أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عزيز الحاج - مسيحي -أقلياتي- أستاذا في ثانوية النجف!














المزيد.....

مسيحي -أقلياتي- أستاذا في ثانوية النجف!


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 09:45
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أما الأستاذ المسيحي، فهو اللبناني إسكندر حريق، وأما الزمن، ففي بداية الثلاثينات الماضية.
الصحفي، والأديب المتميز، الفقيد جعفر الخليلي، ينقل لنا القصة في كتابه البديع "هكذا عرفتهم."
يقول إنه في تلك الفترة كانت ثانويتا النجف، والموصل، مثار دهشة رجال المعرفة والعلم، لتقدمهما المطرد، ونشاطهما الدءوب، ولذا كانت وزارة المعارف[التربية]، تعطي أهمية خاصة لتزويد الثانويتين بمدرسين ذوي كفاءات عالية، وكان معظمهم من اللبنانيين، والسوريين، ولكن الغالبية كانوا مسيحيين. ظلت الوزارة تتردد طويلا في إرسال مدرس مسيحي للنجف خوفا من ردود الفعل السلبية للسكان، كما أنه لم يكن سهلا على أستاذ عالي الكفاءة أن يقبل بإيفاده للنجف، حيث ضعف كل الخدمات عهد ذاك، من كهرباء، وماء نقي، وعلاج طبي. بعد التردد الطويل قررت الوزارة أخيرا إيفاد أفضل أولئك الأساتذة، ممن يمكنهم أن يضحوا في سبيل المعرفة والتعليم بالكثير من وسائل الراحة الشخصية، وقد وقع الاختيار على إسكندر حريق، المولود في ظهور الشوير، وخريج جامعة كولومبيا الأمريكية، والذي كان قد طاف أغلي أقطار القارة الأمريكية.

يقول الخليلي في الجزء الأول من مؤلفه:
" جاء إسكندر إلى النجف، وقد وضع كل هذه الأمور نصب عينيه، وكان يقول إنه لم يكن يفكر في شيء من هذه الأشياء بقدر ما كان يفكر في كيفية اندماجه في المجتمع النجفي، وكسب رضاه، فإذا بكل شيء يتلاشى في ذهنه، وإذا إسكندر يتبوأ في أيام قليلة محلا قلما ظفر به أحد من أبناء المسلمين، فكيف بمسيحي ينتقل رأسا من عاصمة "الكفار"، على حد تعبير بعض الجهلة، إلى عاصمة المسلمين ليتولى تعليمهم، وليقوم بتدريس علم الاجتماع!!"
كانت النجف عهد ذاك تضم شرائح ممن ينعدم في نظرهم "أي فرق يأتي من الجنسيات، والأديان، والمذاهب". هذا الأستاذ المسيحي، اللبناني، صار صديقا لعدد غير قليل من كبار رجال الدين أنفسهم، كالشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والشيخ عبد الكريم الجزائري، والشيخ محسن شرارة، وغيرهم. لم تكن عهد ذاك، فتاوى من رجال الدين هؤلاء بأن المسيحي "نجس"، ومصافحته محرمة إلا بشروط دقيقة!

