أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - فقط قُرنة















المزيد.....

فقط قُرنة


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


عاموس عوز (عاموس يهودا كلاوْزْنر) من أبرز أدباء اللغة العبرية في هذا العصر، ولد في القدس عام 1939، وترجمت بعض مؤلفاته إلى عشرات اللغات. أبوه د. يهودا عمل في الأرشيف الوطني وأمه وضعت حداً لحياتها عندما كان عاموس ابن اثنتي عشرة سنة. يلعب عم والده، البروفيسور المعروف في الأدب العبري في الجامعة العبرية، يوسف كلاوزنر، دورا ملحوظا في حياة الأديب وانتاجه. غادر الفتى عاموس منزل والده وهو ابن خمسة عشر عاما واستقر في كيبوتس حولده وتزوج بعد ذلك من نيلي ولهما ثلاثة أولاد ويقيمون في مدينة عراد في النقب منذ العام 1987. درس الفلسفة والأدب العبري في الجامعة العبرية في القدس. بدأ بنشر قصصه لما كان ابن اثنتين وعشرين سنة. كتب عن المجتمع الإسرائيلي، الكيبوتس والمدينة لا سيما القدس، واللاسامية والمحرقة وسيرته الذاتية. يؤمن عوز بأن الأدب يستطيع أن يكون جسرا بين الشعوب. حصل على الكثير من الجوائز والألقاب مثل جائزة إسرائيل في الأدب عام 1998 وجائزة چوته عام 2005 ودكتوراة شرف من الجامعة العبرية عام 2006 وأخرى هذا العام 2008 من جامعة بن غوريون حيث يشغل منصب بروفيسور ورئيس دائرة الأدب العبري وهو عضو في مجمع اللغة العبرية منذ العام 1991. وفي مكتبة هذه الجامعة “أرشيف عوز” ويضم عشرات الآلاف من العناوين الخاصة بانتاجه بأربعين لغة تقريبا (أنظر مثلا: http://www.bgu.ac.il) أضف إلى ذلك أنه شخصية بارزة أيضا سياسيا وفكريا في صفوف حركة “السلام الآن” منذ العام 1977. وفي تقديره مشكلة المشاكل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هي قضية اللاجئين الفلسطينيين.
من مؤلفاته: أناس آخرون 1964؛ بلاد ابن آوى 1965؛ مكان آخر 1966؛ ميخائيل خاصتي، 1967 (ترجمه رفعت فودة إلى العربية: حنة وميخائيل، القاهرة 1944)؛ حتى الموت 1974؛ لمس الماء لمس الريح 1974؛ جبل العظة السيئة 1976؛ هنا وهناك في فلسطين )أرض إسرائيل( 1983؛ علبة سوداء 1987؛ من سفوح لبنان 1987؛ معرفة امرأة 1989؛ الحالة الثالثة 1991؛ صمت السماء - عجنون يندهش من الله 1993؛ لا تقولي ليلة 1994؛ نمر في السرداب 1995؛ لنبدأ بالقصة 1996؛ كل الآمال، أفكار حول الهوية الإسرآئيلية 1998؛ دير السكوتين 2000؛ في الواقع هنا حربان 2002؛ قصة حب وظلام )سيرة ذاتية( 2002؛ فجأة في أعماق الغابة 2005؛ قصائد الحياة والموت 2007.
“فقط قرنة” هي القصة الرابعة من ضمن عشر في “هنا وهناك في فلسطين” وكلها مبنية على جولات قام بها عاموس عوز في الديار المقدسة ودوّن ما لاحظ وعايش في خريف العام 1982 وما تخيل وارتأينا نشر هذه الترجمة العربية لقصة فيها الكثير من الصدق والواقعية حتى بعد ربع قرن من الزمان. وفي عنوان القصة تورية بسبب لفظ العربي عادة للصوت الأول من كلمة “پنه” أي الباء المثلثة باء وهكذا يتغير المعنى من “قرنة، ركن، زاوية” إلى “فهم، إدراك” إذ أن التشديد مهمل في الغالب الأعم في العبرية الحديثة. صدر هذا الكتاب بطبعات عديدة، خمس طبعات في عام 1983 بواقع عشرين ألف نسخة وأربع طبعات في العام التالي بواقع سبعة آلاف وخمسمائة نسخة ولا نريد أن نقارن هذا التوزيع بما يجري في العالم العربي!

