أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير شحود - مأسسة الأمن, أم أمننة مؤسسات الدولة؟















المزيد.....

مأسسة الأمن, أم أمننة مؤسسات الدولة؟


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 751 - 2004 / 2 / 21 - 09:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان من نتائج التطورات الاجتماعية والسياسية التي حصلت في المجتمع السوري حدوث تحولات غرائبية, لم تكن لتحدث في الظروف السوية التي تعيشها المجتمعات. وكان للدور الذي قامت به الأجهزة الأمنية, منذ بداية عقد الثمانينات من القرن المنصرم, بأن تحولت إلى قوة هيمنت على الدولة ومؤسساتها, وألحقتها بها من الناحية الأمنية, فأصبحت مؤسسات الدولة خط الدفاع الأول في عمل هذه الأجهزة في الحفاظ على الأمن؛ بمعنى تثبيت الوضع الراهن, بغض النظر عن منطق الحياة الحقيقي, الذي يمثل الاختلاف والتباين فيه الرافعة الأساس في التطور والتقدم والتكيُّف. واستمرت هذه الهيمنة المطلقة للأجهزة الأمنية حتى أواسط التسعينيات, موزعة نفوذها على المؤسسات, ومتغلغلة في وعي الناس, ولا وعيهم, كقدر محتوم.
وحدث ذلك في منا خ من التنافس بين فروعها المختلفة, والذي عزز من فعاليتها في القبض على الوضع الداخلي وتكبيله, ما عطَّل بذلك الحراك المجتمعي السوي على المستويات كافة, وصار الخوف من أي تغيير هاجس الأجهزة الأمنية. فقد عملت الأجهزة المذكورة, في الفترة المشار إليها أعلاه, على تثبيت الوضع الاجتماعي, حفاظا على دوام نفوذها, واستمرارا  لـ "الانتصارات" التي حققتها على الصعيد الداخلي. وحدث ذلك كله تحت مظلة من الشعارات و"الثوابت" السياسية, التي كان التشكيك في "قدسيتها", أو الاقتراب منها بالتساؤل والنقد,  سببا كافيا للتخوين الوطني, وربما الاحتراق في نارها, كفراشة حول مصباح.
ويمكن القول أن المؤسسة الأمنية كانت المؤسسة الأكثر فعالية وتنظيما, وأثمر ذلك تضخما في دورها ونفوذها, وتغلغلها داخل مؤسسات الدولة الأخرى, فكان من غير الممكن الوقوف في وجهها, وموازنتها من قبل أية جهة أخرى. وفي النصف الثاني من التسعينيات, بدأت الخطوات الأولى لتحديثها, وقوننة ممارساتها, برفدها بعناصر حقوقية, وترافق ذلك بتقنين القمع إلى حدود معينة.
وبعد خطاب القسم للرئيس الجديد, وجدت الأجهزة الأمنية نفسها في مواجهة حراك اجتماعي محدود, تعاملت معه بالعودة إلى أساليبها القديمة, بعد تلكؤ سمح لعشب ربيع دمشق أن يتنامى قليلا. وأكد ذلك التوجس والخوف من التغيير والإصلاح, وعدم الاستعداد لدفع ضريبة هذين الاستحقاقين.
وتحت ضغط ظروف التغيير المتلاحقة, وجلها خارجي, ولعدم قدرة الدوائر السياسية التقليدية على الخروج من إطار "الثوابت" الخشبي, الذي تشرنقت داخله, فقد جاءت مبادرة الانفتاح على المعارضة, بالاعتراف بها على أقل تقدير, من خلال الدوائر الأمنية. وتمثل ذلك بالمقالة التي كتبها اللواء بهجت سليمان في جريدة السفير اللبنانية, ربيع العام المنصرم.
وتباينت ردود الفعل على هذه المقالة, من مرحب خجول بها, إلى رفضها, لاعتبارات كثيرة, من أهمها, على ما يبدو, أنها جاءت من الجانب الأمني, الذي يثير بحد ذاته الحذر والتشكيك عند المعارضة التقليدية؛ بسبب الضربات التي تلقتها على يد هذه الأجهزة.
 ومع أنه لايمكن تبرير الاعتراض على مثل هذه المبادرات لكونها جاءت من الجهاز الأمني وحسب, فإنه من المنطقي أن تتم المبادرات السياسية في الانفتاح على المجتمع من قبل السياسيين, وأن وتعود المؤسسة الأمنية إلى دورها الطبيعي في الحفاظ على أمن الوطن والمصالح الوطنية, تحت مظلة القانون. مع العلم أن القيادات السياسية التقليدية تبدو عاجزة عن المبادرة إلى حد كبير, باستثناء المؤسسة الرئاسية, التي يمكنها مخاطبة الجميع, انطلاقا من موقعها, كرمز وطني.
