الفجر. وماذا عن العمل، والمدرسة، وساعات النوم، ونشاطات التلاميذ بعد الفترة الدراسية التي لا يمكن الاستمرار فيها قبل أن يغادرنا رمضان الكريم في زيارته السنوية؟ العقل والنقل يتصارعان، والمسلم يظن أن الأوامر الالهية تتعلق بالكسوف والخسوف والشمس والقمر والضوء حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يريد أن يفهم أنها مواقيت في عصرها حتى يكتشف المسلمون مواقيت جديدة تحددها عقارب الساعات والدقائق والثواني!
لأول مرة منذ ربع قرن تبدأ الشكوى بصوت مرتفع، فهناك جيل ثالث من المسلمين يعرفون أنهم نرويجيون، وأن عليهم تفسير الصوم لأقرانهم، وأنهم على مسافة زمنية ومكانية طويلة من علماء الاسلام.
هل قُدّرَ لك وشاهدت أسرة مسلمة ينظر أفرادها إلى ساعة الحائط في كل دقيقة، ويتضور أطفالها الصغار جوعا وهم الذين بدأوا الصوم صغارا ، وربة البيت تترنح من الارهاق وهي تُعدّ طعام الافطار قبل منتصف الليل بساعتين؟
يتندر أهل البلد هنا علينا، ويتعجبون من شهر تتراجع فيه انتاجية المسلم إلى الربع، وتتوقف الحياة تماما قبيل الافطار بساعتين أو ثلاث!
وعندما يهل علينا شهر رمضان المبارك في منتصف الشتاء، ويصبح الصوم كأنه سويعات قليلة بين وجبتين، وفي الشمال تختفي الشمس، ولست بحاجة إلى أن تتم الصيام حتى الليل، فنهارك ليل أيضا!
في العام القادم سيحمل هَمّ شهر الصيام كثيرون قبل موعده بوقت طويل، والعقل يتراجع أمام النقل، والاسلام الحنيف يطلب منا أن نفكر، ونتدبر، ونقيس أمورنا وفقا لزمننا، وأن نفهم المعاني السامية للعبادة.
لكن المسلم الذي يتناول افطاره في مواعيد متقاربة من العالم الاسلامي يقرع ضميره ويؤنبه وهو يفطر والشـمس ساطعة إن جــاء شهر رمضان  في منتصف الصيف، ويفطر والظلام يخيم إن حضر شهر البركة في منتصف الشتاء.
حيرة، وتردد، ومشاحنات مع النفس، ومصالحة مع العقل ما تكاد تستكين إلى السلم حتى يباغتها النقل مرة أخرى فلا تعرف أيّ إسلام يريدون؟
تزمت مخيف يلوح بالدين كأنه أمر بالاعتقال أو التعذيب حتى أن أحد الشيوخ هنا قال في فتوى بأن المسلم الذي يضبط منبه الساعة على موعد الذهاب إلى العمل، وليس على موعد صلاة الفجر سيلقي به الله في جهنم إن مات وهو نائم في فترة ما بين صلاة الفجر والذهاب إلى العمل!
كيف إذن ستقنع هؤلاء بأن الخيط الأبيض والخيط الأسود والليل كان لزمن لم يعرف دقات الساعات السويسرية، وأن الله العلي القدير العزيز الرحيم لا ينتظر من العبد سجودا وركوعا ودعاء وفقا للنظام الشمسي أو القمري.
المسلمون في النرويج في حيرة شديدة وأنا أزعم أنه لن تمر عشر سنوات أو أكثر بقليل حتى ينفصل الجيل القادم تماما عن الاسلام إن لم يسارع عقلاء الأمة بفتح باب الاجتهاد، وبالتوقف عن اهانة العقل والرأي والفكر والنقاش والجدال بالتي هي أحسن.
قضيتنا ليست في اقناع المسلم المغترب بالايمان، ولكن في جعله يحب شعائر هذا الدين الذي ما خُيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين، في دينه، إلا اختار أيسرهما، ولا يزال البحث جاريا عن عقلاء الأمة!



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة .. أن الكبار صغار!
- الفتاوى في السعودية .. تجارة الحرام!
- المَلَكان والرئيسُ الأمريكيُّ يُدَوّنون أعمالَك!
- التبكيت والتنكيت والتسكيت و .. التفتيت
- حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي!
- كان يجب الحكم باعدام ابراهيم عيسى!
- عدالة محاكمة البشير
- معركتنا ليست مع رجال الرئيس مبارك
- متى يقطع خليجُنا الدعمَ عن الطغاةِ؟
- الرئيس التونسي يجدد للشعب ولاية خامسة!
- تسعون عاماً على مولد رسول أفريقيا
- هل يحرقنا مبارك قبل أن نحرقه؟
- هل تحرق إيران الأصدقاء قبل الأعداء؟
- ساركوزي .. أمين عام الأزرق الكبير
- الأقباط .. محامون فاشلون عن قضايا عادلة
- لكن صدام حسين لا يزال حيّاً
- حوار بين الرئيسين بشار الأسد و ... جمال مبارك
- تحرير المصريين .. فضائية مصرية معارضة
- في المطارات .. كُلّنا بن لادن!
- متى ينسحب العراقيون من العراق؟


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - حيرة الصائمين مع شمس منتصف الليل!