أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - بعيدا عن وخز السياسة.. قريبا من كَرَز القلب














المزيد.....

بعيدا عن وخز السياسة.. قريبا من كَرَز القلب


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2450 - 2008 / 10 / 30 - 02:57
المحور: الادب والفن
    


الذاكرة، تلك الشمس الأخرى التي يدور حولها فلك التاريخ
( أدونيس)

مرح البقاعي

أين تلك الأنثى التي عبرت المحيط ذات صباح بحثا عن أكسجين الفرح؟
الأنثى المحفوفة بالسفر، المسكونة بدهشة الاقتراب،
الأنثى الجَيداء بالفطرة، حمّالة ضوضاء المسرّة،
الأنثى التي تسير حافية على البلّور المكسور فيستطيل رمشاها من لذة الألم،
الأنثى المضيئة كسمك الأعماق، النافرة كأيقونة المعابد،
الأنثى التي لا يرجّّ حليب دماغها إلا كهرباء محي الدين بن عربيّ ولا يحاكي غرائزها إلا توت بودلير البرّي،
الأنثى التي لا يعتريها ندم ولا يمسسها تعب،
الأنثى التي تهزّ سرير القصيدة بيد وتضرم نار الإنتفاضات باليد الأخرى،
الأنثى التي تفرش سرّها سجادة للعدم لتجمع شرانق الغواية،
الأنثى المشدودة كزوبعة والمقطّرة من بخار فجر البحيرات ...

أين تلك الأنثى؟!

أراها تتكوّر في زوايا المكان منسحبة من لجة الهواء الثقيل الذي لا يتسع لعرض رئتيها، الهواء المحمول على غيم البلبلة،
أراها تنأى عن المحطات وحقائب السفر لتحط كطائر البرد على غصن التفرّد،
أراها تنطفئ بنشوة صوفيّ في رحلته بين طبقات الضوء والرخام،
أراها تألف انسحابها من استعارات اللغة وفوضى الرجال لتسكن إلى حياد ممتنع،
أراها تلملم ما تسنّى لها من شرارات الكلام لتشعل أزهار شرّها الأخيرة،
أراها تتراجع عن دقّ النواقيس لتعقر ناقة السياسة العرجاء بلا رجعة،
أراها تناور زبزبات القلب الذي اختلط دمه بقميص عثمان،
أراها ترش توابل الرعشة على قبور من مروا جذافا في خط العمر ولم يتركوا على صفحة المساء وردة،
أراها تترنح في دخان نار أضرمتها يوما في قصاصات الذاكرة حتى لا يغتالها حنين، أو يبتلعها ابتعاد...

أين تلك الأنثى التي غادرت مدن الحرير والجلجلة لتبتعد في منجم من فحم الأمكنة الداكن؟

عشرون عاما انطوت ولم تغادرها رفوف الحمام المتكاثر على أسطحة البيوت العتيقة وراء الحجب،
عشرون عاما ولم تنسحب من رأسها تسابيح النسوة الخائفات عليها من حوادث المرور عبر القارات،
عشرون عاما ولم تستوعب الشوارع الإسفلتية العريضة انتقالها العصبي في التواءات الحرية المستحيلة،
عشرون عاما لم تستطع ليّ صدح مأذنة التاريخ أو طرد رائحة التفاح من مسام أوراقها العاثرة،
عشرون عاما لم تتمكن من غسل لون الحبر عن أصابعها الراجفة شعرا وتعب،
عشرون عاما لم تنتشلها من تفاصيل الحزن المريميّ وبواكير الرعشة الأولى وتنور رغيف الخبز لحظة يغادر نار الرحم،
عشرون عاما ولم يغادرها بنفسج النوافذ المغلقة قسرا على الغامر من شبق الجسد وفريضة الصوم عن الحب،
عشرون عاما ولم يندمل خدش الروح أو تسكن رجفة الانعتاق...

أين تلك الأنثى الذاهبة في الدوائر باتجاه خط الأفق المشدود إلى تخوم الله؟

هنا، الآن،
حيث يغيب الكَرَزالشاميّ عن مائدة الأصدقاء الجدد، أصدقاء الوجبة السريعة،
حيث مسامير البرودة تدق صليبها على جدار من حجر العزلة النافلة،
حيث يتراجع عازفو الناي عن صياغة مادة الحب، ويصير المكان فقاعة صابون طافحة تبتلع الأشعار والأطفال وما تخثّر من دم وردة،
حيث الطريق إلى الأمام أحجية، ومشروع الابتعاد في غمامات الذاكرة انتحار،
حيث تقبع الأنثى في ديمومتها الطافية على سطح من الزئبق الساخن،
هنا، الآن،
تنهض الأنثى من غبارها لتفتّش عن أنثاها العالقة بين أسنان مقصّ العوالم، حيث سقطت مطرقة الحدود وارتفع منجل المسافة...

وبخفة العائد من غيبوبته تلج الأنثى أنثاها في جرة من حليب الفجر الذكي،
فترتفع زيتونة
زيتونة لاشرقية ولا غربية
زيتونة تكاد تشتعل ولم تمسسها نار ولا يد!



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مربّعات بيروت
- مرح البقاعي: المثقفون العرب خاضعون لأيديولوجيات متجاوزة
- في بعث -الفحولة- السياسية
- العالم ما بعد أميركا
- سوريا الوطنية، بين وجع الناصرية ومواجع الفقيه الإيراني
- مشنقة الياسمين !
- آل البيت السوري
- مدّ اللسان الإنكليزي
- ثالوث التجديد الإسلامي
- الشاميّة العالمية
- عودة الابن الضال
- في القراءة الأصولية
- امرأة غوانتانامو
- أفعى في بنطلون!
- في رثاء البلد.. وأمي
- بعد الذهاب.. قبل الوصل
- شرق الغيب وغرب المعرفة
- المنتحرون ‍!
- وديعة رابين أم وديعة الأسد ؟
- لا عزاء للسيدات


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - بعيدا عن وخز السياسة.. قريبا من كَرَز القلب