أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس ولد القابلة - انعكاسات الأزمة العالمية على المغرب















المزيد.....

انعكاسات الأزمة العالمية على المغرب


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2450 - 2008 / 10 / 30 - 01:29
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الضربة ستكون شاملة وموجعة
جاء في كتاب "روزا لوكسمبورغ" "الاقتصاد السياسي"، منذ مائة سنة، أن قانون الرأسمالية، هو قانون التنافس الحر الذي لم يتبدل، وبالتالي فإن تغييب كل تخطيط وتنظيم، يجعل ثمار النشاط الاقتصادي للبشر بعيدا عن إرادتهم، ولا يعني ذلك القانون سوى الاعتراف بأن الفوضى هي أساس النظام الرأسمالي، لهذا فالأزمة المالية الحالية، هي في واقع الأمر أزمة سياسية. ولا محالة أن آثارها السلبية ستنعكس علينا، على الأقل في إطار تقليص المساعدات المقدمة لنا والمزيد من التخلي عن القطاع العام وتأخير تفعيل آليات التنمية، وهو ما يعني استمرار انتظار المغاربة لغد أفضل.
لذا يستغرب المرء عندما يسمع تصريحات بعض المسؤولين تدافع عن ترهات، من قبيل أن بلادنا ستظل عن منأى تداعيات وانعكاسات الأزمة العالمية الحالية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها في كل مكان ما عدا في "مغربنا السعيد"، فكيف لبلادنا أن تكون بمعزل عن هذه الأزمة وطبيعة منظومتنا الاقتصادية والاجتماعية تكذب تلك الترهات المصرح بها، جملة وتفصيلا. أليس نمط الإنتاج المعتمد بالمغرب رأسمالي تبعي، وهو السائد، وتبعيته أكثر من كافية، للبرهنة على عدم صحة ما تفوّه به هؤلاء المسؤولين؟
وعلاوة على ذلك، هل تناسى هؤلاء أن الاستراتيجية التنموية الرسمية، والتي هم مطالبون بالسهر على تطبيقها، تراهن بالأساس على الاستثمارات الخاصة، سيما الأجنبية منها، وكلها مستقاة من الرأسمال العالمي الذي يعيش أزمة خانقة حاليا.
إذن ما الغرض من تلك الترّهات، هل ترمي إلى استبلاد المغاربة؟ أم هي محاولة يائسة لبعث الاطمئنان، كون الأوضاع هي أصلا متأزمة؟ فكيف يكون الحال إذا انضافت تداعيات وانعكاسات الأزمة العالمية؟
طبعا، هناك بعض التصريحات المحتشمة من طرف بعض المسؤولين تناقض تلك الترهات، ومنها تصريحات وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، ووالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري الذي قال إن المغرب مهدد بانكماش اقتصادي في ظل توقعات بتراجع الطلب الخارجي وتأثر قطاعات حيوية، وهذا ما أكده بعض القائمين على قطاع السياحة.

الواقع يفضح الترهات

خلافا لادعاءات بعض المسؤولين، من المنتظر أن يكون للأزمة العالمية وقع بالغ على الاقتصاد المغربي الهش أصلا. ولعل من بين هذه الانعكاسات الواضحة منذ الآن، والتي قد يلاحظها العام والخاص، تراجع تحويلات الجاليات المغربية بالخارج، وهو المورد الأول للعملة الصعبة. كما أنه من المنتظر أن يتأثر القطاع السياحي وأن تتقلص الاستثمارات ويتراجع الطلب العالمي على الفوسفاط ومشتقاته.
ولا محالة أن هذه الأزمة ستتجلى في تدهور أسعار الأسهم وانخفاض ربحية المصارف الضخمة وارتفاع البطالة، ويتوقع الخبراء أن تستمر إلى حدود سنة 2013.
فأول قطاع تأثر بالأزمة العالمية هو قطاع السياحة، المعوّل عليه لتسريع وتيرة التنمية بالمغرب، وأغلب القائمين على هذا القطاع ينتظرون سنة سياحية صعبة للغاية بجميع المقاييس، علما أنه قطاع يدر على البلاد ما يناهز 59 مليار درهم.

