أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - جَمرة المتعَة والألم 2















المزيد.....

جَمرة المتعَة والألم 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 03:20
المحور: الادب والفن
    



الأجسادُ كلماتٌ ؛ هيَ رسائلٌ ، أُوحِيَ بها لغضاضة العمر من لدن عنايَةٍ ما ، مجهولة . فلتتوقلَ درجة ً بإثر درجة مراتبَ المراهقة . مراتبٌ رقىً ، تسترقي بها ؛ أنتَ الأعزلَ حتى من خرَزة الطفولة ، الزرقاء ، المنذورة لدرء العين الشريرة . غيرَ أنكَ طفلٌ بعد ، ما فتأتَ ، بنظر الكبار على الأقل . براءة مظهركَ ، لم يُضِرْها ولا ريب ما إرتسَمَ على صفحة الوجه من زغبٍ ناعم ، بالكاد يمتّ لسنّ البلوغ ، الذي بلغته أنتَ منذ حين ٍ هيّن ٍ . كنتَ ثمة إذاً في إحدى المساءات ، الشتويّة ، المُعتادة على وجودكَ الدائب في منزل إبن العمّ ، الكبير ؛ أنتَ المتوله ببرامج التلفاز ؛ وتحديداً بالأفلام المصرية ، الأثيرة ، التي صار إهتمامكَ بها منصبّاً على الرومانسيّ منها ، وبعكس مرحلة الطفولة ، حينما كنتَ متحمّساً لأفلام المغامرة والفتوّات ، المتعهّد بطولتها وقتذاك كلّ من رشدي أباظة وفريد شوقي . في تلك السهرة ، لم يَعُر أحدٌ وجودكَ أقلّ إكتراثٍ ، حينما شاءت " آموجنيْ " ( إمرأة العمّ ) الإهتمامَ ، الشبق ، بالمشهد المثير لبدَن " السمعونيّة " ، الأكثر فتنة : كانت " آمال " قد ولجتْ حجرة الجلوس ، قادمة على ما يبدو من " بوابة الصالحية " ؛ من جولة تسوّق في محلاتها ، الأنيقة ، رفقة شقيقتكَ الكبرى ، التي كانت صديقتها الحميمة مذ فترة دراستهما ، المشتركة . عندئذٍ ألحّتْ تلك المرأة القريبة وشقيقتها ، الحاضرة أيضاً ، بأن يرينَ على جسدِ الضيفة ثوبَ السهرة ، الجديد ، الذي إشترته للتوّ .

***
ـ " ولكن ، رحماكم ، أنا بلا شلحَة ! "
هتفتْ مُعتذرة ً البنتُ الحسناء ، ذات العينين الخضراوين . بيْدَ أنها أذعنتْ على كلّ حال ، أمام لجاجة الحضور الأنثويّ . منتهضة ً بحركة عجولة ، مرتبكة نوعاً ، راحتْ " آمال " تنضّ الثياب الشتويّة ، الثقيلة ، عن الجسم الرشيق ، الرائع ، مولّية وجهها إلى الناحية الاخرى . المدارُ الفاره للردفين ، الفلكيين ، والملموم بسروال حريريّ ، ضيّق حدّ العِسْر ؛ هذا المدارُ ، حقّ له أن يشفّ عن كنوز الكون ، ما أن إنحنتْ ربّته ببطءٍ ، بضّ ، نحوَ الأريكة القريبة في غمرة من الخلع والإكتساء . صبيّتنا هذه ، المونقة الحسن ، كانت آنئذٍ في مستهلّ العشرينات من عمرها . لم تكُ ضيفة ً ، بمعنى الكلمة ؛ فسكناها في منزل عمّنا ، المتواتر بين مرحلتيْ دراستها في " دار المعلمات " وعملها كمدرِّسة في الشام ، كان من واردات علاقة صداقة وطيدة ، قديمة : والدها ، المُتحدّر من بلدة " السلميّة " ، على مشارف الصحراء ، سبقَ أن تعرّف على العمّ الكبير ، " سلو " ، خلال خدمتهما معاً في " جيش الشرق " الفرنساويّ . وهوَ التعارف ، المتوثق من ثمّ بقسَم على الأخوّة ، أبديّ ، واشجَهُ تمازج دم رفيقيْ السلاح على حدّ السيف القصير ، الشركسيّ ( القامَة ) ؛ على حدّ تقليدٍ ، تليد ، كان متاثلاً عادات ذلك الزمن . نجيعُ " الأخوَيْن " ، القاني ، كان عليه أن يحافظ على طراوته وحرارته مذ ذاك الحين وحتى يومنا هذا ؛ أو بالأحرى ، حتى ذلك المساء المُحتفي بالمشهد المثير ، الربانيّ ، وكذا بجَمرة إنتعاظٍ مُلتهبة تحت رماد مَظهركَ البريء ، اللا مبالي .

