أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال نعيسة - عبد الرزاق عيد: ويل للعقلانيين!!!















المزيد.....


عبد الرزاق عيد: ويل للعقلانيين!!!


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2428 - 2008 / 10 / 8 - 03:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سنعود، مجدداً، ونستميح القارئ الكريم العذر لهذه المناكفات والمناطحات البدوية العبثية التي نخرت مجتمعاتنا مذ وطئت جحافل البدو الهمجية عذرية الأرض السورية، جالبة معها كل هذا الكم الهائل من السفاهة والبذاءة والتسطيح، وما سببته من ترعيع، وتحثيل، وتنغيل، وتخليس، وتقذير، وعضرطة، ودوثنة وعكرتة وتوسيخ وتفسيخ. وليسمح لنا السيد العيد بولوج بوابات هذه الموسوعات التعبيرية التي تفتح النفس كما الجرح، والبادئ أظلم كما قالت الأعاريب. ولن نرد على كثير من الحيثيات التي وردت في نصه العقلاني، ونتركها لأي مبتدئ لديه شبه "حس سليم"( هذه من عند عيد وغرامشي، ما غيرو). وسنركز في ردنا على الجانب الأهم والعنوان الأعرض، لدحضه وتفنيده، وهو الجانب الأمني والمخابراتي بالموضوع، والذي حاول الرد العقلاني إثباته جاهداً عله يبرر فعلته السوداء ضد مواطنين سوريين لم يتورع عن وصفهم علناً بالرعاع الريفيين، وحثالات المدن.

تظارف العيد يتأتى من تخيلية سوريالية وهمية مردها حس وسواسي عصابي بأن كل ما يتراءى أمامه من فعل وقول هو مرسوم ومربوط بمرجع أمني ومخابراتي حين داهمه نصنا الأمني بما لم يكن يتوقعه من "شوية" حثالات ورعاع ريفيين. إذ يقول الأستاذ العيد في معرض رده، بأنه، وفي سياق "تفكيك الرد الأمني" الذي كتبناه، ( هو يشملنا برعايته الرعاعية فعجباً كيف أصبحت نصوص الرعاع أمنية وقابلة للتفكيك، والأصل ألا يلتفت أحد لنصوص الرعاع الريفيين ولا إلى ما يقولونه؟) بأن نصـّنا وردّناً هو من مثقف مخابراتي وأمني، وعلى أساس أن الأستاذ العيد مفكك نصوص، وعين أمه حوله وحواليه، والله يحمي والسبعة أنعام، ويا ليته كان قد فكك نصه الطائفي ذاته أولاً، وقرأه جيداً قبل أن يرميه في وجه السوريين جميعاً، نظراً لما احتواه من تلك التلميحات الطائفية الاستفزازية والسمية العنصرية التي يترفع عنها حتى "سائقو كراجات جبلة"، الذين يعود هنا السيد عيد ليغمز من قناتهم طائفياً وطبقياً هذه المرة ( وهذا عيب كبير، ولكن طالما أنه عقلاني "فلم" بأس)، وعلى اعتبار أن السائقين من ذات المكون "الرعاعي الريفي" الذي تحدث عنه في لا نصه الحواري. فمن المخجل ومن غير اللائق، البتة، أن يعاير مثقف عقلاني كبير مواطنين متواضعين بعملهم ولقمة عيشهم وموقعهم الطبقي حتى لو كانوا في مستنقع الحثالة والرعاعية نفسه، رغم أنه يهرب تبريرياً، وبمرواغة كلمنجية مفضوحة لم نكن نتمنى على الأستاذ عيد أن يلجأ إليها متنصلاً من أقواله، إلى الخطاب الماركسي اللينيني ليلوذ به، وكأن الماركسية قد أصبحت مكب نفايات ومبرراً لمن هب ودب ليعتدي ويشتم ويسب الآخرين. وأنه حين يستعين ببعض المصطلحات الماركسية التي قيلت في شروط وسياقات مختلفة كلياً، فإن ذلك سيقنعنا قبل أن يفحمنا ويخرسنا؟ ونحن لا يهمنا متى وأين ولماذا استخدم لينين تلك المصطلحات وأحب أن أهمس في اذن الأستاذ عيد بأنه ليست لدي أية آلهة وأصنام فكرية وأقانيم أهرب إليها حين أشعر بإثم أو كفر وانحراف فكري فالأقانيم إن وجدت فهي للردع والحساب وليس لتبرير الموبقات، وما يهمنا، ، وما يهمنا هو أن عيد استخدم تلك اللغة السوقية ليشتم بها مكوناً سورياً هاماً لديه فعلاً مشروع حضاري، لسبب وحيد هو انفتاحه الفكري والمجتمعي، غير أن النزعة البدوية المتأصلة مجتمعياً منعت هذا المشروع من أن يرى النور على أيدي الظلاميين التكفيريين الذين بدؤوا العنف، وليس حافظ الأسد، هو من ضيـّع على السورين المشروع التحديثي كما يزعم العيد. وإن تخن الذاكرة الأستاذ عيد، فإننا نود أن نذكره بتلك الصور الترحيبية ونحر الخراف التي استقبل بها المرحوم حافظ الأسد من النخب التقليدية والزعامات المدينية في كل من حماة وحلب تحديداً، لكن كان للظلاميين والتكفيريين رأياً آخراً أدى لتلك التداعيات الكارثية التي نراها اليوم. وكل ما نأخذه على العقلانيين والبلاشفة وغيرهم هو تلك النظرة الأحادية العوراء لمنحى لتطورات الكارثية التي حدثت في حقبة الثمانينات، وإغفال ما للآخرين من دور فعال وجوهري في إشعال فتيل المواجهات، ومحاولة تحميل طرف واحد، دون آخر، عواقب كل ما جرى، وفي هذا حيف وإجحاف، قبل أن يكون عيباً، وظلماً كبيراً.

ونعقيباً على ملف سائقي السرافيس، فالمطلوب عقلانياً، وماركسياً، تشريح أية ظاهرة اجتماعية طبقياً، وسوسيولوجياً، وأنثروبولوجياً، وتاريخياً، وبنيوياً، هذا إذا سلمنا بأن قيادة السرافيس سبة وعيباً يعاقب عليه العقلانيون العرب، واستجلاء جملة العوامل الموضوعية وحتى اللاموضوعية التي وضعتهم في قالبهم "الرعاعي" افتراضياً ومجازياً، لا الهزء منهم واحتقارهم والحط من شأنهم. مع العلم بأن أولئك السائقين يسعون بكل شرف من أجل لقمة العيش، ومن تعبهم ، ومن جهدهم لسد رمق أفواه أسر سورية صغيرة ندرك مدى صعوبة تأمين احتياجاتها المتصاعدة في هذا الزمن الرأسمالي الرديء حيث تنهار النظرية الإمبريالية المتوحشة مرة واحدة وإلى الأبد وتنهار معها طبقات وأحلام ومؤسسات رأسمالية كبرى سينضم جراء ذلك عشرات الألوف إلى "الرعاع والحثالات" حسب توصيف العيد. وللعلم، فإن أولئك السائقين يعيشون من كدّهم وعرقهم وليس من تعب، أوالتطفل على حساب، دافع الضرائب الأوروبي كما يفعل بعض البلاشفة والعقلانيين، كما ويأبون الاسترزاق من المال النفطي المتسعود حريرياً، وبطبعته الأشد قباحة ونتانة وعفونة، لشتم سوريا وسب مكوناتها المجتمعية من أجل كم دولار لقاء تلك التفاهات الصفراء السامة التي يرمونها في صحف أمراء الوهابية الجهلة الأميين رعاة الديمقراطية واللبرلة اليوم الذين أمعنوا في قطع رؤوس السوريين عمداً، ولم يستثر ذلك الفعل الهمجي الصاعق نخوة البلاشفة والعقلانيين في أية كلمة حق يتيمة يمكن أن تسجل في سجلهم النظيف، لكنهم يرمون بكل ثقلهم لتعهير وترعيع وتحثيل السوريين.

