طلعت علينا وسائل اعلام الانظمة الاستبداية ببدعة دعائية جديدة أفرزتها ماكينتها خلال الاشهر الاخيرة وتحديداً بعد ان طرح شعب كردستان العراق مشروعه في الفدرالية على صعيدي العراق والمنطقة الكردية ، وهذا المصطلح – البدعة الموصوف بالفدرالية – العرقية – هو من آخر ابتكارات انظمة الجوار العراقي وبقايا نظام البعث المقبور و- فتاوي – مجموعات وافراد ومنابر الاسلام السياسي الاصولي الذين يشكلون سوية – الشوفينية الجديدة – شوفينية القرن الحادي والعشرين. شوفينية الثقافة – البن لادنية – ما بعد احداث سبتمبر /2001. لقد ظهر هذا التحالف – الجديد – بداية في ساحات افغانستان ولبنان ودول البلقان ويوغسلافيا السابقة والشيشان ، والفليبين واندونيسيا واختلطت اهدافها بين معاداة الشيوعية ، والجهاد واسلمة الآخر وتعريبه, وكان يقاد في البداية من جانب انظمة ملكية متخلفة وتيوقراطية ثم تغيرت المعادلة وتبدلت الصداقات والعداوات الا ان انتقلت قيادة هذا التحالف – الشرير – الى الانظمة الجمهورية الاستبدادية – الاصولية منها و العلمانية – في الشرق الاوسط والتي اضافت من جانبهابعدا اخر يتعلق بدفاعها المستميت عن سلطتها المهددة بالسقوط بفعل عوامل خارجية وداخلية .
نعود الى مصطلح – الفدرالية العرقية – الذي يطلق بهدف تشويه المطلب الكردي العادل وربط الحقوق الكردية بتقسيم العراق وباثارة النعرة العنصرية ( لكأن نظام صدام لم يمارس العنصرية طيلة عقود ضد الاكراد ) وذلك أمام حقيقة المشروع الكردي الداعي الى فدرالية عراقية ثنائية القومية ( عربية- كردية) بدلا من فدراليات تقسيم البلد وحتى المدن والمحافظات والاقضية، أو فدرالية الطوائف المضرة بوحدة شعب العراق والوطن العراقي التي يلوح بها البعض في مواجهة الموقف الكردي ، فالمشروع الكردي هو تطوير للمشروع الوطني الذي يؤمن به الغالبية وليس بديلاً عنه كما تحاول قوى داخلية وخارجية في رسم الصورة السوداوية المشوهة .
تعريف الفدرالية الكردية :
عند القول بالفدرالية القومية فالمقصود هو اختيار هذا الشكل من الحل على اساس حقوق قومية وليس غير ذلك خاصة وان هناك اشكال عديده من النظم الفدراليه في بلدان ومناطق مختلفة فهناك فدرالية الطوائف ، وفدرالية المناطق ، وفدرالية النقابات وفدرالية الحركات الطلابية أو المنظمات السياسية والاجتماعية أو المؤسسات الثقافية . ومما لاشك فيه أن الاولوية في جميع انحاء العالم وحسب مبادئ الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان للفدرالية على اسس الحقوق القومية المتساوية بديلاً عن استغلال قومية لاخرى وتسلط القومية السائده على الاقل منها عدداً .
من جهة اخرى وبمجرد معرفة مضمون الفدرالية الكردستانية التي يطالب ويتمسك بها الاكراد وحركتهم السياسية والمطروحة كمشروع متكامل على الساحة العراقية وعلى مجلس
الحكم الانتقالي والادارة المدنية والمنشور في وسائل الاعلام والداعي في عدد من بنوده الى احترام ارادة القوميات – الكردستانية – الاخرى من تركمان وكلدان واشوريين حسب ارادة ابنائها في تقرير مصيرهم ، ان قراءة نصوص المشروع ومتابعة تصريحات ومواقف المسؤولين
الاكراد في كردستان والبرامج التلفزيونية واقوال الصحافة تكفي للقول بأن الفدرالية المنشودة هي كردستانية الاطار وتعددية المضمون وقومية الحقوق الشاملة للكرد والقوميات الاخرى وديموقراطية المفهوم والخطاب ، وبذلك هي ابعد ما تكون عن – العرقية – أو التعصب القومي بل منافيا للشوفينية الشمولية وعلى النقيض من مفاهيم التعصب لقومية دون اخرى وعنصر دون آخر ، وما اطارها الكردستانى الا تعريفا جغرافيا لحدودها وسلطتها والارض التي ستقام عليها ، ومن هنا . ومن اجل ازالة أي لبس أو غموض وقطع الطريق على الذين يحاولون – الاصطياد في المياه العكرة – واصحاب التهم الجاهزة فان النظام المطلوب تحقيقه لحل مسألة القوميات غير العربية في العراق والتي تستوطن كردستان جدير بأن يطلق عليه اسم الفدرالية الكردستانية الجيو – سياسية على اساس الحقوق القومية المشروعة واختصاراً الفدرالية الكردستانية .