***
طبعي المعروف عائلياً ، المُتأثل خصلة الإعتزال بوجه خاص ، كان مبعثَ تندّر شقيقتي وصديقتها تلك ، الغريبة ، سواءً بسواء . إنما يتعيّن عليّ القول ، منذ البدء ، بأنّ منقلب حالي من طور الطفولة إلى طور المراهقة ، قد أشفِعَ بتحوّل آخر في مسلكي . فإذ كنتُ قبلاً كما لو أنني ظلّ لشجرة أخي الكبير " جينكو " ، العتيّ ، فها أنا ذا الآنَ بصفة المُرافق ، الدائم ، لخطى شقيقتي الكبرى . ثمة سببٌ ، وجيهٌ ، لهذه الرفقة ، مُحالٌ للجوّ المُحافظ الذي كان يحيطنا . والدنا ، المتنوّر ، كان مع ذلك شديدَ الإحترام لمشاعر أخوته ؛ هوَ من كان أصغرهم عمراً . من جملة أبناء الوجيه ، الذي كانَ في زمنه مختاراً لحيّنا الكرديّ ، الدمشقيّ ( وفوق ذلك ، كان جدّي لأبي ) ، بقيَ حيّاً في زمن مراهقتي ثلاثة من الذكور وأنثى واحدة . عمّتنا المُتنكرة ، بالمقابل ، لمشاعرها الأنثوية في خريف عمرها هذا ، اُشيدَ بكونها من أجمل بنات الحيّ ، وفي صباها طبعاً . حُسنها الغابر ، إنطبعَ ولا شك في ملامح حفيدتها " سوزان " ؛ البنت الشقراء ، التي كانت تكبرني بعام واحد ومن ستضحي بمثابة كعبة حبّي ، الأول . على أنّ عسر خلق عمّتنا ، المتماهي غالباً بسوء المظنة ، ربما كان حاصل ترمّلها مُبكراً وإنصياعها عندئذٍ لرغبة بعض أشقائها في رفض الزواج مجدداً ، والإهتمام بدلاً عن ذلك بولديْها الصغيرين . وإذاً ، فشبهة عدم الإحتشام ، الموجّهة لشقيقتي الكبرى ، كانت دوماً على لسان العمّة ، المُتزمّتة ، وكذا العمّ المُهاب ، الذي يكبر الأبّ مباشرة .

***
ـ " لمَ لا تهتمين بحفيدتكِ " سوزان " ، التي فساتينها فوق الركبة بتسعة أصابع ؟ "
ـ " إنها ليسَتْ عرضي !! "
تقولُ العمّة ببساطة ، مُجيبة ً تساؤل أمّنا الغضبى ، المُستنكرة تدخلها بما لا يعنيها . ولكنّ شقيقة الأب هذه ، الكبيرة ، لن تفتأ على تعكير جوّ منزلنا ، ما دامَ شرفها محصوراً بين جدرانه حسب . من جهته ، فعمّنا المُتناهض لتأييد أخته في معمعة " العرض " ، الموصوفة ، كانت لديه حجّة ، داحضة ، في ذلك ؛ وهيَ أنه كثيراً ما صادفَ إبنة أخيه ، البكر ، عائدة ً مساء للبيت دونما رقيب أو حسيب . لا غروَ إذاً أن تعمَدَ شقيقتي ، مراعاة لوضع والدها ، المُحرَج ، إلى إصطحابي معها في مشاويرها المُعتادة ، المختلفة الوجهة . رأيتني هكذا ، وأنا على أعتاب باب المُراهقة ، ألجُ خلل مسالك الأنوثة ومجاهلها ، مُبدِداً فيها رويداً الكثيرَ من طبعي المُتحفظ ، الحيي . كنتُ على هذه المدارج إذاً ، لما طلبتْ مني الأختُ يوماً تذكيرَ صديقتها ، " السمعونيّة " ، بموعدٍ ما ، كان على ما يبدو يربط بينهما في تلك الظهيرة الربيعية ، الرخيّة . حينما اُشرعَ صفقُ بابِ بيت إبن العمّ ، كنتُ أمامَ صغرى بناته ، والتي أجابتني بنبرة طفلةٍ ، ساذجة : " يبدو أنّ " آمال " هناك ، تستحمّ " . ما أن هممتُ بالعودة أدراجي ، حتى تناهى لسمعي نداءُ الغريبة يدعوني إلى حضرتها ؛ إلى موقفها المُثير ، الجريء ، المركون خلف باب حجرة الحمّام . كانت حينئذٍ مائلة برشاقة ، مومئة ً إليّ بجانب من صفحة وجهها الجميل ، البسّام ؛ كما وبجانب من جسدها الرائع ، السَخيّ العُريِّ . ولن يسلوَ ، أبداً ، الفتى المراهقُ ، ما كان من إنبهاره بلمحات خاطفةٍ ، مُستلة من مشهد ثديين عارمين ، في نصاعة لون الحليب ، الحلو ، الذي سيَسري فيهما يوماً ؛ وأيضاً مشهد ذلك الزغب الخفيف ، المحوّط التل اللحميّ البهيّ ، المتشامخ تحتَ البطن ، والمُتهدّل بليلاً في إنسكاب عسله نحو باب الغار ، المُلغز ، المحجوب الفتنة ثمة .

