أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل علي صالح - العقل وماهية الإدراك العقلي















المزيد.....



العقل وماهية الإدراك العقلي


نبيل علي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 10:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سنحاول، في هذه الدراسة، تسليط الضوء -بالمعنى الفلسفي والعلمي- على العقل والتفكير البشري، والوقوف أمام طبيعة ونوع الإدراكات والعمليات الفكرية ومجمل الإشكاليات والتساؤلات المعرفية التي يمكن أن يتعرض لها العقل، وذلك من خلال ‏المبحثين التاليين (الأول: معنى العقل، والثاني: نحلل فيه أهم العمليات التي يقوم بها العقل)..
ولكنني أود في البداية أن أشير إلى أن الهدف من البحث ليس تفضيل قراءة معينة أو أيديولوجيا ما على أخرى (سواء كانت قراءة مادية أم روحية)، بمقدار ما نهدف إلى محاولة طرح بعض الإجابات الفكرية القابلة للنقاش والجدل فيما يتصل ببعض الأسئلة العقلية والعلمية المثارة حول معنى وجوهر العقل وعملية التفكير العقلي التي يقوم بها الكائن البشري، ومنها السؤال الإشكالي الأهم: هل التفكير عملية مادية بحتة لا علاقة للروح بها من قريب أو بعيد؟! أم أنه يخالطها وتمتزج معها وبها مستويات من البديهيات العقلية (الأفكار المعنوية) ذات الصلة بجوهر الوجود الإنساني؟!!..
المبحث الأول: معنى وتعريف العقل
حاول العلماء والفلاسفة والمفكرون أن ينطلقوا، في فهم حقيقة (وماهية) العقل، من خلال المعنيين المادي والروحي، فيما يمتاز كل منهما بخصائص ومزايا استند عليها علماء الفريقين في وعيهم لحقيقة العقل وماهية الادراكات الحسية ‏والمعنوية التي تلتقي وتجتمع مع بعضها لتؤسس عملية التفكير والاختزان على قواعد معينة خاصة بهذا الطرف أو ذاك، لتخرج -نتيجة المحاكاة- على هيئة صيغة قانونية، أو جملة مفيدة، أو نتاج إنساني إبداعي معين.
وقد انقسم الفلاسفة الغربيون في هذا المجال إلى فئتين، إحداهما كانت تعتقد بأصالة العقل في المستوى الروحي، وامتلاكه القدرة على فهم وإدراك وتحليل مجموعة مفاهيم الكون والوجود ذاتياً من دون الحاجة للمرور بقنوات ومفاهيم التفكير الحسي المادي. ويأتي على رأس هؤلاء كل من ديكارت وكانت. أما الفئة الثانية فكانت تعتقد بأن الإنسان خلق وليس في ذهنه شي‏ء يذكر، بل إن صفحة ذهنه بيضاء لم تخط فيها كلمة واحدة.. فالإدراك ‏العقلي –وفقاً لهؤلاء- مادي بالذات. وقد قال بذلك جون لوك الفيلسوف الانكليزي المعروف الذي قسم المعرفة إلى وجدانية وتأملية، ومعرفة ناشئة من وقوع الحس على المعنى المعلوم.
وقد عالج، بعد ذلك، بعض الباحثين والمفكرين هذه المسألة من خلال البحوث والدراسات العلمية التجريبية التي أريد لها أن تصبغ الإدراك العقلي بالصبغة المادية البحتة من حيث المستويات الخاصة في ‏الأحداث الفيزيائية والكيميائية والفيزيولوجية.
