|
المستقبل للتقدمية ، أي الرأسمالية الضميرية ، أو الطريق الثالث بحق
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 08:52
المحور:
الادارة و الاقتصاد
من يتابع المقالات و الأحاديث التي إنتشرت مؤخراً - على الساحة الناطقة بالعربية - مع بروز الأزمة المصرفية العالمية الحالية ، من السهل أن يصل إلى خلاصة مفادها أن هناك إختلال في ميزان الموضوعية عند الكثير من الكتاب و المعلقين ، فاليسار التقليدي صدرت ، و لازالت تصدر عنه أصوات الشماتة ، و اليمين الرأسمالي الكلاسيكي ، يقف موقف الدفاع الهامس ، و القضية أصبحت مسألة عاطفة شخصية أكثر منها معالجة عقلانية ، فاليساري التقليدي إتخذها فرصة ليسدد ضربات ثأرية لأنصار الرأسمالية التقليديين ، بعد أن ظل يلعق جراحه لمدة أصبحت تقارب العقدين ، منذ إنهار الإتحاد السوفيتي ، و الرأسمالي التقليدي الثاتشري ، وقف موقف المدافع العنيد ، أو الصامت الصلب ، دون محاولة لمراجعة النفس . اليساري التقليدي القديم ، أكان إشتراكي من نوعية إشتراكيي حزب العمال البريطاني قُبيل التغيير الذي طرأ عليه في التسعينات من القرن العشرين ، أو كان من الشيوعيين التقليديين ، لا يريد أن يعترف بأنه و برغم الأزمة الحالية ، و مهما إتسع نطاقها ، فإنها لن تكون سبباً لعودة عالمية للنموذج الإقتصادي الإشتراكي العتيق ، القائم على سيطرة الحكومات على وسائل الإنتاج الكبرى ، و الهيئات الإقتصادية الضخمة . و إذا كان العالم لن يعود للنموذج الإشتراكي العتيق ، فبالأحرى فإنه لن يعود للنموذج الشيوعي السوفيتي اللينيني ، القائم على السيطرة المطلقة للسلطة على كافة وسائل الإنتاج و التوزيع و الخدمات ، أو بكلمات قليلة ، الهيمنة المطلقة على الإقتصاد من ألفه إلى يائه . مراجعة بسيطة للتاريخ الإقتصادي الحديث و المعاصر ، أي خلال القرن التاسع عشر و القرن العشرين و ما مضى من سنين القرن الحالي ، سنلحظ أن النظام الرأسمالي تعرض لإزمات – أو ضربات – إقتصادية بعضها موجعة ، و لعل من أشهرها أزمة الثلاثينات من القرن الماضي ، فهل إنهارات الرأسمالية عموما كنظام إقتصادي ؟؟؟ لا أظن بأننا بحاجة للإجابة ، و لكن هذا لا يعني بأن تلك الأزمات لم تؤثر على المجرى السياسي - الإقتصادي العالمي ، فقد كانت هي الحافز للوقوف و المراجعة . لقد كان لهذه الأزمات الإقتصادية المؤلمة ضحاياها ، الذين كانت معاناتهم سبب في دفع المسار الإقتصادي الرأسمالي إلى فكرة الرأسمالية المسئولة ، أو الدولة الرأسمالية الخيرة ، التي يمكن شرحها بأنها المزاوجة بين ضميرية اليسار و كفاءة الرأسمالية ، و هي ما تعرف بالتقدمية ، التي تعد يسار اليمين ، أو لنقل الوسطية الإقتصادية ، التي تقف في المنتصف بين اليسار التقليدي ، أكان إشتراكي أو شيوعي ، و بين يمينية الرأسمالية التقليدية التي يمكن تمثيلها برأسمالية القرن التاسع عشر ثم مرجريت ثاتشر . فمثلما كانت وحشية رأسمالية القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين ، التي إعتنقت مبدأ الدارونية ، أو البقاء للأصلح ، سببا في الخطوات التي إتخذها تيودور روزفلت ، و من سار على نهجه من الرؤساء الأمريكيين مثل وودر ولسون ، و كانت مأساة إنهيار الثلاثينات من القرن الماضي سبب في المبادرة الشهيرة لفرانكلين روزفلت ، فكذلك ربما ستكون الأزمة الحالية سبب في عودة روح المسئولية للسلطات السياسية – الإقتصادية في دول العالم المتحضر ، لتصحح الإنحرفات التي تسببت فيها الحرية المطلقة غير المسئولة للكثير من