أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين الحاج صالح - أغزوٌ شيعي لمجتمعات سُنيّة؟!














المزيد.....

أغزوٌ شيعي لمجتمعات سُنيّة؟!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2444 - 2008 / 10 / 24 - 09:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"الغزو الشيعي للمجتمعات السنية" الذي تكلم عليه الشيخ يوسف القرضاوي غير مرة في الأسابيع الأخيرة عنوان خطير يحتاج إلى وقفة نقدية هادئة تفكك ما فيه من ألغام. بداية، هل يصح الكلام على "غزو"؟ وهل يجوز نسبته إلى "الشيعة"؟ وهل من الشرعي عقليا وسياسيا أن نعرّف مجتمعاتنا المعاصرة بأنها سنية أو شيعية أو غير ذلك؟ فلنبدأ من النهاية. ليس هناك مجتمع عربي واحد صاف دينيا أو مذهبيا. ورغم أن المسلمين السنيين أكثرية في أكثر البلدان العربية (عدا العراق والبحرين، ولبنان الذي لا أكثرية مطلقة فيه) إلا أن وصف مجتمعات البلدان المعنية بأنها "سنية" (خارج إطار البحث السوسيولوجي والتاريخي) يضمر استبعادا للجماعات الدينية والمذهبية الأخرى، أو تقليلا من شأنها. وهذا من شأنه إضعاف الرابطة الوطنية التي لا تتوحد مجتمعاتنا المعاصرة على غير أرضيتها (فنتكلم على سوريين ومصريين وكويتيين وتوانسة إلخ، لا على مسلمين ومسيحيين..، أو على سنيين وشيعة..). ويبدو لنا أن الشيخ القرضاوي ما كان يمكن أن يتكلم على مجتمعات سنية إلا لأنه يعلي من شأن الرابطة الدينية والمذهبية على الرابطة الوطنية (الأمر الذي تؤكده كتابته كلها)، ولهذا بالتأكيد صلة بكون الأولى تمنحه سلطة عابرة للدول والأوطان لا تمنحه مثلها الثانية. ولا ريب أن ما خفف من غرابة كلامه هو هشاشة الرابطة الوطنية بفعل الاستبداد المديد في بلداننا من ناحية وصعود الهويات الفرعية من ناحية ثانية في السنوات الأخيرة. ولعل هذا يفسر أن من اعترضوا على الشيخ صدورا في الأغلب عن فكرة الوحدة الإسلامية (أحمد كمال أبو المجد، فهمي هويدي، طارق البشري) أو من مزيج قومي إسلامي (أو بالطبع من خلفية طائفية شيعية..). ولم اطلع على أي اعتراض يصدر عن اعتبارات وطنية وعلمانية متسقة، لا من زعماء سياسيين ولا من مثقفين بارزين.
اللغم الثاني في كلام الشيخ يتصل بنسبة الغزو المفترض إلى "الشيعة". وفي حواريه مع "المصري اليوم" (8 و9/9/2008) ثم مع جريدة "الشرق الأوسط" (28/9/2008)، وكذلك في تعليقات مؤيدة له أو متحفظة عليه، تناثرت كلمات وعبارات مثل "الشيعة" و"أهل السنة" كما لو أننا حيال كيانات متماثلة مع ذاتها دوما، مزودة بوعي وإرادة موحدين. والحال ليس الشيعة ولا السنة هويات تستغرق المنسوبين المفترضين إليها جميعا وبالقدر نفسه. افتراض ذلك ممارسة طائفية في اللغة، تقترن عادة بممارسة طائفية في السياسة والمجتمع. ترى هل هناك كيان شبحي اسمه "الشيعة" يغزو كيانا شبحيا آخر اسمه أهل "السنة" أو "المجتمعات السنية"؟ يمكن أن نتكلم على إيران كقوة موحدة ممثلة بالدولة الإيرانية، أو على "حزب الله" أو "حركة أمل" مثلا في لبنان، لكن ليس هناك أية شرعية عقلية للكلام على "الشيعة" كطرف واع، مغرض، مريد.
واللغم الأخير هو الكلام على "غزو". لعل الشيخ رغب في إثارة استنفار واسع وسط جمهوره المفترض حين استخدم هذه الكلمة المستمدة من قاموس الحرب. لكنه أرسل كلاما مثيرا دون أن يبرهن لا على غزو ولا حتى على حملة تشييع منظمة. يسوؤه مثلا وجود شيعة مصريين مسموعي الصوت اليوم، بينما لم يكن في مصر شيعة قبل عقدين. هذا غريب. فمصر بعيدة عن إيران، ولم تغزها هذه كما نعلم. وسوء العلاقات بين البلدين طوال العقود الثلاثة الأخيرة يبيح لنا الجزم بأن الحكومة المصرية لا يمكن أن تتسامح مع حملة "تبشير شيعي" إيرانية منظمة توظف فيها الأموال والدعاية والوكلاء الإيرانيين. الأرجح لذلك أن تحول مصريين إلى المذهب الشيعي متولد عن اقتناعهم الشخصي الحر، أي يندرج في إطار حرية الاعتقاد التي ينبغي أن يندرج ضمنها أيضا التغيير الطوعي للاعتقاد والتخلي الطوعي عن أي اعتقاد. والسؤال الذي يتعين على الشيخ الإجابة عليه بوضوح هو: هل تقبل بمبدأ حرية الاعتقاد أم لا؟ فإن كنت تقبل، فإن تحول سني إلى شيعي يندرج ضمنه؛ وإن كنت لا تقبل هذا المبدأ العام، فهل سترفض أيضا التحول المحتمل لشيعة إلى سنيين؟
قد يقول الشيخ إن بعض التشيع نتاج عمل منظم. وقد يضرب مثالا، وقد فعل، السودان الذي عملت السفارة الإيرانية عبر مكتب خاص على نشر أدبيات التشيع والتبشير بالمذهب الشيعي قبل أن تبادر الحكومة السودانية إلى إغلاقه. الحالة هنا مختلفة فعلا. بيد أن الجهة المخولة التعامل مع عمل منظم كهذا هي الدول المعنية والرأي العام فيها. ولكن فيما عدا المثال السوداني، وربما السوري، ليس ثمة ما يشير إلى أن ظهور مسلمين شيعة في دول عربية أخرى نتاج حملة منظمة. الأرجح أنه يندرج تحت مبدأ حرية الاعتقاد الذي لا مجال للمساومة عليه. وعلى أية حال فإن من قد يغيرون مذهبهم أو دينهم طمعا بمال أو جاه مرشحون للانقلاب على أنفسهم حين يشح هذان أو يُنالان من جهة أخرى. وقد كان في سورية مثال على ذلك في ثمانينات القرن العشرين حين نظم أحد النافذين الكبار (جميل الأسد شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد) ما سمي حينها "جمعية الإمام المرتضى الخيرية" التي عملت على نشر التشيع بين قطاعات من المجتمع السوري، مغرية المتحولين بالمال والنفوذ. لكن أحدا ممن انضموا إلى الجمعية التي حُلّت في أواسط الثمانينات لم يقم بعدها على شيعيته المستجدة.
وقد يستغرب الشيخ القرضاوي إن قلنا إن تشيع مسلمين سنيين هو في العمق أحد وجوه ما يفضل هو أن يسميها "الصحوة الإسلامية". فما أتيح لقطاعات أوسع من المسلمين من الاطلاع على دينهم وتاريخه، ووفرة المعلومات عن المذاهب الإسلامية والطلب الواسع على امتلاك الدين.. هو ما يفسر تحول البعض إلى شيعة، وتحول بعض إلى وهابيين، وبعض إلى سلفيين جهاديين، وبعض إلى إخوان، وليس غزوا شيعيا مفترضا لا دليل عليه.
وضمن حركية "الصحوة" يشغل الشيعة موقعا ممتازا بسبب السمعة الطيبة لحزب الله في لبنان بفضل أدائه القتالي المرموق ضد إسرائيل في صيف 2006 بخاصة، وربما أيضا بسبب تحدي إيران للغرب عبر خططها النووية. فإن صح ذلك، على ما نرجح، كان العامل المذهبي (عقيدة آل البيت وانتظار المهدي...) هو الأضعف في تفسير التحولات المذهبية التي لا نرى سببا للمبالغة بشأنها.