ولكن يلاحظ على تلك المستويات التي ادعت الأخذ بتصورات ومفردات الجانب التجريبي ما يأتي:
أولاً: إن معالجة مسالة الإدراك العقلي، في جوهره الفلسفي، ليست من شأن العلوم المادية. لأن العلم ينحصر أداؤه ونشاطه العملي في نقطة مركزية واحدة معينة، وهي أنه يبحث -من خلال أساليبه التجريبية‏ ووسائله العلمية- في ماهية الأشياء كما هي في الواقع. لذلك لا يمكن أن نثبت أحداث الأجهزة المتعلقة بماهية التفكير والإدراك وظواهرها بالاستناد على ما تقدمه تلك العلوم من وسائل وأدوات وقوانين، على‏ أساس أنها هي نفسها الادراكات التي نحسها من تجاربنا في الواقع العام.. وأن الحقيقة التي لا يرقى إليها شك ولا جدال هنا هي أن هذه الأحداث والعمليات الفيزيائية والكيميائية والفيزيولوجية ذات صلة‏ بالإدراك وبالحياة السيكولوجية للإنسان، فهي تلعب دوراً فعالاً في هذا المضمار. بمعنى أن العلم –كما يؤكد الشهيد الصدر- لا يثبت مادية الادراكات العقلية على أساس أن هناك فرقاً واضحاً يظهر بين كون الإدراك شيئاً تسبقه أو تقارنه‏ عمليات تمهيدية في مستويات مادية، وبين كون الإدراك بالذات ظاهرة مادية بحتة، أو نتاجاً للمادة في درجة خاصة من النمو والتطور والحركة.
ثانياً: يوجد هناك عدد أو مجموعة من المفاهيم والقضايا العقلية لا تستند عملياً على الحس والمادة لإثبات مصداقيتها وحقيقتها الخارجية من قبيل (العلة والمعلول، الجوهر والعرض، الإمكان والوجوب، الوحدة والكثرة، الوجود والعدم، وما إلى ذلك من تصورات تصديقية ومفاهيم فلسفية أخرى)، الأمر الذي يجعل النظرية الحسية تخفق إخفاقاً ذريعاً في إرجاع جميع قضايا الإدراك الذهني البشري ومفاهيمه إلى المادة، لأن تلك المفاهيم‏ هي –في الأساس- مفاهيم انتزاعية أولية وثانوية، ينتزعها العقل الإنساني من خلال ملاحظته لحركة الواقع الكوني والإنساني، وعلى ضوء المعاني المحسوسة أيضاً.
ثالثاً: إن هذه العبارة أو القاعدة نفسها التي يقول بها الحسيون الماديون "العقل مادي بالذات، وهو مادة في إدراكه ووعيه للوقائع كافة"، هل هي معرفة أزلية (أو أولية) حصل عليها الإنسان من دون الرجوع إلى تجربة سابقة أو أنها ليست معرفة فطرية (غير ضرورية) بل هي تجريبية؟!.. فإذا كانت معرفة أولية سابقة على التجربة فقد سقط المذهب التجريبي برمته، وبطلت مزاعمه جميعها. وبالتالي ثبت وجود معلومات وأفكار فطرية أولية وإدراكات غير مادية في مستوى معنوية العقل وروحانيته. أما إذا كانت هذه المعرفة تحتاج أساساً إلى تجربة كي تقرر صحتها ومصداقيتها (الحقيقية)، فمعنى ذلك أننا لا ندرك في بداية الأمر أن التجربة مقياس منطقي، مضمون الصدق، فكيف يمكن البرهنة -على صحته ‏واعتباره مقياساً- بتجربة، ما دامت (هذه التجربة) غير مضمونة الصدق بعد؟!. بمعنى آخر أن التجربة لا تؤكد قيمة ومصداقية نفسها، فكيف بغيرها. وبناءً على ذلك ستحتاج كل تجربة إلى تجربة أخرى ‏وهكذا دواليك، حيث سنصل إلى التسلسل، والتسلسل باطل ومحال عقلاً..!! يضاف إلى ذلك أن المذهب التجريبي عاجز -في مستوى إيضاحه للإدراك العقلي المادي- عن إثبات حقيقة المادة بالذات. لأن العلماء لم يصلوا حتى الآن، في جميع مستويات بحوثهم ونتاجاتهم العلمية التقنية (بتنوعاتها الهائلة) إلى الدرجة التي تؤهلهم لمعرفة حقيقة المادة والكشف عنها بالذات لا بالعرض. بل كل ما استطاعوا معرفته أساساً هو وجود مجموعة من الظواهر العرضية المختصة بحركة المادة في بعديها الذري والمجراتي –إذا صح التعبير- الخلوي والكوني. ولذلك فالحقائق الميتافيزيقية، وقولنا إن العقل جوهر روحاني في مستوى مادي، ليس هو وحده المحتاج والمفتقر إلى الإثبات، بل فهم وإدراك حقيقة وكنه المادة هو نفسه بحاجة إلى إثبات وبرهان عملي ذاتي.
