|
ودعا أية
مصطفى لعوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 04:14
المحور:
الادب والفن
عندما توظف الطبيعة كل قدرتها في مواجهة الانسان الذي تمرد عليها ،فان الامر يصبح من الخطورة بمكان ، و عندما يفر المسؤول من مسؤوليته و يترك الامرو التي أوكلت له بدون سند يدعمها و يضمن لها قوتها ، فان الضحية الوحيد سيكون بدون ادنى شك و لا منازع هو المواطن البسيط الذي لم يكون ليجد أي مفر سوى الهروب الى اعلى القمم و التلال هربا من سيول جارفة قد تجرفه الى الهاوية في أية لحظة . فكرت بهذا و انا أختبئ داخل البيت في داك اليوم العاصف الذي عرف سقوط امطار طوفنية لا تبقي و لا تذر ، كانت الريح على أعلى درجات قوتها ، و الرعد يتفجر هنا و هناك مرسلا اشارة انذار خطيرة الى المارة في الشوارع العامة حيث يتيه الواحد منا بين اقدام جبابرة زمنه ، صوت الرعد يبعث في قلوب الاطفال الصغار ألف ذرة و ذرة من الخوف ، نطقت الصغرى أية أمام أمها : ماما ما هذا الصوت المفجع ؟ ، تضمها أمها الى صدرها في محاولة منها لطرد الخوف عن قلب صغيرتها التي لم تكون لتشهد مثل هذا الهيجان الطبيعي من قبل ، و انا في البيت أستدفأ من برد قارس يجوب شوارع مدينتي الصغيرة ، أحاول الاتصال ببعض الاصدقاء لأطلع على الاوضاع هناك عندهم في مدنهم القريبة مني ، أحدهم يحكي لي كيف رأى الموت من قريب و صافح ملاكه الذي وضع في قلبه رسالة سرية لم يطلعني عليها خوفا من صاحبها ، و عندما اشتدت الامطار في مدينة أية الصغرى لم تفوت الوديان الفرصة لتثور بدورها على البنى التحتية الهزيلة ، فجرفت العديد من الناس ، و الذين لم يرى التلفزيون المحلي داعيا لذكر عدعهم ، فقط اكتفى بالقول : ثلاث ضحايا على أبعد تقدير ، طبعا الثلاثة موجود غير أن هناك صفرا يسبقها سرق من مقدم نشرة الاخبار و هو يخرج من مكتب المدير متوجها الى قاعة التصوير ، للأسف ماتت أية لأن السيل جرفها و هي تفر رفقة أمها من البيت الذي اجتحته المياه الى حي يقع في تل عصم من الماء فترة طويلة من الزمن ، في الليل سكنت الاوضاع و بدا الاب يبحث عن ابنه أو ابنته المفقودة ، و الام تعد لقمة للأطفال الجياع ، و مقدم النشرة يمطرنا بدوره بوابل من الاخبار العتيقة المملة ، و في الصباح عاد شبح الموت في الوديان يخيم على المدينة ، عاد الوالي الى بيته مسرعا حاملا حقائب سفره متأبطا دفتر الشيكات خوفا عليه من السيول ، تاركا ملفات الراعية للجرافة الاتية من بعيد ، للأسف ماتت أية دون ان تأخد قطعة الحلوة التي اعتدت تناولها في الصباح ، حضرت جنازتها و بكيت بقلبي و عيني ، تألمت لأمها التي لم تكف عن البكاء ، قالت لي و نحن نحتسي الشاي مساء الجنازة : سأتذكر أية كلما رأيت قطرات المطر.ذ عذرا أم أية تقبلي تعازيا الحارة ، و للأسف تقبلي الوضع نحن في بلد بمجرد ما تفتح السماء أبوابها للمطر تنفجر الانهار و الوديان ، تثور القناطر فتسقط و يغضب الرعد فينقطع الكهرباء ، و يهرب الوالي فيمتطي الحوامة و يجول في السماء لان الارض خطر على سيادته ، للأسف.
#مصطفى_لعوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|