أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الهوز حسن - مفهوم- فكرة- العقد الإجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره.(2)















المزيد.....

مفهوم- فكرة- العقد الإجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره.(2)


الهوز حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 09:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



بعد المسار الطويل الذي تطرقنا إليه في المقال السابق المنشور في موقع الحوار المتمدن( العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19) حول فكرة العقد الاجتماعي، سنحاول في هذا المقال أن نتطرق للعقد الاجتماعي بمفهومه الحديث الذي كان بذرة لنهوض الدولة القومية الحديثة بأوروبا، و الذي أكد أن الثورة شئ لا مناص منه لبناء مجتمع حديث يحكم نفسه بنفسه، و ضرورة تقليم أضافر الكنيسة، و ذلك بتحديد دورها في المساءل الدينية فقط و منعها من التدخل في الشؤون السياسية. من هنا كانت مرجعية "العقد الاجتماعي" تنسب إلى الفيلسوف الانجليزي "توماس هوبز" (1679-1588) خصوصا ما تضمنه كتابه" اللوڨيتان"(التنين) .
لقد انطلق الفيلسوف الانجليزي "توماس هوبز" عندما أراد أن يبني تصوره حول أصل الاجتماع و الدولة أو ما أطلق عليه " العقد الاجتماعي" من الحالة الطبيعية أي تلك الحالة التي عاشها الإنسان قبل نشوء المجتمع، أي ما قبل الدولة، حيث أن الإنسان في هذه المرحلة يتميز بالحرية المطلقة فهو إذن بدون قيود و لكن نظرا للنمو الديمغرافي الذي ستعرفه البسيطة ستنمو و تكبر أطماع و مصالح هذا الإنسان و تتصادم فيما بينها ، و سيؤدي في بعض الأحيان إلى الاقتتال و سفك الدماء، و بالتالي لتلافي و لتجاوز هذا التصادم الذي قد يؤدي إلى انقراض العنصر البشري فقد اضطر الناس إلى التنازل عن بعض حقوقهم لصالح الجماعة، و في مقابل هذا التنازل يمكن للإنسان أن يضمن إلى حد ما العيش في الأمان و الطمأنينة بفعل الخضوع للقوانين و الأعراف المنظمة لمجتمعه، و ذلك كما قلنا تفاديا لتصادم المصالح و بذلك تصير الحياة المشتركة ممكنة و تلك هي نشأة المجتمع/الدولة.
و الفكرة التي لابد أن نشير إليها هنا بخصوص نظرية "هوبز" حول العقد الاجتماعي هي أنه فرق في فكره بين العقد / و العهد، الأول ينفذ بمجرد إبرامه كعقد البيع مثلا: فالمشتري يدفع الثمن و البائع يسلم المبيع. أما العهد - أو التعهد - هو أن يتعهد أحد المتعاقدين أو كلاهما على أن ينفذ في المستقبل ما نص عليه العقد، و بذلك تترك له فرصة الوفاء بما التزم به بناءا على الثقة فيه. و العقد الاجتماعي في نظر "هوبز" ليس من نوع عقد الشراء و البيع الذي ينفذ حين التعاقد مرة واحدة بل هو تعهد ينفذ في المستقبل و مع مرور الأيام إنه ليس عقد تبادل échange بل عقد ثقة confiance : الثقة بالوفاء بالوعد.
و هنا يتضح لنا أن "هوبز" يعتبر العقد الاجتماعي المنشئ للمجتمع/الدولة بمثابة عهد يلتزم الأطراف بالوفاء به و عدم الإخلال بشروطه، و على هذا الأساس يتحدد معنى الظلم و العدل عند "هوبز": فالظلم هو عدم الوفاء بالعهد و العدل هو تنفيذه.