وثمة علاقة عكسية بين الحراك الاجتماعي الديمقراطي وتضخم صلاحيات الأجهزة الأمنية واتساع نطاق هيمنتها, بحيث لايمكن أن تدب الحركة في الركود الاجتماعي دون أن تتبدل مهام هذه الأجهزة, فتتحول إلى حماية الحراك الاجتماعي, بدل الوقوف في وجهه, واحترام المواطن والحفاظ على لقمة عيشه وكرامته, بدل "رعايته" والنظر إليه كقاصر لا يستحق سوى قيوده!. كما يمكن أن تكلَّف هذه الأجهزة بالقيام بواجبها الوطني في محاربة الفساد, وحماية المواطنين من شروره, والحفاظ على ما تبقى من كرامة المواطن, والذي يقف عاجزا أمام هذا الوحش المستشري - الفساد, وينخرط في متاهاته, شاء أم أبى.
إن محاربة الفساد, وعلى كافة المستويات, هي المدخل الطبيعي لاستعادة ثقة المواطن في عملية الإصلاح والتغيير المعقدة, إذا افترضنا حسن النية والعزم في اتخاذ القرارات المستحقة والضرورية في هذا الشأن؛ وذلك بغية تفعيل طاقات المجتمع المعطلة والمكبوتة, والتي لا يمكنها الظهور والتنامي دون توافر الحرية المقوننة. كما تتوقف عملية الإصلاح على تفجر هذه الطاقات الكامنة لدى مجموع المواطنين؛ فالأمر ليس مرهونا برغبات السلطة في الإصلاح, ولا المعارضة, بل بتوافر حوامله الاجتماعية, والتي لايمكن أن تتكشف في المناخ السياسي الحالي. إن التغيير مطروح وملحٌّ وآت, ويتوقف كون التغيير المرتقب إصلاحا أم لا, على الجهة التي تقرر هذا التغيير, أو تفرضه.
وإذا كان الضغط الخارجي من أجل التغيير يحمل في طياته الكثير من المخاطر والاحتمالات المفتوحة, فإن الإصلاح الحقيقي من الداخل, بصورة مضبوطة, يعتبر صمام الأمان الوطني لمرحلة انتقالية, يتوقف فيها الحديث الممل عن الثوابت, لتصبح الحياة المتنامية للمجتمع "الثابت" الذي لا رجوع عنه.
وبينما تحدث الاستجابة للضغوط الخارجية, أو التكيف معها, لهذه الدرجة أو تلك, يبقى الرهان الحقيقي على متانة الوحدة الوطنية, المؤسسة على أسس جديدة, لا تستثني أحدا, تحت مظلة القانون, وفي مناخ من الشفافية والمشاركة السليمة لأبناء الوطن جميعهم. وستشكل هذه الوحدة الوطنية الجديدة إطارا لمناقشة المشكلات الوطنية العالقة بكل شفافية ومسؤولية, على اختلافها, بغية تحقيق أكبر قدر من العدالة والحرية وتكافؤ الفرص للمواطنين السوريين, الذين يتعرفون على إمكانياتهم وقدراتهم الحقيقية خارج بلدهم في معظم الأحيان. فالحاجة ماسة إلى أن يسود الشعور بالأمان والأمل؛ لأن ذلك من أهم العوامل التي تساعد في مواجهة التحديات الخارجية, والتكيُّف معها, في سبيل تحقيق المصالح الوطنية المتفق عليها.
إنها القرارات المؤجلة والمستحقة, والتي يفترض التصدي لها, ومقاربة استحقاقاتها, قبل فوات الأوان.



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادئ التربية الجنسية
- الصحة الجنسية
- خمسة جنود صهاينة مقابل بيضتين!
- الحجاب والاحتجاب من منظور تطوري
- المشروع الجيني البشري
- الاستنساخ: أنواعه وآفاق تطبيقاته
- في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي
- بعيدا عن الواقع... ومن أجله
- نقد ذاتي وغيري
- تحية لصديق جديد
- بين ثقافة الاستشهاد و-عقيدة- الانتحار
- مثقفو وشعب... حبيبتي سوريا
- تقاسيم على وتر الخوف
- قلب تاريخي
- لبنان: ذكريات حاضرة
- بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني
- محللون يحللون التحلل والحلول


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير شحود - مأسسة الأمن, أم أمننة مؤسسات الدولة؟