أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عاصم بدرالدين - الاستجابة الكاذبة، لبنانياً، لاستغاثات مسيحيي العراق!














المزيد.....

الاستجابة الكاذبة، لبنانياً، لاستغاثات مسيحيي العراق!


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 08:59
المحور: كتابات ساخرة
    


لكي تصير الكذبة حقيقة واقعة، يجب أن يصدقها أولاً مدعيها، أو الناطق بها، وعلى هذا النسق يستحيل دور لبنان الكبير، بحدوده الضيقة المشربكة، حماية كل أقلية تتعرض للاضطهاد، على ما يقول الرئيس السابق أمين الجميل. ومن نافلة القول أن ما يجري اليوم في العراق من قتل وتهجير عمدي للمسيحيين فيه وحشي وقاس، واستنكاره أمر لا بد منه وطبيعي جداً والعمل على منعه فعل أكثر أهمية، رغم أن هذه الأحداث تثير ذاكرتنا، محركة الماضي الراكد، باعثة صوراً سوداء تذكرنا بذاتنا، فما فعلناه في احترابنا المحلي لم يكن أقل وحشية ودناءة، ولم ننتبه ساعتذاك، على ما يبدو إلى بشاعته، حتى جئنا اليوم لكي نتحدث عن بلدنا ذي الرسالتين الإلهية والإنسانية الخالدتين!

ما يثير الريبة حقاً هذا التدافع اللبناني، وخصوصاً بين الأفرقاء المسيحيين، لاستمالة مسيحيي العالم العربي والإنفراد بالدفاع عنهم، والإدعاء أن لبنان هو نقطة الارتكاز المسيحية في الشرق والرافعة الحامية لأبنائها. بينما مسيحييه -أي مسيحيي لبنان-، وللملاحظة فقط، يعانون تعسفاً ذاتياً أشد قسوة مما يلقاه العراقيون اليوم من الآخر المسلم.

لكن المشكلة ليست في كون الدور المسيحي الريادي في لبنان قد تراجع لصالح الطوائف المسلمة بمذهبيها الأكثر نفوذاً وعدداً، على أهمية هذا الموضوع بالنسبة لمجمل الوضع المسيحي في الشرق، إنما الطامة الآنية، هي أن هذه القوى المسيحية التي تستجيب الآن، وفقط الآن!، للـ الاستغاثات التي يطلقها مسيحيي العراق، تساهم بطريقة أو بأخرى بتصفيتهم. وهذا ما تبرره الغاية المحلية لكل فئة، حتى لو كانت الوسيلة قذرة!

فمن يقتل ويهجر ويقمع ويضرب المسيحيين العرب، في فلسطين والعراق ومصر وغيرها من البلدان، هو التطرف الإسلامي ونفوذه الصاعد في الثلاثين عاماً الماضية، شيعي كان أم سني، –بعد فشل ما سمي بمشاريع التحرر الوطني ذات النزعة القومية- والمحمي غالباً من السلطات المحلية القائمة في هذه البلدان، وهنا يقف مسيحيي الوطن المقدس، بلد "الأقليات الدينية" (لبنان)، خلف هذه الدول المضطهِدة وأبنائها من الأصوليات، فيشكلون معها أحلافاً معتدلة أو ممانعة، مستفيدين من نعم النفط والأموال الطاهرة.

لنقل توكيداً أن القوات اللبنانية لا تتوانى عن مدح المملكة العربية السعودية ووقوفها إلى جانب لبنان سياسياً ومالياً ومعنوياً، بينما هذه الأخيرة تعتبر المنبع الأول للأصولية الإسلامية السنية وتكفي الفتاوى التكفيرية التي تصدر في هذا المجال، وحدها كإثبات أخلاقي.

