أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وهيب أيوب - أكثرُ من وطنٍ...في الوطن















المزيد.....

أكثرُ من وطنٍ...في الوطن


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19 - 01:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أخطر ما أفرزته الأنظمة الشمولية الاستبدادية وحكّامها الطغاة في عالمنا العربي، الذين اعتمدوا القمع والترهيب ثم الطرد أو السجن أو القتل لإسكات أي أصوات محتجّة ومعارضة، سواء كانوا هؤلاء أفراداً أو جماعات، أرادوا التعبير عن أنفسهم وفيما يرونه من ظلم وتمييز يحيق بهم في وطن يسكنوه، ولكن باتوا يشعرون أنهم غرباء فيه.
فمنذ الخلافة الأولى وما أعقبها، وحصرها في قُريش (بعد إزاحة سعد ابن عُبادة سيّد الخزرج، عن تقديم نفسه للخلافة في اجتماع السقيفة) وتسلّط الحاكم على المحكومين بالقهر وحد السيف، وعدم السماح في التعدّد والاختلاف والتعبير، بدأت تتشكّل أوطان وانتماءات مُختلفة أخرى داخل الوطن الواحد، في السرّ أحياناً وفي العلن أحيانا أخرى. واستمرت الأمور حتى عصرنا الراهن، وذلك بسبب استمرار ذات النهج في الحكم والتسلّط والاستبداد. لا بل انتهج طغاة العصر الحديث سياسة تعزيز تلك الانقسامات الطائفية والقومية والإثنية واللعب على التناقضات فيما بينها لخدمة وجودهم واستمرارهم. ففاقد الشرعية الشعبية لا يجد سبيلاً لاستمراره إلاّ بالقمع وتعزيز التناقضات بين فئات المجتمع، غير مُكترث أو معنيّ أصلاً بحلِّها أو السماح لها بالتعبير عن نفسها، ففي هذا تكمن نهايته. لهذا بقي الجمر في حِراك صامت تحت الرماد ومن فوقه سُلطة النار والحديد.
حتى أتت الشبكة العنكبوتية الإلكترونية "الإنترنت" لتكون بمثابة الريح العاتية التي أزاحت الرماد من فوق الجمر المُستَعِر، ولتكشف الأمور على حقيقتها وشدّة ضراوتها.
فأنت ستقرأ وتسمع اليوم في العالم العربي، أنه لكل طائفة ومذهب وأقلية قومية تاريخها الخاص وتوصيفاتها الخاصة عن هذا الوطن وكيفية رؤيتها له، أو كما يحلو لها أن تراه.
فلو دخلت لمواقع الأقباط "المسيحيين" في مصر مثلاً، فإنك ستقرأ وتسمع وتشاهد مصراً غير تلك التي يتحدّث عنها الإعلام الرسمي المصري، أو الحركات والأحزاب الإسلامية الأصولية منها والمُعتَدِلة. فالفاتحون الأبطال والخلفاء الراشدون هنا، ستراهم لدى "الأقباط"، محتلين مجرمين مُدمّري المكتبات والحضارة ومغتصبي مصر. ويراها طرف ثالث أنها فرعونية تم تشويهها والاعتداء على حضارتها العريقة.
ولماذا لا يقول "الأقباط" بذلك لطالما إنهم يشعرون حتى اليوم، بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية في بلادهم، وأنهم أهل ذمّة بنظر الإسلاميين، لا تحقّ لهم الرئاسة أو المناصب العليا في الدولة والجيش، فدين الدولة الإسلام، ورئيس الدولة لا يكون إلاّ مُسلماً، وقوانين الدولة مُستَمَدّة من الشريعة الإسلامية " ولا تجعلوا من اليهود والنصارى أولياء لكم". والأقباط هم الأسبق في مصر من الإسلام وفتوحاته، وقد سكنوا مصر منذ آلاف السنين؟!
وفي العراق، يرى ويكتب العراقيون على مختلف انتماءاتهم، تاريخ العراق كل من وجهة نظره الخاصة، فللأكراد رواية وتأريخ، والآشوريون تأريخ (الذين يُهجّرون اليوم من أماكن سكناهم في الموصل وغيرها)، والكلدانيون تأريخ، والتركمان تأريخ، وللسنّة تأريخ، وللشيعة تأريخ، ولكل منهم له حججه كتبه ومؤرخوه وعلماؤه وفقهاؤه، وعراقه الخاص.
وفي الشمال الأفريقي، يعتبر العرب والمسلمون أنفسهم، أنهم فاتحون ومخلّصون وبناة حضارة، بينما يعتبرهم البربر "الأمازيغ" مُحتلين غاصبين، وأنهم أي الأمازيغ يعيشون في وطنهم الذي سكنوه منذ قرون قبل مجيء الإسلام مضطهدين مغبونين في حقوقهم ولغتهم وثقافتهم، ويُعامَلون كمواطنين من الدرجة الثانية. وللسودان أيضاً قصّة لا تختلف عن غيرها إلاّ بالتفاصيل، الجنوب ودارفور وسواهم.
في لبنان، هذا الوطن الصغير مساحة، منهم من يعتبره بلداً فينيقياً لا عربي، وصاحب حضارة تضرب في عمق التاريخ، حتى أن البعض أراد تغيير الأحرف العربية إلى لاتينية. وجزء آخر من المسيحيين يرونه وطناً "للموارنة"، والإسلاميون السُّنة يعتبرونه وقفاً إسلامياً تم الاستيلاء عليه، وقد يراه الدروز إمارة معنية نسبة لـ "فخر الدين المعني"، وآخرون يرونه قومياً عربياً أو سوريا. ثم يأتي دور الشيعة ليحاولوا جعله ولاية إيرانية مأمورة بولاية الفقيه. وكل من هؤلاء له حججه وكُتبه وتاريخه ومؤرِّخوه... الذي يختلف عن الآخرين في حججهم وتاريخهم وكتبهم!
في سوريا، ما زال النظام الاستبدادي فيها يصرّ على أن الوطن والشعب السوري، يعيش وينعم في وحدة وطنية وانسجام كامل وتآلف منقطع النظير بين كل طوائفه وفئاته! وهو أيضاً، أي الشعب السوري، سعيد بقيادته الحكيمة وملتفاً حولها في السرّاء والضراء، للمحافظة على الاستقرار والعيش الهنيء!
ومن يقول بغير ذلك فهو عميل مُثير للفتن... ومصيره، مفقود أو مطرود أو مسجون أو مرحوم.
ويُمعِن النظام في التخفّي خلف خيال إصبعه ودفن رأسه بالرمال، متجاهلاً ما بات واضحاً وجلياً ويتناقله البعيد قبل القريب. فاضطهاد الشعب السوري برمّته وكتم حتى أنفاسه بشكل لم يسبق له مثيل لأكثر من أربعة عقود في عصره الحديث لم يعد ملهاة. حتى بات عدد من أقطاب المعارضة السورية وأهمهم الدكتور عبد الرزاق عيد، يتحدثون بشكل علني وواضح عن طائفية النظام وممارساته المكشوفة المقيتة، لشدّة ما عانوا وصبروا.
ناهيك عن قضية الأخوة الأكراد، أو الكورد كما يرغبون، الذي كتب دراسة عنهم، رئيس الشعبة السياسية في الحسكة، المدعو: الملازم أول محمد طلب هلال، ممهورة بتوصيات لا يمكن لمواطن وطني شريف أن يتلفّظ بها، وأقل ما يقال فيها (الدراسة والتوصيات) أنها توجيه عنصري ضد فئة من أبناء الوطن السوري الذين حُرِم الكثيرين منهم أبسط حقوقهم الوطنية في حيازة الجنسية السورية.
مُضافاً إليها أيضاً قضية "الآشوريين" الذين يتحدثون عبر مواقعهم الإلكترونية عن الظلم والتمييز المحاق بهم... فإلى أين يسير هذا النظام بالوطن والمواطنين؟
أتينا فقط ببعض العيّنات الساخنة اليوم في العالم العربي بشكل مُختصر للتدليل على عمق الأزمة فقط. ولو أردنا استعراض جميعها لاحتجنا لمجلّدات.
على العرب والمسلمين، وقبل أن يتحدّثوا ويتشدّقوا عن ظلم الأميركيين والإسرائيليين لهم، أن يكفّوا عن ظلم إخوانهم وقتلهم وتهجيرهم؟!
نعود لنكرّر دائماً، أن لا سبيل للخروج من هذا المأزق المُستعصي، سوى السعي نحو تأسيس الدولة العلمانية الديمقراطية، دولة العدالة والمساواة والقانون التي تكفل حق الجميع وتصون حقوقهم وكراماتهم، حتى لا تتعدّد الأوطان في الوطن الواحد... فيضيع.

