|
النظرة الى الموروث والقدرة على التقدم
ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)
الحوار المتمدن-العدد: 2452 - 2008 / 11 / 1 - 04:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لو أردنا أن نثير سؤالاً مفاده: هل باستطاعة الموروث أن يكون أداة للتقدم بالنسبة لمن يؤمن به إيماناً كاملاً؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب أولاً تحديد ماهية المؤمن بالموروث إيماناً كاملاً ألا وهو صاحب العقل الإيماني بالدرجة الأولى وبالتالي فالمؤمن، وقصدنا به صاحب العقل الإيماني، ينظر إلى كل ما هو جديد بمنظار الريبة والشك فكل المطلوب منه هو الحفاظ على ما أملي عليه منذ زمن قديم وهذا القديم ينطوي في نظره على جميع القيم التي يفوز المؤمن إذا حافظ عليها بالنتيجة فصاحب العقل الإيماني يرفض العولمة رفضاً كبيراً انطلاقاً من إيمانياته المسبقة ولا يشعر بالطمأنينة بتاتاً لأي شيء طارئ وبالتالي فهناك مسألة مهمة ألا وهي إن المؤمن لم يستطع أن ينسجم مع عصره لأن ولائه لعصر مضى وما ورثه من هذا العصر الماضي يحمل كل المصداقية وبالنتيجة فهو يدافع عما كل ما هو تأريخي، ولو أردنا أن نرى أصحاب العقل الإيجابي وقدراتهم على تحليل ما يرونه مناسباً وفقاً لرؤى ونصوص تاريخية يعدونها حسب أهوائهم وهي كما هي يأخذونها بعد أن بطل العمل بها بسبب تقدم العصر ومن هذا الموروث النظرة الى الاخر فيقول الشيخ محمد متولي الشعراوي ((اما معاشرة النساء الأسيرات معاشرة الأزواج ففي هذا تكريم لهنّ، إذ يفعل بهن السيد ما يفعله مع زوجته" . فالشعراوي ينطلق هنا من رؤية ماضوية تماماً مع عصور الاسترقاق وكأنه يعيش مع عصر الرقيق على الرغم من أن الرقيق حتى في العصور الماضية ثاروا على من ظلمهم ثورة مهمة عرضها المؤرخون ألا وهي ثورة الزنج وقد خصصنا عنها بحثاً كاملاً وأخذنا بنظر الاعتبار الثورة الزنجية. والقدرات النهضوية التي واكبتها من خلال رفض الاسترقاق والعبودية والاهتمام بحرية الإنسان، إذن يتبين أن أول ما يلاحق النهضة إذا أرادت أن تنطلق من فكر ماضوي تماماً كالذي يحاوله المؤمن بالماضي وصاحب العقل الإيماني مسألة الحريات وبالتالي كيف يكون لصاحب العقل الإيماني حرية للآخرين وهو ذو سيف مسلط على محاربيه وكل إشارة يتم تفسيرها خروجاً على الإيمان مصيرها القمع الشديد والحرمان من رحمة الله الواسعة وهنا أذكر موقفاً عندما كنت في بعض المحاضرات أتكلم عن الإمام علي بن أبي طالب فعرّجت على المفكر المغيب عزيز السيد جاسم رحمه الله عن كتابه علي سلطة الحق الذي طبعته الزمان الغرّاء فقلت في معرض حديثي عن عزيز السيد جاسم "رحمه الله" فثار عليّ شيخ يؤمن بالفكر الماضوي يعمل على إقصاء الآخرين بقوله معترضاً كيف أقول عنه "رحمه الله" فالرحمة لا تستحق عليه فضحكت هنا وقلت كيف فقال لي هو رجل علماني لا يستحق الرحمة، وهكذا أحبتي نرى أن أصحاب العقد الإيماني كيف ينصبون أنفسهم محاسبين للناس يدخلونهم في رحمة الله كيفما يشاءون ويخرجون من يريدون إخراجهم من رحمة الله كيفما يشاءون وهذا يظهر ضيق الأفق في معاداة العلم وتصميم الجهل عبر التسلط على فكر المجتمع ووضعه في أفق ضيق غير قادر على التحرّر هذا من جانب تضييق الحريات التي يمارسها هؤلاء مع أصحاب الفكر المنفتح ومن جانب فكرهم في قوقعة حتى لو يتبين فساد رأيهم نراهم يصرون ويتكبرون على ناسهم ومجتمعهم وبالتالي يسعى هؤلاء لما يسميهم الدكتور