أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - حوار مع القاصة والشاعرة الفلسطينية عائدة نصر الله















المزيد.....

حوار مع القاصة والشاعرة الفلسطينية عائدة نصر الله


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 755 - 2004 / 2 / 25 - 08:42
المحور: مقابلات و حوارات
    


- أنا منهمكة في التفتيش عن الجمال الأدبي في كل نص أكتبه
-  لست متصالحة مع جسدي، وأعاني من الشعور الحاد بالوحدة

ثمة تعتيم إعلامي وحصار شديد يعاني منه الكتاب العرب الذين يعيشون في ( إسرائيل ). ومع ذلك فقد استطاع البعض من الأدباء والمبدعين الفلسطينيين كسر هذا الحصار والوصول إلى القرّاء العرب من خلال الصحف والمجلات الفلسطينية التي تظهر على الإنترنيت. ومن بين هذه الأسماء رجاء بكرية، نداء خوري، إيمان الرفاثي، شوقية عروق، طه محمد علي، فاروق مواسي، سهيل كيوان، نظام أيوب، أحمد حسين وعشرات الأسماء الأخرى التي لا تسعها هذه المقدمة القصيرة. إن عائدة نصر الله  هي كاتبة متعددة الاهتمامات، فهي قاصة نشرت أكثر من أربعين نصاً قصصياً في الصحف والمجلات الفلسطينية مثل ( صحيفة الاتحاد ) و ( مجلة الجديد ). وهي مؤلفة مسرحية كتبت أربعة نصوص مهمة وهي ( نسيج السبّحات )، ( الفوز بلقب صاحب الصوت المتهدج )، ( حوار ) و ( نسيج ). وقد عُرضت المسرحية الأولى على مسارح تل أبيب وباللغة العبرية. كما تُرجمت بعض نصوصها إلى اللغة الإنكليزية. ولها نتاجات قيّمة في مضمار الشعر والدراسة النقدية والترجمة. درست عائدة نصر الله اللغة العربية في جامعة حيفا، وتاريخ الفن في جامعة تل أبيب. وما تزال تعيش في قرية ( أم الفحم ) مسقط رأسها. وبمناسبة زيارتها لمدينة أمستردام إلتقها ( الزمان ) وحاورتها في أبعاد تجربتها الحياتية والإبداعية خصوصاً وأنها تعيش الظاهرة الملتبسة المسماة ( العرب الإسرائيليين ). وفي الآتي نص الحوار:

• تكتبين القصة القصيرة والشعر والنص المسرحي، فضلاً عن انغماسك في الترجمة وكتابة المقال النقدي. ألا ترين أنك موزعة في أكثر من اتجاه؟ أين تجدين نفسك تحديداً؟
- أنا لا زلت أفتش عن نفسي. ولم أجد نفسي في أي مكان تحديداً، بل قد تُدهش إذا قلت لك أنني لا أعتبر نفسي كاتبة لحد الآن، ولا أحب العناوين البرّاقة المكتوبة بخط عريض. أكتب لكي أعيش فقط، ولكي أشعر أنني موجودة على قيد الحياة. ولا أميل إلى القول بأنني أجد نفسي في القصة أو في القصيدة أو في المسرحية أو في المقال النقدي، بل أشدد على القول إنني أجد نفسي في الكتابة. هناك بطبيعة الحال حالات شعورية معينة هي التي تفرض شكل الكتابة. فالموضوع الشعري يختلف عن الموضوع القصصي، كما يختلف تماماً عن الثيمة المسرحية. فالعقل في الكتابة المسرحية ينبغي أن يكون حاضراً، بينما يجب على المخيلة أن تحضر في كتابة النص الشعري. إن هذا التشتت أو التوزع في الكتابة أعزوه إلى شخصيتي الفوضوية، العبثية، غير المركزة التي لا تعرف الاتجاهات الصحيحة.

