أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - يحيى السماوي - حكاية قديمة عن حدث جديد














المزيد.....

حكاية قديمة عن حدث جديد


يحيى السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 05:09
المحور: كتابات ساخرة
    


حين رأى أعـداء العراق التفاف الجماهير الشعبية حول القائد الوطني الخالد الزعيم عبد الكريم قاسم ، حرّكوا طابورهم الخامس داخل العراق ، لإثارة الإضطرابات أملا ً في زعزعة الإستقرار وإيجاد حالة من القطيعة بين الشعب وقائده ...
وحدث أن قام النظام الوطني آنذاك بزيادة أسعار اللتر الواحد من البنزين مبلغ فلسين ، فإذا بمظاهرة صاخبة دعا إليها أصحاب شركات النقل والمعامل ، تجوب شوارع بغداد احتجاجا ضد تلك الزيادة في وقـت كان فـيـه سعـر عـلبة الكبريت " الشخاطة " لا يزيد على فلس واحد .
ألقي القبض على بعض المتظاهرين وخضعوا للإستجواب لمعرفة الخيوط غير المرئية التي حرّكت الدمى ... وكان من بين الذين ألقيَ القبض عليهم رجلٌ رثّ الثياب ، حافي القدمين ، حـسير الرأس ـ تشي هيئته بأنه لا يملك حتى عربة نفط ـ من تلك العربات التي يجرّها حمار ..
يُقال ـ والعهدة على الراوي ـ إنَّ حديثا دار بين مفوض شرطة التحقيق وهذا الرجل ، نصّـه كالتالي :
مفوض الشرطة : هل أنت صاحب شركة نقل ؟
الرجل : لا والله سيدي ..
مفوض الشرطة : هل أنت صاحب معمل ؟
الرجل : لا والله سيدي ..
مفوض الشرطة :هل تملك بنزيخانة ؟
الرجل : لا والله سيدي ..
مفوض الشرطة : هل تملك عربانة بيع نفط ؟
الرجل : لا والله سيدي ..
مفوض الشرطة : إحجي الحقيقة لو أضربك راشدي وأحبسك اسبوع كامل ..
الرجل : صدّكني سيدي .. أحلف بالعباس أبو فاضل آني ما كذبت عليك ... وإذا ما تصدّكني ، إسأل عليوي القهوجي .. آني أشتغل صانع عنده ..
مفوض الشرطة : إبن الزفرة ـ إذا إنت ما تملك شركة نقل ، ولا معامل ، ولا بنزينخانة ولا حتى عربانة بيع نفط .. إذن ليش تشارك بالمظاهرة ؟
الرجل : سيدي آني أدخـِّن جكاير .. وعندي زناد أبو الفتيلة ( قدّاحة ) تشتغل عالبنزين ... والمثقف " أبو فارس " سمعته يقول بالكهوة : هذي الزيادة بسعر البنزين راح تهجم بيوتنه ... أقنعني بالمظاهرة .. وطلعت وياه ... وإذا ما تصدّكني سيدي إسأل المثقف أبو فارس ؟
مفوض الشرطة ( وقد تأكد له أن الرجل ساذج وطمبورة ) : شلون عرفت أبو فارس مثقف ؟
الرجل : عرفته مثقف من تصرفاته سيدي ... يسمّي الكلب بوبي ، ومن يشرب بيبسي يترك ربعه .. ويبول وهوّ واكف ..
**
قد لا تكون هذه المحاورة بين مفوض الشرطة والرجل الساذج قد حدثت بهذه التفاصيل تماما ... لكنّ المؤكد أن التظاهرة قد حدثت فعلا في بغداد ، وحملت القيادة السياسية آنذاك على معالجة الموضوع ..

