أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إكرام يوسف - الطفلة التي فضحتهم!














المزيد.....

الطفلة التي فضحتهم!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 08:19
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


دون رغبة منها، وبلا قصد، وجدت نفسها نجمة تتكالب على استضافتها برامج تليفزيونية وحوارات صحفية، وبطلة تتحاكى الركبان عن شجاعتها، لتعيد سيرة "الحرائر" في زمن العبيد.. ورمزا للبنت المصرية "الجدعة" و "الحرة" التي لا تقبل المهانة.. نهى رشدي، بطلة أشهر قضايا التحرش مؤخرا، التي حصلت بشجاعتها وإصرارها، على حكم أطلق عليه الجميع صفة التاريخي؛ حيث لأول مرة يعاقب الجاني في قضية تحرش بموجب حكم محكمة الجنايات.
التقيتها أخيرا.. وما أن وقعت عليها عيناي حتى تذكرت كلمات أغنية قديمة "في الأصل انتي حورية م الجنة وهربانة".. لم أجد وصفا أكثر دقة.. كائن شفاف رقيق، لو لم تكن وسائل الإعلام ذكرت عمرها الحقيقي لما أعطيتها تقديرا يزيد عن الرابعة عشر!.. طفلة حقا، أول ما يتبادر لذهنك عند رؤيتها أن تبحث في جيبك عن قطعة من الحلوى تمنحها إياها.. يا الله! كيف لوحش أن يفكر في مجرد خدش مشاعرها بنظرة، فضلا عن أن ينهشها؟.. كانت منزعجة للغاية من سيل اللقاءات الإعلامية حتى أنها أخذت رشفة من كوب العصير، ولم تكمله بسبب احتقان لوزتيها "زوري وجعني من كتر الكلام يا تانت"!.. بالطبع لم أجد جدوى من محاولة إقناع "طفلة" بانتفاء العلاقة بين الكلام الكثير والتهاب اللوزتين، فاستبدلت العصير بنصف كوب ماء مذاب فيه فيتامين "سي"، تناولته بانصياع طفلة مضطرة لتنفيذ أوامر "ماما" بأخذ الدواء.
تذكرت محاولة محامي المجرم ابتزاز مشاعر متخلفة لدى الجمهور بادعاء أنها كانت وصديقتها تسيران بصورة غير لائقة في الشارع ـ استخدم لفظا مبتذلا لا أعرف كيف سمح لنفسه باستخدامه في قاعة المحكمة، يأبى احترامي لنفسي وقارئي والجريدة أن أكرره هنا ـ كما تذكرت مداخلة أحد الأشخاص في برنامج تليفزيوني، قال فيها أن "نهى" ربما كانت "تضحك" مع صديقتها بطريقة مغرية، محاولا التماس العذر للمجرم، اتساقا مع رؤية تحرص على التخفيف من جرم "الذكر"، والبحث عن وسيلة لعقاب "الأنثى" باعتبارها المسئولة أساسا عن هذا الجرم! تذكرت أيضا عشرات التعليقات التي قرأتها على مواقع إليكترونية عربية تلوم "الضحية" لأنها غير محجبة!.. أي غباء! بل أي نوع من التدليس والاحتيال! أشخاص لم يشهدوا الحادث، وسمعوا عنه مثلنا وعلموا أن الحكم صدر بعد تحقيقات وسماع شهود نفي وإثبات، غير أن مخزونهم الثقافي يأبى أن يعاقب المجرم وتنصف الضحية! أكاد أجزم أن أيا من هؤلاء لن يجد حرجا في أن يمد يده لأقرب حافظة نقود لاتخصه، مبررا فعلته بأن صاحب الحافظة لم يحكم إغلاقها مما "اثار" داخله الرغبة في الحصول على أموال يحتاجها!
في مناسبة سابقة، أرسل لي قراء ينحون باللائمة على أزياء الفتيات، بدعوى أنها تثير لديهم الرغبة في التحرش، متحججين بما يعانيه الشباب من كبت وضعف القدرة الاقتصادية التي تكفل لكل منهم "إعفاف" نفسه، وأذهلني كثرة التعبيرات الدينية التي استخدمها هؤلاء، فقلت لهم، لو أن واحدا منكم كان ذاهبا بسيارته لقضاء سهرة حمراء (خمر ونساء وعربدة)، وفي غمرة حماسه للسهرة الحرام نسي أن يحكم إغلاق سيارته، فسرقت؛ هل يقبل أن يفلت السارق من العقاب بدعوى أن صاحب السيارة لم يحافظ عليها؟ ولأن كلا منهم تصور نفسه وسيارته في هذا الموقف لم يستطع أحد إجابة السؤال. غير أنني أعرف الإجابة، فأي من هؤلاء لن يغفر لسارق سيارته، لكنه يمكن أن يجد التبرير مقنعا إذا كان هو من يسرق سيارة الآخرين.
لا، لم يكن شريف جبريل هو المجرم الوحيد في هذا الحادث!..القضية فضحت آخرين.. أشخاصا يسيرون بيننا في ثياب الواعظين، لا تتوقف ألسنتهم عن ترديد الآيات والأحاديث والمقولات الدينية، لكنهم لم يفكروا لحظة في مغزى الأمر بغض البصر.. هؤلاء الذين لا يطرف لهم جفن وهم يلتمسون العذر للجاني ويلقون باللوم على الضحية.. هل أكون مغالية عندما أقول أنني أشك في قدرة أي منهم على مجاهدة نفسه، ومنعها من اغتصاب ما يمتلكه الآخرون؛ سواء كان جسد امرأة، أو حقوق أيتام، أو أموالا عامة، طالما لديهم هذه القدرة العجيبة على التبرير؟
وليس بعيدا عن الجرم، ثقافة تسربت إلى نفوسنا في العقود الماضية، تحط من قدر المرأة، وتستهين بكرامتها.. حكت لنا زميلة عن صديقة لها فوجئت بشخص يتحرش بها في الشارع، فقررت ألا تتركه وانطلقت تعدو وراءه، فإذا بعدد من المارة يلاحقونه إلى أن أمسكوا به وانهالوا عليه ضربا، وما أن وصلت حتى سألوها عما "سرقه" منها، وعندما قالت" ما أخدش مني حاجة.. بس ضايقني" تحولوا إليها يسبونها ويسخرون منها. ولم يتطوع لمساعدتها سوى شاب سحب الجاني معها للقسم. وهناك قال لها الضابط أنه لن ينال أي عقوبة إلا لو ادعت أنه سرق منها شيئا. ولأن صاحبتنا لم تكن تمتلك شجاعة "نهى" خضعت للسائد، واضطرت أن تدعي أن المعتدي خطف سلسلتها الذهبية! .. فهل تكون قضية "نهى" بداية تحول ثقافي، يقتنع البعض معه أن انتهاك خصوصية جسد المرأة وجرح كرامتها لايقل أهمية عن خطف سلسلتها الذهبية؟



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بهية- هذا الزمان!
- الدكتور محمد.. وأصحاب المولد!
- أزهي عصور الفساد
- متلازمة -الغباء المصاحب للكرسي-
- مولد.. وصاحبه غايب
- متى يعلنون الحداد العام؟
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات
- مثلما النسمة من بردى!
- رحلة لأسوان
- شريفة!
- توأمي الضاحك
- فعلتها طهران!
- الوطن ليس أغنية !
- الوطن ليس أغنية!


المزيد.....




- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...
- تطورات في قضية داني ألفيش -المتهم بالاغتصاب-


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إكرام يوسف - الطفلة التي فضحتهم!