رفعت العيد المتأسلمين يسعون إلى تربية الناس تربية الاعلمية قوامها الغيبيات وكلها تنفي العقل وتبعده عن ساحة التدبير والتعليل وهنا اختلف مع رفعت العيد باستخدام معرفة نفس العقل وما تبقى عيني غير قادر على مسألة التقليد لأنه مقيد من قبلهم وبالتالي فهم لا يملكون الحرية لأنفسهم فكيف يعطوها للآخرين ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون. وبالتالي نحن نحتاج إلى العقل المتسامح مع الآخر وبالتالي فاحتياجنا له يعني احتياجنا لمبدأ التسامح الذي سيشكل دعامة أساسية من دعامات العقل المتسامح ووجود مبدأ الحرية وهذا لن يتم إلا بتغيير صاحب العقل الإيماني إلى الكثير من مواقفه التي جعلته مؤد لجا وواضعاً نفسه في سجن عقيدي طوي تغمره قانعة بأنه على الطريق الصحيح وغيره على الطريق الخطأ، كذلك فإن التسامح يؤسس للمسلم الأصلي وهذا ما تكلم عنه الدكتور طالب مهدي الخفاجي، وبالتالي فنحن نحتاج إلى كل ما يؤمن للتسامح من النصوص الدينية سواء كانت في المسيية أو الإسلام أو اليهودية لأنها ستجعلنا ننطلق من مجتمعاتنا انطلاقات مؤثرة وذات واقع ملموس كي نعكس لصاحب العقل الإيماني اللامتسامح أن من تواص به من الشخصيات التاريخية هو متسامح وإلى حد كبير، وهنا نحن نعالج الأزمات من الواقع حيث نرى أن شخصيات تاريخية في الإسلام مثلاً حملت شعلة التسامح وبالتالي قبول الآخر وبالتالي الانفتاح عليه مهما كان دينه أو عرقه وهنا نرى الإمام علي بن أبي طالب يقول (كن كشجرة الصندل تعطر الفأس التي تقطعها) وهذا القول بما فيه من دلالات يعطي صورة واضحة لإتباع هذا الرجل قدرته في التسامح التي بالإمكان تطبيقها في مجتمع يؤمن بعلي ولكن يعطل فلسفته في مسألة التسامح على سبيل المثال.
#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)
Yaser_Jasem_Qasem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل قامت الاديان باختزال مفاهيم الانسانية
-
لقاء مع الدكتورة نوال السعداوي
-
اس وتراب ..... دلالات فنية ومسيرة شعرية قراءة في مجموعة احمد
...
-
المجتمع بين الواقعية والرمزية دلالات اليوتوبيا في تجسيد الوا
...
-
الفلسفة التربوية لمعاني الثورة وأسس التربية التاريخية في نظر
...
-
العولمة ... الاتجاهات والمناهج الفكرية ج2 : سياسات العولمة و
...
-
العولمة ..الاتجاهات والمناهج الفكرية
-
اشكالية الشرق والغرب في الاتجاهات الفكرية
-
العقل الايماني وارتباطه بمظاهر العنف
-
هشام شرابي قراءة في نظرية البعث الاسلامي والاصولية
-
الفكر النقدي الادبي
-
الارهاب وتقاطعات الانسنة في المشاريع الحيوية
-
ثقافة العصر وتحديات الحداثة
-
الطغيان السياسي وجذور الاستبداد
المزيد.....
-
“خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم
...
-
فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
-
“ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة
...
-
بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا
...
-
ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
-
بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي
...
-
مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي
...
-
مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة
...
-
بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري
...
-
أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|