أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين النصير - أدباء عراقيون - الشاعر سعدي يوسف















المزيد.....

أدباء عراقيون - الشاعر سعدي يوسف


ياسين النصير

الحوار المتمدن-العدد: 147 - 2002 / 5 / 31 - 06:25
المحور: الادب والفن
    


 أدباء عراقيون
الشاعر سعدي يوسف

1
الشاعر سعدي يوسف تيار من الشعر والحياة لم ينقطع . لوحده جيل من المثقفين : يكتب الشعر والرواية والقصة والمسرحية واليوميات والخاطرة والمقال النقدي والافتتاحية والعمود الصحفي السياسي، ويترجم الرواية والشعر ويقرا كل نهار صفحات عدة ، ويقلب الصحف والكتب وغالبا ما تكون قراءاته من الروايات فهي ديوان الثقافة وميدان إبداعها. لا يقرأ الشعر إلا إذا ترجم ولا يقترب من النص العربي السردي إلا إذا كان محملا بالشعر . يعيش حياته اليومية التي تمتلئ بأربع وعشرين ساعة من العمل والتأمل. تجده في عمان حيث يفضل أن يكون قريبا من نبض الشارع العراقي، و تجده في لندن حيث لجأ ، و تجده في سوريا حيث يعمل، و تجده في العراق حيث يتبادل القراء دواوينه وأخباره . و تجده في كردستان حيث يقرا المقاتلون شعره. له في المغرب حضور حيث يحتذي الكثيرون قافيته، و له في مصر رأي حيث يرى نبوءة الشعر في حركة حداثة ثالثة!! و تجده في المعارض الدولية للكتب حيث ترجمت اعماله للغات عدة. وهو نغمة على أفواه الأدباء الشباب حيث يكون محط إعجاب وقول واحتذاء. وعلى صفحات الجرائد حيث يُتحدث عنه، . سعدي يوسف تيار من الشعر يملأ حياة المدن والقرى. و كان يقول عبر هذا الحضور كله أن: العراق لوحده من بين دول العالم، حضي بنظام حكم دكتاتوري. وعلى الشعر أن ينقذ الناس من فاشية مقبلة. هذا ما قاله في السبعينات يوم كنا معا نعيد صياغة وجودنا من خلال كاس أو حوار. فيجد أن الثقافة بإمكانها أن تكون صوتا للمقهورين والمظلومين. وأنها بعد ذلك موقف وموقف وطني عالي النبرة. فشعر سعدي يوسف ، مثل حياته: تيار متدفق من الحيوية والحماس والقول المعلن. يثيره مرأى شجرة تتدلى أغصانها، أو وردة مزهرة الذوائب. فيكتب عنها قصيدة حب حديثة. يستبطن فيها امرأة من لحم وموقف. وتستثيره قضية مناضل في أنحاء العالم، فيكتب قصيدة عن مناضلين في سجون العراق وأقبيته المظلمة. فإذا بها صوت لكل المثقفين. يقول سعدي في نتاج هذا أو ذاك من الأدباء، قولا ليس فيه مجاملة. فهو لا يجامل على حساب ما،. موقفه كان وما يزال هو: كيف تكتب قصيدة تزيد بها فرصة التأمل في العالم .

2 سعدي يوسف رائد بحق لقصيدة اليومي والمألوف في الشعر العربي الحديث. فبعد حداثة نازك والسياب الشعرية في أواسط الأربعينات، وحداثة البياتي والبريكان وبلند الحيدري الشعرية في الخمسينات وهو ما شكل الحركة الأولى في الحداثة الشعرية العربية كلها. تأتي الحركة الثانية في الحداثة الشعرية على يد سعدي يوسف، وأدونيس وصلاح عبد الصبور والماغوط، ونزار قباني. وهو ما يشكل اختلافا جوهريا، بين حركتي الحداثة الشعرية. حيث أصبحت الحركة الثانية منفتحة على أهم عاملين في التحديث الشعري هما : الأسطوري والتاريخي من جهة ، واليومي والمألوف من جهة أخرى..

