أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى العوزي - مئة عام من العزلة رواية الصراع بين الواقع و الخيال














المزيد.....

مئة عام من العزلة رواية الصراع بين الواقع و الخيال


مصطفى العوزي

الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قليلة هي الروايات التي تغير حياة الناس و هذه واحدة من تلك الروايات ، هكذا فضلت جريدة نيويورك تايمز التعليق على رائعة غابرييل غارسيا ماركيز مئة عام من العزلة عند صدور الطبعة الانجليزية للرواية ، هذه الرواية التي تعد ملحمة أدبية تجمع بين ما هو اجتماعي مشترك و بين ما هو شعوري فرداني خاص ، أبطالها يصعب العثور عليهم في أرض الواقع ، حتى أن البعض ذهب إلى القول على أن مئة عام من العزلة لا يمكن أن تتحول إلى عمل سينمائي نظرا لكونها ميالة إلى ألعجائبي من الأحداث منه إلى ميلها إلى الواقع المحسوس ، و قد كانت الرواية إلى جانب روائع أخرى خطها غارسيا ماركيز وراء حصوله عام 1983 على جائزة نوبل للآداب عن مجمل أعماله مع تقدير و تنويه خاص من أكاديمية نوبل بالسويد لروايته مئة عام من العزلة . كانت انطلاقة الرواية بالاسبانية التي وظفها الكاتب بطريقة متقنة رفيعة المستوى جعلت كبار النقاد في العالم يجمعون على كون الرواية رائعة من الروائع الأدبية العالمية ، كما قادهم هذا إلى الاعتراف بعبقرية صاحبها الذي أبان عن علو كعبه في تقنية السرد و الحكي و المتميز بمزجه بين الواقع و الخيال في قالب فني جميل، إلى أن وصلت الرواية إلى مختلف لغات العالم و بطبعات عديدة ، رواية مئة عام من العزلة هي قصة قرية منكوبة حكم عليها بعزلة تمتد إلى مئة عام ، هذه القرية التي أسست بالصدفة عندما قرر خوسي أركاديو بوينديا و زوجته أورسولا و بعض رجال القرية مغادرة قريتهم الأصلية و الخروج في رحلة بحث عن موطن و مستقر جديد بعد حادثة قتل كان خوسي أركاديوا ورائها و التي جعلته يعاني حالة نفسية مزرية ، فقادهم المسير إلى أرض منبسطة قرروا بناء منازلهم بها و بالتالي أصبحت هذه الأرض فيما بعد قرية ماكوندو محور الرواية ، تتوالى الأحداث و يرزق خويسي أركاديو و أورسولا بولدين هما أوريليانو بوينديا و أركاديو بوينديا ، يهاجر أركاديو مع فتاة غجرية و يظل أوريليانو بوينديا بالقرية إلى أن يعزم على القيام بثورة مسلحة تقوده في الأخير إلى الوقوف أمام طابور الإعدام ، لكنه يفلت منه بعدما رأى قائد فرقة الإعدام أن الحكم جور في حق الرجل و يقرر بدوره الانخراط في الثورة مع العقيد أورليانو بوينديا ، و تسري الأحداث في اتجاهات مختلفة و بإيقاع صاعد نازل ، فتارة يسرد لنا الكاتب أحداث الدمار و الخراب ، و ثارة يعرض علينا قصص الحب و التي كانت كل من روبيكا و أمارنتا إحدى بطلاتها .

الغيرة و الحسد و العين بعض أسباب الحياة التراجيدية التي عاشها أل بوينديا بقرية ماكوندو ، كما أن نمو الأسرة و تشعبها كان وراء وقوع الكثير من المفاجآت و أشياء خارجة عن الطبيعة من حين لأخر ، فيحب الفتى عمته ، و يتزوج الأخ بأخته و تكسر قاعدة الأنساب و المصاهرة للتداخل الأدوار العائلية بعضها في بعض ، عندها بالضبط يرى الكاتب أن مثل هذه السلالة التي حكم عليها الزمان بعزلة تمتد لمئة عام لا يمكن أن تحي أبدا ، فقد تنبئ ميلكيادس و هو غجري زار ماكوندو في بدايتها الأولى من خلال رقاع كان قد كتبها أن القرية ستفنى عند قراءة أخر رقعة نبؤة كتبها ، و كان هذا ما حدث عندما قرأ أخر أحفاد أل بوينديا أخر الرقاع ، لينهي الكاتب روايته بعاصفة تجتح القرية لتعدم كل أشكال الحياة بها بعدما مات مؤسسها تحت ظل شجرة كانت زوجته قد ربطته بها عندما تبين لها أنه أصبح مجنونا .