***
ـ " ما الداعي لخجلَ أخيكِ منها ؛ فإنها كثيراً ما تحمّم " جوامير " بنفسها "
قالت إبنة عمّي متضاحكة على محضر مني ، مُعقبة ً على ما أثارته شقيقتي الكبيرة معها ؛ عن النادرة تلك ، المقرونة بنزوة الغريبة ، الطارئة . منذئذٍ ، صارت بعض خلواتي منذورة ً لتصوّر نفسي ، هذه المرة ، في رعاية جسد " آمال " العاري ، وبين جدران ذلك الحمّام الساغب ، المُكتنف ببخاره المتكاثف ـ كمغامض موجوداته وكائناته . ولعي بالأفلام المصرية ، التي كنتُ على موعد دائم معها ، في سهرة الخميس ، التلفزيونية ، شاءَ أن يَقرن الحادثة تلك ، المُرتبطة بالحمّام ، مع مشهدٍ مثير من فيلم " ألمَظ وعبدو الحَمولي " ، من بطولة المطربة " وردة الجزائرية " : كان الخديوي إذاك ( النجم حسين رياض ) ، شخصاً فاسد الخلق ، لا يأبه سوى بمجالس الطرب والشرب والمجون . " الحمّام أهمّ من كل ما عداه ! " ، راحَ الحاكمُ يقول لرئيس ديوانه متفكهاً معابثاً ؛ هوَ من إعتادَ على التلصص على جواريه وقيّانه خلال إغتسالهنّ في مقصورة الحريم . مشهدٌ آخر من ذلك الفيلم ، أكثر إثارة ، كان عليه عندئذٍ أن يجعل " فيّو " ( زوج شقيقة " آموجني " تلك ) ، ينتفض من إستلقاءته المألوفة ، الأقرب إلى الإغفاء . إذ ظهرتْ كوكبة من الراقصات في الصالة الملكية ، وهنّ يتمايلن على أنغام التخت الشرقيّ ، مهتزة أردافهن العارية تماماً إلا من نسيج واهٍ ، شفيف . " بيْ تربيْ .. ! " ( أيْ ، بلا سروال ) ، صاحَ قريبُ إمرأة عمّنا مذهولاً بعينيه المبحلقتين والمشدوهتين . أتذكرُ وقتئذٍ ما كان من نظرة أبينا ، الصارمة ، المسددة للضيف الثقيل . إعتادت " آموجني " إستقبالَ قريبها هذا بمظاهر الإحتفاء والكرَم ، نكاية بنا بكل تأكيد ؛ بما أنها تنتمي للعشيرة ، اللدودة ، المنعوت بإسمها " زقاق آلرشي " ، المجاور . تماماً كإعتياد أمهاتنا أيامذاك على التشاغل بالحديث ، المتصَنّع ، في كلّ حين يَجدُّ فيه مشهدُ قبلةٍ مثيرة ، متطاولة ، بين بطليْ هذا الفيلم المصريّ أو ذاك .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمرَة الشرّ : جَمرة المتعَة والألم
- جادّة الدِعَة والدّم 4
- جادّة الدِعَة والدّم 3
- مَراكش ؛ واحَة المسرّة
- جادّة الدِعَة والدّم 2
- مَراكش ؛ ساحَة الحُبّ
- نزار قباني ؛ نموذج لزيف الدراما الرمضانية
- لن تطأ روكسانا
- مَراكش ؛ مَلكوت المُنشدين والمُتسكعين
- فلتسلُ أبَداً أوغاريتَ
- ثمرَة الشرّ : جادّة الدِعَة والدّم
- برجُ الحلول وتواريخُ اخرى : الخاتمة
- العَذراء والبرج 4
- العَذراء والبرج 3
- العَذراء والبرج 2
- العَذراء والبرج *
- الطلسَم السابع 6
- محمود درويش ، الآخر
- الطلسَم السابع 5
- الطلسَم السابع 4


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - جَمرة المتعَة والألم 2