أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - ما بعد الصهيونية















المزيد.....

ما بعد الصهيونية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 08:57
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مضى على تأسيس الحركة الصهيونية، كحركة منظمة معاصرة أكثر من 111عاماً، وذلك بعد صدور كتاب عرّاب الصهيونية المفكر اليهودي المجري ثيودور هيرتزل "دولة اليهود" عام ،1896 ومن ثم انعقاد المؤتمر الصهيوني في مدينة بازل السويسرية (التي تبعد عن مدينة فرايبورغ الألمانية 60 كيلومتراً والقريبة أيضاً من الحدود الفرنسية) في العام الذي يليه 1897.

وقد عبّر المؤتمر الصهيوني الأول عن "الحلم الصهيوني" بتحديد سقفه النظري، القاضي بتأسيس دولة عبرية في فلسطين، وكان هذا المؤتمر نقطة تحوّل مهمة في تاريخ الحركة الصهيونية التي بدأت تخطط لتنفيذ مقررات المؤتمر، ابتداءً من الهجرة الى فلسطين ومروراً باحتلال العمل والإنتاج والسوق، وصولاً الى احتلال الارض وإجلاء السكان العرب، ومن ثم قيام "إسرائيل".

وهكذا اشتغلت الماكنة المالية والإعلامية الصهيونية، لتهيئة المستلزمات لتحقيق مقررات مؤتمر بازل تحت شعار "العودة الى صهيون". وصهيون هو اسم جبل في مدينة القدس، وقال هيرتزل في خطابه المؤثر إن الهدف هو "وضع الحجر الأساس للبيت الذي سيسكنه الشعب اليهودي في المستقبل"، مشيراً الى أن الصهيونية هي "عودة اليهودية قبل العودة الى بلاد اليهود".

شكل المؤتمر والبرنامج الذي خرج فيه وجو الحماسة الذي رافقه بحضور 204 مندوبين، يمثلون 117 منظمة صهيونية، وحضره يهود أوروبا، لاسيما يهود روسيا (الذين بلغ عددهم 70 مندوباً) وألمانيا واسكندينافيا والقارتين الأمريكيتين، إضافة الى بعض يهود البلدان العربية، خصوصاً يهود الجزائر، نقطة انطلاقة نحو فلسطين لاسيما بعد تأسيس "المنظمة الصهيونية العالمية"، وهي التي أشرفت على مجمل نشاطات الحركة الصهيونية، حيث تأسست من 15 عضواً استشارياً و5 أعضاء كلجنة تنفيذية، تصرفت بما يقترب من حكومة فعلية وإن كانت في المنفى، وفتحت حساباً مصرفياً وجمعت تبرعات واشتراكات كبيرة، بلغت حينها مليون جنيه استرليني، واختير هيرتزل رئيساً لها.

ونشطت المنظمة الصهيونية العالمية على الصعيد الدولي، فبعد بضعة أعوام (1905) عرضت بريطانيا عليها (ستة آلاف ميل مربع من الأراضي الأوغندية في إفريقيا) لإقامة الوطن القومي المنشود لليهود، لكن المنظمة رفضت، كما رفضت المنظمات الصهيونية التابعة لها، الفكرة من الأساس، وأصرّت على أن تكون فلسطين "المكان المقدس" حسب الرواية التوراتية، هي مكان الدولة الصهيونية العبرية.

واستمرت جهود المنظمة الصهيونية العالمية في الضغط على الغرب للحصول على وعد بإنشاء الوطن القومي لليهود، حتى أصدر آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا، وعده المشهور ب "وعد بلفور" عام ،1917 الذي جاء فيه أن حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف الى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وهو الوعد الذي وصفه الزعيم جمال عبدالناصر بأنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق.

وقد فكر بلفور بعقليته الاستعمارية، ذلك أن إقامة كيان صهيوني في فلسطين، سيكون أحد الخطوط الاستراتيجية للدفاع عن قناة السويس وطريق الهند، الذي تتحكم فيه بريطانيا، وقد تلقى الرئيس ترومان هذا الوعد بحماسة كبيرة وطيب خاطر.

ووضعت المنظمة الصهيونية العالمية عام 1946 في مؤتمرها الجديد (الثاني والعشرون) الذي انعقد في مدينة بازل أيضاً، فكرة انشاء دولة يهودية في فلسطين، كجزء من البرنامج "العاجل" للحركة الصهيونية بتبني مشروع مؤتمر بلتمور 1942.

وعند صدور قرار التقسيم المعروف بالقرار 181 في العام 1947 واندلاع الحرب العربية "الإسرائيلية" لاحقاً، قامت الحركة الصهيونية المنظمة، بطرد السكان العرب والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي قررتها الامم المتحدة بقرارها المذكور، وسيطرت على نحو 78% من مساحة فلسطين التاريخية، ثم استكملت الاجزاء المحتلة ما بعد العام 1967 بعدوانها المعروف "عدوان 5 حزيران /يونيو"، وسعت لإجلاء عشرات الآلاف الآخرين من سكان الضفة والقطاع.

