أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سعد هجرس - الرأسمالية ليست نهاية التاريخ














المزيد.....

الرأسمالية ليست نهاية التاريخ


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 10:06
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مع احتدام الأزمة المالية العالمية، وانكشاف نقاط ضعف النموذج الرأسمالى الأمريكى الذى قاد الاقتصاد العالمى إلى الهاوية، ظهرت تساؤلات كثيرة ومتعددة عن مستقبل الرأسمالية عموماً، وهل تستطيع أن تجدد نفسها – كما فعلت من قبل فى أزمات بالغة الخطورة – أم أن شمسها بدأت رحلة الغروب والأفول؟ وهل تمثل الدعوة إلى تدخل الدولة – وهو ما حدث فعلا حتى فى عقر دار الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة الاقتصاد الحر التى ندبت نفسها للدفاع عنه داخل وخارج حدودها – هل تمثل هذه الدعوة "ردة" أو "نكوصا" إلى "الاشتراكية"؟
فى محاولة الاجابة على هذه الاسئلة التى فرضت نفسها على البشرية جمعاء سمعنا كثيرا من الصخب الأجوف وقليلا من التفكير المتأمل. حيث سارع بعض مفكرى اليمين إلى الدفاع عن الرأسمالية والتأكيد على أنها ستعبر هذه الأزمة مثلما عبرت كل الأزمات السابقة بما فيها أزمة الكساد العظيم عام 1929، وأن ما يحدث الآن فى الأسواق الأمريكية والعالمية ليس أكثر من زوبعة فى فنجان، وأن الرأسمالية وجدت لتبقى .. إلى الأبد.
وعلى الجانب الآخر سارع البعض إلى التشفى فى الرأسمالية التى بانت عوراتها ولا عقلانيتها وتوحشها ونقاط ضعفها والتذكير بأن ذلك يعطى شهادة جدارة لـ "الاشتراكية التى لم يجد عتاة الرأسماليين مناصا من استعارة بعض آلياتها فى محاولاتهم الرامية إلى إنقاذ اقتصاداتهم التى تحلق فى سماواتها أشباح التباطؤ والركود والكساد.
لكن غاب عن فطنة أولئك الذين يرون أن الرأسمالية هى "نهاية التاريخ"، أنه ليس هناك نظام اقتصادى واجتماعى أزلى أبدى، وليس هناك نظام اقتصادى واجتماعى ولد مع البشرية وسيظل جاثما على أنفاسها إلى أبد الأبدين. فقبل الرأسمالية كان هناك الاقطاع، وقبل الاقطاع كانت هناك العبودية، وقبل العبودية كان هناك نظام المشاعية البدائية. وبينما يبلغ عمر البشرية ملايين السنين فان الرأسمالية لم تظهر إلا بالتزامن مع الثورة الصناعية الأولى، أى منذ أقل من ثلاثة قرون فقط لاغير بينما التاريخ المكتوب لأمة مثل الأمة المصرية يعود إلى سبعة آلاف سنة.
وهذا النظام الرأسمالى الذى ولد من رحم الثورة الصناعية لم يتطور بنفس الصورة فى مختلف أنحاء العالم، بل ظهرت له نماذج كثيرة ومتعددة، أبرزها النموذج الأوربى، والنموذج الأمريكى، والنموذج الأسيوى. وهى نماذج توجد اختلافات جوهرية فيما بينها رغم ما يجمعها من نقاط اتفاق .
ثم إن هذه النماذج الرأسمالية على تنوعها، وتناقضاتها التى وصلت فى بعض الأحيان إلى حروب تجارية وحروب باردة وأخرى ساخنة أزهقت فيها أرواح ملايين البشر مثلما حدث فى الحرب العظمى الأولى والحرب العظمى الثانية، تختلف بداياتها عن تطوراتها اللاحقة.
والمؤكد .. أن الرأسمالية كنظام اقتصادى واجتماعى لن تكون المصير المحتوم والنهائى للبشرية، ومثلما طرأت عليها تحولات مهمة وجوهرية فى السابق فإنها ستتعرض لتحولات مهمة وجوهرية فى المستقبل، ومثلما كان لها بداية سيكون لها نهاية شأنها شأن أى كائن حى، وشأنها شأن النظم الاقتصادية والاجتماعية التى سبقتها. ورغم قدرتها الكبيرة على تجديد نفسها ورغم ما تتمتع به من مرونة ملحوظة فى التأقلم والتكيف مع الأزمات، فإن تناقضاتها الداخلية ستقضى عليها فى نهاية المطاف ليحل محلها نظام اقتصادى واجتماعى جديد يتوافق مع ثالث ثورة تعيشها البشرية بعد ثورة الزراعة وثورة الصناعة، ألا وهى ثورة المعلومات.