إذن العقد الذي يقصده "هوبز" هنا هو التعهد و ليس عقد من نوع عقد البيع، حيث يقول في سياق نظريته حول العقد الاجتماعي أن الاطراف يتعهدون بالتنازل عن حقوقهم في السلطة ، راضيين راغبين لشخص يجسد إرادتهم العامة. أما هذا الشخص فإنه لم يتنازل عن أي شئ و لا يتعهد بشئ لأنه ليس طرفا في العقد!.
فتعهد الأفراد بالتنازل عن حقهم في السلطة للحاكم سابق لوجود هذا الحاكم ذلك لأن هذا التعهد هو الذي يخلق هذا الحاكم، و بالتالي فهو ليس طرفا في العقد.
العقد الذي يتحدث عنه "هوبز" ليس كذلك من نوع الحكومة الذي يتم بين رعية وراع بل هو من نوع عقد الاجتماع.
فالأفراد حسب "هوبز" لايمكن لهم مساءلة هذا الحاكم، لأنهم هم الذين منحوه سلطة عليهم، من هنا قد يتبين لنا أن "هوبز" يؤسس لحكم مطلق استبدادي لكن لا يجب أن نصدر أحكاما قبل أوانها، سنرى فيما بعد ما يقصده "هوبز" بعدم المساءلة و ما حدودها.
فالملك حسب "هوبز" له حكم مطلق يختار مستشاريه بكل حرية و يختار السياسة الواجب تطبيقها على صعيد الدولة، و يقرر في جميع الأمور الأخرى.
فهو الذي يفرض الضرائب و يسن قوانين الملكية الخاصة و يفصل في المنازعات و يعلن الحرب و يعقد السلم...إلخ.
باستثناء شئ واحد لا حق للملك فيه هو الحق في الحياة لأنه عندما يتنازل الأفراد لصالح الحاكم فان هذا الحق في الحياة لم يكن موضوعا للتنازل.
فمثلا للشعب كامل الصلاحية في مواجهة أي اعتداء قد يمس الحق في الحياة بما في ذلك اعتداء محتمل من جانب الملك نفسه ، أو أي شخص أو قوى أخرى.
حيث أن للشعب الحق في الثورة ضد الملك عندما يرون انه قد نوى أن يعتدي أو اعتدى مسبقا على حقهم في الحياة.
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا في إطار نظرية "هوبز" : هو من أين للشعب هذا الحق في التمرد و الثورة على الملك و الحال انه لم يلتزم لهم بشئ، لأنه لم يكن طرفا في العقد كما قررنا من قبل؟
يجيب "هوبز" إذن :
إذا كان الحاكم متحررا فعلا من أي التزام إزاء شعبه إذ لا واجبات عليه إزاءهم، فان عليه واجبا إزاء الله، و هو العمل بقانون الطبيعة، الذي هو تجسيد لإرادة الله و حكمته و الذي بموجبه قامت الدولة و نصبت.
فالدولة لم تنشا عبثا بل من اجل مصلحة الناس، فعلى الحاكم إذن أن يجعل هذا نصب عينيه و أن يعمل من اجل سلامة الشعب و مصلحته ، و أن يسهر على الأمن و النظام و على توفير الرخاء وإقرار العدل فيعامل الغني و الفقير و القوي و الضعيف بالإنصاف.
وإذا حاولنا البحث في القراءات المتعددة لفكر "هوبز" فإننا سنجد تيارات و آراء عديدة حاولت أن تفسر نظرية "هوبز" ففريق رأى في نظرية "هوبز" المشرع للمَلََكِية المطلقة، و فريق آخر رأى فيه المحرض على الثورة و التمرد على الأنظمة الحاكمة، و فريق ثالث يقول انه يجب أن نفهم "هوبز" في إطار الجو الثقافي الذي كان سائدا أثناء تأسيسه لنظريته أي السياق التاريخي لنظريته.
و يمكن أن نقول أننا نتفق مع هذا الاتجاه الثالث لما فيه من شئ من الموضوعية، حيث يؤكد هذا الاتجاه أن "هوبز" عندما منح السلطة المطلقة للملك لم يمنحها لهذا الأخير ضدا على الشعب بل ضدا على الكنيسة التي أراد أن يجعلها تحت سلطة الدولة، و هذا هو ما اقرناه سابقا بقولنا يجب أن نفهم "هوبز" في إطار المناخ العام الذي عاش فيه، و الذي كان يتميز بسيطرة شبه كاملة للكنيسة ف"هوبز" يريد تقييد الكنيسة و إخضاعها للدولة. و الخطوة التالية بعد ذلك هي المناداة بالفصل بينهما أي بينما هو ديني و ما هو دنيوي (سياسي).
ولقد جرت العادة لدى المفكرين و الباحثين عندما يتحدثون عن العقد الاجتماعي بمفهومه المعاصر الانطلاق غالبا من نظرية "هوبز"، و بعدها يقفون عند "جون لوك" ليصلوا إلى "جون جاك روسو" ولكن لا نرى ما يبرر ذلك لان هناك منظرون و مفكرون آخرون لا تخلوا أفكارهم من أهمية كبيرة، و إن لم نبالغ فقد تكون أكثر و واقعية و منطقية، مما جاء به "هوبز" نفسه و نفكر في هذا الصدد في المفكر الألماني "بوفيندروف" (1694-1632 ) الذي عاصر "هوبز" و عارضه وهذا ما سنعمل على تحليله في المقال المقبل.

الهوز حسن



#الهوز_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم- فكرة- العقد الاجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الهوز حسن - مفهوم- فكرة- العقد الإجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره.(2)