رابعاً: في الواقع هناك جانبان يرتبطان بمادية الإدراك العقلي أو روحانيته. وهما الجانب العلمي والجانب الفلسفي. والملكات العقلية الإنسانية تتصل عملياً بكلا الجانبين. أما الجانب الفلسفي فإنه يتجلى في نظرية ‏الملكات والإدراكات التي تقسم العقل الإنساني إلى قوى إدراكية، وملكات ذاتية عديدة، من نشاط العقل والذهن وفعاليتهما، كالانتباه والذاكرة والتفكير والإرادة والصبر والعزيمة وغيرها. فهذه الفكرة تدخل في ‏النطاق الفلسفي لعلم النفس، وليست فكرة علمية بالمعنى التجريبي للعلم. لأن التجربة -سواء كانت ذاتية كالاستبطان، أم موضوعية كالملاحظة العلمية لسلوك ((الغير)) الخارجي-غير مؤهلة، علمياً، للكشف عن ‏تعدد الملكات أو وحدتها. فإن كثرة القوى العقلية أو وحدتها، لا تقعان في ضوء التجربة مهما كان لونها. أما الجانب العلمي من مسألة الملكات فيعني نظرية التدريب الشكلي في التربية التي تنص على أن الملكات ‏العقلية يمكن تنميتها وتطويرها جميعها، وبلا استثناء، بالتدريب والممارسة التطبيقية في مادة واحدة، وفي نوع واحد من الحقائق. وقد أقر هذه النظرية عدد من علماء النفس التربويين المؤمنين بنظرية الملكات، التي كانت تسيطر على ‏التفكير السيكولوجي إلى القرن التاسع عشر، افتراضاً منهم أن الملكة إذا كانت قوية أو ضعيفة عند الشخص، كانت قوية أو ضعيفة في كل شي‏ء. ومن الواضح أن هذه النظرية داخلة في النطاق التجريبي لعلم ‏النفس.
خامساً: استحالة انطباع الكبير في الصغير. بمعنى أن الخصائص الهندسية للصورة المدركة التي تعد ركيزة الإدراك العقلي -وعلى أساس ظاهرة الثبات في الإدراك البصري للصور التي تنعكس في أذهاننا– ليست هي نفسها كما هي في الخارج، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما توصل إليه العلم الحديث من أن الأشعة الضوئية تنطلق من المرئيات إلى العين، ثم تنعكس منها على الشبكية.
من هنا نجد أن إدراك العقل لمادية الأشياء، كما هي، أمر مستبعد هنا. لأن هذه الأشياء -ومعها جميع الصور المدركة- لها صفات وخصائص هندسية معينة من الطول، والعرض، والعمق. ولذلك يستحيل أن تنطبع (تلك الصور) في فكرنا وذهننا كما هي في حقيقة الأمر.. كأن يدرك عقلك مثلاً طائرة أو سيارة أو حديقة، بوصفها نتاجاً مادياً قائماً في عضو الإدراك في الجهاز العصبي، وهو أمر غير وارد بالمطلق. لأن العقل -مع‏ إدراكه لحقيقة الأشياء كما هي- سيظل يصدر أسئلته الفلسفية العميقة حول ماهية هذه الصورة العقلية التي كونها الإحساس البصري مع أحاسيس وحركات أخرى، أين توجد؟! هل هي قائمة في عضو مادي، أو في ‏صورة ميتافيزيقية مجردة عن المادة. ثم إن خلايا الإنسان تتجدد بالكامل، كما ذكر العلماء، كل حوالي عشر سنوات. لذلك من أين لنا أن نؤمن بأن صورة تمتد كيلومترات عديدة يمكن أن تنطبع على صفحة‏ وريقية صغيرة جداً؟!. ويجب ألا ننسى هنا أن الصورة العقلية -ومجمل الإدراكات المتعلقة بها- تميل إلى الثبات، ولا تتغير طبقاً لتغيرات الصورة المنعكسة عن الجهاز العصبي.. فمثلاً إذا جئنا بقلم كتابة، ووضعناه على بعد متر واحد منا، انعكست عنه صورة ضوئية خاصة، لها أبعاد محددة معروفة. وإذا ضاعفنا المسافة التي تفصلنا عنه ونظرنا إليه من على بعد مترين، فإن الصورة التي يعكسها سوف تقل إلى نصف ما كانت عليه في حالتها الأولى، مع إدراكنا لعدم تغير حجم القلم. أي أن الصورة العقلية للقلم، التي نبصرها أمامنا، تبقى ثابتة بالرغم من تغير الصورة المادية المنعكسة. وهذا يبرهن بوضوح على أن العقل (أو الإدراك) ليس مادياً، وأن الصورة ‏المدركة ميتافيزيقية.