• طالما أنك تعيشين في ( إسرائيل ) هل لك أن تسلطين الضوء على الكتاب العرب لكي نتعرف على تجاربهم الإبداعية. وهل هناك إمكانية لكسر هذا الحصار المرعب الذي يعيشه الكاتب العربي في الأراضي المحتلة؟

- هناك عدد كبير من الكتاب العرب داخل ( إسرائيل ). وهم محاصرون بقسوة، ولا مجال لنشر إبداعاتهم الكثيرة لكي تصل إلى القارئ العربي. أذكر لك، على سبيل المثال لا الحصر، القاصة والروائية رجاء بكرية صاحبة رواية ( عواء الذاكرة ). هذه كاتبة مبدعة، ومتمرسة، ومحترفة للكتابة. أي أن الفعل الإبداعي هو هاجسها الأول. وهي تكتب مقالات في النقد المسرحي أيضاً، ولكنها تعاني من صعوبة نشر نتاجاتها الإبداعية لضيق مساحة النشر داخل ( إسرائيل ). هناك الشاعرة المعروفة نداء خوري التي حققت شهرة واسعة من خلال قصائدها الجريئة، ولكن إبداعها، مع الأسف، مكرّس في غرض شعري واحد وهو استنطاق الجسد. ومع ذلك فإن هذا الموضوع مثير ولابد من طرحه وتناوله بشكل فني كما فعلت نداء خوري، وغيرها من الشاعرات العربيات الجريئات. هناك أيضاً إيمان الرفاثي، شاعرة جيدة ولديها حضورها الواضح في الداخل. ويمكن أن أذكر شوقية عروق وأخريات لا يحضرنني الآن. المشكلة أن الإعلام قد حوّل بعض الأسماء الشعرية إلى ظواهر معروفة في الوسط الثقافي مثل سميح القاسم، لكنه حجب الضوء عن أسماء إبداعية مهمة مثل الشاعر طه محمد علي الذي أعده شخصياً أفضل شاعر فلسطيني في الداخل لكنه مغمور. وهذه هي المفارقة ما بين الشهرة والإبداع. وهناك قاص مبدع اسمه محمد علي طه، وآخرون مثل فاروق مواسي، سهيل كيوان، نظام أيوب، وشاعر مهم جداً اسمه أحمد حسين، لكن يظل طه محمد علي أباً للشعر الفلسطيني، وهو لا يقل منزلة عن محمود درويش، ولديه صور شعرية بسيطة وعميقة في آن معاً، ولكنها تنخر عظامك من الداخل، ويجعلك ترى الجرح الحقيقي المحفور في الذاكرة.

• نشرتِ أكثر من أربعين قصة قصيرة في مجلة ( الجديد ) وصحيفة ( الاتحاد ) الفلسطينية ما هي الثيمات التي تلح عليك قصصياً. هل هي نفس الموضوعات التي تلح عليك شعرياً ومسرحياً؟ كيف تقررين كتابة الفكرة التي تدهمك من دون سابق إنذار؟
- كل فكرة تخطر ببالي تستدعي جنساً أدبياً محدداً، لأن ما يصلح للقصة قد لا يصلح للقصيدة أو للمسرحية. وفي قصصي ثمة خيط يربط الواحدة بالأخرى. موضوعاتي الآن باتت تختلف عن الموضوعات التي كنت أكتبها في فترة العشرينات والثلاثينات. فعندما كان الهم السياسي مهيمناً كان بطلي على الدوام إيجابياً، ثورياً، لا يخشى المخاطر والأهوال. الآن تبدلت الصورة وصرت أفكر كثيراً في الشكل الفني، وطريقة التعاطي مع الشخصية. المهيمنات الأولى جاءت من كوني تربيت في أسرة شيوعية ذات أحلام كبيرة. الآن موضوعات قصصي تتجه إلى ما يشبه الحوار الذاتي الذي يكشف الأشياء المستورة، ويضيء الجوانب المظلمة في الحياة، ويعري الأشياء المطمورة. فعلاً لقد بدأت في خلوة مع نفسي بشأن الكتابة التي تغير وضعها عندي. وأنا منهمكة في التفتيش عن الجمال الأدبي في كل نص أكتبه. ولا أخفيك فأنا منشغلة في المناطق التي لم تُتح أو لم تخترق في الحياة العربية كالألعاب الجنسية التي يمارسها الأطفال من دون أن ينتبه إليها أحد. نحن لحد الآن لم نستطع أن نتقبل الآخر لأننا لا نمتلك سلاماً مع أنفسنا، وثمة مناطق مخربة في أنفسنا علينا أن نرممها فوراً لكي نواصل رحلتنا.

