أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم - سعيد مضيه - أكتوبر في حياة البشرية















المزيد.....

أكتوبر في حياة البشرية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 08:18
المحور: ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم
    


" استيقظت باريس فجر الثامن عشر من آذار (مارس)على صيحة كقصف الرعد : عاشت الكومونة" . كتب هذا الكلمات كارل ماركس يحيي قيام الكومونة عام 1871؛ وكان في أيلول السابق قد حذر من خطوة كهذه لأنها بمثابة " انتحار يائس"، إذ يكاد العدو يطرق أبواب باريس. نبه ماركس في حينه عمال باريس " أن يقوموا بواجبهم كمواطنين، هذا ما لا يحرمون أنفسهم من القيام به..". أما وقد "حانت الساعة التي يترتب عليهم ( بروليتاريي العاصمة)بأن يأخذوا بأيديهم إدارة الشئون العامة .. فقد أدركت البروليتاريا ان من واجبها الملح ومن حقها المطلق أن تجعل نفسها سيدة لمصيرها... وتضمن النصر بتسلمها السلطة الحكومية"، والكلمات اقتبسها ماركس من بيان اللجنة المركزية للكومونة. خيانة الطبقات الحاكمة واستعدادها للاستسلام للغازي الأجنبي رتب على البروليتاريا أن تمسك بأيديها زمام الأمورالعامة. وحيا ماركس بحرارة هذه الخطوة الجريئة التي اعتبرها بمثابة "الهجوم على الماء".
لم تكن ملابسات أكتوبر 1917 في روسيا ، وبالتحديد في بطرسبرغ العاصمة ، لتختلف عن ملابسات 18 آذار 1871في باريس. على العكس فقد كانت نذر الخيانة أشد وضوحا، وكذلك عجز البرجوازية وحكومتها عن حل القضايا الديمقراطية للثورة البرجوازية : السلام والأرض ويوم العمل ثماني ساعات. كانت الأرياف الروسية المترامية تهب للثورة من اجل الأرض والسلام ، وكانت الطبقة العاملة أكثر تلاحما ووضوح هدف كما تجلى في قوام السوفييتات حينئذ. فعملية أكتوبر تستحق تحية ماركس كتعبير، حين أمسكت البروليتاريا الروسية بمصيرها ونهضت للقيام ب" واجب ملح وحق مطلق" . ومع هذا ينبري من يزعم أن ثورة أكتوبر مجازفة، وحرق للمراحل، وماك ينتغي أن تكون!!

لدى قيام الثورة سرت رعدة في أوصال البرجوازية العالمية فجردت حملة عسكرية شاركت فيها أربع عشرة دولة لسحق الوليد في مهده؛ ولكن العمال والفلاحين الملهمين بروح الثورة استطاعوا كنسهم وكنس أتباعهم من الجنرالات القيصريين وقذفهم خارج الحدود. وهذا أيضا دليل على أن أكتوبر ثورة بمعنى الكلمة، نشاط ثوري خاضته جماهير واسعة يحدوها طموح التحرر وبناء حياة جديدة بدون مستغِلين وغاصبين، خالية من الاستلاب والقهر.
وانطلاقا من الوضع المتعين في روسيا الثورية، طور لينين موقف ماركس من تسلم البروليتاريا السلطة بأيديها حين عجزت البرجوازية، مقررا بصورة حاسمة إشكالية زعامة البروليتاريا للثورة الديمقراطية، وصيرورة هذه إلى ثورة اشتراكية؛ أي الموقف من بناء الاشتراكية في بلد حيث تطور الرأسمالية "ضعيف نوعا ما". أدان لينين موقف الانتهازية العمالية المتجاهل لديالكتيك الماركسية الثوري، والمنغلق داخل إطار "الطريق الأوروبي الغربي"، فلم يفهموا أصالة ظروف قيام الثورة في روسيا سنة 1917،والتي اشترطت في تطورها بعض التغييرات الزهيدة تماما من وجهة نظر حركة التاريخ العالمي كله.
فديالكتيك التطور الثوري لا ينحصر في مثال أوروبا الغربية؛ إذ قدمت الثورة في روسيا خصوصية معينة وسّعت إطار الديالكتيك الثوري. وبنفس المثال نصح لينين ممثلي كادحي الشرق بأن يضيفوا إسهاماتهم في توسيع إطار الديالكتيك الثوري ، ويكتشفوا خصوصية التطور الديمقراطي لبلدان ما زالت ترزح تحت نير استبداد العصر الوسيط. نصحهم بالبحث عن مخرج لا وجود له في أي من الكتب الشيوعية.
