أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - نهاية الإنكلوسكسونية ... والدخول في عصر التنين ( الفصل الرابع - هذا الجيل .. والتحول العاصف )















المزيد.....

نهاية الإنكلوسكسونية ... والدخول في عصر التنين ( الفصل الرابع - هذا الجيل .. والتحول العاصف )


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 00:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإشتراكية الحالية هي إشتراكية النخبة والكلمات ، إشتراكية لا يفهمها شباب هذا الجيل ..
وإذا ما أردنا دراسة الأسباب الكثيرة المطروحة من قبل المفكرين حول إنعدام الدماء الشابة في صفوف اليسار في العالم العربي خصوصاً ، فإن النزعــة التبريرية لا العلمية الواقعية هي الغالبـــة على تلك الطروحات ..
وهي في الغالب طروحات تعتبر من الشباب من أبناء " هذا الجيل " مجرد متلقين سيطر عليهم الخطاب الديني ( الإسلاموي ) بسبب " تخاذل " منظري ومفكري اليسار في مواجهة واقع التحولات .. أو تكال في كثير من الأحيان إخفاقات ضم الشباب في صفوف اليسار إلى " التآمر " الإمبريالي المتوحش الذي شوه صورة اليسار في العالم كثيراً ..!
أحداً لم يفكر يوماً إن هذا الجيل .. هو جيل ٌ مختلف .. ويفكر بطريقة مختلفة ..
وهو جيل مستعد لخلق إشتراكيته الخاصـــة .. لكنه لن يستطيع السير بسبيل إشتراكية القرن الماضي ...!
نقول هذا الكلام .. إستمراراً لما طرحناه في الفصل السابق ، هناك إختلاف كبير بين واقع تفكير المجتمعات في الشرق الأقصى عن واقع التفكير لدى الغرب والشرق الأوسط الإسلامي والعالم العربي .. كذلك هناك إختلاف في هذا الواقع بين هذا الجيل والأجيال التي سبقته .. !

هـــــذا الجيــــل ..

إن واقع إختلاف التفكير بين الغرب والشرق كما ناقشناه في بحث ٍ سابق ( * ) وكما ناقشه ريتشارد نيسبت ( ** ) يعطينا الحافز بأن نتجاوز إلى شكل ٍ آخر من أشكال " التغاير " و " الصيرورة " المتحولة في عقل " هذا الجيل " ومحاولة إستخلاص رؤية ترسم ملامحاً جديدة له .
فعقل الجيل ، كما نراه ، لا يــُـمنـَـح العناية اللازمة في مناهج التربية والتعليم ، حيث لا يدرس بواقعية علمية تامة سواء في الشرق أو الغرب ، والسبب هو إعتماد مناهج علم النفس المعاصرة وكذلك العلوم الإجتماعية على " الرؤية " الغربية القائمة على المنهجية الإستاتيكية ( ثابتة ) ذات النظرة التجزيئية المغرقة في الإختصاص كما يقول كارل بوبر عنها :
" بأنها جرت العلم إلى ويلات حيث جعلت منه معرفة ً عادية ، لا يداخلها النقد العلمي ، خصوصاً في مجال العلوم الإجتماعية التجريبية ، فالخطوات التقدمية العظمى إنما هي التي يقطعها أولئك الذين يستمتعون بمجالٍ رحيب من الإهتمامات خارج التخصص " ... " فإذا علا نجم تلك الكثرة من المتخصصين ، فسوف يكون هذا اليوم هو نهاية العلم كما نعرفه ... العلم العظيم ... سوف تكون كارثة روحية تضاهي كارثة التسليح النووي من حيث نواتجها ..." ( *** )
فهذا الجيل ، ورغم ما هو معروف ٌ عنه من سطحية ، فهو يمتلك ذهنية ووعي أكثر تعقيداً من أجيالٍ سبقته ، بسبب واقع التطور التكنولوجي ونواتجه كالسرعة و العولمة الثقافية و الإقتصادية ، ولذا فإن التعامل مع مشاكله من قبل النخب المختصة والتعليمية لا يزال " كلاسيكياً " ، ونقول كلاسيكياً عنه لكونه لا يراعي واقع الصيرورة أو " التحول " السريع الذي طرأ على الجيل في نهاية القرن العشرين والصورة الحالية التي هو فيها مطلع القرن الحادي والعشرين والصورة التي يمكننا أن نتوقعها له خلال العشرين سنة القادمة في ظل تطورات متسارعة جداً ستغير ذهنيته إلى مستوى يكون فيها قد أفلت من زمام الفهم لدى النخبة التعليمية والفكرية في الغرب والشرق على حدٍ سواء ..
ولعل أهم مشاكل " سوء الفهم " بين النخبة المنتمية إلى ثقافة وفكر القرن العشرين وبين " هذا الجيل " وليد العولمة الثقافية وعصر المعلوماتية هو طبيعة التكوين الثقافي البنيوي لجيل النخبة القائم على التركيب اللغوي والتخصص ، فيما " هذا الجيل " يمتلك ثقافة " سطحية " كما هو معروف ٌ عنها لا تلتزم بالتخصص بسبب واقع التنوع الثقافي والإعلامي واللغوي الذي أفرزته العولمة .