وإذا أردنا اجراء مقارنة فالهجرة اليهودية التي كانت لا تزيد عشية انعقاد مؤتمر بازل على 30 ألف يهودي، بلغت عام 1948 نحو 650 ألفاً، لاسيما بعد اعلان قيام "إسرائيل" في 15 أيار (مايو) 1948.

ورغم إدانة الأمم المتحدة لاحقاً الصهيونية واعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، بقرارها الشهير 3379 الصادر في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) ،1975 إلا أن الجمعية العامة نقضت قرارها في سابقة خطيرة، وذلك في شهر كانون الأول (ديسمبر) ،1991 لاسيما بعد تصدع الوضع الدولي وانهيار الكتلة الاشتراكية ونكوص دول التحرر الوطني، بما فيها العربية وانكفائها، خصوصاً بعد غزو القوات العراقية للكويت، وتمزق الصف العربي على نحو لم يسبق له مثيل.

وبعد أن حققت الصهيونية ما كانت تطمح به: قيام دولة عبرية في فلسطين وطرد السكان الأصليين، هل تستطيع أن تستمر دون سلام عادل وبمعيار الحد الأدنى للشرعية الدولية؟ فرغم مرور ما يزيد على ستة عقود من الزمان، فما زالت "معاناتها" كما كانت باستعارة اللغة التي تستخدمها، لاسيما التعارض مع الشرعية الدولية ومع مبادئ القانون الدولي والشعور بالخوف والحذر وعدم الاطمئنان من الجيران وعدم القدرة على العيش بسلام وطمأنينة، الأمر الذي يطرح السؤال بشدّة وماذا بعد الصهيونية؟

لقد طبقت "إسرائيل" التي ما تزال حتى الآن من دون دستور ومن دون تحديد الحدود ومن دون مبدأ المساواة بين المواطنين (شكلياً على الأقل) العقيدة الصهيونية بكل حذافيرها وبدعم كامل من الولايات المتحدة والغرب عموماً، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، سياسات عدوانية، حتى إن اتفاق أوسلو لعام 1993 الذي لا يمثل حدود الحد الأدنى، عادت وتنكرت له، لا سيما بعد أن كان يفترض فيه الدخول الى المرحلة النهائية عام ،1999 الأمر الذي أعاد الكرة مجدداً الى الملعب "الإسرائيلي".

وإذا كانت الحركة الصهيونية تعتبر نفسها قد انتصرت، وهو ما جاء على لسان اسحاق شامير عند إبرام "إعلان المبادئ" مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو ما يتبجح به بنيامين نتنياهو بإشادته بدورها في توطين 8 ملايين يهودي والحفاظ عليهم من العداء للسامية المنتشر على الصعيد العالمي، أو ما ذهب اليه شمعون بيريز عن "أرض إسرائيل التوراتية"، كتابه: "الشرق الاوسط الجديد"، وبالطبع فإن هذه الارض تشمل: الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومرتفعات الجولان، أو ما كانت جولدامائير تقول: لا وجود لشيء اسمه الشعب الفلسطيني، أقول إذا كانت الحركة الصهيونية قد "انتصرت" فلماذا تقف عند نهاية القرن التاسع عشر بشعاراته المعروفة؟

لماذا لا تزال "إسرائيل" تصر على السير في طريق الأبرتايد، لدولة يهودية نقية، الأمر الذي يرجح احتمال انسداد الآفاق أمامها ووصولها الى طريق مسدود بعد ستين عاماً من الممارسة الصهيونية العنصرية، مثلما عبّر عنه مؤتمر مناهضة العنصرية المنعقد في ديربن عام ،2001 وهو المؤتمر الذي تتم مواصلته العام المقبل 2009 بطرح السؤال مجدداً: هل الصهيونية تعتبر شكلاً من أشكال العنصرية؟ وماذا تريد؟ وهو ما طرحته صحيفة "هآرتس" باستفهام وقلق قبل أربعة أعوام عند الذكرى المئوية لرحيل ثيودور هيرتزل.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!
- آثار العراق ذاكرة العالم
- محاكمة كراديتش.. «شيطان الشعر» أم لوثة التلذذ بالدم؟
- القنبلة النووية الباكستانية والإرهاب!
- الدب الروسي والمشاغب الجورجي
- روسيا واللحظة الجورجية
- من إرهاصات ربيع براغ!
- إمبراطورية الذهب الأسود: هل من خيار!؟
- مقطوعة الشرق الأوسط.. العازف التركي واللحن الأوروبي
- سجون عائمة.. يا لها من رومانسية
- اللاعب التركي في الملعب النووي الايراني
- انتخابات الرئاسة الأميركية وطريق الخداع!
- دراما العدالة في السودان والثمن المقبول!


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - ما بعد الصهيونية