أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الهوز حسن - مفهوم- فكرة- العقد الاجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره















المزيد.....

مفهوم- فكرة- العقد الاجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره


الهوز حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2439 - 2008 / 10 / 19 - 02:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن المفكرون دائما يبحثون عن ما قبل تاريخ فكرة معينة أو ما يمكن أن نصطلح عليه ببداية نشأة فكرة ما ، لأنه لا يمكن فهم و استيعاب مضمون فكرة معينة بدون النظر في ماضيها و بداية نشأتها و مراحل تطورها، لذلك نجد معظم المؤرخون ينحون هذا النحو في دراسة مفاهيم أو موضوعات معينة فلسفية كانت أم سياسية أم دينية ...إلخ.
و الفكرة التي تهمنا هنا و التي هي صدد بحثنا هذا هي "فكرة العقد الاجتماعي" فهذه الأخيرة قيل عنها الكثير خصوصا بعدد خولها التاريخ ،وعندما نقول هنا دخول التاريخ يعني الدور الكبير الذي لعبته في تغيير مسار تاريخ أوروبا الحديث و ظهرت هذه الفكرة بمعناها المعاصر و نزلت بحمولتها الفكرية في غضون القرن السابع عشر في أوروبا، وهذا طبعا عندما بلغت أوج تطورها و نضجها الذي ظهر بجلاء في" الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواطن" الذي يمكن أن نقول انه ختم تطور العقد الاجتماعي عبر التاريخ ،و هذا ما سنصل إليه فيما بعد و ذلك بعد أن نحاول استنطاق التاريخ للبحث عن ما قبل فكرة العقد الاجتماعي و تتبع مراحل تكونها.
حيث أننا نريد أن نتعرف على العوامل التي جعلتها تظهر هناك في أوروبا لنقارن بعد ذلك بين" ما قبل تاريخها" و بين الوضع عندنا نحن العرب، وهو بالفعل وضع "ما قبل تاريخ " مازال ممتدا في الحاضر لم يشق بعد طريقه إلى التاريخ إذا اعتبرنا أن تاريخ المنطقة العربية لم يعرف في مجمل فتراته التاريخية ما يمكن أن يسمى ب "العقد الاجتماعي" بمفهومه المعاصر على الرغم من بعض الآراء التي ترى أن "صحيفة النبي"1 تعتبر عقدا اجتماعي مثالي و ذلك كما سنبين فيما بعد.
يتحدث الباحثون الأوروبيون عن ظهور فكرة " العقد الاجتماعي" بصورة أو بأخرى في العصور القديمة في القرن 5 الخامس قبل الميلاد عند الفيلسوف الصيني موتزو و عند السفسطائيون اليونانيون ثم عند الابيقوريين في القرن 3 الثالث قبل الميلاد ثم عند الرومان و عند الفيلسوف شيشرون خاصة و ذلك في القرن الأول قبل الميلاد ويشيرون إلى انه كان لها صدى في القانون الروماني يعود إلى التقليد الروماني القديم الخاص ب " الوفاق الشعبي"، بينما يبحث بعضهم عن أصول لها في النصوص المقدسة فيجدون في " العهد القديم" عددا من الأمثلة على " العقد الاجتماعي" على رأسها " ميثاق بني إسرائيل " بينهم و بين يهوه (الله)،والعقد الاجتماعي الذي ابرموه مع الملك سليمان.
و تتبع مسار تطور فكرة العقد الاجتماعي كما خططه المفكرون و المؤرخون الأوروبيون إلى عهد البابا غريغوار السابع (1073-1085) ، الذي خاض صراعا مريرا مع الإمبراطور هنري الرابع فانتصر عليه ولقد بنى هذا البابا إصلاحه في هذا المجال على فكرة أن سلطة الملوك مستمدة من الشعب بينما سلطة البابا مستمدة من الله . ومما نلاحظ بدون كثرة عناء أن سلطة البابا أسمى و اشرف من سلطة الملك ، و هذا يستنتج عنه أن سلطة هذا الأخير تفقد شرعيتها عندما يمارس الطغيان و الاستبداد و الشطط على الشعب غير أن القصد الأول و الأخير منها في هذه المرحلة التاريخية هو تبرير تدخل الكنيسة بين الملوك و الرعايا كطرف ثالث في العقد الذي ابرم (عقد الحكومة) بين الشعب و الملك باعتبارها سلطة عليا. فيمكن هنا أن نسجل وجود صراع بين الكنيسة و الإمبراطورية و ليس صراع بين الحاكم و المحكومين. و أي خرق أو خروج عن العقد الذي ابرم بين الشعب و الملك يبرر تدخل البابا لتحرير الشعب من طغيان الحاكم و أكثر من ذلك فتدخل البابا يبرر ثورة الشعب على الملك ومن هنا تتبين أطراف الصراع الذي أكدناه سابقا.