فالنخبة التي تلقي المحاضرات في الجامعات ، وتدير مراكز البحوث والدراسات ، وتمسك برئاسة الهيئات الإدارية لمختلف المؤسسات في العالم بصورة عامة وعالمنا العربي بصورة خاصة ، هــــي النخب التي تكــوَّن ذهنها بعد إنتصاف القرن العشرين !
هذه النخب هي التي ترمي " هذا الجيل " بالعقوق والتخلف والسطحية ، حيث يعجز هذا الأخير برأي هذه النخب عن التعلم ومجارات التقدم " الفكري " بسبب تأثره بأجواء الموضة وعبادة الجسد والغرائز أكثر من أجيال سبقته ، وهذا برأي هذه النخب هو السبب في عقم عقول " هذا الجيل " عن الإبداع بالمفهوم الشمولي العام قياساً بأجيالٍ مضت على كافة الصعد الفنية والأدبية والعلمية ، بمعنى إن الرؤية في واقعها هي محاولة تفسير سلبية " متشائمة " مبنية وفق النسق " الهرمي " لرؤية الدفق المعرفي المهيمن على عقلية النخبة الحالية " العجوز " .
فهذه النخبة ، المولعة بالتخصص ، المؤمنة بعصمتها وتعاليها عن سذاجة وسطحية هذا الجيل كما تعتقد ، ترى إن واقع التطور المعرفي والفكري في العالم يؤثر فيها أولاً وبدورها هي تتحمل مسؤولية نقل هذا التأثير لـــهذا الجيل ...!
حالة من هبوط " دفق " المعرفة من قمة الهرم" الغربي " إلى قاعدته " هذا الجيل " عبر النخبة الحالية ذات الثقافة اللغوية اللفظية ، والمعرفة العلمية القائمة على البنى " اللفظية " لتنقلها بكل صدق ٍ وإخلاص ٍ وأمانة ٍ لهذا الجيل ...!
إن أهم ما يغيب عن فكر النخبة " ذاك الجيل " إنها نخبة تشكــَّـل عقلها في عالم ٍ آخر يختلف عن عالم " هذا الجيل " كثيراً ...!
يكفي أن نذكر " ذاك الجيل " بأنه جيل أمسيات السلطنة حيث التركيز على " الكلمات " و " الأداء " دون مراعاة للوقت ، حتى لو تستمر" أم كلثوم " مثلا ً بأداء أغنية واحدة لساعة كاملة ...!
فيما إن " هذا الجيل " هو جيل " الخفة " .. و الأكشن ، حيث الرؤية الفنية " كلانية " كاملة ... وليست هابطة كما تدعي النخبة ، فهي ترى الفن بصورته الكلية الجامعة للصوت والصورة والحركة ، فهي تمقت " التخصص " والتركيز على الكلمات وطريقة الأداء الصوتي فقط ، ليس كون الذائقة الفنية هابطة لدى هذا الجيل ، لكن روحيته و ذهنيته تشكلت في عالم ٍ آخر مختلف ... ما شــكـَّــل صدمة ً كبيرة لدى الأجيال الماضية التي لم تستوعب حقيقة التحول السريع في واقع الحضارة البشرية منذ سقوط جدار برلين و إنهيار المعسكر الإشتراكي وظهور عصر العولمة وثورة المعلوماتية ..!
إن " ذاك الجيل " تأثر هو الآخر بالعولمة .. لكن تأثره كان بمواجهة واقع التحولات وما تمليه بما يمتلكه من ثقافة وعقلية تشكلت لديه بعد منتصف القرن العشرين ، أي في ظلال الحرب الباردة والتنافس الشديد بين الغرب والشرق ، ما يعني إن صورة التحول في مفاهيم النخبة تختلف إختلافاً جذرياً عن واقع هذا الجيل الذي تشكلت عقليته في مرحلة سريعة جداً تحول الوعي الثقافي فيها من عصر " فلسفة اللغة " و " فلسفة الرياضيات والفيزياء " التي كانت سائدة في القرن العشرين ، إلى عصر " فلسفة العقل والعلوم البيولوجية " و " ظهور الفضاء الإفتراضي " المتمثل بالمعلوماتية وتطور الإعلام المرئي والمسموع إلى حد الهيمنة على كافة نواحي حياة الفرد مطلع القرن الحالي ، ويكفي أن نقارن " البرمجة بلغة بيسك " التي كانت سائدة في التعليم حتى أواخر الثمانينيات والقائمة على فلسفة عقلية رياضية – لغوية تمثل بحق واقع المعرفة في القرن العشرين بصورة رمزية ، وبين ما يشهد هذا القرن من ثورة الفضاء الإفتراضي المتجسد بواقع " برامج الوندوز " وما تمثله من " إقتراب " للشعور والعقل الحسي البسيط ، وهذا بالضبط هو واقع وقالب تشكيل عقلية هذا الجيل الميال للحس والتبسيط ، التكثيف و الإختصار ، والنفور من التخصص والنفور من التمسك بهوايات معينة ، والرؤية الكلانية الشاملة بصورة عامة ... والميل إلى اللغة الرمزية البسيطة .. واللجوء إلى " الخرائط " الذهنية في الفهم و الإستيعاب .
