أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد الناصري - الأزمة الرأسمالية الجديدة وطابعها البنيوي العميق















المزيد.....

الأزمة الرأسمالية الجديدة وطابعها البنيوي العميق


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 08:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تحاول الرأسمالية وهي في ذروة جموحها واندفاعها وراء الربح والاستغلال والسيطرة على موارد وأسواق العالم، وتحديد مسارات واتجاهات التطور العام لصالحها، اكتشاف وتطبيق آليات وأساليب للربح والنهب السريعين والشاملين. ومن هذه الأساليب محاولتها التوصل إلى إقامة علاقة طبيعية، بين الاقتصاد المالي الورقي ( ألافتراضي أو الوهمي)، وهو يتحرك كرافعة استعراضية هائلة، ودليل على سعة ومتانة وسرعة الاقتصاد الرأسمالي، تعمل تحت أضواء الإعلام الساطعة، في المكاتب الفاخرة والأنيقة، وبين الاقتصاد الحقيقي ( الريع المالي والريع الإنتاجي )، وهي عملية وهمية وخطيرة إلى أبعد الحدود، في حالة فشلها وانكشافها، لأن الاقتصاد الورقي لا يعبر عن الاقتصاد الفعلي، ولا يرتبط به. كما حصل أخيراً ، وأدى إلى سقوط الإمبراطورية المالية الأمريكية، والقلاع المالية ( الحصينة)، من ثم سقوط النموذج الرأسمالي الأمريكي وتوابعه. مما تطلب تدخل شامل من قبل الدولة، وفرض نوع من الرقابة والمراجعة، ومحاولة إيقاف التدهور بواسطة ضخ الأموال الطائلة لإنقاذ المؤسسات المالية المنهارة، وإنقاذ الموقف وإيقاف التدهور ومنع حصول الكارثة النهائية. وهذه الإجراءات الصارمة هي خطوط الدفاع الأخيرة والطارئة، لإنقاذ وتجديد النظام الرأسمالي، وهي تتعارض مع نظريات الاقتصاد الحر الذي اعتمدته وبشرت به النيوليبرالة في النموذج الأمريكي على الأقل، الذي يرفض تدخل الدولة، ويطالبها بالتراجع والتخلي عن وظائفها. مع ذلك فلا أحد يعرف مدى فائدة أساليب التدخل والمساعدة المتبعة في علاج أزمة الانهيار المالي العالمية الحالية، لأن لا أحد يعرف حجم وعمق المشكلة الحقيقي بعد!!
الرأسمالية تنتج أزماتها الدورية من داخلها، بسبب طابعها الذاتي وقوانينها الخاصة، الكامنة في أسلوب الإنتاج الرأسمالي، القائم على الاستغلال والنهب والربح، وما ينتج عن ذلك من مشاكل وكوارث تهدد الإنسان والبيئة والحياة الاجتماعية والطبيعية، وتلك هي المعضلة الرئيسية في وجود وماهية الرأسمالية، التي تحاول بيأس إخفاءها أو تخفيفها على الأقل. لكنها حقيقة موضوعية، تعمل بشكل مستقل بعيداً عن نوايا وأمنيات أصحاب رأس المال أو أعداءهم. فالماركسية مثلاً لم تختلق الصراع الطبقي، إنما اكتشفت قوانينه وآلياته، وتمسكت به، كمحرك اجتماعي هائل. بينما هو حقيقة موضوعية مستقلة، قائمة بذاتها، ناتجة عن الاستغلال الطبقي والتباين الطبقي الذي ينتج عنه صراعاً طبقياً لا يمكن إخفاءه أو التستر عليه أو لفلفته.
وهذا الجوهر الحقيقي للرأسمالية والاستغلال يمثل الطابع التاريخي الرئيسي لها، وعلى هذا الأساس أنقسم وينقسم العالم والمجتمع، إلى أغنياء وفقراء، وأنتج مشاكل الجوع والفقر والأزمات والحروب والخراب الكوني.
تحاول الرأسمالية في مراحل معينة أن تظلل قطاعات واسعة من الناس، بواسطة الدعاية الكاذبة والملفقة، حول طبيعة الرأسمالية التقدمية والحضارية، وبواسطة مقولات وأفكار وأساليب دعائية هائلة ومزيفة، تستعيرها من النظريات الأخرى، وتسوقها بواسطة بعض المفكرين. لكن اللعبة تنكشف دائماً في نهاية المطاف، بسبب الحقائق والنتائج الرهيبة التي يتعرض لها البشر في أرجاء كوكبنا الأرضي.
لقد قادت الرأسمالية حروباً طويلة ومتصلة من أجل السيطرة على مصادر الموارد والطاقة والأسواق، بعد إن كانت الحروب والغزوات وصيد العبيد والتراكم التجاري ، الطريق السابق والتمهيدي للتراكم المالي والتحول التاريخي نحو الثورة الصناعية ونشوء الرأسمالية الحديثة، وتحقيق القطيعة اللاحقة مع أفكار عصر التنوير والنهضة، التي سبقت ورافقت تكون الرأسمالية.