وليس معنى هذا أن الرأسمالية ستنتهى غداً، أو ترفع الرايات البيضاء وتستسلم طواعية أمام تداعيات الأزمة الراهنة، فهى قادرة على التعايش مع هذه الأزمة بصورة أو أخرى. لكنها لن تخرج منها مثلما دخلت. والمرجح أن "النيوليبرالية" – أكثر طبعات الرأسمالية تطرفاً وتوحشاً – ستكون كبش الفداء لخروج الرأسمالية من هذا المأزق البنيوى، وأن "المحافظين الجدد"، صقور الرأسمالية الجارحة، سيكونون القربان الذى تدفعه من أجل البقاء .. ولو إلى حين.
لكن هل يعنى اللجوء إلى تدخل الدولة – ضد تعاليم النيوليبرالية وضد أيديولوجية المحافظين الجدد – "عودة" إلى "الإشتراكية"؟!
الإجابة بالنفى .. لأنه لا يمكن اختزال "الاشتراكية" فى آلية تدخل الدولة. فضلاً عن أن كثيراً من الأدبيات الاشتراكية الحديثة أصبحت ترفض إطلاق صفة الاشتراكية أصلا على النموذج السوفيتى، وتفضل وصفه بـ "البيروقرطية الاشتراكية" أو رأسمالية الدولة.
أضف إلى ذلك أن خطة الانقاذ التى تبنتها إدارة بوش، والتى أطلق عليها البعض صفة "الاشتراكية" لتضمنها قدراً من تدخل الدولة، خروجاً على "إنجيل" النيوليبرالية التى ظلت تروج لأكذوبة أن الأسواق قادرة على تصحيح نفسها بنفسها دون حاجة لتدخل الدولة، ليس فيها مثقال ذرة من "الاشتراكية"، لأن مضمون هذا التدخل الحكومى هو استخدام أموال دافعى الضرائب لانقاذ مؤسسات رأسمالية من الانهيار. فأين الاشتراكية فى ذلك!
وهناك من يستخدم "الاشتراكية" فى هذا السياق كمجرد "فزاعة"، مثلما حدث من مرشح الرئاسة الأمريكى "الجمهورى" ماكين ضد منافسه "الديموقراطى" أوباما، ومثلما يحدث من الكثيرين من عتاة اليمين عندنا الذين يتهمون كل من يطالب الدولة بالقيام بواجباتها فى هذه الأزمة، بالدعوة إلى الإشتراكية، كنوع من الإرهاب الفكرى.
بينما الاشتراكية ليست تهمة، كما أنها فى الوقت نفسه ليست "تعويذة" أو "تميمة"، بل هى اجتهاد فكرى يجب تطويره وصقله والاستفادة من خبرات الماضى لبلورته وتخليصه من شوائب التجربة الستالينية وإثرائه بمعطيات التطور، كى يكون قادراً على التعامل مع مستجدات الألفية الثالثة وعصر ثورة المعلومات من ناحية، والاشتباك الايجابى مع معضلات الديموقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدنى من ناحية ثانية وصولا إلى نموذج إنسانى يوفق بين متطلبات التنمية واستحقاقات الحرية.
خلاصة القول.. أن ما يشهده العالم الآن ليس انهيار أسواق فقط.. بل إنهيار أفكار أيضاً.. وإرهاصاً لأفكار جديدة تتطلع إليها البشرية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرامل- ماما أمريكا-!
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (2) .. الجماهير تدخل الثك ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (3).. عناصر موالية لعبد ا ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (4).. -إشتراكية- ملطخة بد ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (5) ..النهاية: صفقة غير م ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (6-6).. ملحمة من الأمجاد. ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم1 ..الشيوعيون.. حدوتة مصري ...
- نهاية عصر الدولار
- عادل سيف النصر
- عندما ينافس -تليفزيون الواقع- مسلسلات رمضان!
- مبادرة مبارك الشجاعة: الوطن هو الرابح الأول
- من مبطلات الصيام: تقرير الحريات الدينية
- أشواك فى طريق حب الوطن
- اعتذار.. وباقة ورد.. للدكتور إبراهيم سعد الدين
- الدولة تسحب استقالتها!
- تخاريف صيام!
- تضميد جراح الدويقة .. -حين ميسرة-!
- تقرير درويش: الحكومة ضد الحكومة -2-2-
- رثاء للدويقة.. بقلم أحمد بهاء الدين!
- اختراعات مصرية: الحكومة ضد الحكومة!


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سعد هجرس - الرأسمالية ليست نهاية التاريخ