فيما كان " ذاك الجيل " كثير الكلام .. يؤطر المقالات والمحاضرات بالألفاظ الثقيلة والملونة بما يمليه واقع تشكل ذهنيته " اللغوية " في القرن العشرين ، حيث التخصص ، والهوايات المحددة ، وهذا ما أنتج " فجوة " كبيرة جداً بين تلك الأجيال وهذا الجيل إلى درجة رميه بالعقوق والفسوق ... والسطحية والضياع ..
لأن نخب التعليم .. وأرباب الفكر هي من نتاج القرن الماضي ليس إلا ....!
ولأن نخب الطلبة هي من نتاج واقعية " حسية " متسارعة تفرض الميول التي تستوعب الرمزية و الإختصار لا اللفظية البنائية .
هذا الجيل ... والأجيال القادمة بحاجة إلى منهج " معرفي " بسيط على الفهم.. في نفس الوقت قابل لإستيعاب ٍ أكبر عبر صفات التكثيف و الإختصار .
وهذا ما يحتاج منا إلى توضيح صورة لمرحلة " ما بعد العقل " حيث إنتهى الغرب ، والمجتمعات الشرقية الكلانية قادرة على ملئ الفراغ أولاً .. والقفز بالعقل البشري إلى مرحلة متقدمة جديدة ( مـــا بعد عقليــة ) ثانياً ..
فبعد عصور " العقلنة " التي جاء بها فكر التنوير الغربي والحداثة يصل الغرب اليوم ، مطلع القرن الحادي والعشرين ، إلى نهاية مسدودة تنذر بالخطر في تصدع المجتمع الغربي نفسه رغم كل ما يبدو عليه من تماسك ظاهري ، لكننا حينما نمعن الرؤية في الغرب الذي بدأ يطرق الطريق نحو " المسيحية الجديدة " مستعيراً الصورة النمطية لإستعداء المسلمين ( التي كانت سائدة في العصور الوسطى ) عبر مسلسلات الرسوم المسيئة والأفلام والمناسبات التي يظهر فيها " البابا " نفسه بموقف قذف ٍ لا معنى له ولا طائل إلا " تحشيد " الفكر الغربي لتكوين جبهة فكرية جديدة ضد الإسلام والمسلمين ، ندرك إن الغرب يعاني من إضطراب ٍ داخلي "فكري " خفي ، ينم عن شعور جمعي باطني بالإفلاس إلى حد " الخرف " بإستعادة أجواء العداء في حقبة الحروب الصليبية في ما يسمى اليوم بالحملة ضــــــد الإرهاب
( الإسلامي بكل تأكيد ) ..!
و بإعتقادي فإن تبسيط المنهج الكلاني الجديد سيفسح المجال لظهور نخبة تعليمية وفكرية " موسوعية " تلبي طموحات هذا الجيل في التكثيف و الإختصار و الكلانية ، والأهم من ذلك ، ومع إنه تفاؤلٌ مسرف كثيراً ، تحقيق قفزة فكرية تقدمية ... قادرة على تجاوز العقلنة الغربية إلى " ما بعد عقلانية " شرقية .. كلانية منبثقة من تأريخ الشرق وحضاراته العريقة ... راسمـــة ً في النهاية شكلاً جديداً ومذهلاً من الإقتصاد الإشتراكي .. مستفيدين من مسيرة التأريخ التي ترينا إن الغرب لم يفلح في النهوض لولا " العودة " إلى " جذور الحضارة الغربية " في اليونان وروما ، وليس " ترك " الدين والتخلي عنه كما يتصور الكثير ، وما نحتاجه بالفعل العودة إلى جذور " الفكر الشرقي " لإعادة تأسيس " فلسفة " شرقية جديدة قادرة على تحقيق " إنبعاث " جديد للفكر الشرقي وفي العالم الإسلامي والعربي بالتحديد .
وبما إن فكر الغرب نشأ من جوهر " الطبيعة " ، وبما إن فكر الشرق ولد أساسا ً من " النفس " والإنسان والقيم المنبثقة عنها " الروحية " والرؤية اللاهوتية للطبيعة ، لذا فإن المسار الشرقي يحتاج إلى الإنطلاق من العلوم النفسية ولكن ... بإطار ومنهج جديد يتناسب مع واقع التفكير لدى هذا الجيل الجديد و الأجيال القادمة في المستقبل ، وهي أجيال يمكننا تسميتها " ما بعد اللغوية " ، حيث تحتاج إلى الخرائط الذهنية والرسوم التوضيحية أكثر من حاجتها للكلمات ذات الدلالات الإصطلاحية العلمية ، لا يعني إننا ننفي دور اللغة الإصطلاحية التركيبية في التعليم ، ولكن ، هذا الجيل والأجيال القادمة بحاجة إلى معرفة أكثر ثراء ووضوحاً بسبب طبيعة النشوء الفكري والعقلي الذي فرضه واقع التحولات التكنولوجية والإعلامية والثقافية المتسارعة عبر العالم خصوصاً مطلع هذا القرن ، التي تفرض " الرمزية التصويرية " وليس رمزية اللغة التي سادت لأكثر من ثلاثة آلاف عام ٍ مضت ..!