وهذا التفسير الفلسفي لظاهرة الثبات لا يتعارض ولا يتناقض مطلقاً مع أي تفسير علمي لها يمكن أن يقدم في هذا المجال. فيمكنك أن تفسر الظاهرة بأن ثبات الصورة المدركة -في مظاهرها المختلفة- يرجع إلى الخبرة والتعلم، كما يمكنك أن تقول -في ضوء التجارب العلمية- أن هناك علاقات محددة بين الثبات في مختلف مظاهره، والتنظيم المكاني للموضوعات الخارجية التي ندركها، فإن هذا لا يعني حل المشكلة‏ من الناحية الفلسفية، إذ أن الصورة المبصرة -التي لم تتغير طبقاً للصورة المادية، بل ظلت ثابتة بفضل خبرة سابقة او بحكم تنظيمات مكانية خاصة- لا يمكن أن تكون هي الصورة المنعكسة عن الواقع الموضوعي،على مادة الجهاز العصبي. لأن هذه الصورة المنعكسة تتغير تبعا لزيادة البعد بين العين والواقع، وتلك الصورة البصرية ثابتة..
وهكذا نجد أن العقل، ومجمل إدراكاته المختلفة، ليسا ماديين بالذات أو قائمين بالمادة، بل إن الحياة الفعلية -بما تتضمنه من صور وأفكار وإدراكات وأحداث ومؤثرات- تتكامل في الحياة من خلال ممارسة حركة الفكر والواقع، على صعيد الانسانية المفكرة. وليست هذه الإنسانية المفكرة شيئاً من المادة كالدماغ أو المخ فحسب، بل هي درجة من الوجود مجردة عن المادة، يصلها الكائن الحي في تطوره وتكامله، فالمدرك والمفكر هنا هو هذه‏ الانسانية اللامادية (الروحية)، وإن كان العضو المادي يهيىء لها شروط الإدراك، للصلة الوثيقة بين الجانبين الروحي والمادي في الانسان. (راجع كتاب: فلسفتنا للسيد محمد باقر الصدر، مجمع الشهيد الصدر، إيران، 1989م).
وقد حاول بعض الماديين الإجابة على هذا الدليل -مثلما عبرنا سابقاً- من خلال اعتقادهم التجريبي بأن ما نراه هو صورة صغيرة -مثل الميكروفيلم- توجد في الجهاز العصبي، ثم نحن نتعرف الى حجمها الواقعي ‏بمساعدة القرائن وقياس النسب.. ولكن يلاحظ على هذا الجواب ما يلي:
ألف: هناك فرق واضح بين الحجم بوصفه بعداً مادياً قياسياً (من حيث الحجم والكتلة والطول والعرض والعمق)، وبين طبيعة رؤيته.. أي رؤية الصورة المكبرة الممتلكة لهذا الحجم (بعد معنوي في مستوى المادة). أي أن معرفة حجم صاحب الصورة تختلف تماماً عن رؤية‏الصورة الكبيرة.
باء: لم تصل البحوث والدراسات والاختبارات التطبيقية العلمية إلى درجة الحسم والقطع في ما يتعلق بمسالة وعي حقيقة المادة المدركة للذات ومعرفتها، بل كل ما هنالك هو وجود جهود بحثية علمية تتمحور حول ‏دراسة النتائج الخارجية، والظواهر والخصائص المختلفة المرتبطة بالمادة من حيث العلاقة العرضية لا الذاتية. وهذا أمر متعلق بطبيعة البحث العلمي النظري والعملي، وهو موجود ومتداول في مختلف أنواع العلوم الإنسانية النظرية والتطبيقية.
جيم: لو سلمنا جدلاً بأن الصورة المرئية التي نريد إدراكها صغيرة جداً، ثم قمنا بتكبيرها مادياً في الذهن من خلال ما يعرف فيزيائياً بالقرائن وقياس النسب، فإننا سنبقى نتساءل -على الدوام- عن ماهية احتواء الذهن على الصورة الكبيرة وانطباعها فيه، بمعنى أننا سنجد دائماً في ذهننا صورة كبيرة، حيث سيتكرر الدليل المذكور بعينه بالنسبة لهذه الصورة الذهنية والخيالية.
