أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم غيلان - ألأثر الشعبي في رواية (خَلف السَدة )















المزيد.....

ألأثر الشعبي في رواية (خَلف السَدة )


كاظم غيلان

الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 03:20
المحور: الادب والفن
    


" منذ نهاية الخمسينيات الماضية، وعلى مدى ربع قرن، حملت الموجات

المتوالية آلاف المهاجرين من الجنوب الى ضواحي بغداد، حيث استقرت تبحث

عن حياة جديدة. ومن خلال معاناة عائلة، يرصد عبد الله صخي التحولات

الكبرى في العراق الحديث.

أحداث ومتغيرات عاصفة، وأحلام، وحب وجوع، وصراع دام ، وبينما كان

الناس يبنون بيوتاُ جميلة من الطين، كانت السلطات الفاشية تكتم انفاسهم

وتبني أفظع السجون في العالم"


من الغلاف الأخير للرواية –

صدرت مؤخراً عن دار المدى الرواية الجديدة للروائي العراقي المغترب عبد الله صخي (خلف السدة) بواقع 160 صفحة من القطع الوسط متضمنة عشر فصول ضاجة بأحداث وتحولات عاصفة غلبت المأساوية على معظمها تبعاً للوضع الطبقي للبلدة والتي اتخذت اسم(العاصمة) عنواناً لها ربما لأنها كانت تتكيء على كتف العاصمة بغداد التي هي بدورها اتخذت اسماً خاصاً(سكان الصرائف) فيما أطلفق عليها موظفو الدوائر الرسمية اسم" خلف السدة" حسب تعريف المؤلف الذي نتفق معه تماماً.


هنا بيتي وهنا قبري


تبدأ الرواية من حلم(سلمان اليونس) الذي أباح به لزوجته( مكية) الحالمة بولادة طفلها البكر حيث لاح له خيال" سيد جار الله" الرمز الديني الشعبي والذي أهدى فرسه لسلمان قائلاً : سيعينك على الوصول" ثم يختفي في البرية الواسعة ومع توافد المجموعات الاولى من المهاجرين الذين تركوا أرياف الجنوب واهواره واشعرهم السيد بعد أن دعاهم للصلاة وبصوت مجهد:" هنا بيتي، وهنا قبري" في اشارة منه لختياره تلك البقعة ليقيموا فيها ويشرعوا منذ تلك اللحظة لتأسيس البلدة الجديدة وتتكرر ذات الجملة كبحث عن الخلاص في نهاية الرواية " افرغوا حمولتكم، هنا بيتي وهنا قبري، فهذه ارض مباركة سوف تعيشون عليها أنتم واحفادكم جيلاً بعد جيل" عند نهاية فصول أحداث(خلف السدة) لأرض برية اخرى هي" مدينة الثورة" بينما تنقض آليات عسكرية ومدنية( بلدوزرات) على البلدة الاولى لتمحو كل معالمها التي اثقلتها ذكريات اهلها حيث" البيوت تئن وتتطاير سقوفها، والسعف يطلق أزيزاً سرياً مكتوماً وهو يتلوى مهروساً تحت العجلات العملاقة التي تطويه طياً أو تسحقه سحقاً، شيئاً فشيئاً تقدم الآلات في عمق البيوت التي بدأت تتلاشى من الوجود. هاهي تتحول الى مجرد تاريخ مدون في ذاكرة أجيال سوف يندثر هو الآخر في زمن ما" ص147.


المحيط والتاريخ الشعبي


بطبيعة الحال يحمل المهاجر من بيئة لأخرى ظلال الارض الأولى، الوعي الأول، ليؤسس على انقاضه ذاكرة جديدة، وهكذا حملت الجموع المهاجرة من الجنوب الى ارض خلف السدة كل ماذاقت من قهر وقمع طبقي، قوافل من المقهورين والمقموعين أبداً في ظل انظمة قامعة، فتجدها شعبية مطلقة، مكوناتها مهن، نذور، مآتم(ألموروث الديني الحسيني) بشقه الشعبي كما هو الولع الشجي بصوت القاريء عبد الزهرة الكعبي، زواج، موت، عرس، اعتقال، جنون.. الخ من اجواء شبه مهيمنة على المدينة حتى يتخيل للقاريء غير العراقي انه أمام عالم جديد، عالم آخر قادم بكامل مكوناته من أفق برية مطلق منفتح على اللانهائي.