اما تسمية الفدرالية – العرقية – التي اخترعها اعلام الانظمة الشوفينية الاستبدادية والمقصود منها التعصب العرقي وممارسة الشوفينية تجاه قوميات واعراق اخرى أو التشبث بعلاقات الدم والنسب ونبذ الآخرين لاسباب قومية أو القيام باعمال التطهير العرقي أو تهجير السكان الاصليين من الاقليات المغلوبه على امرها أو استغلال السلطة والجيش والامن والمال لاذلال واباده الشعوب الاخرى فهي بعيدة كل البعد عن مبادئ واهداف وممارسات شعب كردستان بل انها كانت ومازالت من تقديمات وسلوك وخطط نفس الاطراف التي تشكك بالفدرالية الكردستانية وهنا وجه الغرابة والمفارقه .
المشروع الكردي نقيض العنصرية والعرقية :
مطلب الفدرالية الكردستانية كمشروع قومي ووطني وديموقراطي يشكل نقيضاً للعرقية العنصرية وجاء رداً على الموقف الشوفيني المنطلق اصلاً من مفاهيم عرقية لالغاء الاخر الكردي . المشروع الكردستاني في الفدرالية المطروح الآن والذي يعبر عن معاناة وتجارب عقود من الكفاح القومي الديموقراطي هو بمثابه برنامج للسلام القومي والتعايش بين القوميات على اساس المساواة ورؤية وقبول البعض وتكريس المشاركة العادلة بين القوميتين الرئيستين وازاحة تسلط القومية السائده واستغلالها عبر طبقات وفئات نافذة قد تشكل جزءً صغيراً من التكوين المجتمعي للعرب ولكنها تحكم باسمهم قومياً وسلطويا حتى وان لم تصل الى مركز القرار عبر العملية الديموقراطية .
المشروع الكردستاني جاء ليصحح خطأ تاريخيا حدث منذ ما يقارب القرن واساء هذا الخطأ بالدرجة الاولى الى القومية العربية ولاشك ان التراجع عن الخطأ فضيله حتى لو حصل متأخرا فالدولتان العراقية وا لسورية قامتا على اساس عربي صرف بتجاهل الشعب الكردي ، وكرستا فهماً يستند في كل شئ على العرق فعدم مساواة الكرد بالعرب يتم على اساس عرقي ، وحرمان الاكراد من حقوقهم يحصل على اساس عرقي ، وتحريم الاكراد من مواقع القرار والحكم يتم على اساس عرقي والتطهير العرقي وتغيير التركيب الديموغرافي حصل ويحصل بنظرة عرقية
ويوضع الدستور والقوانين على اساس عرقي وفوق كل ذلك يطعنون الفدرالية الكردستانية ويصفونها بالعرقية والعنصرية .
يقولون أن العراق جزءً من الوطن العربي والشعب العراقي جزء من الامة العربية ، وعندما يصحح الكرد هذا الحكم الظالم وغير الدقيق والبعيد عن الاساس التاريخي والجغرافي
ويعلن عن وجوده كقومية متمايزه لاترفض التعايش مع العرب كاتحاد اختياري ومصير مشترك وشراكة حقيقية في عراق ديموقراطي تعددي فدرالي حر ، يتهمونه بالعرقية والانعزالية القومية .
الانظمة الشوفينية تضع كل عناوينها على اساس قومي صرف من الدستور الى النشيد الى العلم الى اللغة الرسمية الوحيدة الى تعريف المواطن الى مناهج التربية والتعليم وترفق ذلك بقوانين وخطط تقود الى اشكال من التطهير العرقي وتعريب الارض والبشر والاسماء والغاء الثقافات الاخرى – الكردية خاصة – أي انها تعمل على – تطبيع – مفاهيمها السياسية العنصرية واخراجها بمراسيم وقوانين لايمكن الجدال حولها أو المس بشرعيتها . ليس ذلك فحسب بل أن ادواتها في تطبيق ذلك هي اجهزة الامن المتعددة الاسماء والاختصاصات ومن بينها دوائر تقتصر مهامها على تجهيز قوائم اسماء عربية لاطلاقها على الولادات الجديدة في المناطق والمحافظات ، أما اجهزة الاعلام فهي مسيرة ومغلقة وتحولت بمرور الزمن الى اجهزة امنية للمراقبة والشطب ووضع الخطوط الحمر ومنع نشر أي شيء يدل على الوجود الكردي حتى لوكان ذلك اغنية فولكلورية أو رقصة شعبيه .
في هذه الحالة لا يحتاج المرؤ الى اجراء مقارنه من يخرج – عرقيا ً – ومن هو الديموقراطي الانساني ، واية ثقافة لدى الطرفين المتقابلين تدعو الى العدل والمساواة والتسامح والتعددية والعيش المشترك واي خطاب منهما يستند الى مبادئ الشراكة والاتحاد الطوعي والتضامن الوطني ونبذ العنف والاقتتال وازالة آثار الشوفينية والعنصرية والتمييز القومي .
يتوقف على نجاح أو تعثر المشروع الكردي للسلام وخاصة مشروع الفدرالية الكردستانية ومصير الديموقراطية في العراق الجديد ،مستقبل امكانية التغيير المنشود في منطقة الشرق الاوسط وكل آمال وطموحات شعوب المنطقة في الانتقال الى بديل مناسب في المرحلة الجديدة في تاريخ شعوبها يكون خاليا من استغلال الانسان للانسان والارهاب والاضطهاد القومي والظلم الاجتماعي.