وبالرجوع لصلب الموضوع، يقع الأستاذ العيد في ما لا يحمد عقباه مناقضاً نفسه بنفسه، ومن ذات نصه، حين يعتبر أن هذا الرد أمني ومخابراتي، "وعلى اعتبار أننا أمنيون ومخابراتيون...إلخ، ( هكذا بكل بساطة رغم أننا قضينا عمراً ودهراً وشبه منفيين في الصحراء البدوية نطارد لقمة العيش المغمسة بالذل والعنصرية وهذا أمر معروف ولا نأتي به بجديد)!!! فإذا كانت المخابرات السورية ترد بهذا الشكل الحضاري وعبر نصوص مكتوبة، وبالإنترنت على المعارضين، ومن مثقفين يعترف العيد، الأستاذ العقلاني الكبير، علانية وإعجاباً بأهمية ما يكتبون ويطرحون، ولذلك يتابع ما يقولون حين يقرر حرفياً:" من عادتي تجاه هذا الطوفان من الكتابات التي ينبغي أن نرحب بها( لاحظوا هنا روح الوصاية والاستعلاء البدوية الأنانوية الاحتكارية-ملاحظة من الكاتب) بغض النظر عن الروائح النتنة لبعضها( وعلى أساس أن ما كتبه العيد والبلاشفة البدو الآخرون هو توصية خاصة من بارفانات إيف سانت لوران، وربنا لا تؤاخذنا بما فعل العقلانيون بنا)، فأعطي اسم أي كاتب جديد فرصته، حيث أقرأ له ثلاثة مقالات : إما أن أتابعه دائما أو انصرف عنه واتركه لشأنه مع ربه، وقد أعطيت هذا المندهش والمتحسر لعدم اعتقالنا فرصة أكبر......( يعني أنا كاتب هذه السطور). التناقض الفاقع بدوره ومن جهة أخرى، يدحض كل ادعاءات العيد عن سادية جنرالات الأمن السوريين، الذين يردّون نصياً وبالإنترنت ولا أمنياً على من يختلفون معه بالرأي؟ ( العمى شو هالمخابرات الراقية؟ ألهذه الدرجة وصلت مخابراتكم أيها السوريين، برافو والله عليكم وشكراً للعيد على هذه المعلومة القيـّمة)؟ ألا يجدر بنا أن نرفع القبعة للأمنيين السوريين وهو يتحفوننا بنصوص أمنية راقية تستحوذ على إعجاب واهتمام الأستاذ العقلاني الكبير وباعترافه؟ يالبراعة الأمن السوري؟ يا "راجل"، كما يردد دائماً صديقي فيصل القاسم، ألا تفتقد سويسراً، وإمارة ليزينشتاين إلى هذا النمط من السلوك الأمني الرفيع؟ من سمع منكم في أي يوم بأن الأمن في أي بلد يرد على معارضيه بهذا الأسلوب النصي الراقي الذي يشهد به الأستاذ عيد؟ أعتقد هنا بأن الأمن السوري، مدين بشكر خاص للأستاذ عيد على هذه الشهادة الطيبة وغير المسبوقة ولا المقصودة من مثقف عقلاني كبير، فهل يفعلها "الشباب"؟ كما أن الأستاذ عيد مدين لنا باعتذار عن كافة اتهاماته السابقة "المتجنية" للأمن السوري؟ ونتمنى فعلاً أن يصل الأمن في كل دول العالم إلى هذه الحالة الحضارية في الرد على معارضيهم، مقتدين بسابقة وبما فعله الأمن السوري مع عبد الرزاق عيد، بدل الفلقات والتعذيب كما يدعي بعض "المغرضين" العقلانيين. صدقاً لم أكن لأتمنى في يوم أن أرى أي عقلاني في هذا المطب العقلي الكبير.