الجولان المحتل – مجدل شمس



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواراتٌ بائرة
- شعوب ما قبل الدولة والانتماء الوطني- و-الدراما التاريخية-
- عندما يَهزمُ فأرٌ إماماً!
- المَشاهِد المتقطّعة لمسرحية المفاوضات الإسرائيلية السورية!
- أغوال دمشق وجهاً لوجه مع -غيلان الدمشقي-
- الثالوث المُدمِّر الصهيونية والأصولية وأنظمة الاستبداد تحالف ...
- - قصة مدينتين - لو أن غزّةَ يبتلعها البحر
- بين تل الفخّار.. وظهر الحمار
- جحيم الطائفية من حيث تدرون أو لا تدرون
- نيلسون مانديلا...عقبال ال120 ))بوش الصغير... دَربْ يسدْ ما ي ...
- ميشيل كيلو بين - السيف والمنسف -
- خط بيروت الجولان
- ليس بالبيانات وحدها يحيا الجولان!
- -حزب الله- ذابَ الثلجُ وبانَ المرج
- الأول من نيسان كالسابع عشر منه
- لماذا سقط العرب ونهض الغرب؟! -2-
- لماذا سقط العرب ونهض الغرب؟! -1-
- اضبطوا ساعاتكم... حسب التوقيت الإيراني
- نصوصٌ غادرة وعقولٌ ماكرة
- مثقفون ولكن...؟!


المزيد.....




- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وهيب أيوب - أكثرُ من وطنٍ...في الوطن