• طالما نحن بصدد الحديث عن الجسد، والتصالح مع الذات، وترميم الخراب الروحي. هل أنت متصالحة مع جسدك الآن؟
- كلا، أنا لست متصالحة مع جسدي وروحي ونفسي، لذلك فأنا أعاني من الشعور الحاد بالوحدة. وهناك فرق كبير بين أن تمضي الليل لوحدك، وبين أن يشاركك إنسان في مشاعرك وأحاسيسك. أنا حرة الآن، وغير مرتبطة بأحد، لكن الرقيب الداخلي يربض على ظهري أينما ذهبت، وكأنه سلسلة تقيد خاصرتي. المصالحة مع الجسد تحتاج إلى فضاء رحب. إن تربيتنا لم تكن تشجع على المصالحة مع الذات والجسد والروح. فلا يكفي أن تكون في مكان حر كي تمارس حريتك. أنا تربيت في  أسرة ديمقراطية. وكان بيني وبين أبي حوار مختلف عن بقية الفتيات في الحي الذي نسكنه. كان أبي يسألني هل تحبين؟ ومن تحبين؟ وما هي طبيعة العلاقة بينك وبين حبيبك؟ بينما كان بقية الآباء يتحرجون من نثار هذا الحديث مع بناتهم. ورغم هذه العلاقة بيني وبين أبي إلا أنني لم أستطع أن أنفذ من جلدي.

• ألا تشعرين أنك تعيشين حالة ازدواجية حينما تحاولين استنطاق الجسد بينما أنت غير متحررة من هواجس كثيرة؟
- طبعاً أنا أعاني من ازدواجية، ولو لم تكن عندي ازدواجية لما كتبت. بل أن بعض كتاباتي تعبّر عن هذه الازدواجية. والكتابة هي من دون شك دواء لهذا الداء الخطير. فمن خلالها أستطيع أن أتصالح ولو قليلاً مع الجسد والذاكرة والروح.