سادساً: إن الانسان يستطيع أن يدرك عملياً صورتين مرئيتين في آن واحد، بحيث يمكنه القيام بعمليات المقارنة أو التماثل أو الاختلاف أو التساوي.. وما إلى ذلك. فلو فرضنا أن للصورتين حيزاً مادياً ينتقش في‏البدن، وأنه يمكن إدراكهما عن طريق الارتسام أو الحل الخاص، فلازم ذلك أن يصبح -كل جزء من جسم المدرك- قادراً على إدراك تلك الصورة المنتقشة فيه فقط، وأن لا يكون له علم بالصورة الأخرى مع ‏وجود عمليات المقارنة بينهما. فأية قدرة مدركة هي تلك التي تدركهما معاً، وتقيس إحداهما إلى الأخرى؟!. ولو فرضنا وجود عضو مادي آخر يدرك الصورتين معاً، سنتساءل، مرة أخرى، عن ماهية هذا الإدراك‏ الجديد؟! لأن لكل عضو مادي آخر مستوى مادياً يدركهما معاً ويقيس إحداهما إلى الأخرى؟! ثم إن لكل عضو مادي أجزاء. فإذا كان الإدراك عبارة عن انتقاش الصورة في محل مادي، فإن كل جزء منه يدرك تلك ‏الصورة المرتسمة فيه، وبالتالي فإنه لا تتم أية مقارنة. إذاً لا بد من التسليم بوجود قوة مدركة بسيطة تدركهما معاً، وبالتالي يثبت عدم انطباع الصورة في محل مادي، الأمر الذي يؤدي إلى الإيمان بتجرد الإدراك ‏العقلي وتجرّد النفس المدركة.
نخلص مما تقدم إلى أن العقل عبارة عن جوهر روحاني يميز الانسان بموجبه بين الخير ومفرداته من جهة، وبين الشر ومفرداته من جهة ثانية. أو هو ملكة روحية فقط بمستوى مادي تركيزي متقدم، تمثل أداة ‏معرفية أساسية يمكن أن يصل الإنسان عن طريقها إلى نيل مطالب وغايات تعجز إدراكاته المادية الحسية عن الوصول إليها. إنه قدرة وطاقة ذهنية فائقة النوعية، منحها اللّه تعالى للانسان، يمكنه بها ومن خلالها أن يميز ويوازن ويحكم‏ ويدرك الأشياء وسائر المخلوقات والموجودات.. الأمر الذي يوجب على الإنسانية كلها أن تتحرك بكل نشاط وفاعلية على ضوء تكريم اللّه تعالى لها بميزة العقل ونعمة التفكير من أجل تحقيق هدفية الوجود الإنساني الممكن على طريق التكامل والتوازن الروحي والمادي.
المبحث الثاني: عمليات العقل
ذكر كثير من العلماء والفلاسفة أن العقل يمكن أن يمارس مختلف العمليات الإدراكية الآتية، من خلال حركة الانتقال المرحلي من إدراك إلى آخر:
1- الاستنتاج والحكم.
2- إدراك المفاهيم الكلية.
3- تصنيف الموجودات.
4- التجزئة والتحليل.
5- التركيب والتلفيق.
6- إدراك المفاهيم الإبداعية.
وسنحاول أن نفصل، منهجياً، البنية والطبيعة الفكرية الذاتية لكل عمل وسلوك يقوم به العقل، والذهن الإنساني المدرك، في إطار ممارسته لحركة الواقع الكوني الخارجي.
أولاً- الاستنتاج والحكم:
وهو يعني استخراج حكم خاص جزئي من حكم عام كلي، من خلال ملاحظة حركة المصاديق الخارجية بوصفها عوامل داعمة للاستنتاج، والحكم المراد أن يتحول بشكله البنائي إلى قانون عام في حركة الواقع، على‏ أساس أن الدخول في الاستنتاج المنطقي بشكله البنائي هو نوع من القياس البرهاني الاستدلالي في اصطلاح علماء المنطق. فمثلا نستطيع الحكم عملياً على أن مجموع زوايا المثلث يساوي (2) قائمة، أي (180) درجة في أي بقعة جغرافية من العالم، بعد أن وقفنا على صحة ذلك من خلال البرهان العقلي، واستقرار العقل على هذا الحكم العام الكلي.