كان لينين أول سياسي أوروبي يرفض أكذوبة الرسالة التمدينية للكولنيالية الامبريالية لشعوب الشرق؛ وهو الوحيد الذي دعا شعوب الشرق إلى تحطيم نير الكولنيالية الامبريالية ، وأعلن مساندة روسيا السوفييتية لهذا النضال التحرري العادل. وهو ما دفع البرجوازيات الأوروبية بهيستيريا منفلتة لتكثيف حملة دعاية في عشرينات القرن الماضي ، معادية للسوفييت وللشيوعية في بلدان الشرق، حملة شملت أوسع الأوساط الشعبية بحيث غدت البلشفية في نظر الناس العاديين مرادفة للتحلل الخلقي والإباحية وتحطيم النظام الأسري والتقاليد المجتمعية. ولم تتبدد الدعاية إلا عندما وجدت الجماهير الشعبية الشيوعيين بجانبها وأمامها في نضال التحرر الوطني.

أثناء حياة الوليد رأى سياسيون من وزن جواهر لال نهرو أن الاتحاد السوفييتي لو لم يكن موجودا لوجب إيجاده. فقد وفر إمكانات الخروج عن الأحلاف العسكرية للامبريالية ومعاهداتها المقيدة للسيادة، ومن ثم ولوج درب التطور الوطني المستقل للعديد من الدول المولودة على إثر تحطم النظام الكولنيالي على وقع المدافع السوفييتية في ستالينغراد وكورسك وغيرهما أثناء الحرب العالمية الثانية، ودور السوفييت في توجيه أقسى الضربات وأكثرها إنهاكا للوحش النازي ، ليبرز على إثر ذلك هيبته ونفوذه في الحياة الدولية.
وبعد وفاة الوليد متأثرا بأمراض الكساح الطفولية وجدت البرجوازية فرصتها السانحة كي تنقض على مكاسب الشغيلة خارج البلاد السوفييتية، فتضعهم في ظروف حصار تضطرهم لقبول تخفيض الأجور وتقليص الخدمات الاجتماعية وتغيير ظروف العمل للتخلص من قانون العمل ثماني ساعات في اليوم وحقوق التقاعد. وحين كان الهاربون من السفينة الغارقة ينشدون حبل الإنقاذ لدى الاشتراكية الديمقراطية كانت هذه قد فارقت عصرها الذهبي، وشرعت تنزع أرديتها الساترة لعورتها ، فتتخلى طوعا عن امتيازاتها التي حصلت عليها أثناء التنافس مع الاتحاد السوفييتي متمثلة في دولة الرفاه. وأجبرت أحزاب الاشتراكية الديمقراطية على أن تقوم بنفسها بتجريد العمال من مكاسبهم التي حصلوا عليها في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ وحاليا تحظر البرجوازية على هذه الأحزاب التطرق، ولو ضمنا، وتحت تهديد سحب الشرعية، إلى طلب مشاركة العمال في إدارة الإنتاج. باشرت البرجوازية لاستنفار كل نظريات علم النفس الاجتماعي واستخدمتها للسيطرة على توجهات الجماهير، والانقضاض على ثروة العقل المدني لدى كل مجتمع، وتجريده من بدهيات العمل العام، لدرجة نسيان حقائق الحياة الأخلاقية، التي توصلت حضارات المعمورة إلى تثبيت أصولها الفكرية والحقوقية. ومن خلال عولمة الحياة الروحية شرعت ثقافة العولمة هدم الصروح الحضارية للشعوب تمهيدا لطمس معالمها القومية وحملها على قبول الالتحاق بالرأسمال المعولم وتصفية كل سلطة معنوية كانت تتمتع بها هذه المفاهيم الكلية في الحرية والعدالة والمساواة، والتضامن ضد الاستبداد والفقر والعدوان. ووجدت الرأسمالية التي أصابها السعار والتوحش، الفرصة سانحة لجني الأرباح الأسطورية بشتى السبل، حتى بالمضاربة والتخلي عن الإنتاج وتضخيم أسعار الأسهم بصور مصطنعة، الأمر الذي أدى إلى تفجر الأزمة المالية الدولية الراهنة.