• هل تربطك علاقة ما، ثقافية، اجتماعية، إنسانية بعدد من الكتاب الإسرائيليين في داخل إسرائيل؟ ما طبيعة كتاباتهم؟ وكيف يتعامل المثقفون اليساريون تحديداً مع الأدباء العرب الذين يعيشون في إسرائيل؟
- هناك علاقات مع الكتاب اليساريين اليهود، ولكن هذه العلاقات تظل محدودة بسبب الظروف المتوترة، فأغلب الكتاب اليهود يعانون من خوف شديد من التعامل معنا. فعلى سبيل المثال زميلي إتكار كيريت، هو شخص مستقل، وليس منتمياً إلى أي تيار سياسي. صحيح أنه محسوب على اليسار الإسرائيلي، ولكن عندما دعوته إلى بيتي أول مرة كان خائفاً ومرعوباً. فقلت له حاول أن تكسر جدار الخوف، وتجرّب. وفعلاً جاءنا إلى ( أم الفحم ) ورأى أن الجميع قد استقبلوه بمحبة كبيرة. هو شخصياً داخَله هذا الإحساس الأمر الذي دفعه إلى تكوين وجهة نظر جديدة. حقيقة الكتاب العرب هم أكثر جرأة من الكتاب اليهود في كسر حاجز الخوف وتكوين علاقات إنسانية مع الآخر. يبدو أن اليهودي يعاني من خوف تاريخي، وربما يعود هذا الخوف إلى تجربتهم مع الألمان. إذاً علينا أن نفهم أن خوفهم ليس من العرب فقط، وإنما من الآخر. وقد أثرت هذه الثيمة في مسرحيتي ( نسيج السبّحات ) التي قدّمتها على مسارح تل أبيب. ولهذا فقد أصررت على ترجمتها إلى العبرية، وتقديمها من منبر عبري، لكي أقدّم واقعي ورؤيتي بالطريقة التي أراها مناسبة، وليس بالطريقة التي يريدونها هم أنفسهم. المسرحي اليهودي يقدّم رؤيته هو عن العرب، ولا يقدّم رؤيتي أنا. فلماذا لا أقدم أفكاري أنا بالطريقة التي أعتقد أنها صحيحة ومفيدة ومؤثرة. على اليهود أن يتعبوا أنفسهم قليلاً لكي يفهمونا جيداً، ويعرفوا تراثنا وثقافتنا ومرجعيتنا الفكرية. باختصار ليست هناك علاقات يومية أو علاقات اجتماعية ملحوظة، وإنما هناك علاقات شخصية على مستوى أفراد غالباً ما يكونوا من المثقفين.
• من هم الكتاب أو الفنانون الذين تعرفينهم جيداً، وتطلعين على نتاجاتهم الأدبية والفنية؟
- أعرف جيداً الكاتب موتي ليرنر، والفنانة بيل شفير، والكاتب عاموس كنان، والقاص العراقي الأصل ساسون سوميخ، الذي كتب كثيراً عن العراق، وما يزال يحن إلى العراق. وأذكر مرة أنه كتب قصة عن العراق اسمها ( فيكتوريا ) وهي قصة مثقلة بالحنين إلى العراق، وعندما تقرأها لا ينتابك الإحساس أنك تقرأ لكاتب يهودي على الإطلاق، بل لكاتب عراقي مغترب يحن إلى العراق، وإلى أجواء بغداد، ومناسباتها، وأعيادها. وهناك كاتب عراقي آخر هو شمعون بلاس له حضور في المشهد الثقافي الإسرائيلي. أعتقد يعرفه كل من أدونيس وعبد اللطيف اللعبي.
• قاطعتها قائلاً: وربما يعرفه الشاعر عبد القادر الجنابي؟
- أكيد لأنه زار إسرائيل، وأحدثت زيارته ضجة كبيرة في الأوساط الثقافية العربية. ثم أضافت: هل لي أن أسألك كيف استقبلتم أنتم المثقفون العراقيون هذه الزيارة؟ فأجبت قائلاً: البعض شجبها، بينما اعتبرها البعض الآخر مجرد زيارة ثقافية هدفها الحوار، وفهم الآخر. ثم واصلت حديثها: هناك شاعرات يهوديات مهمات مثل داليا رابيكوفيتش التي كتب عنها محمود درويش قصيدة ( ريتا ). هناك أيضاً أ. ب. يهوشواع الذي صدر له كتاب ( العرس ) ويتحدث فيه عن علاقته بطالبة عربية. وكيف كانت هذه العلاقة مشوبة بالخوف والقلق، ثم تحولت إلى علاقة إنسانية حميمة.

• تميلين إلى الأسلوب الإستعاري أو ( الميتافور ) في كتابة نصوصك المسرحية؟ هل هناك ضرورة فنية تستدعي اللجوء إلى الأسلوب الرمزي؟

- إن الحاجة إلى الرمز تتوقف على الفكرة أو الموضوع الذي ينبني عليه النص المسرحي. هناك موضوعات تستطيع أن تتناولها بشكل مباشر، في حين أن هناك موضوعات اجتماعية أو سياسية محتدمة تقتضي اللجوء إلى الرمز. ثم أن اللجوء إلى الرمز هو نوع من المراوغة، أو إعطاء زوايا عدة للتفسير. فمسرحية ( الفوز بلقب صاحب الصوت المتهدج ) فيها شخصيات رمزية مثل ( الغمّاز ) الذي ينتقل من اليمين إلى اليسار، وشخصية ( الظل ) الذي هو التابع، لكنه مستفيد دائماً، وقد يخطف الأضواء بالرغم من كونه تابعاً. بينما يمثل صاحب الصوت المتهدج العهر السياسي.
• في مسرحيك ( نسيج السبّحات ) ظهرت تجلياتك اللغوية على أشدها بسبب الموضوع المرهف الذي يعالجه النص. كيف تتعاملين مع اللغة في أكثر من جنس أدبي؟
- أنا أعتبر اللغة هي الوعاء، ولا أستطيع أن أكتب بلغة عادية عن موضوع وجودي مثلاً، بينما أستخدم اللغة اليومية عندما أتحدث عن موضوع له علاقة بعامل أو فلاح و أي إنسان بسيط آخر. في مسرحية ( نسيج السبّحات ) هناك أربع شخصيات نسائية قتلن في فترات مختلفة لأنهن مختلفات. الأولى شخصية المكتئبة، والثانية الشاعرة، والثالثة الساذجة، والرابعة هي شخصية فاطمة، وهي الوحيدة التي أخذت اسماً في النص المسرحي. فاطمة قُتلت قبل مائتي سنة. وهي البداية التي ارتكزت عليها بقية الشخصيات. كانت فاطمة تحلم، وأرادت أن تنفذ هذا الحلم فقُتلت. الشاعرة كانت تحلم بنظرة وكلمة، ولكن كلمتها حادت عن الصراط المستقيم فقتلت. المكتئبة جعلت من اكتئابها ملاذاً وملجئاً، ولكن هذا الاكتئاب فعال، وليس اكتئاباً انهزامياً، ومع ذلك فقد قُتلت. الشخصيات جميعها تعيش في حالة من الحلم، وجميع الشخصيات تظهر بعد موتها على المسرح لتأخذ بثأرها. كل واحدة تموت من أجل مبدأ. وكل واحدة تسرد قصتها بطريقة غيبية خاصة. وهذه الحالات لا يمكن التعبير عنها بلغة عادية مباشرة. هذه الطقوس تحتاج إلى لغة غرائبية تستجيب للتحليق بين الحلم والواقع. هكذا تستحيل النساء مرة أخرى إلى أشباح، ولكن خلف الستار تستمر الأغنية. إذاً اللغة تتخذ أشكالاً مختلفة حسب طبيعة الشخصية وموضوعها الفني.