كذلك إن العقل يحكم -عن طريق البرهان- بأن الدور محال، وذلك لأن معنى الدور هو أن يتوقف (أ) على (ب)، وفي الوقت نفسه يتوقف (ب) على (أ). فتوقف (أ) على (ب) معناه كون وجوده ناشئاً منه ومفاضاً عنه، فيستلزم تقدم (ب) على (أ) زمانا أو رتبة. فلو فرضنا في الوقت نفسه توقف (ب) على (أ) -الذي معناه تأخر (ب) عن (أ) لكون وجوده ناشئاً منه- يلزم أن يكون شي‏ء واحد، في آن واحد، ولحاظ فارد، متقدماً ومتاخراً.. وليس هذا إلا اجتماع لمتضادين وهو محال، وكل ما استلزم المحال محال. فالدور محال، هذا ما يستلزمه الدور.
وعلى ضوء ذلك يمكن القول (والحكم) بأن أية فرضية علمية تعرض على العقل، وكانت متضمنة للدور، يحكم ‏العقل بأنها فرضية محالة وغير قابلة للتحقق الفعلي، من غير فرق بين أن تكون تلك الفرضية منتمية إلى باب الطبيعيات أو الرياضيات أو الإلهيات.
ويعتمد الاستنتاج -في مستوى الإدراك العقلي- على البديهيات الأولية الأساسية التي تعد من أهم ميزات الاستنتاجات التي يقوم بها العقل. إضافة إلى اعتماده على القياس البرهاني، كما ذكرنا، من أجل إثبات ‏مقدماته على أساس توفره على الشروط المنطقية المعتمدة من خلال يقينية المقدمات المرتكزة على البديهيات التي قد نصل بموجبها إلى قضايا غير محتاجة إلى الاستدلال.
ثانياً- معرفة المفاهيم الكلية العامة:
تتم هذه المعرفة الإدراكية التي يمارسها العقل الإنساني، من خلال سلوكية الانتزاع الذهنية التي تقوم على أساس أن يصل الذهن نفسه إلى حكم عام كلي حقيقي من خلال معرفة مفاهيم معينة لا تنطبق إلا على ‏حالة ذاتية أو فردية واحدة، مثل كلمة "الإنسان" التي تنطبق شكلياً -بوصفها موضوعاً عاماً- على أفراد كثيرين. بينما نجد أن أسماء مثل (محمد، علي، حسن.. الخ) لا تصدق إلا على من سميت به، بالرغم من وجود صفات وخصائص مميزة مشتركة في ما بينهم. وفي هذا السياق وضعت نظريتان في مجال المعرفة العقلية، وهما:
1. نظرية التجريد والانتزاع:
وهي تُبنى على قاعدة قيام العقل بسلب الخصوصيات والمشخصات عن الأفراد، واستخراج القدر المشترك بينها. مثلاً: إن زيداً ومحمداً وعلياً وو.. متميزون في جهات شتى من الطول‏ والقصر والبياض والسواد وسائر الإضافات، ومع ذلك يدرك العقل أن هناك عاملاً مشتركاً بينهم في أمر يفصلهم عن سائر الأنواع، وهو المسمى بالإنسانية. وهنا يقوم العقل بانتزاع هذا المفهوم الكلي بعد تجريد هؤلاء الأفراد من المشخصات الخاصة بهم.
2. نظرية التبديل: وقد حققها الفيلسوف الإيراني المعروف صدر الدين الشيرازي والمعروف بـ(صدر المتألهين). وهي تقوم على أن إدراك المفاهيم الكلية ليس إلا من باب تبديل المعرفة الحسية بالمعرفة العقلية.
وحاصلها أن للمعرفة مراحل ‏ثلاث:
ا مرحلة الإحساس.
ب مرحلة الحفظ.
ج مرحلة الإدراك الكلي.