وبناء عليه، وعليه البناء، وبما أن الأمن السوري قد وصل إلى تلك الحالة الراقية، وغير المسبوقة سورياً وشرق أوسطياً، فإنه لم يعد هناك ثمة داع لأي نوع من المعارضة والعمل السياسي، ومن هنا تنتفي الحاجة لإعلان دمشق للتفجير الديمغرافي، (وعليه العوض ومنه العوض)، وكل هذا نستقيه من "شهادة" الدكتور العيد بالأمن السوري التي لا تقبل الشك. ويقتضي هذا الحال من جماعة الإعلان والعقلانيين الاعتذار من عموم الشعب السوري ومن النظام الذي يسمونه بالاستبداد وقمع الحريات. ألا تصبح اللاعقلانية هبة ونعمة من الله العلي العظيم، حين يتابع المرء فصول العقلانيين وحركاتهم، وتفسيرهم السطحي للأشياء؟ ألم يجد العقلاني الكبير سوى الوتر الطائفي، الذي يرضي غرور ونرجسية وطموح، جهات محلية وإقليمية، بعينها، ليعزف عليها في معركته مع النظام السوري؟ من هو الرعاعي الحقيقي الذي يعول هنا على الرعاع ويستنجد بهم؟ ومن يراهن عليهم؟ ومن يضرب بسيفهم ويسوق خطابهم؟

وبما أن الحال على ما هو عليه، فأجدني مشفقاً، وبكل صدق على العقلاني الكبير الدكتور عبد الرزاق عيد، وأحد عتاولة إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي (هكذا اسمه وبدون مزح)، وهو ممن صاغوا نصوصه الإشكالية البدوية مراهناً على سقوط تاريخي للنظام في تلك الآونة، والذي لم يجد من "دفوع" ضد، وحسب تعبيره، "المرافعة الأمنية والتقرير" التي كتبناها في لا ردنا عليه، سوى اتهامنا بـ"العمالة" للأمن السوري، وهي تهمة نتلقاها بكل رحابة صدر ونشكره عليها، ولن نرد عليها، لأنها أتت، أولاً، من "عقلاني عربي"، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولأنها، ثانياً، وهذا ما نود شكره عليه ونسجله له في ميزان حسناته، لم تكن عمالة للموساد، أوالسي.آي.إيه، أو لمن عول عليهم واستشارهم الإعلانيون حين قذفوا إعلان دمشق في وجه السوريين. ( لم يجد الإعلانيون من حل لمشاكل سورية سوى بتقريعنا بخطاب الأقلية والأكثرية العنصرية البغيض وتذكيرنا بالوصاية الأبدية والتاريخية للأكثرية البدوية على مجمل المكونات المجتمعية الأخرى، أي ترجمة وتفسير آخر لفقه الفرقة الناجية الذي أكده القرضاوي مؤخراً. فيا للبشرى الكبرى لقد أتى اليوم الذي تساوى فيه القرضاوي والعقلاني). والأنكى من ذلك فإن كل من لا يتفق مع رأي العيد القرضاوي فهو مجرد جلاد مادون مثقف، أو مثقف ما دون جلاد، ومن ثم يتباكى الإعلانيون على فتحهم العظيم هذا،( ألا يستأهل إعلان دمشق هنا إعلاناً توضيحياً، ويا رب تشفينا وتشفيكم أجمعين، وتبعد عنا جميعاً أعين الحسادين والبصاصين، ولا أدري لماذا لم يوزع الإعلانيون خرزات زرقاء مع هذا الإعلان؟) وأقترح أن يعمم هذا النمط العقلاني في الرد في تفسير كافة أنواع التناقضات والخلافات والحوارات الوطنية والسياسية في كل بلدان العالم كونه يحسم بسرعة كافة الإشكاليات والتناقضات الفكرية. فهذه التهمة الجاهزة، وكما هو معروف، هي دليل ضعف وتهرب من المواجهة، وحتى لو صدق "حدس" الأستاذ عيد بـ"عمالة" نعيسة-ونيوف،( من يقدر على الضحك؟) للأمن السوري، فإن ذلك لن يغير من طبيعة الجرم وحجم الذنب الكبير الذي ارتكبه الدكتور الفاضل في حملة التشنيع الشاملة ضد مكونات سورية تشاركه المواطنة والعيش المشترك في وطن حر وعزيز. وإذا كان نعيسة قد فهم نص عيد بذاك الحس الرعاعي اللا سليم، فما هو مبرر أن يفهمه نيوف ويراه بنفس الرؤية والمنظور؟ ولماذا رآه غيرهما من المثقفين السوريين سواء من "الرعاع الريفي" أو من سلالة اللارعاعيين الناجين ، الذين وضعنا نص الأستاذ عيد أمامهم؟ فادعاء "جريمة العمالة" لا يغطي على جريمة ترعيع وتحثيل الريفيين دفعة واحدة. وإن ردنا مدفوع، أولا وأخيراً، بحس إنساني ووطني نبيل، ومن موقعنا الحقوقي كأعضاء مؤسسين ونشطاء في مؤتمرات دولية للدفاع عن المرأة والأقليات، وواجبنا الإنساني، في النهاية، بالدفاع عن الأقليات والمضطهدين من محاولات التشويه التي يرتكبها ملالي متخفون برداءت المركسة واللبرلة والعقلنة والتنوير، وليس، البتة، من موقعنا الفئوي، والمذهبي الذي لا نولييه كثير اهتمام، أو الأمني المخابراتي كما يتراءى للأستاذ عيد وزملائه من المراكسة واللبابرة والعقالنة والمتناورة (أوردنا هذه المفاهيم بصيغة التوصيف القبائلي عن خبث و"ملعنة" وسوء نية وطوية ). وإذا كان الأستاذ عيد جاهلاً بتاريخ الآخرين، فمن غير اللائق، والجائز، واحتراماً للأمانة الأدبية، أن يقدم معلومات مغلوطة مضللة ومشوشة تربك القارئ حيال من يختلف معه بالرأي ويعاديه. وأجدني مضطراً لطرح سؤال واحد ووحيد يعرفه الجميع، ليس لتكذيب العيد، كلا وحاشا لله، ولكن احتراماً لمكانة وعقل القارئ السوري، والتزاماً بشرف العمل الفكري، وهذا ما يقتضيه هذا العمل المهني والانتماء العقلاني الحقيقي لا الخلبي، لأقول ما هي مصلحة، وحكمة الأمن السوري في نفي أحد "جلاديه"، والمقصود كاتب هذه السطور حسب تعبير العيد، لمدة خمسة عشر عاماً للعمل في قلب الصحراء البدوية بعمل مضن وشاق لا يطيقه ولا يتحمله حتى المحكومون مؤبداً بالأعمال الشاقة وعاد منه بخفي حنين؟

وإذا كان أي موقف فيه دفاع عن أقليات، ونصرة لمكونات مجتمعية بعينها يحاول البعض الحط من قدرها، وفيه-الموقف- حس وطني وإنساني نبيل هو تهمة أمنية، فهذا ما يرفع من قيمة العمل الأمني وعلى عكس ما رام الأستاذ عيد. وإذا كان الحال هذا، فإن نفس هذه "التهمة"، إذا اتفقنا على أنها تهمة، يمكن أن توجه إلى أفاضل الإعلان، كما يسميهم العيد، حين عبروا في بيانهم الأخير عن روح وطنية وأظهروا إيجابية وطنية ما، وخطاباً تصالحياً جديداً، ودعوا إلى عدم عزل النظام، ما استلزم رداً وعتباً لاذعاً من الأستاذ عيد لجماعة البيان، معتبراً ذلك هدية مجانية للنظام. هل أصبح الإعلانيون هنا أيضاً عملاء للأمن السوري لمجرد موقف إيجابي بسيط، كلا حاشاهم وحاشاك يا أستاذ عيد، فالمواقف "الملتبسة" بعيدة عنكم بالتأكيد، وهي، فقط، من اختصاص رعاع الريف. وزاد الأستاذ عيد في الطنبور نغماً حين وصم طائفة سورية كريمة أخرى، لا يعيبها انتماؤها العقائدي إذا كنا حقاً فولتيريين وعقلانيين حقيقيين لا خلبيين ومدعين، بما لا يليق حين كان يسرد بحفاوة بالغة ويتحدث انثروبولوجياً عن الدواويث ذاك الهاجس الحسي اللعين الذي يطارد ويسيطر على مساحة واسعة من عقل الأستاذ عيد، ولا أدري ما السبب، حين قال:" وما دام على هذه الدرجة من الغفلة والبراءة ، فننصحه بالاطلاع على بعض علم الانثربولوجيا الثقافية ، ويقوم ببعض التطبيقات على الثقافة الجنسية وممارستها خلال قرون في بيئته الخاصة جدا، وليأخذ (شطحة) مثالا وحاشا الرب سليمان ...! عندها سيتعرف جيدا على (الديوث) بالأصل (شخصي وحسي) وليس (الديوث) بدلالة المجاز السياسي ممن يستعملهم النظام المقاول بكل شيء ، حتى لتختلط عليه الأمورفلا يميز بين الديوث والقدوس ...!". تفضلوا هذه عينة عقلانية حسية نصية أخرى يجود علينا بها عقلانيونا السوريون الأفذاذ. ماذا تسمون هذا التسافر الأخلاقي الكبير؟ وهنا الأستاذ الكبير يعود إلى عميلية ترعيع وحثلنة ويضيف عليها تعهير مكونات سورية أخرى ممن "نفذوا بريشهم" من حفلة الردح الأولى متكئاً على نفس المعايير العقلانية البدوية التي اعتمدها في خطابه المستنير الأول، واصلاً إلى أهل شطحة ليعايرهم بأخلاقهم وشرفهم، وحاشاهم وحاشاكم جميعاً، ويتهمهم بما لا يليق، ومما لا تسمح ثقافتي، وتربيتي الفولتيرية التفوه به على الإطلاق. لنتمعن في هذه الجملة "في بيئته الخاصة"، هل يقصد هنا في الريف الفنزويلي أم الأوكراني أم نفس الريف الرعاعي الذي تحدث عنه في نصه الأول؟ هل في التلميح هنا أية تورية وتمويه أم أنه فاقع وصريح لدرجة الفجاجة المقصودة؟ ولو فككنا النص، هدياً بسنة الأستاذ العقلاني، "في بيئته الخاصة" يقول العيد هناك دواويث يمكن التعرف عليهم فقط بدلالة المكان والانتماء. فبمجرد انتمائك لمكان ما، فتهمة الدواثة ستتلبسك حتى ولو حلفت لهم بشرف وعقل وشنبات العقلانيين؟ وها هنا أيضاً تعود تهمة الطائفية والعنصرية المكانية والتشميل والتعميم لتتلبس الأستاذ عيد، فشطحة، دون غيرها، وحسب العيد، تختص بإنتاج الدواويث لأنها فقط بيئة منتجة لـ"الرعاعيات" هذه المرة، وللرعاع الريفيين؟ إذا لم يكن هذا الكلام عنصرياً وطائفياً وفئوياً وموجهاً لمكونات بعينها دون غيرها، فماذا عساه أن يكون إذن؟ ونعود لنناشد الملابرة والبلاشفة والمراكسة السوريين عن رأيهم في مثل هذا الكلام الخطير الذي يحط من مكونات سورية بعينها ويتهمها بشرفها، وكرامتها، وعقيدتها؟ وبدافع من ذاك البدوي اللعين الذي يقبع في لا وعي العيد، لا ينفك هنا من الإشارة تهكمياً لربوبية سليمان المرشد، وفي ذلك اعتداء واحتقار صريح على معتقدات بشرية لا ينبغي أن نحاسب الناس عليها ونعايرهم بها فولتيريا وعقلانياً. وأدعو الله، ومن كل قلبي، ألا يقرأ أحد من أهالي شطحة أيا من شطحات العيد العقلانية فإنه سيكون بموقف لن يحسد عليه، أبداً. والناس أحرار فيما يؤمنون ويعتقدون.. ما الفرق، هنا، بين الملا العقلاني عبد الرزاق عيد والقرضاوي الذي اعتبر نفسه فقط، (هكذا واللهي)، من الفرقة الناجية مكفراً الشيعة وبقية المذاهب الإسلامية الأخرى؟ ألا يجدر بنا أن نرفع القبعة، هنا، مرة أخرى، احتراماً وإنصافاً للنازيين والفاشيين المظلومين ونطلب منهم صفحاً تاريخياً بعد انفلات العقلانيين الرهيب؟ ويا إلهي كم تعبنا من رفع القبعات، وكم من مرة أخرى ينبغي علينا رفعها مستقبلاً، بسبب هؤلاء العقلانيين؟ ( تناهى إلى سمعي من أحد الأصدقاء المشتركين، أن الأستاذ نيوف سيقوم برفع دعوى قضائية على العيد الموجود في باريس، وآمل ألا يفعل ذلك، فحكم الشعب السوري والتاريخ قد صدر للتو ضد الأستاذ عيد وشهادة "العقلانية" ستشفع له حتماً في المحكمة. وأقول الأصدقاء المشتركين لأن الأستاذ نزار يشارك العيد نفسه نظرته المرتابة لي، وبيني وبينه ما صنع الحداد واللحام والنجار، والله يستر علينا وعليكم أجمعين).

