أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - من شيم الرجال إلى شيم الكلام















المزيد.....

من شيم الرجال إلى شيم الكلام


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 2441 - 2008 / 10 / 21 - 05:50
المحور: الادب والفن
    


من شيم الرجال إلى شيم الكلام*
" قراءة في قصيدة الشاعر عبد الرحمن الابراهيم شيم الكلام "
إذا كانت الشيم تدل على الخصال الحميدة , فما هي الخصال الحميدة للكلام , كما وردت في قصيدة الشاعر عبد الرحمن الابراهيم : شيم الكلام ؟
يمكن توقع إجابات متعددة حول ماهية شيم الكلام التي يعرضها النص , و لكن لن يخطر في بالنا , أن الصمت هو شيم الكلام التي يقصدها الشاعر! إنه النقيض!
و إذا كان الصمت ثمة إيجابية مقدّرة جدا ً في تراثنا العربي , فإن الكلام يغدو مجرد لغو و ضجيج و أو لسان شاعر طويل غير مرغوب به , فإذا كان الكلام من فضة , فالسكوت من ذهب, مع تجاهل الفروق الدقيقة بين الصمت و السكوت ؟
" يحبّون الأنا المخنوق / في صمتي/ و هم لا يصمتون/ كجدتي للتو تحلف / و هي تمدح كنّة / لم تلق في فمها لسانا ً ناطقا ً / و لسان حضرة جدتي / لا ينطفي!!حتى و إن نامت/ فليس النوم من شيم الكلام"
فالنص يكشف عن تناقض يتحكم في زمام حياتنا , حيث أن الصمت : قيمة إيجابية فقط عندما يكون صفة للآخر و العدو و الكنّة , و ذلك موافق للمثل الشعبي الذي يصف مادحا ً الفتاة المرشحة للزواج ب " كأنوا ما في تما لسان"
و كذلك ينتقد النص الثقافة التراثية التي توصي بالصمت على اعتبار أنه طريق النجاة و طريقنا المعبد إلى الخنوع
" و ليست الكتب الجليلة وحدها
جزمت : بأن الصمت من ذهب
و ظلّت : لا تبيع سوى الكلام "
فالصمت كائن مرغوب و مدلل في الماضي, و ما زال كذلك
و لكن هل الكلام هو نقيض الصمت ؟
و هل للكلام شيم , و الشيم تعبير رجولي ؟
يبدوا أن النص الشعري قصد من وراء ذلك المفارقة و السخرية لاحظ " لا تبيع سوى الكلام"
فالكلام للبيع , أي أنه كلام معزول عن فعاليته التواصلية و القيميّة " بياع كلام"
و لكن من هم بائعي الكلام
" معلمي ...و خطيب مسجد ضيعتي
و الحربجيُّ , رئيس مخفرنا
يحبّون الأنا المخنوق / في صمتي / و هم لا يصمتون"
فالمعلم و خطيب الجامع و السياسي و الجّدة :هم أصحاب مهن كلامية مسلوبة الفعل وهم بياعي كلام ,و الآخرون يشترون كلامهم و يُسكنوه في عقولهم , ليستحيل كلامهم هو كلامنا, يسلبونا فعالية الكلام فيغدو كلامهم سلطة و رمزا ً سلطويا ً للاستلاب و الاستعباد
نحن الصامتون مقابل هم المتكلمون؟!
من هذه النقطة تحديدا سوف تنهض القصيدة لتقوم بمهامها , و بإعادة الشيم الحقيقية للكلام, و طرد من أنتن الكلام على يديهم , فالقصيدة و ليس الشاعر صاحب القصيدة هي من ستخلص الكلام من صفة المتاجرة و التوظيف الخسيس
" من بعد ما اسودتْ / وجوه قصائدي/ و تيبس الجوريُّ من نَتَن ِ الكلام "
و الشيم الحقيقية للكلام تتجسد في خاتمة القصيدة لاحظ
" و الصمت فوق مباسم الشهداء من شيم الكلام"
و لكن إذا كانت الشهادة هي طريقنا للبرهنة على حقيقة الكلام بوصفه حاملا ً للشيم , أليس في ذلك تفريطا ً بالشيم حيث أن الموت كان و سيبقى لصيق الصمت و الغياب
و حتى أن البوح- و هو تعبير إيجابي مرفوض- من قبل الشاعر
" أحبيني بلا بوح يلوث نهر قلبينا / بلا عطر/ تبلد من معاقرة الأواني
سوف أسكنني / أريجا ً من رياض الصمت يحترف الخشوع "
فالشاعر يجد شيم الكلام في الصمت
" أحبيني
لأقطع رأس قافيتي
و أقلع من وراء الحلق
ألسنة الذين تسمنوا
في قصر مقتدر
على أكلي"
فالشاعر لا يؤمن بجدوى الكلام و القصيدة و الشعر , في فعل تناقضي يعبر عن قلق و سخط و ضياع لبوصلة الاستماع؟
ويتابع الشاعر جلد ميراث الاستبداد, و السلف الصالح ,و أمجاد ماضينا المشرفة
" و أجلد ابن زيدون
و من مروا على خديِّ ولادة
و مادح سيف دولته.."
فهذا الماضي مزيج من الأوهام و القتل
" فما أنسيت فوق الكرخ غيمات/ تعيد خراج وهمستان للمنصور/
فاستغنى بدمستان كالعادة "
فالمهن الكلامية مرذولة في نسيج مصالح القصيدة كمهن شعراء البلاط و خطباء المساجد و المخبرين و سائر المهن المنمية للاستبداد " و من دم الحلمات تلحقني نياب المخبرين "
و لئن كانت الشيم قد غابت عن كلام الدنيا , إلا أنها و كما نوهنا سوف تصبح ثمة لكلام أخروي لا ندرك كنه , يعبر عنه الشهداء المبتسمين
" الصمت فوق مباسم الشهداء "