تحاول الرواية الربط بين ما هو كائن في الواقع من علاقات إنسانية تشوبها الكثير من العيوب و بين المصير المشترك للبشرية الذي لن يكون في الأخير إلا نتاج مجموع تلك العلاقات ، فالحب و الكراهية أديا إلى تحول حياة كل من روبيكا و أمارنتا إلى جحيم ، و الحرية و العبودية كانت وراء اندلاع الحرب الأهلية في منطقة الكاربي حيث تقع القرية و التي خلفت الكثير من القتلى ، و النتيجة من كل هذه الصراعات في نهاية المطاف هي موت الحياة بشكل متوثر و بدون أن يسطع الحق و يندثر الباطل ، فالقرية تغيب تحت عاصفة بكل ما فيها من صراعات سواء المادية منها أو المعنوية ، و لعل هذا هو الرهان الذي حمله ماركيز عند كتابته للرواية . شخوص الرواية هم أناس وهمين لم يجد لهم أثر في الأرض ، كما أن معادلة الزمان و المكان هي معادلة وهمية في حسابات غارسيا ماركيز ، إذ أن الرواية تتستر عن مكان القرية ماكوندو ، و عن تاريخ وقوع الأحداث ، في حين نرى حضور الشعوب المختلفة و بأسمائها كالعرب و الغجر و الاروبيين ، مما جعل الرواية ملحمة إنسانية تتخطى حدود انتماء الكاتب لتصل إلى بقاع العالم المختلفة ، فتصبح أي قرية تعيش العزلة و التهميش و الحياة البئيسة هي ماكوندوا بالضرورة و موجودة في القرات الخمس للعالم . مئة عام من العزلة رواية كبيرة في الحجم و كبيرة بالمعاني و الدلالات و من تم كانت لها و لصاحبها كل هذه الشهرة التي يحظيان بها ، و التي جعلت من صاحبها رجلا سياسيا بالفطرة رغم أنه يحب الكواليس و لا يحب الأضواء ، مناصر للشعوب الضعيفة ، له موقف مؤيد للقضية الفلسطنية في صراعها مع الكيان الصهيوني و قد صرح بذلك غير ما مرة و من بينها عندما ألقى خطابه في أكاديمية نوبل بالسويد عند حصوله على جائزة نوبل حيث قال أنه يشعر بالخجل من حمل جائزة يحملها في نفس الوقت مرتكبو جرائم القتل في فلسطين ، غارسيا ماركيز هو رائد من رواد المدرسة الأدبية المعاصرة بأميركا اللاتينية و التي يطلق عليها السحرية الواقعية ، و التي تضم إلى جانبه كتاب لاتينيين كبار .



#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال في المغرب
- يعني
- البكور
- يوم مواطن
- سعيد
- خلف الأصوار
- حوار مع الكاتب و الصحفي المغربي المقيم بألمانيا محمد نبيل
- ممنوع .... و شكرا
- الاتصال ألية من أليات العولمة
- جلباب المستعمر
- أقزام زمن العولمة
- نحن و مستوى السيغار
- حب على ضفاف الجامعة
- الحب في زمن الزيت الغالي
- صورة مغربي الخارج كما تصور في الأذهان
- زمن الأجساد المغرية
- لحظة سينما بوعي المستديرة
- لن أصمت
- و تستمر العزلة لأزيد من مئة عام
- التراجيدية الوطنية


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى العوزي - مئة عام من العزلة رواية الصراع بين الواقع و الخيال