وبالتالي .. نضع الإصبع على أهم نقطة :

هذا الجيل يتحمل مسؤولية " تأريخية " كبيرة كونه يعيش في فترة تحول فاصلة في الوعي العقلي البشري تمثل ثلاثة آلاف سنــة ماضية من رمزية اللغة ، وعالم الكلمات ، حيث تتشابك غابة ٌ من المفاهيم و الإصطلاحات والكلمات في عقول النخبة المثقفة الساعية إلى تثقيف هذا الجيل ، فيما هذا الأخير في طريقه إلى وضع الحجر الأساس لبناء غابات متشابكة من التصويرات الرمزيــــة ...!
قد لا يصدق أحد ٌ الآن إن " هذا الجيل " يعاني من ثقلٍ كبير يتمثل في نقل البشريـــة من حقبة المعرفــــــة البنيوية الإصطلاحية اللغويـــة إلى حقبة المعرفـــة ذات الرمزية التصويرية ... بمعنى آخر :

هذا الجيل .. على موعـــد ٍ مع التحول التأريخي الكبير .. القادم مع العاصفة الآسيوية الكبرى التي ستقيم الإشتراكية من عالم الأموات من جديد ...!
والعلوم بصورة عامة ، ستتحول إلى " تبسيط " يتجاوز اللغة إلى بناء جديد ، وأدوات معرفية جديدة تكون لها القدرة على إستيعاب الحاجة التعليمية والفكرية لدى الأجيال القادمة ، وهو ما نسعى إليه في هذا الكتاب في محاولة دمج القالب المعرفي " اللغوي" مع قالب جديد قائم على " التبسيط التخطيطي " مستنبطين أدوات معرفية قابلة للإدراك في مجالات المعرفة المختلفة من فيزياء و بيولوجيا و سايكولوجيا .

