|
منطلقات مواقف الرفض والقبول للاتفاقية الامنية
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 00:57
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
اسفر صدور مسودة الاتفاقية الامنية بين دولة العراق والولايات المتحدة الامريكية عن حقيقة المواقف لمختلف الكيانات السياسية العراقية ، ولم يبقى احد يتحدث خلف عنوان مستعار ، والاهم من ذلك صار المتحدثون لايترددون عن كشف الاسباب بوضوح التي تدعوهم الى الرفض او للقبول بالاتفاقية ، ان ما اتاح لهم هذه الفرصة هو توفر نصوص واضحة تمكنهم من بناء وتحديد رؤيتهم حولها ، في حين كانت المواقف قبل صدور المسودة تبنى وفق تقييمات عامة ، منها ما تتعلق بحفظ السيادة الوطنية وعدم قبول تواجد قوات اجنبية محتلة وعلى هذا الاساس يرفضها ، كما وهنالك من يتوجس خشية من نشوء فراغ امني وسياسي اذا لم يتم ابرام الاتفاقية فيدعو الى قبولها . وبين هذا اللون او ذاك من المواقف كان الموقف { الرمادي } اذا جاز هذا التعبير وهو الاكثر واقعية والذي يدعو الى التعامل مع الاتفاقية ليس بالاسلوب القطعي اي تحديد الموقف مباشرة بالرفض او بالقبول لاسباب امست غير مجهولة ، وانما الاهتداء بمنظور شعبنا العراقي الى مثل هذه الاتفاقية ، مدركاً مخاطرها جيداً من خلال تجارب قواه المناضلة على مدى تاريخها الكفاحي المشهود ، وفي مقدمة همومه عدم التفريط بمصالحه الوطنية وبسط سيادته التامة والاستقلال الوطني الناجز والحفاظ على ثرواته من النهب المتواصل ، وعلى اساس ذلك انطلقت الدعوة بضرورة مشاركة الشعب العراقي في تحديد الموقف من الاتفاقية وذلك من خلال اسهام كافة ممثلي قواه السياسية الوطنية المؤمنة ببناء العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد الجديد ، وكان في هذا السياق قد دعا الحزب الشيوعي العراق ذات الباع الطويل في مقارعة مثل هذه الاتفاقيات الخطيرة التي كانت تتم من دون ارادة ومعرفة الشعب العراقي ، دعا الى ضرورة اطلاع الشعب وكافة قواه الوطنية على مجريات المفاوضات ، انطلاقاً من ان هذه المشاركة ستعطي زخماً وثقة للمفاوض العراقي وبالتالي تجعل الجانب الامريكي يشعر بانه لا ينفرد بمفاوض مقطوع النسب من سند شعبي رصين . ورغم مما كشفته المستجدات على اثر نشر المسودة ، حول حقيقة مواقف القوى السياسية العراقية ، ولكن الى الآن مازال البعض لا يفصح عن كامل قراره من الاتفاقية تجنباً من لوم الرافضين عندما يقبلها ومن الذين يدعون الى قبولها حينما يرفضها ، وربما يترقب طرحها للاقرار في مجلس النواب ، املا ً في ان يموه ملامح موقفه عندما يحشره مع الرأي الجمعي ، ولكون وصول الاتفاقية الى هذا المنبر التشريعي يعني وقوفها على عتبة الحدود الفاصلة بين بقائها على قيد الحياة اذا ما لبت مصالح شعبنا ، او رحيلها الى مثواها الاخير بسبب عدم تلبيتها لتلك المصالح ، وهنا تغدو غير مأسوف عليها والى حيث القت رحلها ، ولكن ما يُمكّننا من معرفة كنه مختلف المواقف ، هو التحري عن المنطلقات التي تشكل القواعد الفكرية والسياسية والاقتصادية المنتجة للموقف المعيّن ازاء الاتفاقية الامنية ، التي مازالت تعاني من مخاض عسير ، وهذا يتطلب الاطلاع على كامل مساحة اي الموقف لكي نتمكن من الالمام بحيثياته عن كثب ، وما يساعد على ذلك هو عدم توانى البعض عن كشف دوافع موقفه بصراحة ، وثمة حالات مختلفة من هذا القبيل ، اختار اصحابها المجاهرة بها لغايات عديدة ، وبصرف النظر عن اجابيتها او عدمها فهي تعبر عن قناعة اصحابها بصوابها ، ومع ذلك ففي هامش منها يتم اطلاقها للمناورة السياسية ، وهذا وارد جداً في ظل سماء سياسية ملبدة كالاجواء السياسية العراقية . وعليه يمكن الاشارة الى نماذج من منطلقات هذه المواقف : الاول يرفض الاتفاقية لكون السيد الخامنئي مرشد الثورة الايرانية قد افتى ضدها !!