|
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام ......؟! (2)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 08:17
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بعد اتفاق بريتون وودز عام 1944 الذي اسهم بشكل مباشر و فعال في تاسيس نظام مالي عالمي وفق المتغيرات الاقتصادية السياسية القلقة في حينه، كانت الخطوة الاولى انشاء صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و هما من الركائز الاساسية للنظام الراسمالي العالمي،و بعدها اعتمدت الدول الراسمالية على توجهات الفكر و القواعد الراسمالية بحذافيرها. منذ تلك التوجهات و مرورا بالحرب الباردة الى تفكك الاتحاد السوفيتي ، وصلت الحال الى انفراد النظام الراسمالي في سيطرتها على الساحة الاقتصادية العالمية مما حدا بهاتين المؤسستين الراسماليتين فرض شروطهما على اية دولة او جهة تتعاملان معها، و كان لهما الدور البارز و القوي في ترسيخ و تثبيت مقومات النظام الراسمالي العالمي قسرا في المناطقا لتي تصلان اليها. الا ان الازمة الحالية ستعيد كثيرا من الاحتمالات و تخلط الاوراق من جديد. فعلا بدات بوادر المطالبات باعادة النظر في النظام الراسمالي العالمي تظهر من الاقطاب التي ترسخ خصوصياتها ، الاتحاد الاوربي اول الداعين الى اعادة تاسيس النظام المالي العالمي وفق قواعد متحركة و متغيرة و يطالب باعادة صياغة مؤتمر بريتون وودز بما يتفق و اتجاه العولمة السائدة في القرن الحادي و العشرين، و هذا مايقلق امريكا و يجعلها تحس باهتزاز ثقلها و خفة و تحجيم رصيدها و زنتها الاقتصادية و سمعتها التي تباهت بها كثيرا و خاصة في عالم مابعد الحرب الباردة. الفترة المقبلة تشهد الركود و الكساد العام حتما ، و هذا ما يفرض بشكل عام المطالبة من جميع الجهات اعطاء دور فعال للحكومات في فرض الشروط و القوانين اللازمة و عدم توفير الحرية الكاملة للبنوك في اللعب من اجل المصالح الخاصة و لفوائد الاشخاص و القوى المسيطرة عليها. هناك ايضا مؤشرات واضحة على ظهور الاقطاب المالية الجدد، فالصين و الهند مثلا قد تفرضان نفسيهما على الساحة المالية ، كما نحن نعلم ان الصين لوحدها لديها احتياطات الموارد المالية تصل الى 2 ترليون دولار و لا يقل عنها الهند كثيرا جدا، بل انهما الان تستنهضان اقتصادهما بشكل قوي و مدروس، و هذا ما يؤدي الى تقوية الصراعات على الدور الريادي المالي للعالم ، ومن الممكن ان تتجاوز الصين امريكا في المستقبل القريب ، في حالة استمرار تقدمها المشهود، ان لم نتوجه الى روسيا و اعادة دورها الفعال و ما يكون عليه موقعها و علاقاتها مع الدول العالم و بالاخص اللاتينية منها، و كيفية تقوية دورها كقطب مستقل. مما سبق تاكدنا ان هناك من العوامل المؤثرة على الاقتصاد العالمي و هي بدورها تخلخل في مراكز القوى و تعيد اصحاب الاموال حساباتها للتكيف مع المستجدات التي تفرض في تلك الحالة، ومن المؤكد انه يحصل تغير واضح في مواقع و مناطق الاستثمارات ، و ربما نشهد توجه الاموال و الاستثمارات الى الشرق الادنى و بكثافة عالية للظروف التي يتمتع بها ، و هذا ايضا يكون العامل المؤثر الاخر في تلك التغيرات من موازين القوى و بشكل ملحوظ. لليابان دور خاص لانه لم تتاثر فيها البنوك من هذه الازمة كما لاحظنا الا شركة واحدة فقط، و حافظت على ادوارها ان لم يصبها الركود و الكساد بسبب تعاملاتها الواسعة الكثيفة مع الغرب، و يجب ان لا ننسى ان اليابان مرت بازمات مماثلة في اواخر الثمانينات و هي تعدًتها و استقرت ظروفها المالية و السياسية واعادت مستوى اقتصادها في زمن قياسي. انني هنا لن اشمت و لن اكون متفائلا كثيرا بحيث اعلن احتضار الراسمالية و انهيارها و انها ستغرق في المياه الاقتصادية الاسنة كما يقول