الطوائف والعنصرية واللعب على الأوتار المذهبية تورية ولفظاَ وتشاطراً وتذاكياً وتظارفاً وخبثنة وحذلقة تيرمينولوجية مهتوكة وماكرة هي خطوط حمراء في كل المجتمعات. وإن سمحت الثقافة البدوية للعيد بالتطاول على هؤلاء فلن نسمح نحن حتى ولو أصبحنا عرفاء أمنيين فذلك أقرب لصيانة الوطن والحفاظ على النسيج المجتمعي السوري الجميل. لم أر في كل قراءاتي ومطالعاتي للكتابات البدوية التي تظهر لنا بين الفينة والأخرى أي أثر أو وجود لفولتير، ولا تقنعني أو ترويني معظم ترهاتهم وسفسطاتهم وتنويرهم الظلامي. وظل ذلك البدوي اللعين الصغير يلوح ويطل برأسه من بين سطورهم في كل مرة يحاول فيه أولئك الملابرة والبلاشفة والعقالنة والمراكسة أن يخفوه وسط الضجيج والاحتفاء اللفظي الزائف المريب. وبنفس الوقت ولا أدري سر هذه العلاقة الاتهامية التخوينية النيوروتيك العصابية والبارانووية بينهم وبين وكل من لا يتفقون معهم في الرأي، فالآخر المختلف عنهم بالرأي والفكر والموقع السياسي وحتى اللوني والطبقي، هو ليس سوى مجرد أحد الرعاع، والحثالات، والدواويث، والعضاريط وفرد من عصابة وجلاد ونغل وخلاسي وأمني ومخبر رخيص...إلخ وكلها ذات علاقة، بشكل أو بآخر، بالدواثة والدواويث و"العكاريت" وهذه أضيفها من عندي، هدية، ولوجه الله وامتثالاً وإرضاء لميول العيد وفكره العقلاني المستنير. آه ما أروعك أيتها العقلانية العربية وما أجملك وما أبدعك، ويا سبحان من صورك؟؟ وسحقاً لسائقي كراجات جبلة والقرداحة والصنوبر ومشقيتا والفاخورة وصولاً إلى كل شبيحة الساحل السوري وفوقهم جميعاً يقبع جان جاك روسو وفولتير. (ولـِمَ لا تتعلموا العقلانية فوراً، و"شو ناطرين"؟)

حكم مبرم، غير قابل للنقض أو الطعن من أي من البلاشفة والمراكسة والعقلانيين. صدر في يومه وتاريخه، وتلي، وأفهم علناً.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عار السعودية الأبدي
- سحقاً للقتلة والجبناء
- القرضاوي وهشاشة الفكر الديني
- السّعُوديّة أولاً!!!
- حروب الشيوخ الكارتونية
- لا لأي تدخل سوري في لبنان
- عقلانية العرب: عبد الرزاق عيد أنموذجاً
- تصريحات جنبلاط وإعلان دمشق للتغيير الديمغرافي
- لماذا صوم رمضان فقط؟
- مهند ونور، وهشام وسوزان
- 11/9 جديدة: اللهم شماتة
- المعارضة السورية وسياسة التضليل
- هل يكرهوننا حقاً؟
- هل انتهت مغامرة خدام؟
- لماذا سيخافون من الإسلام والمسلمين؟
- الحقيقة وطلاب الحقيقة في سوريا
- لبنان الكرامة والشعب العنيد: عذراً فيروز ومعذرة
- العرب وغربة الأولمبياد
- مذهب زغْلول النجّار
- موريتانيا: عودة حليمة لعاداتها القديمة


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال نعيسة - عبد الرزاق عيد: ويل للعقلانيين!!!