الهيئات الإقتصادية المصرفية ، مثلما في الغالب ستكون دافع لعودة الوعي للناخبين لترجيح كافة التقدميين ، و لعل تقدم أوباما في إستطلاعات الرأي ، و هو المحسوب على التيار التقدمي الأمريكي - على الأقل حاليا - إشارة لذلك ، و من المرجح فوزه ، لو ظل صوت العقل هو المتغلب على أي مشاعر عنصرية دفينة في نفوس قطاع من الناخبين . العالم لن يعود بسبب تلك الأزمة - أو حتى غيرها - للإشتراكية التقليدية ، و بالتأكيد ليس للشيوعية السوفيتية ، فالمواطن العادي في العالم الحر يعلم كفاءة الرأسمالية في إدارة دفة إقتصاد الدول ، و قد جرب ذلك ، و لكنه يكتشف – خصوصا مع الأزمات - عيوب النظام الرأسمالي المتحرر تماما من الرقابة المسئولة ، سواء الداخلية ، أو من الخارج ممثلة بالسلطات الرسمية ، مثلما يعلم أن رفع الدولة يدها عن المجتمع ، و رفض مد يدها لبعض قطاعات الخدمات الضرورية ، خاصة التعليم و الثقافة و الصحة و التأمينات ، و الإكتفاء بدور مُصرف الشؤون الإدارية اليومية للدولة ، يكلف الطبقات البسيطة الكثير ، لهذا فإن المستقبل للتقدمية ، أي الرأسمالية الضميرية ، أو الطريق الثالث بحق .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية بوخارست – رومانيا حزب كل مصر تراث – ضمير – حرية – رفاهية – تقدم – إستعيدوا مصر 10-10-2008
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الأندلسية يا سادة يا أوصياء لها أصحاب
-
في قضية الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
في قضية هضبة الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
لن أغير رأيي بسبب شهرين
-
علم الوراثة الجينية يثبت أن العرب و بني إسرائيل من أصل واحد
-
إمتدادات الإخوان المسلمين الخارجية تمنعهم من قيادة التغيير ا
...
-
دلالات طلبهم منا الإنتظار ، السلطة خائفة
-
يكفيك ما قمت به يا شيخ قرضاوي
-
مصر تستحق علم مصري ، لا ألماني قيصري و لا تركي الأصل
-
مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني
-
الدعاء وحده لا يكفي يا شيخ إبراهيم
-
في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟
-
عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
-
غزة ، مرحباً بالإنضمام ، و لا لعودة الإدارة المصرية
-
يوم الفخر - يوم الدرعية 9-9-1818
-
أوباما أو ماكين ، العبرة بالموقف من القضية المصرية
-
لسنا ضد أهل الخليج ، و لكن ضد بيع مصر لهم
-
تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضن
...
-
عبد الوهاب المسيري حي بنا
-
لا تنامي يا محلة ، فمن يتحدى آل مبارك لا ينام
المزيد.....
-
أسعار النفط تعود إلى المنطقة الحمراء
-
-فايننشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض رسوم على واردات
...
-
وكالة S&P تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية
-
رئيس أرامكو: ذروة الطلب العالمي على النفط لن تكون قريبة
-
الاتحاد الأوروبي يخصص 7.7 مليار يورو للمساعدات الإنسانية
-
البنك المركزي الياباني يرفع سعر الفائدة لأول مرة منذ 17 عاما
...
-
الأرجنتين الأولى عالميا في ارتفاع أسعار البنزين منذ بداية ال
...
-
مورغان ستانلي يرفع توقعاته لخام برنت إلى 90 دولارا
-
المراعي السعودية تعتزم استثمار 4.8 مليار دولار خلال 5 سنوات
...
-
في تحول تاريخي.. بنك اليابان يقرر رفع الفائدة
المزيد.....
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
-
كتاب - محاسبة التكاليف دراسات
/ صباح قدوري
المزيد.....
|