يوم جميل في رام الله، الساعة التاسعة صباحا. مقهى صغير في شارع جانبي يضع طاولة فورمايكا على الرصيف. ثلاثة الرجال الجالسون حول الطاولة والمنغمسون بحديث متيقظ، يلوذون بالصمت معا عند انضمامي إليهم. أحدهم، رجل مسن بين الستين والسبعين سنة من عمره وتكسو زغب شيب كثيفة رأسه ووجهه وهو يرتدي بذلة مقلّمة باهتة اللون. والآخران، شابان يرتديان الجينز. لأحدهما بذلة جينز شعثاء )مهرچلة( والآخر يلبس بنطلون جينز وقميص ”كوكا كولا”. كلاهما يدخنان. وفي فم المسنّ عُقْب لفافة تبغ منطفئة. طلبتُ فنجانا من القهوة العربية، الصمت بارد وجاد. ولكن عندما أخرجتُ سيجارة امتشق أحد الشابين قدّاحة وقدّم لي شعلة
شكرا جزيلا
عافاك الله
صمت. الشابان يتهامسان على عجل بالعربية. توجّه أحدُهما إليّ قائلا بالعبرية:
أنتَ من هنا؟
السؤال غير واضح لي وأنا متردد، الشاب يفصح:
من المستوطنات؟
لا، أنا من الكيبوتس، وأنتم؟ من هنا؟
نحن من هنا وهو من سلواد، من القرية. تعمل لصالح الإدارة؟
قلتُ، جئتُ لأتنزّه، لأشاهد وربما الكتابة في صحيفة. إثر ذلك يتمّ التعارف دون مصافحة، التعارف صارم ومربك: نايف، حسن وهذا، السيد اسمه أبو عزمي.
لحَسن وجه طفل وكتفاه قويّتان، سأل مندهشا: ماذا يوجد هنا للرؤية؟ ويقول نايف: أكتُب أن الوضع رديء. وحسن يقول: أحسن شيء، أكتب من أجل السلام.
أي نوع من السلام؟
سلام يوافق عليه الكبار. شو بعرفّني؟ سلام عادل. ولكني أظن لا مناص من حرب أخرى.
لماذا؟
يهزّ حسن كتفيه. يقول نايف بمرارة: ربما لم يمت من البشر ما فيه الكفاية.
أسألُ، ماذا سيحصل بعد الحرب القادمة؟
حرب أخرى، يقول نايف جازما، وبعد ذلك أخرى، مائة حرب.
وفي نهاية الحروب؟
في النهاية قد يتعبون. وربما لا يتبقى جنود، ربما يعقلون
ألاحظ أن حسن ونايف يحرصان على استعمال ضمير الغائبين: يقاتلون، يموتون، يتعبون. الامتناع عن استخدام “نحن” و”أنتم” مقصود جدا، أما بخصوص الرجل المسن، أبوعزمي فليس في الوارد. ربما لأنه لا يعرف العبرية. ملامح وجهه صارمة ومليئة بالتجاعيد، وتنمّ عن إنسان غارق في أدق التأملات. عُقْب السيجارة يرتجّ قليلا في زاوية فيه. كفّاه مُلقتان أمامه على طاولة الفورمايكا ونظره لا يحيد عنهما كأنه يدرس أصابعه عن ظهر قلب. هل هو أصمّ؟ أو يغفو بعينين منفتحتين؟ قد يكون سمع أكثر من اللازم في حياته ولا يودّ المزيد؟ يلوذ بالصمت.
أسأل نايف وحسن أين تعلما العبرية؟
من الشغل. نشتغل لصالح اليهود
يصحّح حسن: من أجل الإسرائيليين.
أستفسر عن الفرق ما بين اليهود والإسرائيليين.