• تعتمد مسرحية ( حوار ) على ثيمة صادمة، وهي الحوار بين امرأة عربية ورجل يهودي. ما الذي تحاولين القبض عليه من خلال هذا اللقاء المفخخ بين اثنين يقفان على طرفي نقيض؟
- أنها محاولة للدخول إلى عالم الرجل اليهودي، أو الرجل الآخر ثقافياً واجتماعياً وأسطورياً في محاولة جدية لكشفه والتوقف عند أبرز المحطات الأساسية فيه. بالمناسبة أنا أقول عن نفسي أنني إنسانة ذات هويات ثلاث، فأنا فلسطينية،وعربية، ومواطنة أعيش في إسرائيل. وهذه الحالة أوجدتها إسرائيل، وربما لا توجد مثلها إلا في سراييفو بعد الحرب. أي أن يعيش المواطن ليس إزدواجية حسب، وإنما ثلاثية مركبة. فحينما أسأل عن هويتي أجيب أنني مواطنة فلسطينية، عربية، أعيش في إسرائيل. وأنا قطعاً لا أستطيع أن أنفي أنني أعيش في مجتمع آخر. وبطبيعة الحال يجب أن نفهم هذا المجتمع بكل مركباته. وهناك فرق كبير بين أن تكون مناوئ للسياسة الإسرائيلية ومناوئ للشعب الإسرائيلي. نحن الفلسطينيين والإسرائيليين ضحية السياسة الإسرائيلية معاً. وهناك شرائح واسعة من الشعب الإسرائيلي تدعم القضية الفلسطينية مثل اليهود اليساريين. ترى كيف يمكن لنا أن نتجاهلهم؟ بل على العكس أنني كفلسطينية أرى من واجبي أن أجند هذا اليساري اليهودي لصالح قضيتي الفلسطينية. والمشكلة هي كيف أستطيع أن أجند هذا اليساري الإسرائيلي لصالح قضيتي إذا أنا لم أفهم كيف يعيش حياته اليومية؟ إن الحوار في آخر الأمر هو النتيجة المنطقية لأي طرفين متناقضين أو متصارعين، غير أن هذا الحوار ينبغي أن يكون قائماً على الفهم المتبادل، ومعرفة الآخر معرفة جدية. السؤال المهم الآن هو ماذا يعرف اليهودي الإسرائيلي عن العرب، أو عن الإسلام الحقيقي؟ أو ماذا نعرف نحن عن الديانة اليهودية، أو عن عادات وتقاليد الشعب الإسرائيلي؟ الجواب: الشيء البسيط لا غير! بالمناسبة هذه المرأة هي أنا، إذ رأيت أن أكتب عن مشاعري تجاه الأستاذ اليهودي الذي كان يحاضر في قسم المسرح في الجامعة وهو شمعون ليفي وأنا تلميذته. المسرحية تحاول أن تقول بصوت مرتفع  أن الحوار السياسي والثقافي والاجتماعي هو الحل الأنسب. مسرحية ( حوار ) تبدأ بحوار بسيط، لكنه يتعمّق شيئاً فشيئاً ليصل إلى تجليات العقليتين العربية والإسرائيلية. وخطورة هذا الحوار أن تُتهم هذه المرأة بالخيانة لأنها تتجاوز الخطوط المرسومة لها من وجهة نظر السياسيين الإسرائيليين والعرب، وربما تتجاوز المحرمات التي ترسمها العقليات المتحجرة. دعني أختصر الإجابة بأن المسرحية تحاول إثارة قضية فهم الآخر، ولكنها لا تقدّم حلولاً.
• في مسرحيتك الرابعة ( نسيج ) اخترتِ شخصيات متنوعة من مختلف بلدان العالم. ترى هل هي محاولة لكتابة نص كوزموبوليتاني يخرج من إطار المحلية إلى العالمية؟
- نحن نعيش اليوم في عالم صغير، وألم البعض صار ألم الكل. أنا لا أستطيع أن أنقطع عن معاناة الناس في أفغانستان أو العراق أو في أمريكا. نحن عالم واحد يهدده الرعب من الأسلحة الفتاكة، وتستفزه الهيمنة الأحادية للنظام الأمريكي على العالم. إن الضغط على بضعة أزرار ممكن أن يفضي بالعالم إلى نتيجة واحدة وهي إبادة كل من على الكرة الأرضية. من هنا جاء اهتمامي بالشخصيات الكونية لأنني لا أرى اختلافاً بين ألم الفلسطيني أو الأمريكي أو العراقي أو اليهودي، الألم واحد وإن اختلفت الأسباب. إن كثرة المذابح في العالم هي التي دفعتني لكتابة هذا النص المسرحي إذ كنت أرى النساء في سراييفو يبكين أبناءهن وأزواجهن بمرارة كبيرة، وبالتالي فإن دموعهن لا تختلف عن دموعي أو دموع أية امرأة في العالم. أريد من خلال هذه المسرحية الرجوع إلى الأسطورة التي تقول إن الأرض هي أمنا جميعاً، ولكنها مع الأسف ضاقت بنا. ترى هل تستطيع هذه الأمهات أن يخلقن عالماً من المحبة والوئام لأطفالنا. هذا هو الحلم المنتظر وإن كان يعتمد على رؤية نسائية أكثر منها رؤية رجالية. 