هذا الجيل ... والثورة

في الحقيقة ، وفي ضوء التحولات المعرفية السريعة جداً ، فإن نخبتنا من أنصاف مثقفين ومثقفين ومختصين ومفكرين وأدباء هم الذين توقف عندهم التأريخ ، ويعيشون في ظلام ٍ مطبق ، فيما تصوروا إنهم هم الأجيال المثالية التي عاشت في حقبة ثقافية ذهبية دون أن تدرك واقع الإنهزام الذي أورثته لــ" هذا الجيل " و الذي بدوره يمتلك من المبررات ما يبيح له " السطحية " و عدم إحترام هذه النخبة واللجوء إلى الدعاة الدينيين الذين يفكرون بعقلية العصور الوسطى ، فالحسية العالية ، والميول إلى تعريف الشخصية بالجسد ، وهي أهم سمات مجتمعات الشرق القديمة جدا ً ... حيث إن هذه الصفات أهم روابط البناء الإجتماعي الكلاني وستكون هذه السطحية والبساطة أهم مقومات المجتمع الإشتراكي ، وهي طبائع عصرية تميز به هذا الجيل سواء بالفن أو بالموضة ، فرضها واقع التحول " الطبيعي " للمجتمع البشري شأنه شأن تحولات المجتمعات الحشرية ..!
وهذه البساطة كافية بأن تجعل هذا الجيل يرى بوضوح حقيقة " عري الذات " لدى الأجيال التي سبقته ، وحقيقة خضوعها وخنوعها ... لذا كانت ردة الفعل تجاهها من جانبه هي " الإرهاب " والرد الحازم العنيف !
إن هذا الجيل ، لا يستطيع التأثر بثقافة النخبة لأنه مختلف تماماً ، ولكون واقع التحولات الكونية قاده في صيرورة مختلفة عن صيرورة " ذاك الجيل " في ظل نفس الظروف ، حيث الأخير يتصور نفسه أباً شرعياً لأبناء " عاقين " لجأوا إلى الظلامية و الإرتداد التأريخي ... أو إنحرفوا و إنجرفوا بموجات العولمة والسوق الحرة والفن والذوق الهابطين ، فيما الحقيقة تتكلم ، عن جيل عاجز سبق ، أنجب الجيل الجديد في سجون عجزه على الصعيد الثقافي والعلمي والسياسي ، وهذا الأخير يحتقن بالثورة ... و أول عرش سيطيح به في هذه الثورة هو :
عرش الأبوية العربية ... وتجسيدها الفكر القومي ، حيث بدأ يسقط الهرم الكبير في الفكر الإجتماعي العربي ما أساء للنخبة وللحكام الذين تخدمهم ، ولكون هذه الثورة لا تزال في بدايتها ، وتنتظر العاصفة الآسيوية الكبرى التي ستكتسح التأريخ ، وتحتاج لذلك إلى منهج ٍ وتنظيم ... وإيديولوجيا ، لذا ، فإن كتابي المبسط هذا ، ورغم إنه يظهر بتوجه نفسي – إجتماعي ، لكنه ينطلق من علم النفس وفلسفته نحو بقية العلوم بإرساء نظرية معرفية جديدة ، و هو محاولة بسيطة لوضع أسس منهجية " علمية " تنطلق من واقع ذهنية و تطلعات و أحلام " هذا الجيل " ( و الذي أفتخر بالإنتماء إليه ) ، للبدء بعالم ٍ جديد ... ومن الصفر .. !
فبعد الخراب الذي سيحصل ، جراء سقوط الهرم على القاعدة ، نحاول وضع منهج لبناء نظام إشتراكي جديد .. وفكر ٍ كلاني ٍ جديد إنطلاقاً من واقع ٍ فلسفي – علمي مبسط يتلائم وذهنية هذا الجيل بعيداً عن الإسهاب و التزويق اللفظي ما أعاننا الله ، برؤية " كلانية " شمولية تماشي واقع التطورات الكونية المعاصرة وتعبر بصدق عن آمال هذا الجيل وتطلعاته نحو إعادة الهيبة والحضارة للأمم الشرقية ومنها الأمة الإسلامية.
فهذا الجيل .. يبحث عن " التكثيف " و " الإختصار " والعمل الجماعي المتناغم المتسق على غرار ثقافة الشرق الأقصى ،
ستكون النفس .. والخافية الجمعية كما رآها " كارل جوستاف يونج " هي التمثيل الذي سنناقش به حقيقة هوية و إنتماء هذا الجيل بجعله يغوص أعمق في التأريخ والهوية .. الكلية الإنسانية الجامعة ، حيث نتجه في الفصول التالية ، نحو البداية الأولى لإشتقاق منهجية علمية مبسطة " جديدة " مستوحاة من واقع الثقافة الشرقية في الشرق القديم ، نظرية معرفية جديدة قائمة على التأمل العقلي ، على غرار الإنطلاقة الأوربية " المعرفية " الأولى قبيل النهضة نحو اليونان بما عرف في حينها قبل أربعمئة عام بالنزعة الإنسانية Humanism ، ما يتيح دراسة مسار التحول نحو العمل الجمعي منذ فجر الخليقة وصولاً إلى وضع مناهج تطوير مهارات العمل الجماعي فائق التنظيم والتناغم ما يشكل طاقة هائلة في الإنتاج وهو ما يحقق تذويب " الأنا " الغربية في " نحن " الشرقية الجامعة الكبيرة .. ويجعل حملة الإشتراكية جلهم من الشباب ...!