و يأتي القديس توماس الاكويني (1225-1275) بعد ذلك و الذي يتبنى و جهة نظر أرسطو في أصل الاجتماع و منشأ الدولة و ذلك لتأثره الكبير بهذا الفيلسوف اليوناني، و كذا لا ننسى تاتره بابن رشد في مسالة ترتيب العلاقة بين الدين و الفلسفة، فقرر تبعا لأرسطو أن الاجتماع الإنساني أمر طبيعي كاجتماع النمل و النحل مع تسجيل فرق و حيد هو أن الاجتماع الحيواني يكون على أساس الغريزة أما الاجتماع الإنساني فيكون على أساس الإرادة و يدبره العقل و بالتالي فهو اجتماع تعاقد. و يقرر الاكويني في رؤيته لثنائية الزمني و الروحي أن سلطة الحاكم و بالتالي الدولة ليست نتيجة تدخل مباشر من السبب الأول (الله) بل هي ترجع للأسباب الثانوية أي إلى القوانين الطبيعية التي بفعلها تم الاجتماع و نصبت الدولة.
ولا يكون حكم الحاكم مشروعا إلا إذا كان متوافقا مع القوانين الطبيعية أي مع العقل لان العقل ليس شيئا آخر غير إدراك الأسباب كما يقول أرسطو و كرر ذلك ابن رشد مرارا و تكرارا، فبدون الاهتداء بالعقل و العمل بموجب قوانينه التي هي من قوانين الطبيعة التي خطتها الإرادة الإلهية لكون سلطة الأمير ظلما فاحشا.
و الأساس الذي ارتكز عليه الاكويني للخروج بهذه النتائج هو نظرية أرسطو في التمييز بين السبب الأول و الأسباب الثواني حيث اعتبر أرسطو السبب الأول (المحرك الأول الله) مبدأ لكل شيء، و لكنه جعله لا يتدخل كل مرة و في جميع الجزئيات بل هناك الطبيعة و قوانينها التي تشكل الأسباب الثواني و هي المسؤولة عما يجري في الكون من حوادث جزئية، و كذلك ذهب إلى ذلك ابن رشد و سار في هذا الاتجاه الاكويني هو الآخر فشيد رؤية جديدة لثنائية الزمني و الروحي إذ ربط الزمني بالأسباب الثانوية، و الروحي بالسبب الأول. و يمكن اعتبار هذا الفصل الذي أقامه القديس توماس الاكويني بين الدولة و الكنيسة بداية لمفهوم آخر سيعرف في العصر الحديث ب "العلمانية".
فإذا كان توماس الاكويني يرى رأي أرسطو كما ذكرنا سابقا فانه اقر بذلك أن الأسرة و المدينة (المجتمع) هما ظاهرتان طبيعيتان تماما لان الإنسان مدني بالطبع.
فقد جاء بعده "جان دون سكوت" jean duns scot (1308-1263) الذي يرى انه إذا كانت الأسرة هي فعلا اسبق ظهورا و أن الزواج شيء بدائي ويقوم مع ذلك على عقد تبادل، فان المدينة / الدولة مؤسسة متأخرة عنها ،و أنها تقوم على التعاقد كذلك.
ذلك انه بما أن الحياة البشرية في هذا العالم معرضة للوقوع فريسة قانون الغاب (القوي يأكل الضعيف) فمن الضروري وضع قوانين و تشريعات عادلة تحمي الناس من الظلم و الصراع . فالعقد الذي تصوره "سكوت" كما أسلفنا يقضي بان تسلم الجماعة بموجبه إلى طرف آخر ملكا كان أو مجلسا أو إلى المجتمع كله سلطة و ضع القوانين باسم المجموع و لفائدته و كيفما كان الحال فان "سكوت" ساهم مساهمة كبيرة في تقرير و تكريس فكرة السلطة الشرعية أو الممارسة المشروعة للسلطة التي هي تلك التي تستند على رضا المواطنين.
إن كل ما تعرضنا له حول مفهوم العقد الاجتماعي و بدايات ظهوره ياخد بتحفظ كبير نظرا لضعف تأثيره و دوره في التاريخ و في إنتاج محاصل عملية ممارساتية فكل الآراء التي تعرضنا لها لم تخرج من إطارها النظري المجرد ، باستثناء احتكاكها الخفيف بفكر النخبة آنذاك.
لهذا سنحاول بعد هذا المسار الطويل أن نتطرق إلى فكرة العقد الاجتماعي بمفهومه الحديث.



#الهوز_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الهوز حسن - مفهوم- فكرة- العقد الاجتماعي كيفية نشوؤه و تطوره