ها نحن مع الرأسمالية من جديد وجهاً لوجه، وقد سقطت الفواصل المصطنعة والمؤقتة، وأزيلت الحواجز الوهمية، حول عالم حضاري وإنساني، وهمي وغير موجود، كافحت الرأسمالية بواسطة ماكينتها الدعائية الهائلة وضجيجها المقرف، على تسويقه وفرضه على الناس، وقد صدق البعض، حتى من بين ( اليساريين والثوريين ) السابقين أو المؤقتين والطارئين. الذين دعوا إلى مصالحة مستحيلة، أو جمع وتجميع، بين قيم الرأسمالية وحاجات الإنسان الطبيعية. لكن النتيجة كانت مرعبة بالنسبة للإنسان والتاريخ، فقد عدنا إلى المربع الأول، ونقطة البداية، عدنا إلى الحقيقة، عارية وواضحة كما هي، لا كما يريدها الرأسمالي الكاذب، من غير ماكياج وتلفيق وتزوير.
رغم إن كوارث وفضاعات وحروب وغزوات واستغلال الرأسمالية، لم تتوقف ولا لحظة واحدة، منذ نشوءها إلى الآن، ومنذ بداية تقسيم العمل، وبداية الاستغلال، وبعد انتهاء دورها التقدمي التاريخي، فأن الفوضى والأزمات الحالية دليل جديد على عقم المشروع الرأسمالي وخطورته على الوجود الإنساني برمته. فارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة، والفشل الشامل في القطاع العقاري، وتوفير المساكن، والانهيار المالي العالمي، وتزايد معدلات الجوع المترافقة مع البطالة وانتشار الفقر وتجارة المخدرات والدعارة والأشكال الجديدة للعبودية، المموهة والسافرة، والحروب والغزوات بطابعها الاستعماري العسكري التقليدي، وتدهور البيئة الناتج من فوضى استغلالها، والذي أدى إلى تغيرات مناخية خطيرة، ونقص كبير في الموارد المائية، وزيادة مساحات التصحر حول العالم. كما يشهد العالم تدهور التعليم والخدمات الصحية، واتساع ظاهر الأدوية المقلدة والفاسدة والمواد الغذائية الغير صالحة للاستعمال البشري، وتزايد أعداد المشردين والفقراء. فعلى سبيل المثال وضمن الإحصائيات العالمية الرسمية، فإن عدد جياع العالم تعدى مليار إنسان، وعندما طالب اجتماع روما ب 12 مليار دولار لمعالجة المشكلة، فقد جرى تخصيص مليار دولار واحد فقط، في حين قدموا مئات المليارات، لدعم المؤسسات المالية المنهارة. بينما لا تزال شركات الغذاء تحصد مليارات الدولارات، وترمي الفائض الغذائي في البحار وفي المزابل والمدافن الخاصة، لكي لا تهبط الأسعار. ويظل الناس يتضورون ويموتون جوعاً، رغم شعارات الرأسمالية الليبرالية حول حقوق الإنسان والديمقراطية وربما العدالة.
لقد ذكرت في مادة الماركسية وأطياف كارل ماركس (إن استمرار الرأسمالية إلى هذه اللحظة، وعدم سقوطها، لا يعني صحتها من الناحية الإنسانية والتاريخية، كنظام إنساني صالح، لكنه يعني من جهة أخرى قدرتها على البقاء والاستمرار إلى أمد آخر، وفق آليات ومعالجات داخلية خاصة ومتبدلة، والاستفادة من التطور العلمي المستمر والخارق، ونتيجة للإمكانيات الهائلة التي يوفرها النهب والاستغلال الداخلي والخارجي، للشعوب والأمم والبلدان الأخرى. وبسبب قذارة ووحشية الأساليب المستخدمة في الصراع والبقاء، وفشل الخصم الطبقي في تجديد أساليبه وتنفيذ برامجه الخاصة. وهدا لا يعني خطأ وفشل أفكار ماركس، لأنها لم تطبق أصلاً. كما أنه فصل من فصول الصراع الطبقي التاريخي المستمر، بين المستغلين والمستغلين، الذي مرت وتمر به البشرية، لا يمكن تجاوزه بالكلمات، مهما كانت جميلة وبراقة ومخادعة، حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو نهاية التاريخ، أو عجز وفشل الماركسية التاريخي. والحكاية لم تتوقف أو تنتهي بعد، وربما يأخذ الصراع أشكالاً جديدة، ما دامت المشاكل قائمة وموجودة، ويعاني منها ملايين البشر، والرأسمالية غير قادرة على حلها وتجاوزها، مثلما ثبت ذلك بشكل قاطع إلى الآن ).
إن الأزمة المالية الحالية العاصفة والعميقة، هي تعبير مباشر وواضح عن الأزمة الرأسمالية البنيوية، الدورية والدائمة، التي تعيشها وتتعايش معها. لكن هذا لا يعني إنها نهاية المطاف، ولا يؤدي إلى سقوط الرأسمالية، ذلك السقوط والانهيار، الذي لا يأت ولا يتحقق بالتمنيات أو الانتظار، ولا يتحقق تلقائياً. إنما يمكن تحقيقه بالعمل التاريخي المتطور والعميق والمتواصل، ضد الرأسمالية، كمنظومة اقتصادية وسياسية وأيديولوجية، وكمجموعة قيم فاسدة.