سكوت. ربما لم يكن السؤال في محلّه. وبدلا من الجواب يعرض عليّ نايف سيجارة “كنت”، ويقدّم النار. ندخّن ثلاثتنا، تريد مشاركتنا في الطعام أيضا؟حمّص؟ مع سلطة؟ يعرض حسن. ولكنني أصرّ على سؤالي، ربما بلا لباقة: ما الفرق بين اليهود والإسرائيليين؟ يصاب حسن بالارتباك. ينبش في جيبه وكأنه يبحث عن وثيقة ما ليبرزها جوابا على استفساري. يزرر زرا في جاكيت الجينز. يتبادل النظرات مع نايف. ويصوّب ناظريه على المسن، أبو عزمي الذي يتحرّك ولا يحرك جفنا )لا بكش ولا بنش( حسن يبتسم نحوي ابتسامة صبيانية وكأنه يلحّ عليّ لأتنازل عن سؤالي. ولكنني أصرّ. أخيرا قوْلب حسن إجابته هكذا: اليهود، هم ما كانوا مرة، قبل أن يصبحوا دولة. كانت عندهم الكثير من المشاكل، مصائب. ومن مشاكلهم صاروا إسرائيليين. مثل الإنكليز، مثل أمريكا. كما أنهم تركوا دينهم
وأنتم متدينون؟
“عند العرب، يقول نايف محاولا جهدَه تكويرَ كفّيه الفارغتين لحد ما، لدى المسلمين، الأمر مختلف: التدين هكذا، ليس بشأن كل الحياة، فقط بخصوص العادات.
يتحفّظ حسن: هناك أشكال وألوان، أنا لم أكن متدينا والآن صرت متدينا بعض الشيء، هناك الكثيرون من هذه الشاكلة، لماذا؟ لا أدري. ربما كان ذلك من جرّاء المشاكل
والإسرائيليون؟ ألم تلتقيا بإسرائيليين متدينين؟.
طبعا. هناك الكثير الكثير، إلا أن أولائك المتدينين من المستوطنات أشدّ الناس إسرائيليةً. اليهود، ما كان ذات يوم، كان ذلك شيئا مغايرا بالتمام. أتعمل في صحيفة؟ يدفعون جيداً؟
السؤال السابق هام لي، وأضغط على نايف لتبديل الموضوع. أطلب إليه أن يشرح لي ما الفرق في نظره بين ”اليهود أيام زمان” وبين الإسرائيليين الآن؟
أنْظر، يقول بدون نِفِس، أنا لا أذكرهم. المسنّون عندنا كانوا يقولون، من اليهودي؟ واحد مسكين، متخوزق، يصلّي ويبكي، ولكن شو، عنده عقل بلاوي، أكثر من الروسي، أكثر من الإنكليزي، ذكي. كما أنه يملك قلبا في قلبه، حتى إنه لا يقتل القط. كان لليهود عقل أكثر من العرب، ولكن الإسرائيليين حلّت عليهم القوة وفقدوا العقل
يتضحّك نايف: قد يحلّ العقل الآن على العرب.
ما زالا حريصين على استعمال الضمير الغائب: لا أنتم ولا نحن بل العرب واليهود والإسرائيليين. وكأننا نحن الجالسون حول هذه المائدة قد أبرمنا اتفاقا سريا بلا أخذ وردّ للتحدث كمراقبين حياديين لا ينتمون لأي طرف. وانضمّ أنا أيضا دون وعي لهذا الاتفاق اللغوي. ربما بدونه لا تتمّ محادثة. أوجه سؤالا:
ما الذي يفعله الإسرائيليون بدون عقل وتفكير؟
الرجل المسن، أبو عزمي، يُخرِج من فمه عقْب السيجارة يتنحنح، يبصق بعيدا بصقة بلغمية تُصيب بالضبط سيارة واقفةً على بعد مترين. هل كان على وشك إبداء ملاحظة ما؟ لا، إنه يُعيد عقْب السيجارة إلى ما بين شفتيه. ساكت وربما حائر، ومن الممكن أنه لا يفهم العبرية. قد يكون على علم بما ستكون عليه النهاية، ولا يريد أن يقول لنا.
يشرح لي نايف باعتدال، ينتقي بتمهّل الكلماتِ التي يتفوّه بها: قبل حرب الثمانية والأربعين ماذا كان يقول اليهود؟ قالوا نريد قُرنة وبسّ )فقط(. ليعطوهم قرنتهم فقط وسينبسطون وخلص. تكلموا كالمساكين، بعقل! في الوقت ذاته كان العرب بدون رأس، كانوا يقولون لليهود: عندنا القوة، لدينا الوقت، عندنا الإنكليزي، لدينا الكل، ولن يحصل اليهود لا على قرنة ولا على بطيخ. ليذهبوا في البحر. الآن الأمر معكوس. يقول العربي اليوم إنه مسكين، يريد أن يعطوه قرنة وبسّ، والإسرائيلي يقول له: عندي القوة، لدي الكلّ، ولماذا يعرض على العربي قرنة؟
إني حائر قليلا: قُرنة؟
قرنة! فقط قرنة صغيرة! نايف يقلص كفيه كأنه يقيس مقعدا صغيرا )طبلية(: قرنة، ليتركوه وحيدا في قرنته، ليكن العربي أيضا إنسانا حرا.