بينت هذه الأزمة أن مفكرا جدليا من وزن كارل ماركس أنفذ رؤية وأبعد نظرا، ولا نتحدث عن موضوعية التفكير وانسجامه مع الضمير والشرف والعقل، من مفكري البرجوازية عبر قرن ونصف القرن، خاصة هينتنغتون وفوكوياما . فقد أٌقر المنصفون والمتحيزون صحة ودقة تحليل ماركس وتوصيفه للنظام الرأسمالي ونبوءته بمستقبله كنظام عالمي انتقالي. وثبت بما لا يدحض صحة الشعار الجريء الذي رفع مباشرة بعد انهيار التجربة الأولى لبناء الاشتراكية: الاشتراكية أو دمار البشرية.اتضح أيضا خطأ، بل وخطيئة، ما توهمه الماركسيون، ليس نقلا عن ماركس ، بحتمية المسيرة الظافرة والمضطردة للبشرية باتجاه التقدم؛ فالبشرية قد تنتكس مسيتها التقدمية، وقد تواجه مصير الفناء بطريقة أو أخرى ، وقد تواجه أنظمة قهرية تتفوق على النازية والفاشية، مستغلة أزمات الرأسمالية المتوحشة بغية إنقاذها من الإفلاس النهائي، وذلك ما لم توحد جهودها للجم النشاط التدميري للرأسمالية المتوحشة ، وبالذات نشاط التجمع الصناعي – العسكري؛ هذا الديناصور المعاصر، الذي يكاد يغيب ذكره تماما. فهذا الديناصور المتضخم يستنزف ثروات البشرية ومخرجات الجهد البشري ويوظفها مع أذكى العقول وأفضل المواد الخام وأحدث منجزات الثورة العلمية وثورة الاتصالات في صناعة أدوات القتل والتدمير من اجل جني الأرباح الأسطورية. فشركة لوكهيد مارتن حققت أربعة مليارات دولار فقط من تطوير طائرة إف 35. وكم كان مكسب التجمع الصناعي العسكري من مليون مليون دولارر أنفقتها الولايات المتحدة على الحرب في العراق خلال خمس سنوات؟ وبالطبع كم كانت خسارة العراق من الأرواح البشرية والكوادر العلمية والثروات الطبيعية والمدنية؟! هذا الكائن الخرافي الذي ادخل البشرية مرحلة العولمة اللاإنسانية، هو الملهم والممول الرئيس بفتات أرباحه جيوش الإعلاميين والمثقفين ودور النشر ومراكز الأبحاث وعلماء الاجتماع والأكاديميين وكذلك الحركات والمنظمات والأحزاب السياسية التي تمتهن تشويه الحقائق وطمس الوقائع وترويج الوعي الزائف. وما كان بالمستطاع تطويع الشعوب للسكوت على الإنفاق الضخم على التسلح والقبول برضى آثم الحروب المتواترة المدمرة بحجة او أخرى لولا استلاب العقل النقدي، وحمله على التخلي عن وظيفته في التحذير والتوعية، وإجباره على أن ينزل عن السرج. فقد لجأ أخطبوط إيديولوجيا العسكرة إلى أحدث وسائل التعبئة والتحشيد الانفعالي وراء أهداف صورية خادعة. حتى لقد بلغ الشطط بها أن باشرت تدمير إنسانية البشر وتحويل متلقى منتج ثقافة العولمة إلى كائنات تسير بالريموت كونترول. قامت ثورة أكتوبر استجابة لتطلعات ثورية متحفزة ونجحت بفضل سيل جارف من المبادرات الثورية والتضحيات الغزيرة؛ ثم استقرت بفضل الرؤية الثاقبة والقدرة على الإحساس بنبض الجماهير والتقاط أضعف إشارات التأزم مع الحركة الجماهيرية واجتراح المخرج السليم من الأزمة أو المأزق، حفاظا على التحالف بين جماهير الشغيلة من عمال وفلاحين. وقبل هذا وذاك الاستناد إلى الطاقة الثورية للجماهير.
ويمكن القول أن النداء الصادر عن مجموعة الأكاديميين الروس كل عام ، إنما يعبر عن خلجات قلوب ملايين البشر، إذ يقول النداء الصادرهذا العام بمناسبة الذكرى المجيدة: "ان فشل النموذج الاجتماعي السوفييتي لا تعني ان أفكار أكتوبر كانت خاطئة, هذا المشروع التاريخي للاشتراكية لم يتحقق في المحاولة الأولى . الآن يتشكل الجديد , الجيل الشاب الذي لا يتقبل الرأسمالية .