مثال: إذا أطل الإنسان بنظره على حديقة غناء جميلة يرى أزهارها المتنوعة والملونة الجميلة، والفراشات تتراقص هنا وهناك، والرياض الخلابة البهية. فهذه المرحلة هي مرحلة الإحساس بالواقع الخارجي. وبعد ذلك ‏تتعطل القوى عن العمل، ويبقى هناك أثر في النفس، وهو الصورة الخيالية الحادثة. وعندما يغادر هذا الإنسان تلك الحديقة، يحاول أن يسترجع شريط الحدث، ويستحضر من خلاله ما رأى من المناظر البديعة في‏ أي وقت يشاء، بعد أن تكون قد حفظت في الذاكرة أو في "خزانة الخيال"، وهذه هي مرحلة الحفظ. بعد ذلك يستحضر الإنسان صوراً متماثلة أو متشابهة في ذهنه، ويميز المخصصات من المشتركات، ثم يترك الأولى، ويأخذ الثانية، لتكون الصورة المأخوذة هي الصورة العقلية. وهنا بالذات يقوم العقل بإنتاج المفاهيم الكلية في الذهن وصياغتها و"إبداعها"، وبالتالي تتكامل الصورة و"ترتقي" من منزلة إلى أخرى، حيث تكون الصورة ‏الخيالية "جزئية" والعقلية "كلية".
ثالثاً- تصنيف الموجودات وترتيبها:
تتم هذه العملية من خلال إعطاء الموجودات مفاهيم مختلفة يدخل بعضها تحت الجوهر، وعدة من الأعراض تحت الكيف، وأخرى تحت الكم، وهكذا.. وقد قالوا الحكماء والفلاسفة والمتكلمون أن الجوهر ينقسم إلى العقل، والنفس، والهيولى، والصورة، والجسم. وذكروا في انحصاره في الأمور الخمسة. وهذا حاصله:
الجوهر هو الماهية التي إذا وجدت وجدت لا في موضوع.. وعندئذ فإما أن يكون مجرداً في ذاته وفعله عن المادة، أو مجرداً عنها في ذاته من دون فعله، أو لا يكون مجردا.. فالأول هو العقل، والثاني هو النفس، والثالث أما أن يكون محلا لجوهر، أو حالاً في جوهر، أو مركباً منها.. والأول هو الهيولى، والثاني هو الصورة، والثالث هو الجسم.
أما العرض فهو ماهية مستقلة في نفسها مفهوماً، ولكنها إذا ما وجدت في الخارج وجدت في موضوع. وقد قسموا الأعراض إلى تسعة أقسام وهي: الكم، والكيف، والوضع، والأين، والجدة، ومتى، والفعل، والانفعال، والمضاف. وقد جعلها بعض الحكماء ثلاثة: الكم، والكيف، والأعراض النسبية.
رابعاً- التفكيك التجزيئي والتحليل التركيبي:
يقوم العقل –على هذا الصعيد- بأعمال ومهام كثيرة، نذكر منها تجزئة مفهوم واحد إلى مفاهيم كثيرة، كتحليل الإنسان إلى الحيوان الناطق، وتحليل الحيوان إلى الجسم المتحرك بالإرادة، وتحليل الجسم إلى ما له أبعاد ثلاثة، وغير ذلك ‏من التحليلات الجسمية والنفسية. والفرق بين التصنيف والتجزئة واضح جداً، حيث أن عمليتي التصنيف والتحليل أشبه ببناء المخروط المكون من قاعدة ورأس، فالتصنيف يبدأ من قاعدة المخروط حتى الوصول إلى الرأس الذي تجري فيه ‏عمليات جمع القضايا المختلفة تحت عنوان مفهومي واحد.. أما التحليل فإنه يشرع في العملية المعرفية (التحليلية)، ويقوم بتفكيك العناصر (والمحتويات) شيئاً فشيئاً حتى الوصول إلى القاعدة.
خامساً- التركيب والتلفيق:
يدخل التركيب في المجال التصديقي الذي يمارس العقل فيه هذا الدور من خلال تركيب قضيتين، ثم يستنتج منهما نتيجة حاسمة وقاطعة في هذا المجال أو ذاك. أما التلفيق فإنه ينتمي إلى (ويتحرك في) مجال‏ التصور، حيث يقوم العقل بعملية الجمع بين قضيتين بسيطتين ومن ثم إبداع (واستنتاج) ثالث من خلالهما، كأساس لممارسة التصور في ذهنية قد تبدو وهمية طبقاً للممارسة البشرية في الحياة.