البعض ، الا انني اقول لو ضمنت دول العالم عدم حدوث الازمة ثانية ، و لو بدات بانهاء عصر المكافئات الكبرى للافراد و اللوائح و اعتمدت نظاما منطقيا او واقعيا، و بالطبع ستكون الفترة المقبلة نهاية الدعوة لعدم تدخل الحكومة في الراسمال ، او سيستقر الوضع المالي الاقتصادي بشكل اخر، و ستظهر هناك ادوار اخرى و لاعبون جدد كما اسلفنا و من ضمنه الهند و الصين و روسيا و تحالفاتها ، و لكن و ان حُلت الازمة الحالية و بقيت الركود مستمرة و الكساد مسيطر فستبقى مسببات الازمة و احتمال اعادتها قوية جدا. و هذا ما يؤثر على الافكار و الايديولوجيات ، و يمكن القول ان الدول الراسمالية تعمل على عولمة العولمة مرة اخرى ان تمكنت او تواكب المتغيرات على امل تصحيح مسار العولمة و تعمل على ذلك ، و تكون هناك حتما خارطة سياسية اقتصادية جديدة ، و يتغير مستوى او حدة الهيمنة الامريكية على العالم، ليس تصدقا او تنازلا منها بل بفعل انبثاق نظام اقتصادي منافس ، بعد انتهاء مرحلة النظام الليبرالي الراسمالي المتشدد، و ستظهر المنافسة بين الراسمالية المتطرفة و الاشتراكية الموجهة، و اني على اعتقاد بانه ستبدا مرحلة متنقلة و قلقة بينهما الى ان تستقر في النهاية المرحلة الاشتراكية الواقعية المعتدلة و بعد فرض نهج و لوائح متقدمة ملائمة و معتدلة للنظام الاقتصادي السياسي العالمي من قبل منظري الوضع العالمي الجديد ، بعد اعادة توزيع الاستثمارات في العالم و تثبيت الاقطاب المتعددة و بروزمعادلات جديدة للعلاقات الاقتصادية السياسية الجديدة ، و هذا ما يحتاج الى وقت ربما طويل.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل انتهى عهد الراسمالية العالمية بعد الازمة المالية ام......
...
-
انغلاق الاحزاب الكوردستانية على نفسها
-
السلطة العراقية و مصير سلطان و الكيمياوي
-
المجتمع الكوردستاني بين العقلانية و العاطفة
-
الفتاوى الدينية و الازمات السياسية
-
جوهر نضال الطبقة الكادحة يكمن في الالتزام باليسارية الواقعية
-
الافكار الضيقة لا تساهم في علاج الازمات الخانقة في العراق
-
الاعلام الحر ومخاوف سلطة اقليم كوردستان العراق
-
اقليم كوردستان العراق و الثقافة التنموية
-
الشعب العراقي بين الدعوة و العودة
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى فلسفة الحكم العلماني و الشفا
...
-
ماذا بعد اقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق؟
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (7
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية( 6
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (5
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (4
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (3
...
-
كادحوكوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى القوى اليسار
...
-
كادحو كوردستان العراق بحاجة ماسة الى اتحاد القوى اليسارية (1
...
-
متى يستقر الفكر التسامحي في عقليتنا
المزيد.....
-
الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
-
لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
-
مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال
...
-
في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار
...
-
الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
-
وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات
...
-
لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
-
البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا
...
-
المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م
...
-
تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|