، والثاني يرى ضرورة ابرامها لان من دونها يصبح العراق على كف عفريت ، والثالث يقول لابد من ترحيل الاحتلال ولكن باقل الخسائر ، بمعنى ان تمرر الاتفاقية لكي تقلص نفوذ الاحتلال الحالية الى حين استكمال بقايا الشوط الذي حُدد في نهاية عام 2011 ، ان لكل واحد من هذه المواقف منطلق وهدف ، فلاول يطغي عليه الطابع التبعي مما يؤدي به الى ان يترك مسافة شاسعة بينه وبين الهم الوطني الخالص ، والثاني يعبر عن خوف من مستقبل غامض ، ولهذا يدعو لقبولها حتى وان قدمت تنازلات ، لانه يتوجس من العودة الى الماضي الدكتاتوري المقيت التي يتوقعها تلوذ في ثنايا تداعيات رفض الاتفاقية ، ويرى ان اقرار الاتفاقية سيقطع طريق الرجوع الى العهد السابق ، والثالث يعبر عن مذهب سياسي واقعي متمرس غير مستعد لقبول ابقاء شعبنا مطحوناً بين فكي رحى الاحتلال والمزايدات السياسية ، ولكن معطيات الوضع السياسي العراقي والدولي الصاخب الحركة والمتغيرات المتواصلة في العلاقات و الاوضاع الاقليمية والدولية لاتدع هذه المواقف في حالة من الثبات ، ومن المرجح ان تتغيير باتجاه الخضوع الى ارادة ومصلحة الشعب العراقي حينما تنطلق بعض من شعورها الوطني المنيع من المؤثرات الخارجية ، وحينما تتجرد من النزعات الطائفية والاثنية والسياسية المتزمتة .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعامل مع اغتيال الشخصيات.. جريمة لاتغتفر وجريمة مشابهة فيه
...
-
تمخض الاحتلال فولد اتفاقية امنية
-
الاتفاقية الامنية يستلزمها جواز مرور ام سلامة ظهور ؟
-
وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة
-
سلامات ياخدمات !!!
-
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
-
{ ارض متنازع عليها ,, } اكذوبة صدقها من اطلقها !!!
-
كامل شياع .. كنت قنديلا احمرا اطفأتك ريح سوداء
-
الامن في العراق بين استراتيج الحكومة وتاكتيك الارهابيين
-
قانون مأزوم وناخب مظلوم
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
-
{{ الراصد }} مضاربات في بورصة العملية السياسية
-
{{ الراصد }} الحزب الشيوعي العراقي وثورة 14 تموز المجيدة
-
{{ الراصد }} ثورة 14 تموز ... غرة في جبين تاريخ العراق السيا
...
-
{{ الراصد }} خريف الاحتلال في صيف العراق اللاهب
-
{{ الراصد }} الاتفاقية العراقية الامريكية .. تراتيل لنصوص لم
...
المزيد.....
-
مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق
...
-
فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم
...
-
مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره
...
-
السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية
...
-
جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
-
الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين
...
-
الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر
...
-
كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
-
الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
-
الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين
المزيد.....
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|