فانفتح شعر أدونيس على الأسطوري والشخصية التراثية كجزء من بنية الحداثة في أن تجد في المغاير والغريب والرمز التاريخي مكمنها الفعلي كما في صقر قريش مثلا.. وانفتح شعر نزار قباني على المرأة والجسد مؤسسا لثقافة رجولية على لسان جيل حديث في الرؤية وفي الممارسة مغايرة لما كانت مواطن الجنس في الثقافة العربية القديمة. فكانت المرأة ملاذا وحبا ووطنية. وانفتح شعر صلاح على المثيولوجي القريب والمشبع بالحس الأسطوري العربي القديم، وعلى الحياتي الشعبي المصري الغني باليومي. فكتب عن زهران وعن الحلاج. وانفتح شعر الماغوط على الشخصية المفردة التي تعارض مسار السرب المألوف في قصيدة نثر تجمع بين الحداثة والتقليد.
ضمن هذا المسار يأتي شعر سعدي يوسف منفتحا على واقع ومجتمع وقضايا ومشكلات سياسية وشخصيات مقطوعة مفردة، وعلى لغة مشبعة بالموروث، فصيحة العبارة غنية البلاغة. وعلى يومي غائر في الذات الجمعية للناس، وعلى مواقف سياسية محملة بمشكلات المجتمع. فتجد القصيدة التي يكتبها عن المغرب العربي، مغناة بلسان عراقي أو مصري أو سوري. وفيها ما يجعل اللغة مشبعة باليومي وفيها ما يرتفع إلى مصاف اللغة الأسطورة في الدلالة.
عندما تكون اللغة مكتفية بذاتها حاملة الإيديولوجيا المعاشة ومقروءة بلسان ثوري ومناضل . وفيها من الموضوعات ما يجعلها نادرة هي من تلك التي تستبطنها العامة وتقولها حسجة أو قولا مأثورا فتتحول القصيدة إلى مقطوعة يمكن أن تغنى أو تردد دون أن يكون فيها صوت نشاز أو قافية غير منسجمة.
3
نشأ الشاعر سعدي يوسف في البصرة، وكتب وهو ما يزال في الثانوية قصائد جمعها لاحقا تحت عنوان القرصان. إلا إن ما يميز تجربته الشعرية هو ديوانه المهم " 51 قصيدة" الذي صدر في أواسط الستينات. وفيه يؤسس لحداثة شعرية جديدة عمادها الحياتي واليومي والمألوف والشعبي، سواء من خلال الأحداث التي يعالجها، أم من خلال اللغة الشعرية البسيطة المحملة بالدلالة الاجتماعية والفنية. فكانت قصائده قصيرة مركزة. ليس فيها إلا ما يمكن أن يرتفع إلى اليومي الأسطوري. ثم تتعمق تجربته في دواوينه اللاحقة حيث كانت بلاد الجزائر ملاذا وواسعة كافريقيا لمغترب أراد أن يؤسس فيها نمط من القصائد التي تجمع بين المكان الصحراوي والعمق الثوري. فكتب ما يغني التوجه نحو قصيدة اليومي والمألوف. ويعود في أواسط السبعينات للعراق ثانية وينخرط في العمل الثقافي والسياسي، ويصبح نافذة للشعراء الشباب، الذين وجدوا فيه معلما وصديقا لتجاربهم الجديدة. كل الشعراء الشباب وجدوا في شعر سعدي يوسف جزء من طماحهم الفني والفكري.
في هذه السنوات يكتب ديوانا مهما هو " الليالي كلها" وفيه يؤكد مسعاه الشعري الذي ابتدأ به في الخمسينات والستينات، ولكن باقتصاد لغوي مكثف، وباختيار للمفردة المشبعة بحس شعبي - سياسي، ومحملة بغنى التجربة الذاتية. وفي الخلف من مسعاه الشعري الجديد كان أبو تمام يقف حيث احتذاء الشاعر له واضحاً . والشعر في بنيته استعارة .
في أواخر السبعينات يهاجر سعدي ثانية إلى خارج العراق ليستقر في لبنان حيث المقاومة الفلسطينية حاضنة للأدباء والمثقفين. وكاد أن يقتل في الاجتياح الإسرائيلي لبيروت. لولا انسحاب منظم. وفي هذه السنوات التي كان يحسبها قصيرة ، فقد سعدي جزء من أرضية العراق وثقافته. وبقي يعيش على الذاكرة والملتقيات. فشوقه إلى مفردة شعرية جديدة لا تأتيه من القراءات، وهو المولع بالقراءات. بل من المعايشة ، فكانت دواوينه- عندما في الأعالي عام 1989 محاولات 1990 قصائد باريس 1992 جنة المنسيات 1993 التي ظهرت في هذه الفترة مراوحة بعيدة عن ديوانه نهايات الشمال الأفريقي والليالي كلها .
إلا أن هذا البعد كان يقربه من مساحة جديدة في القصيدة، تلك هي مساحة اللغة الشعرية الحديثة .فقد عمد سعدي يوسف في محاولاته لأن يبقى مجربا، جوالا في حقول النخل كما يقال فلم يستقر على نمط شعري واحد . التجريب بالنسبة له مناخ من الاحتمالية. واللغة واحدة من الميادين التي لا يقف فيها التجريب. فبعد تأثره بابي تمام خاصة في مجال الاستعارة،بدأ يقتصد باللغة الشعرية فيحمل المفردة، معنى الجملة. ويحمل البيت الشعري الواحد معنى المقطع. وبذلك لخص واقتصد وكثف وتعامل بكل ما يمكن أن يكشف عنه التأويل النقدي لاحقاً. في هذه الفترة يمد يدا من شباك غرفته فيتلمس الطير المطر، بينما يده الأخرى تكتب قصيدة عن مطر يسقط على يد. وعن طير يحمل رسالة لمهاجر. وثمت قوس قزح يشق السماء، وامرأة لم تأت بعد. حتى لا تجد شاعرا في الديوان الشعري العربي الحديث يكثر من الغصن والشجر و الماء والمطر والبيت والسقف والطير والروح المتوحده.مثل سعدي يوسف. هل لأنه أبن بيئة جنوبية - البصرة-؟ أم لأن التجربة عنده مرأى ورؤية ومعايشة وحس عال؟ هو أن تكتب كما لو أنك تعيش كما يقول. العالم اليومي لسعدي يوسف ليس فيه ظلمة أو نور. ربما أن هاجسه الشعري لا يتصل بتفاصيل الساعات، كل الأوقات عنده شعرية، وكل المسافات ملغاة، إلا من لمسة يد ورؤية عين. لا يستدعي سعدي يوسف في شعره أسطورة أو تراثا أو تاريخا قديما. فهو يرى أن التاريخ يتشكل الآن من التجربة اليومية، وأن الأسطورة ليست قولا وصل الحكمة . إذ بإمكانك أن تقول الحكمة بعد الخمسين. كما إن ليس الشعر ليس تراثا تستدعيه كلما نضبت الذاكرة، بل هو كيان معرفي يمكن أن يرسم طريقا اعمق للذاكرة.

 



#ياسين_النصير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدباء عراقيون -ابو كاطع: شمران الياسري
- أدباء عراقيون- غائب طعمة فرمان


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين النصير - أدباء عراقيون - الشاعر سعدي يوسف