والآن وجدتها، פינה )پنا بدون تشديد، أي زاوية، ركن، قرنة، قُلبت باللفظ العربي إلى בינה، بِنا أي فهم، فطنة، حكمة(. ذات يوم طلب اليهود لأنفسهم قرنة والآن يطلب العرب لأنفسهم قرنة.
من قبلُ كان بيچن ومن قبله كانت السيدة غولدا مئير، وكان لليهود الرأس، ڤايتسمان، جدّ عيزر ڤايتسمان. كان يُحسن الطلب، كان يقول، يُعطى لليهود قرنة خاصة بهم وانتهينا. كان العرب يضحكون عليه. الآن يتحدث العربُ مثل ڤايتسمان، يعطى لهم قرنة خاصة بهم وانتهينا.
قُل لي يا نايف، إذا تسلّم العرب قرنةً ألن يريدوا بعد ذلك قطعة أخرى فأخرى؟ ألن يرغبوا في البلاد كلها؟
ينفجر كلاهما بالضحك بصوت عال. حسن كصبي ضُبط بأكذوبة تغتفر لا محالة، يفرش ذراعيه، راحتا اليد إلى الأعلى ويُجيبني بسؤال: واليهود؟ لما تحدّث ڤايتسمان عن رغبته بالحصول على قرنة صغيرة فقط، ألم يُضمر في فؤاده سنأخذ من العرب قرنة، وقرنة أخرى وفي آخر المطاف نحصل على الكل؟ ورام الله بيجي لعند اليهود في الآخر؟ ألم يفكر في أعماق قلبه بهذا المنوال؟
يقول نايف: هذا جائز، إذا منحوا العرب نتفة حرية بدأوا برفع رؤوسهم، يستقوون وتنفتح الشهية. تنفتح الشهية وينغلق العقل. وهكذا قد يعود العقل في النهاية للإسرائيليين. هكذا عملُ الله: إذا وُجد العقل انتفت القوة. وإذا كانت القوة ولّت الفطنة. أنظر إلى المسنّين والشباب، منح الله الشباب القوّة وللطاعنين في السن العقل والحكمة.
يضحكون.
أبو عزمي ما زال في صمته، ولكن للحظة خاطفة ظننتُ أنه يردّ على قهقهتنا بابتسامة خجولة من تحت شاربه. يعني، إنه يفهم العبرية ويفضّل السكوت؟ ومن الممكن أنه لم يبتسم، قد يكون لاك عقب سيجارته، معرفة الحقيقة صعبة.
هذا الضحك الجماعي رطّب الجوّ حول الطاولة. يطلب نايف وحسن كوكاكولا للجميع، كما ويعرضون عليّ بإلحاح لفافة تبغ أخرى. إني أطرح السؤال: وفي حال وجود قرنة لليهود وأخرى للعرب في آخر المطاف فهل سيحلّ السلام؟
صمت.
أُصرُّ: سيأتي أم لا؟
يتأوّه العجوز، وعلى حين غرّة ينحني كثيرا كأنه يسجد نحو كأس الكوكا كولا الموضوعة على المائدة ويجرع جرعتين أو ثلاثا منها دون مسّها. يقول حسن: قد يحلّ في النهاية، إن شاء الله، يقول ذلك متأوها وكأنه يحاكي أبو عزمي.
كيف سيحلّ؟
نايف: ليُنه ذلك الكبار، هذا شأن الكبار، لا شأننا.
وبعد تأمل ثان أردف قائلا: يحلّ مع العقل، لا مع القوة. سلام ما بين بيچن والحسين؟ أم ما بين بيچن وعرفات؟
أنظر: يأتي مناحيم بيچن، أو شمعون بيرس، أو شارون، أي واحد من الإسرائيليين ويقول لأبي عمار: تفدل، خذ الضفة، خذ غزة، نفضّ القضية نص نص. ماذا سيقول له؟ يقول، لا أريد؟أكيد سيوافق. يأخذ فورا ما يعطون. بدون مشاكل، لا قوة في جعبته، ورودا رويدا تحلّى بالفطنة والعقل. يعطوه شيئا ما؟ يأخذ ما يعطون.
