أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - أزمة الرأسمالية ومهماتنا














المزيد.....

أزمة الرأسمالية ومهماتنا


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 2454 - 2008 / 11 / 3 - 09:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من المؤكد بأن الأزمة التي تعيشها الرأسمالية هي أكبر من كل أزماتها السابقة، وهي أخطر كذلك، لكن لا يجب أن نصل إلى وهم أنها سوف تفضي إلى انهيار الرأسمالية. ربما تفضي إلى إعادة ترتيب القوى في إطار الرأسمالية، وربما إلى التعفن، لكنها لا تقود إلى نهاية الرأسمالية. ولاشك في أن الانهيار المالي كبير، وهو لم يبلغ مداه بعد حيث يمكن أن يفضي إلى الركود طويل المدى، وقد يؤدي إلى اصطفافات عالمية جديدة، ولسوف يدفع إلى تحقيق تحولات في الحراك الاجتماعي العالمي. لكن لا يجب أن نستنتج بأن الرأسمالية على شفير الانهيار، فهذه مسألة أخرى، مسألة لا تتعلق بـ "الحتمية" التي كانت ولازالت منزرعة في عقول الشيوعيين، والتي تنطلق من أن الاشتراكية لا تتحقق إلا بانهيار الرأسمالية. وهم هنا كانوا ينطلقون من عفوية مفرطة، ويؤسسون على "قدرية" مطلقة.
والمشكلة كانت في أن هذه العفوية وتلك القدرية هما الطريق للوصول إلى الاشتراكية، وأي دعوة لدور إرادي تعني انتصار الإرادوية، التي كانت تعتبر رذيلة. وهنا سنلمس بأن "الحتمية الاقتصادوية" هي التي كانت محرك هذا التصور، الذي يتحوّل بالضرورة إلى إرادوية مفرطة، لأنه يقرر بالحتم أن انهيار الرأسمالية (الذي هو ضروري للوصول إلى الاشتراكية وفق ذلك)، يفضي إلى الاشتراكية. حيث تصاغ الصيرورة وفق "رؤية" (أو رؤيا)، وتصبح مهمة الواقع تحقيقها.
ولقد بدا أن لا نهاية للرأسمالية على ضوء انهيار النظم الاشتراكية، والهجوم الشامل الذي كان يتقصّد القول بأن الرأسمالية هي نهاية التاريخ، وأن لا مكان للاشتراكية على هذه البسيطة. وانجرف كثير من الشيوعيين وراء هذا الوهم، وتحولوا إلى الليبرالية الفظة كما تطرحها الشركات الاحتكارية الإمبريالية. ليبدأ الهجوم، من قبلهم، على الاشتراكية، وليبدأ السعي لتكريس ليبرالية متوحشة. لكن الرأسمالية في مأزق، كانت ولازالت، وستبقى، لأنها تكوين تناقضي، وهو يولد حفاري قبره، ليس العمال فقط، بل والمال ذاته، الذي بات عبئاً ثقيلاً يقوم بدور تدميري هائل. لهذا كان من الطبيعي أن تدخل في أزمة عاصفة من جديد، على خلاف كل الأوهام التي قامت على أنها نهاية التاريخ، وبالتالي أقفلت البحث عن الاشتراكية، وكرست أنها وهم، أو على الأقل أنها ليست على "الأجندة" التي غطتها الرأسمالية من أولها إلى آخرها.
الرأسمالية تدخل في أزمة فهذا يعني أنها كومة من التناقضات، وأنها يمكن أن تهيئ الأرضية لحفاري قبرها، لكنها لن تنهار فجأة، هكذا ودون سابق فعل. وكل انقلاب للقول أنها وصلت إلى نهايتها لن يعني سوى سيطرة الأوهام، التي هي سمة عامة حكمت كل السياسات في الماضي. لكن لا تستطيع أن نقفز عن أنها في أزمة، وأزمة عميقة وخطيرة، وهذا واضح اليوم أكثر من أي وقت مضى، لكن السؤال الذي يفرض ذاته هو: هل من الممكن أن يتحقق تجاوزها؟ وكيف يمكن تجاوزها؟ كيف يمكن أن يتحقق الانتقال إلى الاشتراكية؟
والسؤال مبني على أساس أن الانهيار الاقتصادي مهما كان ضخماً لا يقود إلى نهاية الرأسمالية، وبالتالي فإن الانهيار والتعفن والدمار ممكن، لكن ليس الانتقال إلى نمط بديل. ليس الوصول إلى الاشتراكية. إن الأزمة يمكن أن تهيئ "وضعاً ثورياً" لكنها لا تقود إلى أن ينتصر بديل آخر، لأن هذا البديل لا يتحقق عفوياً، بل يحتاج إلى طبقة تحمله. إلى أن يصبح جزءاً من رؤية طبقة وهي تخوض الصراع ضد الرأسمالية.
هنا تأتي مهمة العمال والفلاحين، ومهمة الشيوعيين، وبالأساس هنا موقع النظر إلى الصراع الطبقي. حيث أن الأزمة الاقتصادية تصعد من حدة الصراع نتيجة الآثار العميقة التي تحدثها في قطاع كبير من البشر، هم العمال والطبقات الوسطى في المراكز، والعمال والفلاحون والطبقات الوسطى في الأطراف. وهي لحظة تراكم في هذا الصراع. أو أنها تُراكِم من أزمات تلك الطبقات، ومن فقرها وتهميشها، وتوسع من حجم العاطلين عن العمل. بالتالي يمكن أن تخلق لحظة ثورية، لكن هذه ليست كافية لتحقيق التجاوز. إنها لحظة مهمة، لكنها ناقصة، لأن من يحوّلها إلى فعل حقيقي هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الحزب البديل. الحزب الذي يقدم بديلاً للرأسمالية، ورؤية لطريق تجاوزها. ويصبح جزءاً فعلياً من نشاط العمال والفلاحين الفقراء في صراعهم ضد الرأسمالية، وبالتالي تصبح رؤيته هي المهيمنة في مسار تحقيق التغيير.
وما من شك في أن أزمة تطال هذا البديل، بدأت منذ زمن، وتفاقمت مع انهيار النظم الاشتراكية، وتلاشي الشرعية التي كانت تعطيها لنمط من الماركسية كان يدخل الأحزاب في متاهات، ويجعلها قوة ضغط على أبعد تقدير وليس قوة تغيير. مما يؤشر إلى أن منطقاً وسياسات وممارسات يجب أن تنتهي لأنها لم تنجح في الماضي وباتت منه. وإذا كان الصراع الطبقي يتفاقم على الصعيد العالمي، وعلى الصعد القومية، فإن الضرورة تفرض تحقيق نقلة في الوعي، وأخرى في السياسة، وثالثة في الممارسة التنظيمية. نقلة تؤسس لرؤية وبنية وممارسات جديدة. من أجل تطوير هذا الصراع انطلاقاً من بديل واضح وممكن. فهذا هو الطريق من أجل تجاوز الرأسمالية، وهو الآن ممكن لأن الأزمة الاقتصادية سوف تنعكس على كل المجتمعات عبر تزايد الإفقار والبطالة من جهة، كما عبر ضعف سيطرة الطغم الإمبريالية من جهة أخرى.
وإذا كانت أميركا اللاتينية تميل نحو اليسار منذ زمن قريب، فإن الوضع في المرحلة القادمة سوف يفتح الأفق لإمكانيات كبيرة لدوره في مختلف الأمم، من الأمم الرأسمالية ذاتها إلى كل الأطراف. وهو الأمر الذي يفرض طرح السؤال حول وضعنا كعرب. فهل تستطيع القوى الماركسية أن تعيد تشكيل ذاتها، وبلورة رؤيتها، بما يجعلها تدخل الصراع الطبقي بوضوح وفاعلية؟ هذه هي مهمتنا الراهنة.