"وهناك أسباب كثيرة للتأمل من أن أفكار ثورة أكتوبر تدخل القلوب بشكل جديد ومن الصعب تقدير المعنى التاريخي لهذه الثورة، والجانب الايجابي المنظور منه. إن أكثر من ثلث البشرية يهتدي معالم هذا الطريق، والكثير من الدول تواصل هذه الحركة مع الأخذ بنظر الاعتبار الهزائم والتراجيديا الماضية ." ويصدق ضمن واقع الحال الراهن قول النداء ، " ان أكتوبر اثبت ان عالما عادلا آخر ممكن تحقيقه وهذا هو طموح الكثير من القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة ومنها ما ظهر من موجات ثورية للتغيير في أمريكا اللاتينية وآسيا ".
يقال دوما ان الحياة تزكي الفكر الذي يخدم الحياة, وهذا صحيح، لكن ليس بصورة مطلقة. إذ الفكر له حامله الاجتماعي، يستمر باستمراريته ، ويفعل في المجتمع او المجتمعات البشرية بقدر ما تتوفر الحيوية والفاعلية للحامل الاجتماعي. ولا بد ان يسأل كل منصف، وكل من تهمه قضية اكتوبر ورسالته، كيف حصل ان أبدت الطبقة العاملة الروسية في حين من الدهر كل بسالة وتضحية وكيف تفجرت طاقاتها في معمعان النضال الثوري ضد أعداء أكتوبر، ثم أبدت لامبالاة أشبه بالانتحار الذاتي ، فتركت التجربة تنهار دون أن تهب للدفاع عنها!
وتساؤل آخر: أثناء الحرب العالمية الثانية كان الألوف يسقطون في الحرب ضد الغزو النازي فداءً للوطن وتحية للرفيق ستالين. ثم جرى التشهير بستالين علانية دون أن تتحرك الجماهير بالاندفاع الذي أقدمت على الموت من أجل ستالين! أليس استهانة بوعي جماهير العمال والكادحين السوفييت الزعم بأن خروشوف و" زمرته" افتروا على ستالين وانقلبوا على الاشتراكية ؟! هل الأمر كذلك ام أن موجة عاتية من التضخيم الإعلامي ل"مآير الرجل" ولد الوهم الذي تبدد حال وقوع أشعة السمس عليه؟ أليس تنكرا لماضيهم الثوري اتهامهم بالسكوت سنوات وعقود بينما الاشتراكية تحرف إلى الماضي الرأسمالي؟ ام أن الطبقة العاملة تغربت بالتدريج عن الإنتاج وعن العمل وعن النظام منذ أن وضعت إدارة الإنتاج بأيدي البيروقراطية فانتقل العمال بذلك من ربقة الرأسماليين إلى ربقة البيروقراطيين؟
وتساؤل ثالث : قال لينين أن الطبقة العاملة تحتاج إلى المثقفين كي ينقلوا إليها الفكر الاشتراكي، وينظموا نضالها الطبقي. فهل قام الحزب الشيوعي السوفييتي حقا بوظيفة التثقيف الجماهيري ، أم أنه استبدل التثقيف بالإدارة الأوامرية، فانقطع الحبل الصري بين الحزب والجماهير ؟
وتساؤل رابع : لدى الحديث عن الثورة الثقافية ألمح لينين إلى أن من وجائب السلطة السوفييتية، وقد أنجزت المهمات السهلة ، أي قلب سلطة البرجوازية وتأميم الأرض والمصانع ، باتت تواجه المهمة الأصعب والأعقد، تحويل البرجوازية الصغيرة إلى الاشتراكية عن طريق إنجاز ثورة ثقافية. وقال أن إنجاز المهمة يستغرق جيلا بأكمله من العمل الثوري في مجال التربية والتعليم وإعداد الخبراء والكوادر الإنتاجية والإدارية، وكذلك تربية جماهير الشغيلة بروح الأخلاق الاشتراكية. فهل أنضجت حقا ظروف تحويل البرجوازية الصغيرة بجانب الاشتراكية؟
وتساؤل خامس: ردد لينين مرارا أن إحلال الإيديولوجيا الاشتراكية بالتدريج في الوعي الاجتماعي وعبر الصراع من اجل استئصال الإيديولوجيا القديمة بالتدريج ، إيديولوجيا الاستغلال والقهر الطبقيين والقوميين. فهل حقا تخلص الوعي الاجتماعي من جذور الإيديولوجيا القائمة على التطفل على الجهد العام والقهر الطبقي وتغريب العمال عن ثمار عملهم؟ أم أن حملة الإيديولوجيا البرجوازية ، أيديولوجيا التطفل على جهد الاخرين تمترسوا في أ ذرى هرم المجتمع؟
