أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الجندي - سيمفونية الغياب والضجر














المزيد.....

سيمفونية الغياب والضجر


نبيل الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 2454 - 2008 / 11 / 3 - 06:46
المحور: الادب والفن
    



(1)
أسميتك الغياب..
حينما انقشعت سحابات عطرك عن أجوائي..
وإذ غاب بريقُ عينيك عن المكان..
حين ما عادت يداك الجميلتان تهتديان لرقم هاتفي..
وإذ ما عاد صوتك يأتيني مسائياً.. هامساً.. متسللاً ..مرتبكاً.. دافئاً.. بادئاً بالحوار.
وإذ ما عدت تهبيني من نبيذ ينشلني من وحل الانشغال، ويحرّرني من ضجر الانتظار..
ولمّا فاضت الرّوحُ بالوحشة واليباس، والخواء والخراب واعتياد الغياب..
وإذ، ولمّا، وحيث.
أسميتك الغياب.

(2)
أسميتك الغياب
ورسمت لك لوحةً في العيد..
رسمت لك بالكلمات شكل قلبي، وزقزقات العصافير في رأسي، وفوضى الورق على مكتبي، ولون الفرح المعتّق بالتّعب والافتقاد، ولوعة الاشتياق والحنين.
قرأت كلّ فناجين قهوتي، ووجدتني غجرياً يحشد حنّون الشّرايين حبراً، والضّلوع أقلاماً أرسم لك بها في العيد لوحة، وجدتني أسقط ما أراه في فناجيني، فأرسم لوحة من غابات وحقول وأدغال وسّفوح، وطّرقات سلكتها باحثاً عنك في المدن المقيمة على خارطة الكون، وجدتني أبحث عنك في انشغالي، وفي حبري وأوراقي وتبغي وفناجين قهوتي المكدسة فوق حطامي، وإذ يخبرني الضّجر أن لا صوت يعلو على صوت الغياب، يفجعني اليأس، ويسرقني ليل الانتظار والسّهاد إلى غياهب النّوم الكئيب.

(3)
أسميتك الغياب..
وما الغياب إلا امتزاج الدمعة بالملح، وانتصار القطيعة على خفقان القلب، وتوغل أبيض الموت في رماد الذكرى..
ما الغياب إلا عهر يلوّث الذاكرة بالظنون..
أغلب الظنّ أنك هانئة بالعيد..
بفستان جديد، وعطر جديد، وحذاء جديد
وقلب لم يعد يقوى على كسر الجليد.

(4)
أخباري.. لو تعلمين..
كآبة وهلوسة وهستيريا وعزلة
وبالتّشخيص العيادي "جنون عظمة"
لم يخطئ الاختصاصي في حالتي
فأنا مفتون مخبول مجنون
ومذ عرفتك أعدت معايير العظمة في التاريخ
فمن اعتاد- قبل النّوم – يطوف بطيفك سبعة أشواط
ساد على قيس وعطيل وجميل، وأسماهم رعاع العاشقين.

(5)
أسميتك الغياب
وأنا أمنّي الرّوح وأعزّيها بالنّهار الواقف خلف الليل برتابةٍ مقيتة!!
وأسأل " ماذا لو تمرّد النّهار مرّة على رتابة دورة الأيام، وبشّرنا بالبكاء من فرح.. فقط مرة!!"
أسميتك الغياب.. للتّو كنت أمنّي النّفس بأمطار تشرين، تغسلنا من الخطايا، وتحرّر الجّفون من تحجّر الدّمع المالح فيها وتُنبتُ فينا التّفاؤل بالآتي.
للتّو كنت أمنّي النّفس بالعيد، يأتي في الصّباح مبكراً، مبطئاً على مشية هؤلاء القرويين، يلبس أفراحهم البسيطة، فأشرّع قلبي.. مبتهلاً لك بالدّعاء..
(كلّ عام وأنت بخير)

(6)
كلّ عام وأنت بخير
كلُّ العمر يا كلّ العمر وأنت بخير.
كلّ فرح يا كلّ فرحي وأنت فراشتي التي طالما حامت على مصابيح مكتبي في المساء.
كلّ صداقة وأنت يا كلّ صديقاتي بخير، يا فرسي الجميل الذي ما انفكّ يشتهي الصّهيل، ويشتهي الفوز في كلّ سباقات الخيول.
كل عام وأنت بخير
يا سيّدةً على يديها أولد، وفي عينيها أتوه
وعن ضفائرها ألملم كلّ معلّقات الشّعر الجاهلي
ومع إطلالة وجهها أشهد منتصف الشّهر القمري
وعن جسدها أتعلّم دروس الثورة والتّمرد والفلتان الأمني
وعلى شفتيها- ختاماً- أكتب خاتمة العمر ووصاياي العشر.

(7)
أسميتك الغياب
يا أروع السيمفونيات التي حارت الأوتار في أمرها..
وثملت الأنامل التي حاولت عزفها
يا كروم اللوز في طرقات الأطفال الغادين إلى مدارسهم
يا حرائق النّار في أثواب الغجر
ويا حبّات التّمر على مائدتي
يا أحلى الملكات منذ اشتغال الرّجال بالصيد، ومنذ امتهنت حواء الأنوثة.
يا صباح العيد، يا معلّقة غمرت كلّ بحور الخليل بن أحمد بالماء والبخور والياسمين..
أنا الغجري اعترف بأنّي أحرّق كل أثوابي شوقاً إليك
هل كان عليّ أن أضمّك أكثر
أكثر .. أكثر.. أكثر
هل كنت أدري أن حضنك أنجع آلية لنزع التوتر!!
أم لعل قلبي بدائي في الحب لا يعرف معنى التّحضّر.

(8)
أسميتك الغياب..
آه ما أكثر ما تشبهين روما
وما أكثر ما يشبهني نيرون
ألف طريق رسمتها بإحكام كي أهرب منك، ونسيت أن كلّ الطرق تؤدي إليك.. روما
آه روما، كم حاولت غير أني فشلت...
آه روما تبت يداك، تبت يدا المدينة التي فتحت صدرها لمن نهبوها، وضاقت بأن تعطي عاشقاً ما يكفي لكتابة وصاياه الأخيرة.

(9)
أسميتك الغياب ..
وإلى أن تذعنين لنداء هاتفك الخليوي ليمارس عليك تكنولوجيا الغواية..
وإذا ما اهتدت- كما قلت- يداك إلى رقم هاتفي..
وركض قلبي الطّفل يسبقني إلى سمّاعة الهاتف..
فقد جاءني العيد – يا عمري- محمّلاً بالكعك والمعمول والدّمى والأثواب الجديدة..
وبسماع صوتك – اهنئي- هذا العام أنا بخير، وهذا الكون - لأنك فيه- بألف خير..
تصبحين على خير.



#نبيل_الجندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أين سيأخذني ظلّك هذا المساء؟
- قالت لي النّجوم في انقطاع الكهرباء..
- عندما عملت طباخا: خلطت التّين في العجين... وغضب مني الطّهاة
- مرثية الشهيد عماد أعمر
- يا خضر قد ملّني الصّبر: معلقة على بوابة الخضر
- عتاب.. وجلد.. وانتصار


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الجندي - سيمفونية الغياب والضجر