لن يفلت المغرب من الانعكاسات

أغلب الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن تكون تأثيرات الأزمة كبيرة على الاقتصاد الوطني، لاسيما في قطاع السياحة والطلب الخارجي على العقار وصادرات النسيج وقطاع الاستثمارات الخارجية.
ويرى إدريس بنعلي أن هذه الانعكاسات وتداعياتها ستكون ظاهرة للعيان إذ ستتجلى بقوة على نفس القطاعات المذكورة أعلاه.
في حين يرى الرشيد ماجيدي، الأستاذ المغربي بجامعة "إيكس مارسيليا" بفرنسا، أنه يجب النظر إلى انعكاسات الأزمة من الناحية، المالية والاقتصادية. فعلى الصعيد المالي، اعتبارا لمحدودية ترابط سوق البورصة والأبناك، فإن التأثير على هذا المستوى قد لا تكون له أهمية، لكن على الصعيد الاقتصادي سيكون التأثير أقوى وأهم، كما قد تصير الانعكاسات موجعة جدا.
أما يحيى اليحياوي فيرى أن الأزمة ضربت أمريكا، لكنها طالت بالتدريج باقي الدول الأوروبية والآسيوية، وقد رأينا كيف أن معظم هذه الدول قد سمحت لبنوكها المركزية، بضخ ملايير الدولارات في النظام البنكي والمالي لتفادي الأزمة، بل العالم بات اليوم على قناعة بضرورة إعادة تشكيل النظام - إذا لم يكن - الرأسمالي برمته، فعلى الأقل رافده المالي المتأزم.
وفيما يخص تأثير ذلك على الاقتصاد المغربي، يقول يحيى اليحياوي، قد يكون تأثيرا هامشيا بالقياس العام، على اعتبار أن اقتصاد المغرب اقتصاد متخلف، غير ذي قيمة كبرى، ولا أثر له يذكر على مستوى الأسواق، سواء طالتها الطفرات الإيجابية أم انتكست.
غير أنه يذهب إلى القول بأن الأثر سيكون نسبيا، بالاحتكام إلى التصريح بأن لا مخافة على الضعيف أصلا، لأنه يكسب خلال أوقات الربح كما في أوقات الخسارة، لكنه يتصور جديا أن اقتصادنا سيطاله التأثير المتأتي مما يسميه علماء الاقتصاد بالعدوى التي ستتمكن منه، بحكم تمكنها من شريكه الأوروبي مباشرة، والذي يبحث اليوم عن حل لأزمته البنيوية. ويقر اليحياوي بحتمية هذه التأثيرات على قطاعي النسيج والغزل والجلد بحكم انكماش السوق الأوروبي (التصدير)، وكذلك التأثير على مستوى حجم ما يأتي من استثمار أجنبي للمغرب، وأيضا مدخرات المغاربة العاملين بالخارج، وتراجع وثيرة الاستثمار في العقار إذا ضيقت البنوك على قروض ما يسمى بالمنعشين. وسنرى بالمحصلة أن ذلك سيترجم اجتماعيا إلى حالات تسريح جماعية للعمال، وارتفاع منسوب البطالة سيما بالقطاعات المذكورة، والمرتبطة بنيويا بالطلب الخارجي، وإلى حد ما الداخلي.
في حين يرى عبد السلام أديب أن الانعكاسات ستكون وخيمة اقتصاديا واجتماعيا، ولا مجال للشك أننا سنشهد تدخلا للدولة، مما سيكرس سوء توزيع المداخيل والثروات ويجسد بالملموس مقولة إفقار الفقير وإغناء الغني. فمداخيل الدولة من النقد الأجنبي ستعرف انحسارا كبيرا سواء عبر تراجع عدد السواح أو تقلص تحويلات المهاجرين أو تراجع الطلب الأجنبي، وبالتالي فإن مستوى مداخيل الدولة من الضرائب قد تتأثر عكس ما تم الإعلان عنه، وذلك رغم أن مؤشر بورصة الدار البيضاء تراجع مؤخرا، وظل خطاب التفاؤل والطمأنينة سائدا.