#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغيير المعارضة أولا..
- في العلمانية والديمقراطية والدولة
- على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات
- التمثيل القومي لسورية عائقا دون التمثيل الديمقراطي للسوريين
- إرهاب بلا وجه وأمن بلا لسان!
- الاستبداد كاغتراب سياسي
- الطائفية بين أهل الإباحة وأهل العفة
- من الشعبوية والنخبوية إلى استقلال السياسة والمعرفة
- الليبرالية الجديدة والبرجوازية الجديدة في سورية
- -مرشد الأمة- وتأسيس الطغيان
- -السنة والإصلاح- لعبد الله العروي: من التسنين إلى التاريخ!
- من هم الأشرار... وكيف التخلص منهم؟
- -إعلان دمشق- وأزمة المعارضة السورية
- -نخبة- متخلفة في مجتمع متغير
- كأنها حرب أهلية...
- في شأن مسألة الحاكمية
- في أن القضايا -المقدسة- مطايا مثالية!
- انفصال عن الجدار مقالة في الثقافة والثورة الثقافية
- عن منظمات حقوق الإنسان والإيديولوجية الحقوقية في سورية
- من البشير الصامد إلى حنبعل الفاتح!


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين الحاج صالح - أغزوٌ شيعي لمجتمعات سُنيّة؟!