لماذا أورد هذه الواقعة من تاريخنا الحديث؟
أوردها بمناسبة قرار البرلمان العراقي الذي يطمس تمثيل من ندعوهم "الأقليات"، أي الأقلية العددية بالنسبة لعدد المسلمين العرب.
لقد بادر عدد من الكتاب العراقيين إلى شجب ذلك الموقف التمييزي، وكان عنوان أحد المقالات "كلنا أقليات"!
إن قضية إسكندر حريق كانت مثالا، من أمثلة كثيرة لا تعد، عن التعايش الأخوي بين سكان العراق، على رغم تباين الدين، والمذهب، والقومية. نعم إنه كان "عراق ذلك الزمان"، والوصف مقتبس من كتابي "بغداد ذلك الزمان"، الصادر عام 1999، واخترت بغداد لكونها قلب العراق، والنموذج الأول لعراق أيام زمان.
في ذلك الكتاب كرست فصولا، خاصة عن دور المسيحيين واليهود في التاريخ السياسي، والثقافي، والاقتصادي، والعلمي العراقي، وأوردت مثال ساسون حسقيل كوزير، منذ العشرينات، كان يشغل مواقع وزارية هامة، والعالم الكبير، الصابئي المندائي، عبد الجبار عبد الله، في عهد عبد الكريم قاسم، الذي أشغل منصب رئيس جامعة بغداد، وعن الألوان القومية، والدينية، والمذهبية المتعددة في الحياة الأدبية، والعلم، والطب، والرسم، والنحت، والموسيقى، والغناء. كان عراق الأخوة برغم السياسات العنصرية، أو الطائفية، لبعض الحكومات المتعاقبة. كان عراق الليلي الساهر، والملاهي والسينمات والغزل، مثلما كان عراق المآتم الحسينية، ومناقب المولد النبوي. تلك الملاهي؟ نعم، وقد عرفها العراق منذ أواخر العهد العثماني، وبقيت في كل ظروف العراق الحديث، دون أن يجرؤ سياسي، أو رجل دين على غلقها، أو المطالبة بذلك، كما تفعل حكومة المالكي اليوم، ولا ندري ونحن إذ نسأل: ماذا يقول علماء الدين اليوم، وزعماء الأحزاب الدينية الحاكمة، عن غزليات العالم الشيعي الكبير محمد سعيد الحبوبي، الذي كان من ضمن ما كتب:
يا غزال الكرخ، وا لهفي عليكْ. كاد سري فيك أن أن ينتهكا
أو قوله:
فاسقني كأسا، وخذ كأسا إليك فلذيذ العيش أن نشتركا.

نعم، لقد تعرض تنوع النسيج العراقي، بأديانه وطوائفه وقومياته، إلى شروخ كبرى في عهد رئاسة صدام حسين، من تمييز قومي ومذهبي، وعندما انتقلنا لعراق اليوم، فقد زاد خراب النسيج على خراب، وهو ما كرسنا له خلال السنوات المنصرمة، عشرات المقالات عند الحديث عن مآسي المسيحيين والصابئة المندائيين، وعن قتل كبار رجال الدين المسيحيين، وحرق الكنائس، والتهجير الجماعي، دون أن تصدر، على حد علمنا، فتوى دينية واحدة تدين، وتحرم، تلك الجرائم الوحشية. إن الدفاع عن المسيحيين ليس مسا بالإسلام كما يتنطع بعض الكتاب في البلدان العربية، بل هو دفاع عن رسالة التسامح، المفترض أن تنادي بها الأديان، ودفاع عن حقوق الإنسان، ونحن في القرن الحادي والعشرين.

أخيرا، انتهز هذه الفرصة لأحيّي بحرارة كتابنا الشجعان الذين هبوا لإدانة قرار البرلمان، وكذلك لقرار غلق الملاهي الليلية. هؤلاء هم الحريصون على مصالح شعبنا، وترسيخ وحدته الوطنية، تحت خيمة العراق الواحدة.



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق اليوم وعراق أمس، وما بينهما إيران!
- لكيلا ننسى سلمان شكر
- متاجرة رخيصة ونفاق مزمن!
- 11 سبتمبر في الانتخابات الأمريكية
- فضح التوسعية الإيرانية ودجل المحامين!
- منغصات في المستشفيات
- اغتيال دنيء، ويوم آت لأعداء الفكر، والنور..
- مطاردة مجالس الصحوة: يا ليت شعري ما الصحيح؟!
- تداعيات العمر (9)
- إيران، و-ملأ الفراغ- في العراق!
- ماذا يريد بوتين من جورجيا؟!
- تداعيات العمر (8)
- -كبار- العراق يتصارعون، و-الصغار- يعانون!
- تداعيات العمر (7)
- حرنا: معاهدة، بروتوكل؟، جدول؟، -فضاء-؟، أم ماذا؟!
- البؤس المزمن للسجال العراقي– العراقي..
- طالباني وباراك: لماذا هذه الضجة المفتعلة والمنافقة؟؟
- تداعيات العمر (6)
- إنها في السياسة أيضا، يا صديقي!
- عن الاتفاقية أيضا..


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عزيز الحاج - مسيحي -أقلياتي- أستاذا في ثانوية النجف!