تدابير اتخذها بنك المغرب

لقد اتخذ بنك المغرب جملة من التدابير، غير أنها في نظر الكثيرين لن تغني عن تفادي انعكاسات الأزمة العالمية.
ويبدو أن بنك المغرب ظل حذرا منذ ظهور أولى شرارات الأزمة العالمية في صيف سنة 2007، وقد تجلت آنذاك كأزمة مرتبطة بالرهون العقارية، وزاد حذره مع ملاحظة ارتفاع نسبة التضخم من 1.8 إلى ما بين 3.6 و3.9 بالمائة، مما يدلّ أن الاقتصاد الوطني يسير نحو أداء يفوق قدراته الحقيقية، وهو ما دفع والي بنك المغرب إلى الإقرار برفع سعر الفائدة الرئيسية، وأدى بالتالي إلى اتساع القروض البنكية بشكل خطير، إذ ارتفعت إلى 40 بالمائة منذ 2007 وبنسبة 26 بالمائة سنة 2008، وهي قروض لم تقتصر على العقار وإنما مست قطاعات أخرى، مما شجع البعض على التصريح بعدم الخوف من انعكاسات الأزمة العالمية على المغرب.
وكان لزاما، من أجل كبح جماح حركية القروض والتضخم أيضا، الذي يفضي إلى ارتفاع الأسعار والزيادة فيها، أن يطالب المواطنون برفع الأجور، وهذا ما أدخل بلادنا في دوامة العلاقة بين الأسعار والمداخيل، ولتجاوز احتداد هذه المطالبة تمّ رفع سعر الفائدة الرئيسية التي أضحت مفروضة للحفاظ على سعر صرف الدرهم بالخارج، لكي لا يشكل انخفاضه عائقا في وجه الصادرات وتنافسية الاقتصاد الوطني على الصعيد العالمي، سيما وأن احتياطي المغرب من العملة الصعبة قد تراجع بفعل ارتفاع أسعار النفط والغذاء، لكن دون أي اختلال، ورغم اتخاذ مثل هذه الإجراءات فإنها لا تغني بلادنا عن الاستعداد لمواجهة انعكاسات الأزمة العالمية الحالية على الاقتصاد الوطني.

ما العمل أمام إشكال كهذا؟

لا مناص من انعكاسات الأزمة على المغرب، ذلك أن منظومتنا الاقتصادية تعتمد بدرجة كبيرة على تحويلات مغاربة الخارج والاستثمار الخارجي وبعض الصادرات (الفوسفاط ومواد فلاحية)، والأزمة العالمية ستجعل هذه الموارد تتصدع جراء ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع النشاط الاقتصادي، فإذا ما تأكد ذلك لن يبقى أمام حكومتنا إلا المصادر الداخلية، الضرائب والرسوم وتقليص النفقات الاجتماعية والمزيد من عرض ممتلكات الشعب للبيع بالمزاد العلني (الخوصصة)، وهذا يعني أن مستوى معيشة المغاربة سيتعرض للمزيد من التدني والتراجع.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا انتشرت ظاهرة بيع الجسد بالمغرب
- مشروع قانون المالية 2009
- الاحتقان المتراكم داخل الكوركاس هو الدافع لمراسلة الملك
- صرخة العسكريين المدانين بتهمة تسريب أسرار للصحافة
- صنعه الإسبان، حماه الحسن الثاني، فهل يحاسبه محمد السادس؟
- القاعدة الأمريكية بطانطان بين تأكيد التقارير الأجنبية وصمت ا ...
- في النكتة السياسية
- كبوة أم اختراق؟
- الأزمة الاقتصادية والمعاشية في المغرب .. إلى أين؟
- قضاؤنا قد -يخطئ- كثيرا ونادرا ما يصيب
- الجزائر غنية بنفطنا، تعادينا من أجله وتحاربنا بمداخليه
- يجب خلق كتابة دولة تعنى بقضية الصحراء الشرقية وساكنتها
- نفط الجزائر هو مغربي أصلا..اعتقاد لا يمكن تجاوزه أو تجاهله
- عبد الرحمان مكاوي ... المغرب لا يطالب بالصحراء الشرقية و إنم ...
- المرحوم عبدالرحمان المكينسي من الرجال الذين قصرنا في حقهم
- أمل استقبال -حلالة- لمحمد السادس يجهض من جديد
- منظومة المنظومة الإعلام و تنوع المجتمع
- صناديق الملوك الثلاثة
- -الكراسي- مصيبتنا
- هل حان الوقت لمحاكمة حميدو لعنيكري؟


المزيد.....




- تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم بالربع الأ ...
- انخفاض أسعار مواد البناء اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في الأسو ...
- نمو الاقتصاد الأمريكي 1.6% في الربع الأول من العام
- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية
- أرباح بنك -أبوظبي التجاري- ترتفع 26% في الربع الأول من 2024 ...
- البنك الدولي: توترات المنطقة تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس ولد القابلة - انعكاسات الأزمة العالمية على المغرب