أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهيل أحمد بهجت - نرى القذى في عين الغرب و لا نرى العود في عيننا – عبد الوهاب المسيري نموذجا -














المزيد.....

نرى القذى في عين الغرب و لا نرى العود في عيننا – عبد الوهاب المسيري نموذجا -


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشكل العقل الشرقي المريض و المصاب بعبادة الأنا المتعالية – اتخذ إلهه هواه – أحد أهم أسباب تخلف الشرق و عقدته المتمثلة في تضخم الأنا، و هناك عشرات الأمثلة و الأنماط المتكررة في شريحة أو نخبة المثقفين في العالم الإسلامي، و المرحوم عبد الوهاب المسيري – صاحب المؤلفات و المصنفات و أشهرها موسوعته حول اليهود – هو خير مثال أو نموذج نستطيع الاستشهاد به، و نحن بصدد تأليف كتاب يحوي جزء منه نقدا لكثير من أفكار هذا الرجل الذي كنت أرجو لو أنه كان حيا ليرد على ما يوجه له من نقد و أرجو أن يقوم معجبوه و مقلدوه بهذا الدور.
كتب المسيري في حياته الكثير الكثير عن الغرب العلماني الرأسمالي و عن اليهودية و الصهيونية و محنة الشرق في تحوله إلى التغريب و خضوعه للاستعمار الغربي، لكن الرجل و مثل كثير من مفكرينا و فلاسفتنا قفز الرجل على كل الآفات و الدكتاتوريات و الأمراض الأخلاقية و النفسية و الاجتماعية و النزعات القومية و الطائفية التي عاشها و يعيشها شرقنا الإسلامي، و من ضمن ما يكرره على الدوام هو ادعائه أن الغرب أصبح يعيش حالة من الروتين و النمطية المتكررة كنتيجة طبيعية للعلمنة الشاملة و خلق منطق يقوم على أن الإنسان هو مركز الكون و نتيجة ذلك أن هذا المنطق نفسه يزيح الإنسان من هذا المركز، و الحقيقة أن هذا القول و إن كان صادقا في ظاهره إلا أن الباحث سيجد فيه كثيرا من التحامل و اللا واقعية، فالإنسان كإنسان سيبقى مخلوقا ناقصا كون النقص و السلب جزءا من كونه إنسانا، فالمسيري – و هو ليس استثناءا من الحالة الفكرية التي نعيشها – يريد لنا أن نعثر معه على ذلك الإنسان السـوبرمان الخارق الذي لا يخطيء و لا يعيش الروتين و لا يكون فقيرا جدا ولا غنيا جدا و لا جاهلا و لا.. إلى غير ذلك من الخيالات الأفلاطونية و فقدان مشروع بديل لهذه التجربة الغربية، و يبدو لي أن المسيري رغم تمسكه في أواخر حياته بالمنهج الديني الإسلامي إلا أن نقده للغرب بقي انعكاسا واضحا لإلتزامه الماركسي الشيوعي و معروف أن الفكر الماركسي يبحث عن مجرد تبريرات للاستمرار في الصراع مع الغرب.
إن الإنسان و في كل زمان يعيش حالات من أنماط معينة تفرض نفسها على المجتمع، ففي عصور ما قبل العلمانية كنظام حديث للحكم سنجد أن المجتمعات الدينية – الإسلامية – المسيحية – اليهودية و غيرها من الأديان، خلقت مجتمعات ذات أنماط مكررة أو بعبارة أخرى فإن أفراد هذه المجتمعات "المتدينين" هم تكرار متواصل من حيث نمط العيش و الإيمان و الطقوس و حتى الأسماء و النعوت و الألقاب، و هذا موجود في كل التجارب الدينية، فمثلا نجد أن دينا من هذه الأديان يحرص على إطلاق أسماء محددة بين أفراده، فبين المسلمين يكثر اسم محمد و علي و عمر و بين المسيحيين يتكرر يسوع أو بولس أو بطرس و بين اليهود نجد العازر و يهوذا و إسحاق و هكذا، فالنمطية تكاد تكون صفة ملازمة للإنسان الذي هو كائن محدد و مقيد بنمط من الحياة و الشكل و القسمات التي و إن اختلفت قليلا من مكان إلى آخر فإنها تبقى متقاربة، فأغلب المجتمعات تعيش ذات الروتين مع اختلاف في نمط و درجة الحياة المادية و المداخيل، فالعلمانية الغربية جاءت لتقلب صورة من الظلم و الهيمنة باسم الغيب، و إذا كانت كفة العقل تطرفت لصالح المادية الإلحادية – النمط السوفيتي و الصيني و النازي و البعثي – فإن ذلك في الغالب كان مرده إلى رد الفعل الذي نتج عن الكم الهائل من الظلم الذي كان يبرر عبر الوسائل الدينية و باسم الله.
إن جعل الإنسان مركزا للكون لا يعني أنه لا يستوحي وجوده في المركز من أثر إلهي أو فوق طبيعي، و لكن مركزية الإنسان جاءت كنتيجة للإلغاء الذي كان يمحو إنسانية الإنسان بحجة و بتبرير من مركزية فكرة "الإله"، فالإله خلق الإنسان ليكون الإنسان غاية نفسه، و ما الآيات و الأحاديث التي تخبرنا بأن الله غني عن صلاتنا و عباداتنا إلا دليل منطقي على واجب توجه الإنسان إلى نفسه للإرتقاء بهذه الذات و الوصول بها إلى الحرية، فأي النمطيتين أفضليا ترى؟ ذلك الذي يعمل بشكل متكرر في مصنع للروبوتات و أجهزة غزو الفضاء و الأدوات الطبية؟ أم ذلك الشرقي الذي "يعمل بشكل متكرر" في بيع بضعة أرغفة أو جمع القمامة – و بشكل يهدد الصحة العامة – أو العمل كخادم أو خادمة أو .. أو..
إن هذا تبرير واضح من المرحوم المسيري – و هو نموذجنا عن المثقف الشرقي – للتخلف و الجهل و الاستبداد و الطبقية التي نعيشها، إنه أشبه بذلك العامي الجاهل الذي قال مجادلا في إحدى المقاهي:
ــ أنظروا إلى الغرب كيف جلب لهم الانحلال الأيدز..."!! فقال له أحد الشطار ضاحكا:
ــ و ماذا لو جاء هذا المرض إلى بلادنا..؟ بالتأكيد سيقضي علينا جميعا قبل أن نعرف ما هو هذا المرض.."
إن تبرير الجهل و الخرافة و الاستبداد لهو في رأيي من أقوى أسباب التخلف، هذا إن لم يكن هو التخلف بعينه، ففي القرون الوسطى و حين كان الغربي يجهل الإسلام و المسلمين و يعتبرنا أمة وثنية، كان ضعيفا و مهزوزا أمام "الإستعمار الإسلامي" لبلدان العالم الروماني المسيحي، و لكن ما أن بدأ الإنسان الغربي و بعد الحروب "الصليبية"، كما يسميها المسلمون المعاصرون، بنزع رداء الخوف و الكراهية و راح يبحث و يقرأ هذه الحضارة، حتى أصبح أقوى منها و خاض غمار البحار، بينما انطوى المسلمون و همشوا أنفسهم بفضل "السلفية" و الحرص على ميراث مزعوم للمسلمين، و طالما بقينا "مسيريين" نحمل الآخرين تبعات أخطاءنا و أفعالنا و لا نرى في أنفسنا إلا ملائكة لا تخطيء و أن الآخرين هم شياطين مرجومة ملعونة، فإننا سنبقى أسرى التخلف و الجهل و الاستبداد، و ما أمثال الدكتور المسيري إلا جزء أساسي من المرض الكبير الذي نعانيه.

Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]







#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسة سنوات من -النفاق السياسي-!!
- خالص جلبي – من الديناصورات إلى آخر الحضارات!!
- معك و ضدك يا أستاذ عادل..!!
- العراقيون بين الديمقراطية و -المعزومية-!!
- الفقر و صديقي الأمريكي و الإمام السيستاني
- إشكالية الدين و العلمانية في العراق
- الشعب و برلمان التعليق و العلاق!!
- العراقيون الشيعة – بين العار و العرعور
- دراما للتخدير و دراما للتحرير
- العراق... قائمٌ بذاته
- نحو.. عقل عراقي جديد
- العراق و برلمانه..-النازي-
- جيراننا إرهابيون و حكومتنا جبانة
- حول فكرة -الأب القائد-!!
- نحو..-كتلة وطنية- للمستقبل العراقي
- (الشخصية العراقية) بين التفكيكية و التحليلية(2)
- (الشخصية العراقية) بين التفكيكية و التحليلية..
- العراقيون اليهود.. المظلومون المنسيون
- مؤتمر الفيحاء.. و إقليم البصرة الإنساني
- المالكي.. و أنتاج -الثقافة-!!


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سهيل أحمد بهجت - نرى القذى في عين الغرب و لا نرى العود في عيننا – عبد الوهاب المسيري نموذجا -