- إن صوت الشاعر الأنا المبثوث على امتداد مساحة النص, يمارس بطولاته مستمدا ً ميتافيزيقيا النهوض من الأنثى الحبيبة , فهي وحدها القادرة على تحقيق مضمون فكرة الصمت الذي هو الشيم الوحيدة الحقيقية للكلام القابلة للتحقق.
القصيدة تعبير عن حالة عوز عاطفي, و هي تنطلق من آلية تعويض , و ليس آلية تصعيد للمكبوت الجنسي و السياسي , فحالما يتحقق الحب , و يحظى باعتراف الحبيبة , سوف تصمت القصيدة و نفتقد شاعرا جميلا ً , نأمل أن لا يحط رحالة على عتبات بيت القصيدة حيث يتمرغ خصومه من الانتهازيين و المداحين الطبول.
القصيدة تتأرجح و بشدة بين قاع اليأس و قمم التفاؤل البيضاء, فنلمح تراث تموز و الحسين و الشهداء أكرم من في الدنيا و أنبل بني البشر , ليرخي سدوله على القصيدة
" و أمد شاهدتي / كقامة نخلة / نهضت لتمسح عن شجونك غصة "
- يبدأ الشاعر الابراهيم قصيدته في صيغة تشكيل طللي معاصر يستوحي معلقة عمرو بن كلثوم :
" عتيق خمر هذا الكحل
لم يخطر ببال الأندرين "
فهل الحبيبة – موضوع الطلل- غير الكلام, و شيمها غير شيم الكلام, و إذا كان الكحل من شيم الحبيبة , فالصمت هو شيم الكلام , و الحبيبة ليست سوى لوعة الكأس و ذاكرة العناقيد بعد أن غادر الزمان الأندرين, و خمور الأندرين
" ألا هبي بصحنك فاصحبينا
ولا تبقي خمور الأندر ينا "
عبد الرحمن الابراهيم الافتراضي من نسل بني تغلب, جده عمر بن كلثوم
و لكن بني تغلب ضلوا طريق الغلبة و تحولوا إلى غلابة!
وجده الذي قال ذات يوم كاذبا ً
" ملأنا البر حتى ضاق عنا
ووجه الماء نملؤه سفينا "
جده و جد يني يعرب الآن أضحى منزوع السلاح , مجرد من سيفه و قبيلته و حماسته , أضحى مجرد لحظة في بال من قصدها ذات يوم, و توكأ عليها في مقدمته الغزلية العابرة , فضمير الكاف في صحنك ِ يعود إلى الحبيبة
و الحبيبة تغادر الزمن 1500سنة و تسكن خاطر الشاعر الابراهيم
و لكن بلا بر و لا ماء و لا سفين
تسكن خيمة القصيدة
تكحّل صمت خيبته و اجترار الذاكرة الجمعية و الفردية للكلام ؟؟؟؟
...........
*من مجموعة: مدي الهديل إلى الحمام
عبد الرحمن الابراهيم – عبد المنعم ناشرون - حلب 2000



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق خارج التغطية؟
- من الايديلوجيا إلى المعرفة؟
- العقيدة شكل , العقيدة مصلحة
- إعجاز علمي: أم كلام عجائز؟ -قراءة نقدية في كتاب موسوعة الإعج ...
- القرآن و بلاغة الخروج من العصر
- تشريح الايديلوجيا
- و لم تنكسر مرتديلا الشعوب؟؟
- شخصية أبو الهدى الصيادي
- زوجتي و السياسة
- خمسة كيلومترات و تصل الجنة؟
- لماذا لا يتكلم الشيطان الانكليزية؟
- المنظومة المعرفية للمعتزلة
- إلى فرفوريوس : المكسو بالأرجوان
- لقد تحول نهر الفرات إلى شرطي
- أنتظر الحلم
- موقف الفلق
- بغل الطاحون و تمظهرات عقدة الخصاء
- زنزانة الحواس و قناع لنبي بلا نبوة
- ديمقراطية كان يا ما كان
- هواجس منتصف الليل


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - من شيم الرجال إلى شيم الكلام