 الزمان



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعر والكاتب المسرحي آراس عبد الكريم
- حوار مع الفنان والمخرج رسول الصغير
- الشاعرة الأفغانية فوزية رهكزر - منْ يجرؤ ن يكتب غزلاً بعد حا ...
- قصائد من الشعر الأفغاني المعاصر
- في مسرحية - المدينة - المخرج البلجيكي كارلوس تيوس. . . يُلقي ...
- حلقة دراسية عن المسرح العراقي في المنفى الأوربي
- حوار مع الفنان آشتي كرمياني
- الروائي والشاعر العراقي إبراهيم سلمان لـ- الحوار المتمدن
- شعراء شباب يقدحون شرارة الحوار بين الشعريتين العربية والهولن ...
- نصر حامد ابو زيد يتساءل: هل هناك نظرية في التأويل القرآني؟- ...
- نصر حامد ابو زيد يتساءل: هل هناك نظرية في التأويل القرآني؟ - ...
- نصر حامد أبو زيد يتساءل: هل هناك نظرية في التأويل القرآني؟ - ...
- د. نصر حامد أبو زيد يتساءل: هل هناك نظرية للتأويل القرآني؟ - ...
- حوار مع الروائي والشاعر السوري سليم بركات
- حوار مع الشاعر البحريني قاسم حداد
- ندوة إحتفائية بالإطلالة الثانية لمجلة ( أحداق ) الثقافية
- حوار مع الشاعر السوري فرج البيرقدار
- الفنان علاء السريح لـ - الحوار المتمدن
- النص الكولاجي. . صنع الله إبراهيم نموذجاً
- حوار مع المخرج المغربي عبد الواحد عوزري


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - حوار مع القاصة والشاعرة الفلسطينية عائدة نصر الله