أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد علي ثابت - في الحقيقة..














المزيد.....

في الحقيقة..


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 02:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حين كبرتُ وبدأتُ أعقل الأمور، وجدتُ أنه ما من حل عملي أمامي سوى الاستسلام التام لها. صحيح أنني كنتُ أشعر - في البدايات - برغبة جارفة في التحليق بعيداً، عالياً، والتحرر من حدود طاقتها القصوى ومما ستفرضه عليّ من أرق وانشغال محاولاتي لفهم كُنهها وإشباع شهواتها العقلية والحسيّة التي شعرتُ - منذ البداية - أنها لا تخمد أبداً، ولكنني وجدتُ نفسي مضطراً - بفعل قوة ما أو جاذبية ما أجهلها تقريباً بالكامل - للتعايش السلمي معها. كان عليّ أن أضاجعها لليال مستمرة حين ترغبْ وأن أهجرها لليال متقطعة حين ترغبْ؛ أن أداعبها بلُطف حين تطلبْ وأن أقسو بأصابعي وأوردتي عليها حين تطلبْ؛ أن أرفعها للسماء في ليلة كأميرة أحلام عذراء وردية في قصة أثيرة من قصص ما قبل النوم وأن أفرِّغ شحنات غضبي الجامح المتراكمة على مدار ليالٍ في وجهها - وبأمرها المدهش لي - في الليلة التالية.. كان عليّ أن أكون عبداً لنزواتها ولأفكارها الجامحة تارة والشريرة تارة والصعبة التصور على الدوام، ويبدو أنني - لسبب ما أجهله تقريباً بالكامل - قد ارتضيتُ لنفسي لعب دور عبدها المطيع في مسرحيتها المستمر عرضها في كل الليالي ولاسيّما في تلك الباردة التي تبلغ فيها وساوس شيطان الفكر والمعاشرة على الصفحات البيضاء أوجها

وبمرور الوقت، وجدت أنني فعلاً وحقاً فقدتُ أي رغبة في، أو قدرة على، مقاومتها والتصدي لها ولما تفعله بي وتحيكه لي. أصبحتُ لا أسعى حتى لترويضها وتقليم أظافرها الطويلة الجارحة.. صارت أهدافي كلها، أو أغلب الصباحي منها وكل المسائي، مختزلة في سعي متواصل لإرضاء تلك الشهوانية الشريرة التي لا تقنع بالقليل من الإمتاع والمؤانسة والتحيير أبداً ولا تطلب أو تتوقع من عاشقها أن يكون نمطياً رتيباً في طريقته في التعبير عن أوجه وأمارات عشقه المختلفة لها. هنيئاً لي، وحسرة عليّ: فقد صرتُ عبداً لطفلة تافهة لاهية تستمتع بالأسئلة التي لا إجوبة ممكنة أو حاسمة عليها حين تلقيها في وجهي وتحشرها داخل رأسي وتطلب مني التفكير معها، وأحياناً لها، فيها لحين اللقاء الحسيّ التالي؛ عبداً لمراهقة غانية جريئة لا تعرف للوقار أو للنواميس معنى في قاموس ألفاظها الخارج أكثرها؛ عبداً لعجوز تود الاستلذاذ بتَصَبُّب العرق على جبين مواعِدها فيما تبقى لأعضائها من قدرة على الحركة والاستلقاء ولرغباتها من قدرة على مقاومة حتمية الإخماد والإسكات النهائيين. وأصبحتُ كثيراً ما أسائل نفسي، حين تنشغلْ مواعِدتي عنّي: كيف نجحتْ تلك الغانية في إرضائك وإقناعك بهذا الدور الهامشي في مسرحيتها تلك التي لا يمكن إدراجها بأية حال ضمن جنس أدبي بعينه؟ وكيف قبلتَ بالجماعية في علاقة حميمية كتلك؟

وفي إحدى الليالي استجمعت بقايا شجاعتي الأولى في مواجهتها ووجدت نفسي مدفوعاً - بقوة أجهلها تقريباً بالكامل - إلى سؤالها: لماذا عليّ أن أقتربَ منكِ وأتواصل معكِ وأسعى لإرضائكِ على الدوام إلى هذا الحد، الذي هو عن مرتبة عبودية القرون الوسطى ليس ببعيد، رغم قسوتكِ المستمرة عليّ بالأفكار المحيرة المزعجة التي تقض مضجعي وبالأسئلة المفتوحة النهايات التي أكادُ أفشلُ دائماً في الإجابة عنها وبالطلبات والرغبات الجد شاقة التي يتطلب إشباعها منّي كل ذلك الجهد الذي رأيتيني أمارسه معكِ وأمامكٍ منذ لحظات؟ كيف جعلتيني أقبل أن تمارسي النخاسة معي؟! ورغم أنّي استنتجت فيما بعد أنّي لم أطرح السؤال عليها جهراً، او بالأحرى فإن بقايا شجاعتي الأولى لم تكن لتكفي لمكاشفة عويصة مصيرية كتلك وخصوصاً بعد لقاء شاق كذلك، إلا أنها فاجأتني - بينما كانت خيوط الصباح الأولى على وشك التشكل جهة النافذة الصغيرة التي أذكر أنها شهدت أول رسالة ورقيّة مُكَوَّرَة بعثتُ بها لإحدى بنات الجيران -- أقول: إنها فاجأتني، رغم ذلك، هامسة وهي تتحسس الشعر الكثيف على جانبي رأسي: طال العهد بينك وبين رُشدك الأول ولم تزل لا تعرف مَن أنا ولماذا لي حق الوصاية الدائمة على عضوك الكامن الدفين الكامن بين يديّ الآن.. يا لك من مُغَيَّب

وبعد ساعات قليلة، كنت أكَوِّر المزيد من الرسائل الورقية المعنونة إلى بنت الجيران الجدد



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة المالية العالمية وملاحظات أولية
- ثلاثي ضوضاء المسرح
- المحمول في يد الجميع
- أبجدية التحضر: منظومة الفكر والممارسة لدى العقول المتفتحة
- تأكل الطير
- فوضى.. ولكن
- لما بنكبر
- تخاريف بنكهة أندلسية
- فاتت ليالي كتير، كان الهوى مشاوير
- قوس كامل
- حلم وعلم
- تساؤلات إلى شاري الأيام
- في الاغتراب وعنه
- ثم يبدأ البحث عن الشاطئ التالي
- القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات
- حاجيات مهجورة
- حبل وشجرة
- وديانتي مصري
- حروف هجاء وجودية
- مقدمة حائرة إلى عِلم قديم


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد علي ثابت - في الحقيقة..