#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات على الوثيقة الحزبية: الأردن وفلسطين والمشروع الصهيون ...
- الحزب، السلطة، وأزمة الاشتراكية
- عن نهاية حل الدولتين في فلسطين
- يسار في اليمين ملاحظات على مشروع برنامج جبهة اليسار من أجل ا ...
- وضع المعارضة السورية على ضوء المتغيرات الراهنة
- مناقشات حول الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين -2 - الدف ...
- مناقشات حول الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين-1 - مناقش ...
- الماركسية و-الماركسيات- الأخرى حول النزعة الحلقية والتشتت ال ...
- حول الوضع الفلسطيني الراهن والمهام الملحة
- ذكرى النكبة، هل من نكبة جديدة؟ دعوة لإستراتيجية فلسطينية جدي ...
- ذكرى النكبة، هل من نكبة جديدة؟ دعوة لإستراتيجية فلسطينية جدي ...
- الليبرالية كمعنى سجال مع د.برهان غليون
- استقالة من تجمع اليسار الماركسي في سورية
- إختلافات المعارضة والموقف من السلطة في سورية
- الأساس الطبقي في أزمة الماركسية العربية
- ضد اعتقال هؤلاء - تضامن مع معتقلي الرأي في سورية
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ...
- وحدة الشيوعيين ضرورة لكن كيف؟
- مناقشة لسياسات جديدة - حول تصريحات رياض الترك الأخيرة
- من أجل تأسيس تحالف وطني ديمقراطي علماني يدافع عن الطبقات الش ...


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - أزمة الرأسمالية ومهماتنا