الهوامش

• أنظر للباحث : الوعي الجمعي البشري ودوره الأساس في تحريك التأريخ ، مجلة شبكة العلوم النفسية العربية الإلكترونية عدد 17 شتاء 2008 http://www.arabpsynet.com/apn.journal/index-apn.htm

• انظر " جغرافية الفكر " ريتشارد إي نيسبت ، بترجمة شوقي جلال ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت 2005
• كارل بوبر ، أسطورة الإطار ، عالم المعرفة الكويت (2003) ص 99 .



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الإنكلوسكسونية ... و الدخول في عصر التنين ( الفصل الثا ...
- نهاية الإنكلوسكسونية ... والدخول في عصر التنين ( الفصل الثان ...
- هل تفرض الصين نفسها بديلاً إقتصادياً وثقافياً عندما ينهار ال ...
- نهاية الإنلكوسكسونية .. والدخول في عصر التنين ( الفصل الأول ...
- أميركا .. و كلمة الوداع الأخير
- بين يدي الله .... في ذكرى تسونامي آسيا
- المعرفة النفسية العربية ... الفلسفة والمنهج
- إغتيال تموز ... إغتيال ٌ للأمة ، في ذكرى الثامن من شباط الأل ...
- الشرق والغرب .. بين الثقافة والسياسة
- وجهة نظر في : جغرافيّة الفكر لريتشارد نيسيت ، ورسالة إلى الل ...
- المعرفة ُ الشرقية (1)
- المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((4))
- المعرفة ُ في الشرق ...هل لها مستقبل ؟ ((3))
- المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((2))
- المعرفة ُ في الشرق ....... هل لها مستقبل ؟ ((1))
- النظرية ُ الإسلامية ِ...سوء ُ تطبيق ٍ ..أم سوءُ تخطيطٍ رباني ...
- المجتمع كما رآه الرسول محمد....العلاقة بين الديمقراطية والعل ...
- صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم.. ...
- الدخول إلى فضاءات النفس الداخلية وفق الطريقة البابلية
- محاكمة صدام....ام محاكمة التاريخ ؟ للمرادي والبعثيين الجدد ب ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - نهاية الإنكلوسكسونية ... والدخول في عصر التنين ( الفصل الرابع - هذا الجيل .. والتحول العاصف )