أمامي كتاب في 260 صفحة من القطع الصغير من تأليف بليماك صادر عن دار التقدم في موسكو عام 1989.عنوان الكتاب " وصية لينين السياسية". يقول الكتاب في مقدمته أن لينين اضطر للانقطاع عن حضور اجتماعات الحزب والحكومة عامي 1921 و22بعد أن اشتد المرض عليه، وأصاب الشلل يده اليمنى وساقه اليمنى . كان ذلك بتأثير الطلقة التي أصابته في رقبته لدى محاولة اغتياله. وضع لينين تحت مراقبة الأطباء، وفي كانون أول 1922شرع يملي على سكرتيرتين ملاحظاته واقتراحاته. بعض المقالات نشر بالبرافدا ، والبعض بقي مجهولا في حينه ونشر بعد عام 1953. استمر لينين يملي وصيته حتى أيار 1923 ثم توقف عن النشاط إلى أن توفي في نيسان 1924. كان محور المقالات يدور حول إنجاز الثورة الثقافية ، فعلى نجاحها يتوقف نجاح عملية البناء الاشتراكي . الاشتراكية ، في نظر لينين، ليست قضية القمة في جهاز الدولة ، وليست قضية الشيوعيين فحسب، بل هي في المقام الأول قضية الملايين . "وبالتالي يستحيل الإدارة من فوق بدون الإدارة الذاتية من تحت." و في مرحلة البناء الاشتراكي ، حسب توصيف لينين تحل الديمقراطية على شكل الإدارة الذاتية كليا. يقول لينين : "تتحقق الديمقراطية كليا وتتوقف سيادة المركزية كليا. وبدون هذا يستحيل الانتقال إلى الشيوعية."
شكّل جدل الديمقراطية والاشتراكية جوهر نهج لينين الثوري في النضال ضد القيصرية ومن أجل بناء الاشتراكية. فهل تواصل جدل الديمقراطية والاشتراكية خلال مرحلة ما بعد لينين؟ أم أن حجر الأساس لانهيار 1989 وضع يوم أن تقرر بمبادرة فردية، وبالخروج على خطة السياسة الاقتصادية الجديدة (نيب)، هجر وصية لينين في إنجاز الثورة الثقافية المنشودة خلال جيل وليس أربع سنوات فقط ؟ يتضمن كتاب وصية لينين السياسية المزيد مما يلقي الضوء على عوامل السقوط المدوي عام 1989، والتي زرعت داخل النظام السوفييتي في غياب لينين وعقل لينين. (يتبع)



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يخمد عطر الدين عفونة فساد الحكم الحلقة الأخيرة
- هل يخمد عطر الدين عفونة فساد الحكم-3 .... السيف والكتاب
- فرقة ناجية واحدة أم اكثر؟
- هل يذهب عطر الدين عفونة فساد الحكم؟
- يجدفون وسط دوامة العولمة
- نتظر من عام القدس الثقافي
- النزاهة وحرية التجمع في فلسطين
- كبق نستثمر البنية الثقافية لمحمود درويش
- تصعيد المقاومة مسئولية قوى الديمقرطية
- الثقافة العربية في فسطين البدايات والإعاقات (4من 4)
- رفيقنا الذي رحل عنا
- الثقافة العربية في فلسطين البدايات والإعاقات 3من4)
- الثقافة العربية في فلسطين( 2من 4) مقدمة جديد الكاتب -رواد ال ...
- -الثقافة العربية في فلسطين ( 1من 4حلقات) البدايات والإعاقات
- خنق الماركسية من خلال احتضانها
- نكبة تفرخ نكبات وكوارث
- النضال الطبقي في البنية الكولنيالية-3
- النضال الطبقي في البنيةالكولنيالية
- من ركام المحنة تنبت العقلانية
- النضال الطبقي في البنية الكولنيالية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- ثورة أكتوبر .. منجزات مذهلة تتحدى النسيان / حميد الحلاوي
- بمناسبة مرور(91) عاما على ثورة اكتوبر ((الاشتراكية)) الروسية / حميد الحريزي
- الرفيق غورباتشوف / ميسون البياتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية... الانهيار وأفاق الاشتراكية في عالم اليوم - سعيد مضيه - أكتوبر في حياة البشرية