وبعد ذلك؟ ألن يُواصل المطالبة بالمزيد؟
إن طلب فستنشب الحرب ثانية، ويموت الناس هذرا. وهو يعلم جيدا أيضا أن أمريكا ترعى إسرائيل كطفل لها. هذا وضع اليهود والعرب هنا، إنه كاثنين واقفين على السطح وكل واحد منهما متشبّث بالآخر. فإما أن يسقطا سوية وإما أن ينتبها، لا خيار آخر، إنهما متشبثان ببعضهما بقوة. إنهما كحمارين في نفس العربة وإن برطعا فسيكسران الرأس والقوائم، لأنهما ممسوكان بشدّة مع بعضهما البعض،
يعني ماذا، سيحلّ السلام أم لا؟
إنشا الله، سيحلّ في النهاية. أنت تذكُرنا في صحيفة إسرائيلية؟ لا تُفصح عن أسمائنا، بحياة عمرك. أعط أسماء أخرى، قل محمد وأحمد. لا تكتب رام الله. أكتب البيرة. أكتب أيضا الكل في الضفة الغربية يريدون السلام. الكبار والصغار. أكتب: ملّوا من الحروب. لماذا يموتون؟ أكتب، العرب أيضا بطلعلهم قرنة. لا تكتب العرب، أكتب الفلسطينيون، هذا أصحّ. ولا تكتب، هؤلاء كلهم قتَلى. أكتب على هدي العقل. أكتب من القلب. أكتب للإسرائيليين، القوة لا تساعدهم. القوة كالمال. اليوم عندي وغدا بيدك وبعد غد في يده. علينا الإتيان على كل الحروب بالعقل والحكمة وليس بالقوة والجبروت. بموجب العدل. أكتب من أجل السلام.
والآن العجوز، أبو عزمي، يُتمتم لنفسه وصوته أجشّ كماكنة عتيقة لا تدور بسهولة. يحرّك نفسه على الكرسي، يئنّ متنهداً ويلقي ما بجعبته، يكسر دون اكتراث الاتفاق اللغويَ القاضي باستعمال دائم لضمير الغائبين ويجزم بعبرية جيّدة وبصوت أبحّ وفيه ربما مسحة من الحزن:
أنتم أخذتم منا كلَّ شيء. كيف يجيئكم النوم في الليل؟ألا تخشون الله؟ أخذتم كل شيء. ولكن نحن أيضا كنا مذنبين. مش مزبوط. تعلم أن رجالنا في البداية كانوا يقتلون اليهود هيك. بدون أي غاية! الآن عوقبنا. وأنتم أيضا لكم قصاصكم من الله. أكتب في جريدة إسرائيلية، أكتب إللي فات مات. خلصنا. الجميع يريدون العيش على الأرض والرزق. كل اليهود والعرب يرغبون في الحياة. أكتب، الأرض ليست لا لليهود ولا للعرب. الأرض لله. من يحلو عنده يمنحه أرضه. الله هو المقرر الوحيد. ومن يسيء يدفع الثمن: يمرّ عليه الله ويغفر له. أنقل أيضا في صحيفة إسرائيلية تحيات أبو عزمي للسيد كوهن. ّهذا بنادم كثير مليح.


قصة لعاموس عوز
ترجمة حسيب شحادة



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار العربي الإسكندنافي
- “دراسات مسيحية” لميخائيل بولس
- النافع والمضلل في جسور اللغة
- السؤال مفتاح للمعرفة
- الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف
- العقلانية
- تجربة “الدنان” لإكساب الطفل الفصحى بالفطرة قد تكون الحلّ
- لماذا -أمّة إقرأ- لا تقرأ؟ تجربة “الدنان” لإكساب الطفل الفصح ...
- لماذا ”أمّة إقرأ” لا تقرأ وإن قرأت فبالأذنين
- كلمة في ذكرى مارتن لوثر كنچ
- يوم الأرض ومخطّط الجهض
- حلقة في الإعداد المعجمي الثنائي، الفنلندي-العربي
- جولة خاطفة في بعض كتب الحبّ العربية
- عرض لكتاب عن تعليم اللهجة الفلسطينية
- “يهودي-إحدى الشتائم الشائعة في ألمانيا الشرقية”
- عرض لكتاب: يوسف الخال ومجلته شعر. بيروت 2004
- المطرب الذوّاق و... المنسي
- عرض لكتاب “سلالة فاطمة الزهراء، مواقعهم وفروعهم”
- إنها سِهام جوْفاء يا غيث بن عاطف
- تأثير اليونانية على العبرية


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - فقط قُرنة