إن عملية التصور والتصديق التي يقوم بها العقل في ربطه للمبادئ المختلفة واستنباطه لتمثلاتها وتجلياتها الحقيقية يكون في الواقع مدخلاً لاستنتاج مفاهيم راسخة ومبادئ كلية من دون الحاجة إلى سبب خارجي معين ‏بالذات. ولنأخذ مثلاً على ذلك وهو المبدأ الفلسفي المعروف "عدم التناقض". إن هذا المبدأ -الذي يعني الحكم التصديقي بأن وجود الشيء وعدمه لا يجتمعان- ليس موجوداً عند الإنسان في لحظة ولادته الأولى. لان وجوده الأولي يتوقف ‏على تصور الوجود، وتصور العدم، وتصور الاجتماع، ومن دون تصور هذه الأمور لا يمكن التصديق بأن الوجود والعدم لا يجتمعان. فإن تصديق الإنسان لشيء لم يتصوره أمر غير معقول.
إذا يجب أن يكتسب الإنسان مجموعة من التصورات الخارجية التي يتوقف عليها هذا المبدأ، الأمر الذي يلقي عليه (على الإنسان) مسؤولية أن يتحرك في الواقع الحسي على أساس أن تكون التجربة المادية-والحقائق أو المصاديق الخارجية- بمثابة العامل المساعد الداعم لإظهار وإبراز فعالية التصورات، والأفكار الفطرية في خط تكاملها عبر شرائط وخصائص معينة، كما ذكرنا في ما مضى.
وهذا التأكيد لا يعني -بأي شكل من الأشكال- خلو النفس الإنسانية من المعارف العقلية الأولية. إذ أنها تنطوي (بذاتها) على تلك المعارف الأولية البديهية. وبالحركة الجوهرية يزداد وجودها شدة، حتى تصبح‏ تلك المدركات بالقوة مدركات بالفعل.
سادساً- إدراك المفاهيم الإبداعية:
وهي عبارة عن صنع العقل أو انتزاعه بالفعل لمفاهيم ذهنية واقعية ليس لها مصاديق خارجية تنطبق عليها، وإن كان العقل لا يستغني عن ملاحظة حركة الخارج في صنعها وانتزاعها، كمفهومي الامتناع والإمكان، وغير ذلك من المفاهيم الإبداعية المنتزعة، حتى تلك التي تتعلق بارتباط الإنسان بحياته الخاصة والعامة، كمفهوم الرئاسة والمرؤوسية، والبيع والإجارة في القضايا الاعتبارية الاجتماعية والاقتصادية، والقضايا السببية والشرطية والمانعية في الأمور الاعتبارية التشريعية.
إن المفاهيم الكلية التي يدركها العقل، أو ينتزعها، تقسم عموما إلى ما يأتي:
أ. المفاهيم الكلية الماهوية: وهي من المفاهيم المعقولية الأولى التي تنتزع ذهنياً بشكل ذاتي من دون الحاجة إلى بذل أدنى جهد ملموس يسير في مستوى إجراء المقارنات والمقايسات والربط وما إلى ‏ذلك، كمفهوم الإنسان، السواد، البياض.
ب. المفاهيم الكلية الفلسفية: وهي مفاهيم معقولية ثانية، تحتاج -في عملية انتزاعها- إلى بذل جهد عقلي فكري مع إجراء عمليات مقارنة ومقايسة خارجية. كمفهوم العلة والمعلول الذي يبحث –على سبيل المثال- في طبيعة ‏العلاقة المعلولية الذاتية بين النار (كعلة) والحرارة (كمعلول).
ج. المفاهيم المنطقية: وهي عبارة عن مفاهيم انتزاعية يمكن للعقل أن يصل إليها بعد ملاحظته لوجود مفاهيم أخرى من ضمن خصائصها وصفاتها المميزة، كمفهوم (الإنسان) الذي ينطبق تماماً على صفة ‏الكلية.
*كاتب وباحث سوري





#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة الانتظام العربي والإسلامي في عالم الحداثة والتنوير
- المفاعل النووي السوري بين الحقيقة والوهم..
- المقاومة الوطنية والإسلامية.. ومعادلة الصراع الاستراتيجي ضد ...
- محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي - القسم ا ...
- الفساد في العالم العربي معناه، دوافعه وأسبابه، نتائجه وعلاجه
- إلى الصدر الصغير: العراق بين الدولة المدنية أو الدولة الطائف ...
- محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي 1/2
- الإعلام العربي بين واقع التضليل وطموح التغيير


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل علي صالح - العقل وماهية الإدراك العقلي