وفي المقابل يتبجح الجنرال عون بديمقراطية إيران وإسلامها المتقبل للتعدد، في استخفافٍ مضحك للعقول، بينما ينسى أن الجمهورية الإسلامية، غير المعتدلة أبداً إزاء النظريات الدينية (والعرقية) الأخرى، تشكل المرجع الأصل للتطرف الشيعي في العراق ولبنان وبعض دول الخليج العربي، حيث ينظر للمسيحي دائماً على أنه خارج عن الصراط المستقيم ويستوجب ذبحه فديةً للقضية الميتافيزيقي.

أما مصر والتي زارها مؤخراً قائد القوات اللبنانية بصفتها دولة داعمة لاستقلال لبنان وسيادته، وبصفته قائداً مسيحياً مؤثراً، فهي تشكل الصدمة لأي متابع، فحتى من يسمو أنفسهم بالمثقفين اليساريين المعارضين للنظام المباركي القائم، لا يستنكفوا عن الوقوف في وجه المسيحية كدين غريب عن ارض الفراعنة ويمارسون عليها "ديكتاتورية الأكثرية" (وليس ديمقراطية الأكثرية) البغيضة في الشارع(أي العلاقات بين الناس) أو على المستوى العام(العلاقات بين المثقفين)، وما الحوادث الأمنية الأخيرة والتعامل السلبي والمؤسف معها من قبل وسائل إعلامية يسارية معارضة كجريدة الدستور إلا دليلاً بسيطاً على هذه الفكرة. أما الحزب الحاكم، فيمتص دمائهم حتى النقطة الأخيرة (ويحرمهم من حقوقهم الأساسية ككل الدول العربية) ليعلنوا الولاء الأبدي له، ولوريثه القادم جمال، بحيث أن التصريحات الرسمية لبعض رجالات الكنيسة القبطية تشي بذلك بشكل جلي.

إن الأزمة لا تكمن طبعاً، في الثقافة المسيحية "المنغلقة"(!)، وهي ما انغلقت على نفسها تقوقعاً إلا جبراً وغصباً، إنما تكمن في تدهور الطباع المسلمة والنفخ الدائم في الأهواء المتطرفة، والانتفاخ الديني المتعاظم في الشرق الأوسط. لذا، وإن كنا نريد أن نحمي ما تبقى من المسيحيين ليعيشوا في أوطانهم أحراراً بقيم مواطنيه صرفة، حالهم حال جميع أبناء البلد(مع أن البلد كله يعيش تحت سوط التعسف)، لا على أنهم أهل ذمة، يجب علينا محاربة هذا الوجه المتطرف، والأكثر شيوعاً، للإسلام.. وأولاً، ولأننا بلد يقتصر دوره، كما اكتشفنا مؤخراً، على حماية الأقليات المضطهدة، يجب أن نبدأ من مجتمعنا المدجج بالأصوليات الدينية المتطرفة جنوباً وشمالاً.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية راوي حاج -مصائر الغبار-
- الكوتا اللبنانية
- إستراتيجية الردع بين الطوائف
- رمزية واقعة -كفررمان-: مدخل إلى الإستعارة
- جغرافيا الطوائف وسياسات تغييب الاندماج
- القاتل الشريف وحدود التنسيق ودولتنا
- في تسييس السنة على الطريقة اللبنانية!
- المواجهة مع حزب الله
- إلى محمود درويش: سيأتي الموت ويأخذنا معك
- بعض مفارقات التعامل اللبناني مع الذاكرة
- في نهرها: فلسطين حقاً عربية!
- العبارة المصرية كنموذج للغرق العربي
- إشكالية العلاقة بين العلماني والطائفي في لبنان
- الإنتخابات في لبنان:أبعد من السلاح، وأكثر من هيئة رقابية
- فؤاد شهاب يعظكم
- الهيئة العربية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- لا لعقوبة الإعدام في قضية الزيادين
- حينما يتمادى القمع
- علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عاصم بدرالدين - الاستجابة الكاذبة، لبنانياً، لاستغاثات مسيحيي العراق!