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية وأطياف كارل ماركس
- المعاهدة المفروضة كما هي
- عن دمشق والإجازة والصيف ولقاء الأصدقاء وأحداث وأشياء كثيرة أ ...
- ثلاثون عاماً من المنفى والتشرد والملاحقة والأمل
- دلال المغربي
- المعاهدة وألاعيب ومهازل الوضع السياسي
- عن النقد والمراجعات ( المراجعات الشخصية والنقد الذاتي )
- عن النقد والمراجعات
- المعاهدة.. جردة حساب
- الكتابة والنشر في الانترنيت
- بي بي سي تكشف عن بعض مليارات العراق المنهوبة.. الفساد المالي ...
- عن المعاهدة... العراق قاعدة أمريكية دائمة
- أنقذوا حياة بهاء الدين نوري .. رسالة تضامن مع أبي سلام
- إشارة عن الشعر والتاريخ
- في نشوء وتكون الفكر السياسي العراقي وعلاقته بحالة الانحطاط ا ...
- المعاهدة الأمريكية - العراقية والموقف الوطني
- لعنة الهامش - عن خراب مدينة الناصرية
- ماكليلان والعجز في الاقتصاد الأمريكي والأمراض النفسية لجنود ...
- المعاهدة الأمريكية - العراقية وقضايا الوطن المصيرية
- شيء عن الثقافة العراقية


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد الناصري - الأزمة الرأسمالية الجديدة وطابعها البنيوي العميق