ان الاحداث والمتغيرات التاريخية التي شهدها العراق مع نزوح هذه العوائل المسحوقة الى بغداد فهمت من قبلهم فهماً شعبياً بسيطاً، لذا تجدهم متشبثين بشخصية المنقذ فمن السيد الى رئيس الوزرائ( الشهيد عبد الكريم قاسم) الذي تبنى منحهم الاراضي السكنية والذي خيم الحزن على ابناء هذه المدينة أبان تعرضه لمحاولة الاغتيال الغادرة في العام 1959 وتنامى حقد المسحوقين على المتآمرين كما في شخصية( كنيز- بائع الباسورك) هذا الساخر تعرض الى تعذيب وحشي دونما تهمة بسبب تقليده الأصوات فأعتقل بتهمة تقليده عراك كلبين حيث فسر ذلك بأن الكلبين هما البعثيين والقوميين بينما يعترف صادقاً لأبناء مدينته بأنه كان يقلد كلاب(الكورجة) و(بيت زامل) ، ولأن المنقذ – الزعيم- غرس بذرة الحب في قلوبهم ردوا له الجميل بالمثل حين هبوا للدفاع عنه صبيحة انقلاب شباط 1963 حيث تدافعوا قبالة وزارة الدفاع وحتى بعد استشهاده حاولوا نقل رفاته من منطقة المعامل التي يسكنوها لمكان آخر حتى يكون مزاراً لهم لولا تمكن مفارز الحرس القومي من اكتشاف الأمر وقامت بنقله بكيس من الجنفاس لترميه بنهر دجلة لأضاعة أثره تماماً، والأمر لم ينتهي الى هنا بل راحوا يتداولون بكل مايوهمهم بوجوده حياً ، فحيناً يشيعون خبر رؤيته في ايران وتارة اخرى في موسكو.. الخ من نسيج لأساطير وجود من لاوجود له، لكن طيبة بيئتهم الأولى غرست فيهم خصائل الوفاء.


أنين قصب وهمس أمواج


بما ان الغناء نتاج بيئوي كما عرف عنه فأن المناطق الأشد شعبية هي الأكثر تعلقاً بذلك النمط المشبع بالأسى من الغناء الذي تحس فيه أوجاع ارواح أدمنت القهر العراقي الممتدة جذوره منذ فجر التكوين الأول، هذا الغناء أصبح من الطقوس التي اعتاد عليها ابناء المدينة كما في شخصية(سوادي حميد) يوم "احتضن سلمان اليونس وقبله وأخذ يغني بصوت مديد مكلوم فوق سحاباته أنين قصب وهمس أمواج وجروح شجر" :

ع الولف ساهر دوم

حارمني لذيذ النوم

وينه اليفك مظلوم

وين الله وينه

أما بيت "عريبي وأولاده الستة" فكانوا بمثابة فرقة غناء شعبي تحيي طقوسها على وفق نمط بدائي باستخدام صينية شاي ينقر عليها الأب باصابعه الغليظة الخشنة لتعينه على اطلاق العنان لحنجرته :

عجزت من شبل هدمي مال متني

وعلي ضاكت الوسعه ما لمتني

لون تدري الوادم ما لامتني

على ذاك العذاب الصار بيه

يعقبه صوت أحد الأولاد:

تميت احومي اعله شوفك بس اروحن وارد

أبغي وصالك واروم من المراشف ورد

ختاما رواية عبد الله هذه تؤكد لي حرصه الدائم على موهبته اذا ما علمنا بأنه غادرالعراق منذ أكثر من ربع قرن الا ان اشتغالاته في هذا العمل الذي اعتمد ذاكرته الاولى تشير لأمكانية عالية لم تتمكن المنافي بكل شراستها من انتزاعها وتشويهها، ولربما سنتأكد أكثر حين تكون فيلما سينمائيا كما(الظامئون) المأخوذ عن رواية الاستاذ عبد الرزاق المطلبي.



#كاظم_غيلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعراء المنصة
- بالدموع والرايات الحمراء ودعناك يا كامل
- الصمت المزري
- العراق في عهد قاسم.. تاريخ سياسي1958-1963
- عبد الكريم قاسم .. من ماهيات السيرة الذاتية
- احمد خلف: الشعر الشعبي مبتلى بالمتطفلين عليه
- القاء القبض إعله الدمعه!
- احذروا التوقيع !
- الجحيم المقدس ..رواية جسدت وحشية الفاشية وتضحيات الكرد الفيل ...
- أزمة المعرفة
- محمد الغريب.. ضمير جيل
- سياحة في بقايا قصر الطاغية
- عواد ناصر: ادعو الى اطلاق مبادرة تتعلق بتأسيس (ثقافة الاعتذا ...
- النزعة العدوانية التي خلقتها الاغاني التعبوية
- مازن لطيف علي: ظاهرة المهرجانات تعيد إلى أذهاننا الصورة المو ...
- من يعتذر لمدينة الأسماء الأربعة ؟
- إذا لم تعتذر
- علي حسن الفواز: النقد الأدبي لايمكن ان يتعاطى مع نصوص عابرة ...
- الفنان الملتزم والسلطة الواعية
- يوسف المحمداوي .. مشكلة مجلس النواب


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم غيلان - ألأثر الشعبي في رواية (خَلف السَدة )