الان ، ثمة ما يُنبئ عـن أنَّ ضغوط الإدارة الأمريكية على الحكومة العراقية وتهديداتها الصريحة لحملها على توقيع المعاهدة الأمنية التي من شأنها شرعنة الإحتلال وتحويل العراق إلى قاعدة عسكرية على شكل وطن ، فإن الحكومة بحاجة إلى دعم جماهير الشعب وقواه الوطنية ، بعدما بات جليّـا ً مقاومتها المطمح الأمريكي وإصرارها على عـدم التخلي عن الثوابت الأسـاسـية للسيادة الوطنية .. لكن المثير للإنتباه ، هو أن هذه القوى والأحزاب الوطنية لم تعمل على حشد قواعدها الجماهيرية للإحتجاج ضد المعاهدة لتكون تظاهراتها بمثابة رسالة تحذير موجهة للإدارة الأمريكية وفي ذات الوقت رسالة دعم ٍ وتضامن مع الحكومة العراقية في موقفها الوطني العادل والمشروع في جدولة انسحاب قوات الإحتلال وعدم موافقتها على منح هذه القوات الحصانة من المساءلة القانونية حين ترتكب جرائمها بحق العراقيين ( وما أكثر الجرائم التي ارتكبتها حتى الان ) ..
فالمعاهدة ليست إضافة " فلسين " أو " تخفيض فلسين " في سعر الليتر الواحد من البنزين ـ كتلك الزيادة التي حملت أصحاب شركات النقل والمعامل على التظاهر قبل عقود من الزمن ... إنها تتعلق بمستقبل العراق وثروات أجياله مثلما تتعلق باستقلاله وأمنه وكرامة شعبه ..
عدم موافقة القيادة السياسية على توقيع المعاهدة حتى الان ، يعني رفضا لها ... والغضب الشعبي منها يعني هو الاخر رفضا لها .. وموقف المرجعية الدينية قد وصل حدّ تحريمها ... أما الأحزاب والقوى الوطنية ، فقد اكتفت بتصريحات خجولة تعبيرا عن رفض المعاهدة ـ والمحتل لا يولي التصريحات الخجولة اهتماما .. لكن المؤكد أنه سيعيد النظر في الكثير من خططه حين يرى القوى والأحزاب الوطنية تتقدم جماهيرها في تظاهرات ضد أية معاهدة بين طرفين غير متكافئين : محتل يريد شرعنة الإحتلال .. وحكومة شعب يريد الخلاص من الإحتلال .
تقولون إن المحتل لا يسمح بالتظاهرات السلمية ؟ إذن لنمتحن صدقه بما وعدنا به بالديمقراطية ..
تقولون إنه قد يوفـِّر للإرهابيين الثغرات التي يتسللون منها لنسف المتظاهرين ؟ هذا متوقـّعٌ والله ... وقد يتدبّر هو ذاته تفجيرا كي يبرر إصراره على البقاء بدعوى أن الأمن ما زال هـشـّا ً... وما الغرابة في ذلك ؟ ألـَمْ يقم المحتل ذاته بإطلاق سراح كثير من الإرهابيين الذين ألقت عليهم القبض قواتنا الوطنية الشجاعة ـ حسب ما صرّح به مسؤولو وزارة داخليتنا وقادة عسكريون عراقيون معنيون بمكافحة الإرهاب ؟
ما الحل إذن ؟ لا أدري ... فالعتمة شديدة ـ لكن الذي أدريه ، هو : إن الغد سيكون أكثر عتمة طالما بقي الإحتلال ... جيفة الإحتلال هي التي أتت بذباب الإرهاب والفتن الطائفية وسمحت بتسليط ساطور المحاصصة على جسد الوطن ... وقبل ذلك : حكومة القوات المحتلة هي التي صنعت ديكتاتور الأمس القريب ، وأطاحت به حين انتهت فترة صلاحيته للعمل كشرطيّ إقليمي أحمق ومتعسف .... وقد تصنع ديكتاتورا جديدا إن بقيت قواتها جاثمة على صدر العراق ... وتهديده مؤخرا بمعاقبة العراقفي حال رفض التوقيع على المعاهدة الأمنية بشروطه هو الدليل الحيّ على حقيقة أن ّ الذئب لا يمكن أن يغدو ظبيا !



#يحيى_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الإنتحاريات العراقيات
- قرصنة أمريكية مفضوحة
- نريده برلمانا ً- عراقيا - .. وليس - عِرقيا - ..!
- ما الفرق بين - الزرقاوي - و - القرضاوي - ؟
- أقلام وعمائم تنضح حقدا طائفيا
- همسة في الأذن السليمة إن ْ كانت سليمة حقا ..
- دبلوماسيو العراق بين الأمس واليوم
- كامل ...( إلى روح الشهيد كامل شياع )
- صوتك ِ مزماري
- أصحيح أن العراق في حالة حرب مع إسرائيل ؟
- الإعلاميون يطالبون الحكومة بحمايتهم ... عجيب !!!
- أعضاء برلمانيون ؟ أم ملاكمون وبلطجية ؟
- المصطلحات الفضفاضة في الإتفاقية الأمنية
- عن محاولة اغتيال الشاعر جواد الحطاب
- بعض ملامح الشاعر
- متى يشبع لصوص عراقنا الجديد ؟
- تناقض التصريحات حول وجود قوات الإحتلال في العراق
- رثاء متأخر ... ( إلى روح الصديق الصديق الفنان الأديب د . ناج ...
- همستان في ليل ٍ موحش ..
- باقة من نبض القلب على ضريح الشهيد كامل شياع


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - يحيى السماوي - حكاية قديمة عن حدث جديد